روسيا ونظام “الأسد” ماضيان في حلهما العسكري، واتباع سياسة الأرض المحروقة، وتدمير معاقل المعارضة السورية، أو ما تبقى منها، وفي الغوطة الشرقية على وجه الخصوص، ونجح الطرفان حتى اللحظة في التقدم والسيطرة على عدد من المناطق، بعد قتل المئات من المدنيين، وتدمير بلدات بأكملها، رافق هذه الحملة استخدام أسلحة محرمة دوليا.
في خضم الأحداث التي تشهدها الغوطة الشرقية، ورفض الروس ونظام “الأسد” كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، ودعوات أطراف دولية لوقف المذبحة الكبرى بريف دمشق، نجد أن “هيئة التفاوض” تعيش حالة انفصام، وتبدو وكأنها ترفض الاعتراف بالواقع، وكأن ما يحدث في الغوطة لا يعنيها بشيء!.
لم يصدر عن “هيئة التفاوض” أي موقف رافض، أو مقاطعة أو تجميد اتفاقيات كانت طرفا فيها ولو شكليا، بل زادت على ذلك أن قررت الذهاب إلى “جنيف” للقاء المبعوث الدولي إلى سوريا “ستافان دي مستورا” في ظل التصعيد الروسي- الأسدي على الغوطة.
فقد أعلن عضو هيئة التفاوض “حسن عبد العظيم”، قبل أيام، أن الهيئة تعتزم عقد اجتماع تشاوري في جنيف مع المبعوث الأممي الخاص لسوريا، ستافان دي ميستورا.
الاجتماع التشاوري هذا لا علاقة له بما يحدث في الغوطة، بل يهدف إلى تشكيل لجنة لمناقشة الدستور السوري الجديد، خلال الأيام المقبلة، ويقود هذا الوفد “نصر الحريري” أو أحد نوابه، هذا ما أكده “عبد العظيم” في تصريحات إعلامية.
وضمن المعادلة الجديدة التي فرضها النظام وحلفاؤه على الأرض، جدير بـ”هيئة التفاوض” أن تتساءل حول ماذا يمكنها أن تفاوض عليه، ومن هو الطرف الذي تفاوضه، في الوقت الذي تراكم من خسائرها السياسية المستندة إلى خسارة مزيد من الأراضي، ورفض النظام الاعتراف بها.
وليس بعيدا عن حالة الخواء الذي تعيشه هيئة التفاوض، تصدر إلى العلن تصريحات لرأس النظام “بشار الأسد”، وفق ما ذكرت تقارير إعلامية، والتي تقول إن اجتماعا دار بين الأخير ومبعوث كبير من الكرملين الروسي، قال فيه “الأسد” مقاطعا الرغبة الروسية إنه “لم يعد الحل السياسي ضروريا على الإطلاق ما دام تحقيق النصر اقترب”.
لتعود “هيئة التفاوض” مرة أخرى للعبثية وتطالب “الأمم المتحدة، ومجلس الأمن أن يتخذ قرارات رادعة وحاسمة وجدية تجبر النظام ومن خلفه من الحلفاء على تطبيق قرارات المجتمع الدولي بشكل كامل”!.
في هذا الصدد؛ تجدر الإشارة إلى أن حرب الإبادة ضد المدنيين في غوطة دمشق، التي تقودها روسيا الطرف الضامن بالنسبة لهيئة التفاوض، اتبعت سياسة الأرض المحروقة، ومهدت من خلالها لقوات النظام التي توغلت في عمق الغوطة الشرقية وتمكنت من السيطرة على عدة بلدات وقرى في محيطها.
واستخدمت على مدى الأيام الماضية الأسلحة المحرمة دولياً مثل “العنقودي والكلور السام والنابالم الحارق والفوسفور الأبيض”، ومئات الغارات الجوية والبراميل المتفجرة وصواريخ “الفيل و الغراد”.
وكانت الحصيلة التقديرية لهذه الحرب، استشهاد أكثر من 1300 مدني، وإصابة أكثر من 3000 غيرهم، وسيطرة القوات المهاجمة على بلدات “أوتايا والشيفونية ومنطقة الأحواش والزريقية وحزرما والنشابية”، بالإضافة لبلدات “الأشعري والمحمدية ومسرابا”، فعلى ماذا ستفاوض “هيئة المفاوضات”؟.
المصدر: بلدي نيوز