• الإثنين , 25 نوفمبر 2024

المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون إحاطة إلى مجلس الأمن

18 أيلول/ سبتمبر 2020 _____

شكرا السيد الرئيس، السفير عبدو أباري – النيجر

1- أبدأ إحاطتي اليوم بالتذكير – كما فعلت الشهر الماضي – بالمعاناة العميقة للشعب السوري، الذي عانى على مدار قرابة عقد كامل من الموت، والإصابة، والنزوح ،والدمار، والاعتقال ،والتعذي ب، والإرهاب، والإهانة ،وعدم الاستقرار، وتراجع التنمية، والفقر الشديد على نطاق واسع – والذي أرى بلده الحبيب مدمرا – ويصارع الآن 19-COVID والانهيار الاقتصادي. ويحتاج السوريون، سواء داخل سوريا أو ملايين اللاجئين في الخارج، بشدة إلى تخفيف هذه المعاناة ورؤية سبيل للخروج من هذا الصراع.

2- على خلفية هذه الحقائق المؤلمة، وانعدام الثقة الكبير بين الأطراف السورية ،هناك بصيص أمل خافت ولكن حقيقي ظهر في جنيف عندما تمكنا – بعد توقف دام تسعة أشهر – من عقد الدورة الثالثة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية السورية في الأسبوع الأخير من آب/أغسطس.

3- اتسمت النقاشات داخل اللجنة بالموضوعية في أغلب الأحيان، ودارت في إطار جدول الأعمال المتفق عليه .وقد أخبرني الرئيسان المشاركان أنهما لمسا ظهور بوادر أرضية مشتركة بشأن بعض الموضوعات .كما قدم بعض الأعضاء اقتراحات عملية حول كيفية تحديد مثل هذه المشتركات وكيفية المضي قدماً في المناقشة. وقد أسعدني ذلك كثيرا.

4- على الرغم من ذلك، كانت هناك خلافات حقيقية حول المضمون حتى وإن كانت النقاشات قد اتسمت بقدر من العمومية. ولم يتمكن الرئيسان المشاركان، كما كنت آمل ،من الاتفاق أثناء وجودهما في جنيف على جدول أعمال الدورة المقبلة .ونحتاج للاتفاق على جدول الأعمال إذا ما كان للجنة أن تجتمع.

5- لقد عملت بجدية في جنيف ومنذ انتهاء الدورة الماضية لمساعدة الرئيسين المشاركين على التوصل لاتفاق. والنقاش مستمر حالياً حول مقترح توافقي . بالنظر إلى الترتيبات الضرورية لتنظيم الاجتماعات ،فإننا نحتاج إلى الاتفاق على جدول الإعمال دون أي تأخير حتى يتسنى لنا عقد الاجتماع القادم في بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر كما كنا نأمل.

6- بالإضافة إلى الاتفاق على جدول أعمال متسق مع المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية، من المهم أن نذكر أنفسنا بالعناصر الأخرى الواردة في تلك الوثيقة التي تنص على: – تسمية الوفود تمت من قبل حكومة الجمهورية العربية السورية وهيئة المفاوضات السورية )بالإضافة إلى وفد الثلث الأوسط من المجتمع المدني – ولاية اللجنة هي إعداد وصياغة إصلاح دستور ي ؛ – للجنة الدستورية أن تراجع وتعدل دستور 2012 أو أن تقوم بصياغة دستور جديد ؛ – يجب أن تجسد مسودة الدستور المبادئ الاثني عشر الحية التي نتجت عن عملية جنيف وتمت الموافقة عليها في سوتشي ؛ – يتحمل الرئيسان المشاركان مسؤولية ضمان حسن سير عمل اللجنة ؛ – بما في ذلك تسهيل ووضع مقترحات لجدول الأعمال وخطط العمل تتيح العمل على جميع المسائل دون شروط مسبقة، ودون جعل النظر في مسألة ما متوقفاً على الاتفاق حول مسائل أخرى ؛ – تعمل اللجنة دون شروط مسبقة. – تعمل اللجنة أيضاً بشكل سريع ومستمر من أجل تحقيق نتائج وإحراز تقدم مستمر دون تدخل خارجي، بما في ذلك جداول زمنية مفروضة من الخارج ؛ 7- أواصل الحث على أن تمضي اللجنة الدستورية قدماً بناءً على هذه المعايير المرجعية المتفق عليها. إذا تمكنا من وضع اللمسات الأخيرة على جدول أعمال والمضي قدماً بناءً على ما تقدم، فإنني آمل أن نتمكن من تعميق هذه العملية من خلال عقد دورة اربعة للجنة قريباً – ودورة خامسة وسادسة في الأشهر المقبلة – إذا ما سمحت الظروف المرتبطة بجائحة 19-COVID بذلك.

8- اسمحوا لي أن أتوقف هنا لتقديم الشكر للسلطات الفيدارلية السويسرية والسلطات المحلية في جنيف، ومكتب الأمم المتحدة في جنيف وخدماته الطبية، وبالطبع أعضاء اللجنة أنفسهم، لتعاونهم في ضمان عقد الدورة الثالثة للجنة في ظروف آمنة من 19 COVID، وسيشكل هذا الأمر أولوية في الدوارت المقبلة أيضاً.

9- بالأمس، قمت بدعوة الخمسين عضواً من الثلث الأوسط للهيئة الموسعة للجنة الدستورية لاطلاعهم على آخر المستجدات حول ما يتم العمل عليه حتى الآن والاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم حول العملية، وسنتابع بالطبع هذه النقاشات.

10- اسمحوا لي أيضا أن أشير إلى أنه خلال الدورة الثالثة، أتيحت لي فرصة التشاور مع عضوات المجلس الاستشاري النسائي اللاتي قدمن أفكارا مفيدة تظهر إيمانهن الشديد بإمكانية إيجاد قواسم مشتركة ،وتساهم في حماية حقوق المرأة السورية. إن هن، مثل كل السوريين، يرغبن في رؤية تقدم ملموس . ومن وجهة نظرهن، يجب أن تتواكب هذه العملية مع وجود تحسن ملموس في الحياة اليومية للسوريين الذين لديهم احتياجات اقتصادية وإنسانية ملحة، فضلاً عن مخاوف أمنية وصحية. هذه الرسالة ذاتها ترددها باستمرار مجموعة واسعة من ممثلي المجتمع المدني الذين نتواصل معهم. وسيظل المجلس الاستشاري النسائي وغرفة دعم المجتمع المدني منخرطين في الفترة القادمة حول كافة أبعاد المسار السياسي المنصوص عليه في القرار 2254. السيد الرئيس،

11- لقد بدأت جائحة كوفيد -19 في التبلور حالياً كأحد التحديات الرئيسية التي تواجه الشعب السوري المعرض للخطر بشكل كبير بعد 10 سنوات من الصراع .وكما ذكر نائب الأمين العام للشؤون الإنسانية مارك لوكوك منذ يومين أن التقارير الواردة من داخل سوريا تشير إلى انتشار 19-COVID على نطاق أوسع بكثير مما تعكسه عدد الحالات المؤكدة .وتواجه المرافق الصحية في بعض المناطق تحديات في استيعاب جميع الحالات المشتبه بها – لا سيما وأن بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية، وعددهم قليل بالفعل، أصيبوا بالفيروس . أما اللاجئون السوريون، سواء من يعيشون في مخيمات أو خارجها، فهم معرضون لخطر كبير أيضاً.

12- لن تساهم الجائحة إ لا في زيادة الاحتياجات الإنسانية التي لا تزال كبيرة. ولا يزال يعاني العديد من السوريين من انعدام الأمن الغذائي والفقر والحرمان، لا سيما في مواجهة الانهيار الاقتصادي غير المسبوق والضغوط الاجتماعية والاقتصادية. ولإعطائكم مؤشر واحد فقط – فقد وصلت أسعار السلع الغدائية إلى أعلى مستوى تم تسجليه على الإطلاق. وتشير تقديرات برنامج الأغذية العالمي إلى أن تكلفة سلة الغذاء التي يقدمها البرنامج ارتفعت بنسبة 250% خلال العام الماضي. كما عانى بعض السوريين في شمال شرق سوريا للحصول على المياه بعد انقطاع إمدادات المياه من محطة علوك مرة أخرى في أغسطس، قبل أن يستأنف ضح المياه بعد التدخل البناء من قبل عدد من الدول الأعضاء.

13- أكرر مناشدتي لكم لتقديم الدعم اللازم لتأمين كافة الموارد الضرورية ووصول المساعدات الإنسانية لجميع من هم في حاجة إلى الإغاثة، وفقاً للقانون الإنساني الدولي. ولا يزال من الضروري أن يتم تعليق أية تدابير أو عقوبات يمكن أن تقوض قدرة الدولة على ضمان الوصول إلى الغذاء والإمدادات الصحية الأساسية والدعم الطبي لـمواجهة 19-COVID. السيد الرئيس،

14- وما زلت أطالب بإفراجات أحادية الجانب وعلى نطاق واسع عن المعتقلين والمختطفين – لا سيما النساء والأطفال وكبار السن والمرضى – واتخاذ إجراءات أكثر جدوى بشأن كشف مصير المفقودين. لقد ضغطت من أجل إحراز تقدم في هذه القضية خلال لقائي مع الدول الضامنة لعملية أستانا في جنيف .وقد أخدت علماً بنيتهم المعلنة لاستئناف اجتماعات مجموعة العمل المعنية بهذه القضية في أقرب فرصة – لكنني ألاحظ أيضاَ استياءً عميقاً لدى العديد من السوريين على اختلاف مشاربهم، وعلى الصعيد الدولي أيضاً ، من غياب التحرك في هذه القضية. سأستمر في التأكيد على أهمية هذه القضية مع الأطراف السورية، بما في ذلك خلال أية لقاءات مقبلة. السيد الرئيس،

15- لا تزال البيئة في سوريا تشهد تدويلاً إلى حد كبير، مع وجود خمسة جيوش أجنبية في مسرح العمليات، وتعريض سيادة سوريا للخطر. على الرغم من ذلك، وعلى الصعيد العسكري، لا تزال الترتيبات الحالية تحافظ على ء على نطاق واسع في جميع أنحاء سوريا، مقارنة بالعنف الشديد الذي شهدته السنوات الأخيرة. في الواقع ،فقد تغيرت بالكاد خطوط التماس على مدار نصف عام – وهي المد ة الأطول على مدار الأزمة السورية – ويبدو أن الوضع العسكري القائم في طريقه إلى الثبات.

16- ولكن على الرغم من أن سوريا تشهد هدوءً أكبر من أي وقت مضى، تستمر الحوادث المقلقة، والتي يمكن أن تزعزع هذا الهدوء: – شهدنا مشادة بالسيارات بين القوات الروسية والأمريكية أسفرت عن إصابة أربعة جنود أمريكيين واتهامات متبادلة بخرق ترتيبات منع الاشتباك القائمة. – شهدنا فصولاً جديدة من الضربات الجوية، التي تنسبها الحكومة السورية لإس ارئيل، على مواقع عسكرية في سوري ا. – لا يزال جنوب غرب سوريا مسرحآ لحوادث أمنية منتظمة ناجمة عن اضط اربات محلي ة وتوترات جيوسياسية. – لا يزال الاتفاق الموقع بين تركيا وروسيا في آذار/ مارس الماضي يساهم في الحفاظ على الهدوء بشكل كبير في شمال غرب سوريا – لكننا شهدنا أيضاً تصعيد اً، بما في ذلك اعتداءات متبادلة بالصوا ريخ وقصف بالمدفعية وضربات جوية بالقرب من خطوط التماس وكذلك في عمق إدلب، مما أسفر عن مقتل وإصابة مدنيين في بعض الحالات – وزيادة التعزي ازت العسكرية على جانبي الخطوط. – كما شهدنا هجوم اً آخر على دورية مشتركة روسية-تركية تبنت كتائب خطاب الشيشاني مسؤوليتها عنه، مما أدى إلى إصابة جنديين روسيين. – شهدنا أيضًا هجوماً واحد اً على الأقل على جنود أت ارك في إدلب، أسفر عن سقوط ضحايا. – كما شهدنا هجمات بالعبوات الناسفة وإطلاق نار متبادل في وحول عفرين، وأرس العين، وتل أبيض، مما أسفر عن مقتل وجرح مدنيين. – واستمر أيضاً النشا ط المقلق لداعش في البادية، وشهدنا هجوم اً على خط أنابيب في المناطق التي ينشط فيها داعش، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء على مستوى البلاد في أواخر أغسطس . السيد الرئيس،

17- أنني أناشد كافة الأط ارف المعنية باحتواء هذه الأحداث العنيفة والمزعزعة للاستق ارر والبناء على الهدوء النسبي القائم مع العمل على تطبيق وقف إطلاق نار على المستوى الوطني وفقاً لما ينص عليه الق ارر 2254 بهدف حماية المدنيين، والحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ودعم العملية السياسية. ويجب علينا ،وفقاً لما ينص عليه الق ارر 2254 أيض اً، مواجهة التهديد الذي تشكله الجماعات الإرهابية المحظورة دولياً والتي تنشط في بعض أج ازء سوريا، وذلك من خلال نهج تعاوني متسق مع القانو ن الإنساني الدولي. السيد الرئيس،

18- بينما نسعى إلى تدعيم وتثبيت الهدوء، لدينا فرصة وعلينا مسؤولية في بناء عملية سياسية أكثر جدوى .

19- وتذكرنا الحقائق على الأرض أنه فقط من خلال التركيز على التسوية السياسية، يمكننا تلبية التطلعات المشروعة للشعب السوري واستعادة سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أ ارضيها. من الواضح أن العملية السياسية ضرورية أيض اً إذا كان لنا أن نعالج التحديات الاجتماعية والاقتصادية في سوريا ، وأن نخلق الظروف المواتية التي تمكن ملايين اللاجئين من العودة بطريقة طوعية وآمنة وكريمة.

20- ومن الواضح أيضاً أنه لا يوجد طرف واحد أو مجموعة من الأطراف الفاعلة – سورية كانت أو دولية – يمكنها حسم نتيجة هذا الص ارع .في هذا السياق، أعتقد أن هناك اق ار اًر مت ازيد اً بين الأط ارف الرئيسي ة بأنه بالفعل لا يوجد حل عسكري، وأن السبيل الوحيد للمضي قدم اً هو التفاوض والتسوية السياسية، مهما صعب الأمر.

21- لذلك أعتقد أن هناك رغبة مشتركة من جميع الأط ارف لتجاوز حالة الجمود ال ارهن ورؤية بع ض الحركة. وهناك استعداد للخطوات والنوايا الحسنة بشكل متبادل، ول لتحرك ببطء ولكن بشكل ثابت على مسار الق ارر 2254 للخروج من هذا الص ار ع، مدعوماً بمجموعة من الخطوات المتبادلة.

22- وقد تلقيت دعماً قوياً في هذا الصدد من الأط ارف الرئيسية لجهود الأمم المتحدة لتسهيل عمل اللجنة الدستورية – وهي عملية بقيادة وملكية سورية ويمكن أن تشكل مدخلاً جيد اً.

23- أما فيما يتجاوز اللجنة الدستورية ،فمن السابق لأوانه القول إذا ما كان الوصول بشكل متزايد إلى تقديرات مشتركة بشأن الحقائق على الأرض يمكن أن يتحول إلى تحركات دبلوماسية مشتركة من أجل تنفيذ الق ارر 2254. لكن إمكانية حدوث ذلك تتبلور ببطء، وسأعمل على رعاية ودعم هذا الأمر.

24- أعرب عن تقديري لتواج د مسؤولين رفيعي المستوى من روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإي ارن في جنيف لإجراء مشاوارت على هامش اجتماعات اللجنة الدستورية .وقد ظللت على تواصل وثيق معهم منذ ذلك الحين ، وأيضاً مع مسؤولين أوروبيين وعرب آخرين ،وسوف تستمر هذه المشاوارت.

25- كما أقدر بشكل خاص الفرصة التي اتيحت لي للقيام بزيارة موسكو مؤخراً لإجراء مشاوارت موضوعية وموسعة مع وزير الخارجية الروسي لافروف ووزير الدفاع شويغو، قبل قيا م وزير الخارجية لافروف بزيارة سوريا الأسبوع الماضي ضمن وفد رفيع المستوى.

26- أنني أشجع الولايات المتحدة وروسيا على تعزيز الحوار بينهما، كما أحثهما وأحث الأط ارف الرئيسية الأخرى التي تلتقي في إطار عملية أستانا، وتلك التي تجتمع في إطار المجموعة المصغرة، وأعضاء هذا المجلس بالطبع على العمل معي للمضي قدماً نحو تحقيق هدفنا المشترك في سوريا: وهو تسوية سياسية وفقاً للقرار 2254. السيد الرئيس،

27- الأولوية الملحة الآن هي ضرورة أن يتفق الرئيسان المشاركان على جدول ا لأعمال حتى يتسنى لن ا استئناف عمل اللجنة الدستورية قريباً، وأن يسير عمل اللجنة بشكل متسق مع المعايير المرجعية. في عضون ذلك، يجب أن نواصل العمل على تحقيق خطوات إيجابية ويعضد بعضها البعض بين الأطراف السورية والدولية الرئيسية، وعملية سياسية أوسع وفقاً للق ارر 2254. مع استم ارر الهدوء على الأر ض، والأخذ في الاعتبار الضرو ر ة الملحة لإنهاء المعانا ة الكبير ة للشعب السوري، فقد حان الوقت للمضي قدماً.

شكرا السيد الرئيس.

مقالات ذات صلة

USA