التسلسل الزمني لاستخدام الفيتو 16 مرة يظهر مدى الفشل الفظيع لمجلس الأمن في حماية المدنيين وإحلال الأمن والسلم في سوريابيان صحفي: قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن الاستخدام التعسفي للفيتو 16 مرة من قبل روسيا والصين ساهم في قتل قرابة ربع مليون سوري واعتقال قرابة 150 ألف آخرين وتفشي حالة الإفلات من العقاب، مُشيرة إلى أنَّ التسلسل الزمني لاستخدام الفيتو يظهر مدى الفشل الفظيع لمجلس الأمن في حماية المدنيين وإحلال الأمن والسلم في سوريا.وبحسب التقرير الذي جاء في 26 صفحة فإن الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري منذ آذار 2011 وتقارير المفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة، وتقارير المنظمات الدولية والمحلية دفعت مجلس الأمن للتَّحرك، والعمل على اتخاذ قرارات تكفل تحقيق الأمن والاستقرار، لكن أغلب مشاريع القرارات ذات الجدية والفاعلية في ردع النظام السوري قوبلت باستخدام روسيا والصين للفيتو في وجهها؛ دفاعاً عن النظام السوري؛ الأمر الذي ساهم في ارتفاع حجم الانتهاكات على نحوٍ مخيف كما مهَّد الطريق أمام ظهور العديد من الفاعلين من تيارات وخلفيات مختلفة، وقد استخدمت روسيا الفيتو لصالح النظام السوري 16 مرة، من ضمنها 10 مرات صوَّتت معها الصين على نحو مشترك. وذكر التقرير أنَّ مجلس الأمن لم يقم منذ نشأته حتى الآن بأية عملية إصلاح فعلية تُسهم على الأقل في وضع حدود ومعايير للقضايا، التي لا يحق لأي دولة استخدام الفيتو فيها، والتي يجب أن تكون في مقدمتها الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة وأسلحة الدمار الشامل، والمساعدات الأممية، مُشيراً إلى أنَّ استخدام الفيتو في تلك القضايا سوف يؤدي إلى انعدام الثقة بين مجلس الأمن وبين الضحايا، ويسيئ إلى الأمم المتحدة بشكل عام، ويجعل كافة القرارات الصادرة عنه مبينة على توافق المصالح القطرية للدول الخمس دائمة العضوية، والمساومات؛ لأن القرار يستلزم موافقة الدول دائمة العضوية، ولا يصدر القرار كما تقتضيه مصلحة الضحايا أو القانون الدولي. وأكَّد التقرير أن النظام السوري لم يلتزم بأي من القرارات التي أصدرها مجلس الأمن بدءاً من القرار 2042، والقرار 2043 الخاصين بخطة كوفي عنان، مروراً بالقرار رقم 2139 القاضي بوقف الهجمات العشوائية بما فيها البراميل المتفجرة، ووقف الإخفاء القسري، ومروراً بالقرارات الخاصة بحظر استخدام الأسلحة الكيميائية، 2118، 2209، 2235، التي خرقها النظام السوري جميعاً مئات المرات، لكنَّ مجلس الأمن لم يحرك ساكناً وفشل في حماية السلم والأمن في سوريا، التي تشرَّد منها 13 مليون مواطن سوري، واختفى قسرياً أكثر من 100 ألف مواطن سوري. ورأى التقرير أنَّ الفشل في حماية حقوق ملايين الضحايا وحالة الإفلات التام من العقاب التي حظي بها النظام السوري بسبب الدعم الروسي والصيني له، تسبَّب في انتشار الأفكار الإرهابية والمتطرفة وتعزيزها، وهي التي تعتاش على حالات فقدان العدالة والاستقرار. يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:“لقد حان الوقت أكثر من أي يوم مضى لإعادة هيكلة مجلس الأمن، والبحث في قضية العضوية الدائمة التي يجب أن يكون المعيار الرئيس فيها هو مقدار ما قدَّمت هذه الدولة في خدمة الإنسانية والقانون الدولي والدفاع عن حقوق الإنسان، وحتى يحين ذلك الوقت لا بدَّ من إعادة تقييم لاستخدام الفيتو، وأن يحظر استخدامه للدفاع عن مرتكبي الجرائم ضدَّ الإنسانية وجرائم الحرب، وفي وجه المساعدات الإنسانية، وضدَّ مبادئ القانون الدولي الرئيسة، ويجب أن يكون القانون أعلى ومقدماً على الفيتو، والصالح العام للبشرية مقدماً على الصالح الخاص لإحدى الدول دائمة العضوية، وعلى الدول الأطراف في النزاع أن لا تصوِّت في القرارات الخاصة بهذا النزاع”. استعرض التقرير التسلسل الزمني لاستخدام روسيا والصين الفيتو لصالح حليفهم النظام السوري، وربط كل فيتو مع حصيلة الضحايا المدنيين الذين قتلهم النظام السوري ومن ثم القوات الروسية حتى تاريخ الفيتو، وحاول التقرير إظهار حجم تصاعد مستوى القتل مع استمرار تأمين روسيا والصين الحصانة التامة للنظام السوري من أي شكلٍ من أشكال العقاب.وأوردَ التقرير مخططاً تراكمياً يظهر واقع استخدام الفيتو من قبل روسيا والصين في مجلس الأمن الدولي وحصيلة الضحايا المدنيين الذي قتلوا على يد الحلف السوري الروسي بين كل مرة استخدمت فيها روسيا والصين حق النقض منذ آذار 2011 حتى 10 تموز 2020 واعتبر التقرير أن أسوأ استخدام للفيتو من قبل روسيا والصين لصالح النظام السوري كان في سبيل حماية النظام السوري في ملف استخدامه للأسلحة الكيميائية، وقد شكَّل هذا بحسب التقرير دليلاً قاطعاً على تأييد هذه الدول لاستخدام النظام السوري لسلاح دمار شامل، مشيراً إلى أن هذا يعني تقويضاً تاماً للمهمة التي زعم مجلس الأمن أنه أُنشِئ من أجلها وهي حماية الأمن والسلم الدوليين. وطبقاً للتقرير فقد استخدم النظام السوري الأسلحة الكيميائية 21 مرة منذ أول استخدام للفيتو فيما يتعلق بملف الأسلحة الكيميائية في 28/ شباط/ 2017 حتى آخر هجوم موثَّق بالأسلحة الكيميائية في قرية الكبينة في 19/ أيار/ 2019، واستعرض التقرير تصميماً لمخطط زمني يُظهر توزع 21 هجوماً كيميائياً ارتكبها النظام السوري في ظلِّ 6 فيتو روسي ضدَّ مشاريع قرارات متعلقة باستخدام الأسلحة الكيميائية. وأشار التقرير إلى ثلاث مرات استخدمت فيها روسيا والصين الفيتو لمنع إدخال المساعدات الأممية التي تخدم أكثر من 4 ملايين مشرَّد داخلياً، وذكر التقرير أن مجلس الأمن أخضع عملية إدخال المساعدات العابرة للحدود لهيمنته، على الرغم من كون المساعدات هي مساعدات إنسانية، حيادية، تقدمها منظمة الشؤون الإنسانية، ولا تعتبر تدخلاً في النزاع، وتقدم إلى أشخاص تم تشريدهم قسرياً. وفقاً للتقرير فقد ارتكب النظام السوري على مدى تسع سنوات جرائم وانتهاكات فظيعة بحق المدنيين السوريين، ولم يستجب لأي من مطالب لجنة التحقيق الدولية بشأن الجمهورية العربية السورية، ولا مطالب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ولا حتى قرارات مجلس الأمن، وكان يفترض بمجلس الأمن أن يتَّخذ تدابير جماعية ويتحرك بموجب المادتين 41 و42 من ميثاق الأمم المتحدة، لكنه فشل أيضاً بسبب الحصانة التي منحتها روسيا للنظام السوري، كما أنَّها لم تُحجم عن استخدام حق النقض في حالة النظام السوري، الذي ليس فقط لم يلتزم بمسؤولية حماية المدنيين، بل هو من ارتكب أفظع الانتهاكات بحقهم، وصلت مرتبة جرائم ضدَّ الإنسانية، وإبادة داخل مراكز الاحتجاز عبر عمليات التعذيب. وبحسب التقرير فإنَّ ما يحصل في سوريا ليس مجزرة واحدة أو انتهاك واحد بل هو استمرار في عمليات القتل والتعذيب، والعنف الجنسي، والإخفاء القسري، واستخدام الأسلحة الكيميائية، والبراميل المتفجرة، وحصار المدنيين واقتبس التقرير ما ذكرته اللجنة الدولية المعنية بالتَّدخل وسيادة الدول في تقريرها المنشور في كانون الأول 2001، الذي جاء فيه: “إنْ تخلَّف مجلس الأمن عن الوفاء بمسؤوليته في أوضاع تهز الضمير وتستصرخ النجدة فسيكون من غير المعقول أن نتوقع من الدول المعنية أن تستبعد استخدام وسائل أخرى أو اتخاذ أشكال أخرى من التدابير للتصدي لخطورة وإلحاح هذه الأوضاع” وأكد التقرير أن فشل مجلس الأمن الدولي تسبَّب في إطالة أمد النزاع وفي ظهور قوى وتيارات متطرفة وفصائل مسلحة ذات أهداف دينية وعرقية متنوعة، وتمزَّقت الدولة السورية، وتشرَّد أكثر من نصف الشعب السوري، وكان يفترض على مجلس الأمن بمن فيه روسيا والصين أن يقوم بدور حيوي في إحلال الأمن والسلام في سوريا، والضغط على النظام السوري للقبول بعملية انتقال سياسي منذ الأسابيع الأولى للحراك الشعبي. واستعرض التقرير مخططات بيانية تظهر أبزر الخسائر التي عانى منها الشعب السوري، نتيجة لذلك الفشل كحصيلة ضحايا القتل خارج نطاق القانون من المدنيين والإناث والأطفال، وحصيلة حالات الحالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، والضحايا الذن قتلوا بسبب التعذيب. أكد التقرير أن روسيا والصين دعمتا النظام السوري بشكل غير محدود عبر استخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي وعبر الكثير من الممارسات مثل التصويت ضد قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، واصطفتا بشكل علني ومخزٍ إلى جانب نظام متهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مُشيراً إلى إنَّ النزاع في سوريا هو نزاع مسلح داخلي، لكنه في جانب منه نزاع دولي أيضاً، فقد تدخلت فيه دول بشكل مباشر، كروسيا وتركيا، ووفقاً للمادة 27 من ميثاق الأمم المتحدة والفقرة 3 منها فإنَّ كل من كان طرفاً في النزاع يتوجب عليه الامتناع عن التصويت، لكن روسيا لم تمتنع عن التصويت بل تدخلت بشكل تعسفي لصالح النظام السوري في جميع القرارات المتعلقة بالنزاع السوري. طالب التقرير مجلس الأمن الدولي بالبدء بإجراء إصلاحات جوهرية وبشكل خاص على صعيد استخدام الفيتو بما يتفق مع القانون الدولي وحقوق الإنسان، ووضع محددات ومعايير صارمة لاستخدام الفيتو وتقديم المصلحة العامة وبشكل خاص الضحايا والدول المتضررة وتحقيق الأمن والسلام على المكاسب والمصالح الاقتصادية والسياسية لدولة دائمة العضوية، وخلق آلية لمراقبة مدى موافقة القرارات الصادرة عن مجلس الأمن مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي واختصاص مجلس الأمن، ومراقبة مدى الالتزام بالمعايير الموضوعة لاستخدام الفيتو. وقدم التقرير توصيات إلى الجمعية العامة والمجتمع الدولي تتعلق بتوسيع صلاحيات الجمعية العامة على حساب مجلس الأمن وإعادة بناء العلاقة بينهما لصالح أن تكون المرجعية الرئيسية هي الجمعية العامة وليس مجلس الأمن. كما طالب روسيا والصين بالتوقف عن الاستخدام التعسفي للفيتو، وذلك كون النظام السوري متورط في ارتكاب جرائم ضدَّ الإنسانية بحق الشعب السوري، وتعويض الضحايا مادياً ومعنوياً عن الكوارث التي تسبَّب بها الاستخدام المتكرر والتعسفي للفيتو. وطالبهما أيضاً بجبر الخلل الذي وقع عبر تسريع عملية الانتقال السياسي ودعم مسار عدالة انتقالية يُفضي نحو الاستقرار والديمقراطية وحقوق الإنسان.