• الأحد , 22 ديسمبر 2024

“اللحن الحزين” الإسرائيلية تفضح محور الممانعة وتثير مواجع السوريين

أكدت موسكو من خلال تصريحاتها الأخيرة، دور نظام الأسد في عملية استعادة جثة الرقيب الإسرائيلي “زخاريا باومل”، لكن جملة من المعطيات تتعاضد لتضيف الدور الإيراني مع “حزب الله” في إطار هذه العملية التي تكشف مدى سطوة موسكو على محور “الممانعة”، ودوره الوظيفي في خدمة المصالح الإسرائيلية والأميركية.

اللحن الحزين

أطلقت “إسرائيل” اسم “اللحن الحزين” على عملية تسليم جثة الرقيب الإسرائيلي “زخاريا باومل” الذي قتل في “معركة السلطان يعقوب” خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، والتي جاءت كمحصلة لتسليم ودائع سابقة ومتعددة بحوزة نظام الأسد تخصّ “إسرائيل” بما فيها جثث القتلى الذين قضوا في المعارك ضد الجيش السوري.

رحلة الموساد في البحث عن الجثث

يقول العقيد يعقوب الضابط في الموساد الإسرائيلي والمسؤول السابق عن التحقيق في قضية المجندين المفقودين في معركة السلطان يعقوب عام 1982: “حدث تقدم كبير في التحقيق في مقتل ودفن ثلاثة جنود إسرائيليين بعد أن تراكمت آلاف الوثائق والشهادات، وقارن المحققون بين البيانات وقاموا بتحليلها، وكانت النتيجة واضحة؛ ثلاثة جنود لم يختفوا فحسب، بل ماتوا، وأيدت التحقيق بالإجماع محكمة خاصة مؤلفة من 3 حاخامات برئاسة كبير حاخامات الجيش “إسرائيل فايس”. وسلمت نتائج التحقيق إلى رئيس الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون، ووزير الدفاع، شاؤول موفاز، ورئيس الوزراء، أرييل شارون، وانتقل التحقيق بعد العام 2002م إلى المرحلة الثانية وحمل سؤالا: “كيف سيتم العثور على الجثث؟”.
يضيف العقيد: “لقد عملنا بالتعاون مع أجهزة المخابرات الأجنبية، وقمنا بزيارة مختلف البلدان ووصلنا إلى الولايات المتحدة، وأخيراً تمكنا من إنشاء موقع تقريبي لمكان دفن الجثث في مقبرة الشهداء بمخيم اليرموك”.
ويستدرك الضابط الإسرائيلي، “أصبح اكتشاف وتسليم جثة زخاريا باومل إلى إسرائيل أمرًا ممكنًا بعد عدة أشهر من طرد مقاتلي “الدولة الإسلامية” بمساعدة القوات المسلحة الروسية في سوريا من مخيم اليرموك للاجئين بالقرب من دمشق”.

محور المقاومة يحمي الموساد أثناء الحفر في دمشق

بالعودة إلى المؤتمر الصحافي الذي عقدته وزارة الدفاع الروسية بعد حادثة إسقاط طائرة “إيل – 20” الروسية فوق السواحل السورية، في أيلول من العام الماضي، نجد أن المتحدث باسم الوزارة، إيغور كوناشينكوف، قال: “توجّه الجانب الإسرائيلي إلى روسيا بطلب العثور على جثامين العسكريين الإسرائيليين وفق الأبعاد المحدّدة في أراضي سوريا، بدأت أعمال البحث بعدما توصلت روسيا إلى الاتفاق بشأن البحث عن جثامين العسكريين الإسرائيليين مع الشركاء السوريين على مستوى عملياتي”، أي التنسيق بين العسكريين السوريين والروس والإسرائيليين لتأمين حماية فريق العمل ونقل الجثامين، وإخطار أمن نظام الأسد بطبيعة المهمة الإسرائيلية وتفاصيلها والمساهمة في تنفيذها، وفي هذا السياق أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأربعاء الماضي؛ أن عملية التوصل لجثة الجندي الإسرائيلي تمت عن طريق “شركاءنا السوريين الذين ساعدوا في العثور على رفات الجندي الإسرائيلي القتيل، زخاريا باومل.
قاد عملية “اللحن الحزين” العقيد (أ) الضابط في الموساد الإسرائيلي والذي تنقل بين دمشق وموسكو خلال شهري شباط وآذارالفائتين، وكان أثناء وجوده في سوريا يقيم في العاصمة دمشق دون تحديد مكان إقامته، ثم غادر دمشق في الأسبوع الأخير من شهر مارس آذار بعدما تمّ تحديد هوية “زاخاريا”.
وكشفت المصادر أن القوات الروسية مع مخابرات الأسد والإيرانيين انتشرت في المخيم، وتوجهت الى مقبرة الشهداء وطوقتها بالكامل، مزودة بمعدات متطورة جداً وآليات حفر، ولفتت إلى أن القوة الروسية مكثت 5 أيام في المقبرة، وخرجت بتاريخ 24 آذار/ مارس تحمل معها عدة أكياس.

تحديد هوية “زخاريا باومل”

يقول العقيد (أ)، مسؤول عملية “اللحن الحزين”؛ تم التعرف بداية قبل تحليل الحمض النووي إلى الجثة من خلال “الحذاء الذي تم التعرف إلى بصمة الجيش الإسرائيلي فيه، ومن خلال الملابس العسكرية التابعة لقوات جيش الدفاع الإسرائيلي المدرّعة”، وكذلك الكتابة على ظهر الجندي باللغة العبرية والتي تم الحفاظ عليها بشكل مثير للدهشة”.
وقال كونريكوس: “لقد تم تحديد هوية الجثة وتم استخدام أدلة الحمض النووي في تحديد الهوية، وبعد إتمام عملية الفحص تبين أن الجثة هي للعسكري “زخاريا بومل”، لقد كانت لحظة خاصة ومؤثرة”.

عملية نقل الجثّة

ذكرت مصادر خاصة لـ “بلدي نيوز”؛ أن فريق العمل المشترك خرج من مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك عصر يوم 24 مارس/ آذار الفائت، مخفورا بحراسة مشددة مؤلفة من ضباط وعناصر مخابرات الأسد، وبرفقة المسؤول الأمني لـ “حزب الله” عن الموقع الكائن شرقي السيدة زينب والقريب من مخيم اليرموك، واتجه الموكب إلى قلب العاصمة دمشق، وفي هذا يوضح كونريكوس أن جثة زخاريا وصلت إلى “إسرائيل” على متن طائرة تابعة لشركة العال، ليتم نقلها يوم الخميس الموافق 4 أبريل/نيسان الجاري، إلى المقبرة العسكرية في جبل هرتزل بالقدس، وشارك في عملية الدفن، بنيامين نتنياهو الذي قال: “إن جميع أجهزة المخابرات الإسرائيلية “الشاباك، الموساد، وآمان”، شاركوا في إعادة جثة الجندي المفقود”، مما يدلل على حجم الفريق الإسرائيلي الذي أقام في العاصمة دمشق لمدة خمسة أيام من شهر مارس/آذار الماضي.

بوتين يثني على تعاون الأسد

خلال زيارة نتنياهو إلى موسكو، الخميس الموافق 4 أبريل/ نيسان، أثنى على الدور الذي لعبته روسيا في إعادة رفات جندي إسرائيلي إلى وطنه، وقال نتنياهو؛ إنه قبل عامين ناشد فلاديمير بوتين طلبًا لمساعدة “إسرائيل” في العثور على رفات الجنود في سوريا، ورد الرئيس الروسي بأنه سيتعامل مع هذه القضية شخصيًا، وأشار فلاديمير بوتين إلى أن “الشركاء السوريين” ساعدوا الجيش الروسي في العثور على مكان الدفن.

محور “المقاومة” والتضليل الإعلامي في قضية الجثّة

في السياق العام لقضية إعادة جثة الإسرائيلي “باومل”؛ تحاول الآلة الإعلامية لمحور إيران العمل على توجيه متابعي الأحداث نحو الأهداف، التي تضلل بها مؤيديها كما هو معتاد، وقد حشدت في سبيل ذلك مجموعة من الحيل الإعلامية التي توظَّف في كثير من علاقات تخادمها مع “إسرائيل”، وتخاطب مشاعرهم الدينية، مما يثير لديهم النشوة حين يتردد على المسامع أن هدف “محور المقاومة” تحرير القدس، والوقوف ضد غطرسة “الشيطان الأكبر”، والمقصود الولايات المتحدة.
في هذا الاتجاه، لم يستطع هذا المحور إدخال قضية إعادة جثة القتيل الإسرائيلي في منطقة الظلام المعلوماتي المصطنعة، نتيجة تصريح بوتين الشهير: “الشركاء السوريون” ساعدوا الجيش الروسي في العثور على مكان الدفن.
من هنا، بررت جريدة “الأخبار اللبنانية” الممولة إيرانيا هذه القضية باستغلال روسيا لنفوذها وحضورها الضروري في هذا البلد، فهي من قامت بهذه الصفقة والدلائل على ذلك كثيرة، بدءاً من الجنوب السوري، حيث انسحبت إيران بشكل معلن بناءً على طلب روسي لتجنب التصعيد مع “إسرائيل”، فيما انتشرت الشرطة العسكرية الروسية على طول الحدود مع الجولان المحتل بشكل مواز لنقاط انتشار القوات الدولية (UNDOF)، وانسحاب إيران و”حزب الله” من مطار دمشق إلى مطار الشعيرات العسكري في ريف حمص، لسدّ الذرائع التي تستغلها “إسرائيل” لاستهداف مطار العاصمة، وهذا يعني أنه لم تعد “إسرائيل” قضية هذا المحور وإنما هدفه في سوريا قتال الشعب وحصاره وتشريده.
وبعد إعادة جثة الجندي الإسرائيلي بمشاركة نظام الأسد وإيران و”حزب الله” وميليشيا “أحمد جبريل”، يبرز السؤال الكبير؛ ما مصير جثث عشرات الآلاف من السوريين التي أحرقتها عصابة محور الممانعة؟.

المصدر: بلدي نيوز

مقالات ذات صلة

USA