حوار عبدالله الغضوي
أكد رئيس الائتلاف الوطني “نصر الحريري” أن المكان المناسب للائتلاف الوطني السوري هو الداخل السوري، إذ إن المعركة الآن مع النظام السوري تتمحور في نزع الشرعية منه، مشددا على حاجة المناطق المحررة إلى حوكمة رشيدة وانتخابات شفافة، تمثل القوى على الأرض.
وكشف “الحريري” عن تقبل بعض الدول لفكرة المفوضية العليا للانتخابات، مشيرا إلى أن إعادة النظر فيها بسبب الالتباس في فهم مغزى وأهمية هذه الفكرة، مكررا أن الفكرة الرئيسية هي إعادة الشرعية للشعب السوري.
وأقر رئيس الائتلاف بصعوبات جمة في داخل الائتلاف، لافتا إلى أن 95 % من الحرب هي الحرب الداخلية من أجل إيجاد ائتلاف قوي يمثل بشكل صحيح كل قوى الثورة..
فإلى تفاصيل الحوار:
ماهي توقعاتك حيال الجولة الرابعة من اللجنة الدستورية؟
أعتقد أن المجتمع الدولي ومجلس الأمن والفعاليات الثورية ومنظمات المجتمع المدني جميعها، غير متفائلة بمسار اللجنة الدستورية، فهذا النظام وعندما كان يسيطر فقط على 25% من الأراضي، لم يقبل بالحل السياسي فكيف الآن! وهو اليوم يلمس عدم جدية المجتمع الدولي في التعامل معه، وبالتالي لن يقبل بالحل السياسي، ولكن اللعبة الدولية قائمة من أجل دفع النظام لحل سياسي، لكن في الوقت ذاته ليس من الحكمة أن تكون المعارضة، هي السبب في إفشال الحل السياسي، في ظل تبلور موقف المجتمع الدولي ضد النظام من عقوبات اقتصادية ورفض للمشاركة في إعادة الإعمار.. إلخ، وهذا الضغط قد يكون دافعا للنظام رغما عنه للمشاركة في العملية السياسية.
إلى متى يتم جلب المعارضة لجنيف وإعادتها، ومن ثم اللجنة الدستورية وفرض مخرجات وتجميدها، ما هو موقف المعارضة من هذا الإلهاء؟
النظام اليوم سيتجه لانتخابات 2021، وبدأ بمشاركة حلفائه الترويج لانفصال الانتخابات عن اللجنة الدستورية، ومواصلة إيهام العالم بأن النظام موجود في العملية السياسية، ومع أننا نرى أن الحل السياسي هو خيار استراتيجي للمعارضة والسوريين عموما وإقليميا كذلك، وعلى مستوى المجتمع الدولي، والبداية لحلحلة تكون في اتخاذ موقف واضح للأمم المتحدة والمبعوث الأممي تجاه العملية السياسية، دون أن تنتقل الأمم المتحدة من مفوض بقرار من مجلس الأمن لدور تسيير الاجتماعات والدعوات، ومن ثم على المعارضة أن توضح تأييدها للحل السياسي، ولكن بتبني موقف واضح من هذا التعطيل.
إلى متى تنصاع المعارضة لمعطيات الآخرين دون فرض شروطها كمفاوض، على الأقل المطالبة بجدول زمني؟
على الرغم من وضع جدول زمني للقرار 2254 إلا أنه لم يتم الالتزام به، ونحن نقوم بدراسة هذه التفاصيل في أروقة الائتلاف والمعارضة، ويجب تبني موقف موحد واضح لقوى الثورة والمعارضة، فبعد الجولة الرابعة لم يعد هناك أي عذر لعدم تطبيق القرار 2254، ففي حال فشل هذه الجولات لا نتخذ موقف المقاطعة، ولكن يمكن إرسال رسالة لمجلس الأمن، مفادها أنه في حال جهوزية العملية السياسية سنكون جاهزين، ولكن المقاطعة ليست من الحكمة، فهي خيار لم يثبت نجاعة.
هل هناك نية لدى المعارضة لبلورة موقف سياسي جديد ضد الروس باعتبارهم الراعي لهذه المشاورات ؟
النقاشات التي نقوم بها في الائتلاف تشمل موضوعا أوسع من عمل الدستورية، والأغلبية لديهم قناعة بعدم وجود حل سياسي قريب، وبدلا من تبادل الاتهامات بين قوى الثورة والمعارضة، مع اليقين بأن هذا النظام لن ينصاع لأي مسار سياسي أو إنساني، يجب علينا التركيز على منطقة شمال سوريا، والتعويل على الشعب السوري وإرادته، ومنازعة النظام على شرعيته، مثلا لماذا لا تقوم قوى الثورة والمعارضة بتنظيم انتخابات من جانب واحد تشمل شمال سوريا والسوريين الموجودين في بلاد اللجوء، بإشراف المجتمع الدولي والأمم المتحدة، لإثبات عدم شرعية نظام الأسد، ولا يحق له شغل مقعد سوريا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهذا يشكل نقطة اختبار حقيقية للمجتمع الدولي، لفرض انتزاع الشرعية من “بشار الأسد” ونظامه، ومنحها لجهة تمثيلية للشعب السوري، يتم الوصول إليها بانتخابات نزيهة.
هل تحدثتم مع قوى صديقة أو مع المبعوث الأممي، قبل قراركم بإنشاء المفوضية العليا للانتخابات التي أعلنتم عنها قبل أيام أم هو قرار داخلي؟
منذ عدة أشهر نناقش مع المجتمع الدولي ذهاب النظام لانتخابات 2021، والأدوات التي يجب اعتمادها للضغط على النظام وحلفائه، وأهم نقاط الضغط تتمثل في ملف نزع الشرعية عن نظام الأسد ومنحها للشعب السوري، الذي هو مصدر الشرعية، ونحن كمعارضة لدينا مقومات هذه المعركة من أرض وشعب، مع العلم أن منطقة شمال سوريا حاليا بحاجة لإدارة ونموذج حوكمة، ما يجعل تنظيم انتخابات فيها أمرا ملزما، بالإضافة إلى أن هناك اقتراحات ونقاشات في الائتلاف حول أن يكون جزء من أعضاء الائتلاف منتخبون من الداخل عبر انتخابات شفافة.. وفكرة الانتخابات في الداخل والحوكمة لاقت قبولا من بعض الدول، وجرى تشجيعنا على هذه الفكرة.
يبدو أنك مقتنع بفكرة الانتخابات في مناطق المحرر ..لماذا تراجعتم عن إنشاء مفوضية الانتخابات؟
لأن النص أثار التباسا، وفهم على أنه مشاركة للأسد في انتخابات 2021، وهذا أمر مرفوض قطعا، إلا أننا نرى أنه يجب أن تكون قوى الثورة والمعارضة مستعدة لملفات ضخمة ملقاة على عاتقها، ومراجعة الوثائق المتعلقة بالعملية الانتخابية، وقانون الأحزاب والكوادر التي يجب توفرها للمعارضة في حال الاستفتاء على الدستور أو حدوث عملية انتخابية، على غرار الاستعداد لملف المعتقلين وملف المرحلة الانتقالية.
هل ستعيدون طرح فكرة إنشاء مفوضية عليا للانتخابات؟
الأمر بحاجة لنقاش ومشاورات مع كافة قوى الثورة والمعارضة، للتفكير بالأمور الواجب عملها حيال الساحة السورية.
في ظل مطالبات بإعادة تنظيم الداخل.. ماذا عن معضلة “هيئة تحرير الشام”، باعتبارها قوى عسكرية قائمة على الأرض؟
قوى الأمر الواقع متعددة، وحل تنظيمات الأمر الواقع، لا يكون بفرضها كأحد الأطراف، فمع كل من هذه القوى يوجد مشكلة أيدولوجية أو عقائدية أو وجود مقاتلين على الأرض أو ممارسات على الأرض، ومع وجود مقاتلين أجانب في تنظيمات شمال غرب سوريا لا يمكن أن يكون هناك حل، لأن الحل يجب أن يكون بدون مقاتلين أجانب، وبعيدا عن فرض السلاح والأمر الواقع، مع الإيمان بالثوابت الوطنية الكبرى كوحدة سوريا وسلامة أراضيها.
يبدو أنك ترى من خلال مشروعك بأن الحل يبدأ من الداخل بشكل عملي، برأيك هل يمكنكم دخول إدلب وإجراء حوار شعبي في ظل وجود “هتش”؟
يجب التمييز بين القوى الشعبية والتنظيمات التي تحكم القوى الشعبية، نحن على تواصل مع القوى الشعبية في إدلب، ونعمل على إنهاء البعد العسكري والأمني للتنظيمات، للوصول لحل.
البعض يرى أن المعارضة السورية مجرد تحفة تتنقل بين جنيف وأستانة واللجنة الدستورية، ما رأيك؟
في الواقع هناك تداخل في هذا التوصيف، ففي حال لم يتم دعوة المعارضة إلى أي اجتماع يخص الشأن السوري يقول البعض “هناك اجتماعات حول الملف السوري من دون أي وجود للسوريين” ومن دون التشاور معهم، وإذا تمت دعوة المعارضة إلى أي مؤتمر يقولون إن المعارضة وجودها تحفة، في كلا الحالتين هناك إجحاف بحق المعارضة السورية، والحقيقة أن المسألة السورية طالت، وحجم الاهتمام الدولي بالشأن السوري والمعارضة عموما تراجع، وانفض أصدقاء الشعب السوري من حوله، وصار بعضهم يرى الثورة السورية خطرا على أمنهم الوطني.
هناك حديث عن تشكيل منصة جديدة في القاهرة مؤخرا، هل هذه التحركات جدية؟
لم يصلنا في الائتلاف شيء من هذا القبيل رسميا، عدا عن أن مؤتمر القاهرة الذي لا يزال موجودا، ولكن حسب اعتقادي المجتمع الدولي لا يبحث عن تشكيلات جديدة للمعارضة، تحت طائلة الاعتراف بها، في ظل جمود العملية السياسية حاليا.
تطال فترة رئاستك للائتلاف عدة انتقادات منها عدم حدوث تغييرات على أرض الواقع فيما عدا الضجة الإعلامية، ما الأشياء التي أسست لها؟
الائتلاف له أذرع تنفيذية تتمثل في صندوق الدعم الدولي، ووحدة تنسيق الدعم والحكومة السورية المؤقتة، وضمن الإمكانيات المتاحة والعلاقات القائمة مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، تقوم هذه الأذرع بالتفاعل مع احتياجات الناس وتأمين متطلباتهم في ظل الظروف الراهنة الصعبة من قدوم الشتاء ووجود فيروس “كورونا”، في ظل عدم توفر الدعم الدولي، بالإضافة إلى عمل الائتلاف ضمن مهمته السياسية على تموضع الثورة، وتحسين علاقة الثورة على الصعيد الخارجي، ودعم هيئة التفاوض واللجنة الدستورية والحكومة المؤقتة للوصول لحل سياسي، وتمكين الحكومة المؤقتة من مزاولة عملها في الداخل، ومع ذلك نحن أمام تحديات كثيرة جدا.
ما هي أبرز التحديات التي تواجهك في الائتلاف؟
أصعب التحديات الحرب الداخلية وهي يمكنني أن أقول95% من الصراع من أجل نجاح الثورة السورية، وهذا الأمر مشتت للقوى وصعب ومرير، بالإضافة إلى أنك كمعارض مجبر طوال الوقت أن تثبت ولاءك، وهناك صعوبات أخرى منها التحدي أمام طريقة إنتاج سلطات شرعية بديلة للنظام، أما داخليا في أروقة الائتلاف فالمشكلات تتعلق بالنظام الداخلي وطبيعة المكونات وعدم وجود رؤية موحدة تجمع الجميع في بوتقة واحدة، والخوف من التغيير من أي خطوة وتداعياتها.
هل هناك تصور لإجراء إصلاحات ضمن كيان الائتلاف؟
الإصلاح ضرورة ومطلب في كل مؤسسات الثورة وأهمها الائتلاف، ويشمل المكان والتواجد والرؤية والخطط والفعالية، وأهمها أن مكان تواجد الائتلاف الطبيعي هو الداخل السوري، ولا يمكن قيادة الثورة افتراضيا.