أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون في إحاطة إلى مجلس الأمن اليوم الأربعاء المصادف 23/8/2023ان الشعب السوري داخل سوريا وخارجها لا يزال يعاني بشدة من الصراع بجميع أبعاده، ومع غياب عملية سياسية حقيقية تضر برفاهيته دشدة.
واضاف بيدرسون أنه من ضمن المؤشرات الأخيرة للمعاناة هو استمرار انهيار الاقتصاد وقد تدهور الوضع الاقتصادي من السيئ إلى الأسوا وفقدت الليرة السورية أكثر من 80% من قيمتها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث وصلت في الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 15.500 ليرة للدولار الأمريكي بسعر السوق غير الرسمي – علما بأن في عام 2011 كانت قيمة الليرة السورية 47 للدولار وقد خرجت الأسعار عن نطاق السيطرة بالنسبة للسلع الأساسية مثل الغذاء والدواء والوقود والسلع وهذا يؤثر على جميع المجتمعات في سوريا وجميع أنحاء البلاد. حيث يكافح الكثيرون من أجل توفير وجبات الطعام لعائلاتهم.
وأشار بيدرسون أنهم و على دراية ببعض الخطوات المتخذة للاستجابة لهدا التدهور المفاجئ، بما في ذلك مضاعفة الحد الأدنى للرواتب الحكومية إلى ما يقرب من 13 دولارا أمريكيا شهريا. ومع ذلك فإن سلة الغذاء الشهرية في يونيو إحزيران تكلف ما لا يقل عن 81 دولارا أميركيا، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي وقد ارتفع هذا الرقم بنحو 70% في عام واحد فقط، ولا شك أنه أصبح أعلى الآن في أواخر أغسطس/آب. وهذه المؤشرات تتحدث عن نفسها.
وأضاف بيدرسون قائلا :ان الحقيقة المأساوية هي أنه مع استمرار الصراع العنيف لفترة طويلة، وعرقلة العملية السياسية، فإن معاناة الشعب السوري سوف تزداد سوءا. ولا تستطيع سوريا إصلاح اقتصادها وهي في حالة صراع. وينطبق هذا على العديد من الأزمات الأخرى التي تعصف بسوريا: أزمة النزوح، وأزمة المعتقلين والمختطفين والمفقودين، وانتهاكات حقوق الإنسان، والإرهاب، والأعمال العدائية والصراع العنيف، والتقسيم الفعلي لسوريا الذي يقوض سيادتها وسلامتها الإقليمية.
واضاف بيدرسون قائلا :يمكننا أن نبدأ في معالجة الأزمات العديدة التي يعاني منها هذا البلد فقط من خلال التحرك وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي يعالج الأزمة السياسية التي تكمن في قلب الصراع، إن البدء ببعض الخطوات الإضافية بشأن القرار 2254، يمكن أن يخلق أرضية تحت هذا الانهيار الغير مستدام ويحفز عملية بناء الثقة والمعافاة.
كما رحب بيدروسن بالتفاهم الذي تم التوصل إليه بشأن مواصلة استخدام معبر باب الهوى الحدودي، على مدى الأشهر الستة المقبلة، لتقديم المساعدات الإنسانحة المنقذة لحياة المحتاجين في شمال غرب سوريا و بتمديد التفويض للأمم المتحدة ملايين الأشخاص من باستخدام معبري باب السلام والراعي الحدوديين لمدة ثلاثة أشهر إضافية، بالإضافة إلى الموافقة على الامدادات عبر الخطوط داخل سوريا عند سرمدا وسراقب لإيصال المساعدات للأشهر الستة ومن الضروري أن تواصل الأمم المتحدة وشركاؤها تقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود المقبلة. وعلى النطاق اللازم بطريقة مبدئية تسمح بالمشاركة مع جميع الأطراف من اجل التمكن من وصول المساعدات الإنسانية بطريقة تحمي استقلالية العمليات التشغيلية للأمم المتحدة.
أكد بيدروسن أنهم بحاجة أيضا إلى مضاعفة الجهود لتأمين موارد إنسانية كافية، في وقت يعاني فيه التمويل من ضغوط غير مسبوقة: تم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام بنسبة 25%، الخطة الإقليمية للاجئين والقدرة على الصمود بنسبة 10بالمائة تقريبا. ونحن بحاجة إلى الدعم لجميع الركائز، دما في ذلك تعزيز التعافي المبكر في خطة الاستجابة الإنسانية للاجئين والبلدان المضيفة. ويظل من الأهمية بمكان تجنب وتخفيف أي آثار سلبية للعقوبات، والتي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم محنةالسوريين العاديين. ومن الضروري أن تستفيد الدول التي تفرض العقوبات بشكل كامل من الإعفاءات الإنسانية الحالية وأن تشارك بنشاط في مواجهة الامتثال المفرط.
أكد بيدروسن أنه يجب ألا ننسى أنه على الرغم من الجمود العسكري الواسع النطاق منذ شهر مارس 2020، فإن الصراع العنيف مستمر، مما يتسبب في مقتل المدنيين والدمار على جميع الأطراف في سوريا. ولقد شهد الشهر الماضي: غارات جوية منسوبة لإسرائيل قرب دمشق؛ تقارير عن غارات جوبة موالية للحكومة في شمال غرب سوريا، وهى المنطقة التي شهدت أيضا هجمات بما في ذلك محاولات شن هجمات بطائرات بدون طيار من قبل الجماعة الإرهابية هيئة تحرير الشام ؛ المدرجة على قائمة مجلس الأمن على مواقع الحكومة السورية، فضلا عن اشتباكات على الخطوط الأمامية وتبادل المدفعية؛ الهجمات التى أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها خلال إحياء ذكرى عاشوراء بالقرب من السيدة زينب، ثم هجوم على حافلة تقل قوات الحكومة السورية بالقرب من الميادين؛ أنباء عن قصف قاعدة عسكرية أمريكية في دير الزور ؛ تقارير عن غارات تركية بطائرات بدون طيار في شمال وشمال شرق سوريا؛ هجوم قوات سوريا الديمقراطية على قاعدة عسكرية تركية في أعزاز؛ أنباء عن اشتباكات بين الفصائل في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، أنباء عن اشتباكات وتوترات في الجنوب في درعا وطفس والسويداء؛ ضرية للتحالف الدولي على تنظيم حراس الدين المتطرف في الباب.
ودعا بيدروسن إلى هدوء حقيقي ومستدام يعمل على دعمه جميع الأطراف السوريين والدوليين الرئيسيين، وذلك من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني. ونهج تعاوني لمعالجة التهديد الحقيقي الذي تشكله الجماعات الإرهابية المحظورة؛ والاحترام الكامل للقانون الدولي الإنساني. وقد برزت الأهمية المحورية لحماية المدنيين واحترام القانون الدولي مرة أخرى من خلال الاحتفال المظلم في الأسبوع الماضي بمرور 10 سنوات على الهجمات المروعة بالأسلحة الكيميائية في ضواحي دمشق.
واكد بيدرسون أنه من الصعب التوصل إلى تسوية شاملة للصراع في الوقت الراهن. لكن الوضع الراهن لا يمكن التغاضي عنه وأن هناك أشياء يمكن القيام بها لتعزيز تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254.
كما رحب بيدروسن بإعادة انعقاد اللجنة الدستورية التي تشكل نقطة توافق واضحة بين العديد من الجهات الفاعلة الرئيسية. ومن المهم أن تستأنف اللجنة عملها، وتواصل، وتعمق، وتبني بعض الثقة تدريجيا، وتمضي قدما على صعيد المضمون – وهي الخطوة الأولى من خطوات كثيرة.
وأشار بيدرسون أنه وفريقه منخرطون بشكل كامل في الجهود الرامية إلى كسر الجمود وإيجاد السبل للمضي قدما فيما يتعلق بالمضمون وأساليب العمل. وأضاف بيدرسون أنه وفي خلال الفترة التي تشملها الإحاطة، اجتمعا مجموعة الاتصال العريية في القاهرة مع وزير الخارجية السوري، وأعربوا عن تطلعهم لرؤية الاجتماع المقبل للجنة الدستورية في سلطنة عمان بتيسير من الأمم المتحدة قبل نهاية العام. ويعد هذا من أحد الأماكن البديلة التي تم اقتراحها لانعقاد الجنة الدستورية.
واكد بيدرسون أنه سيواصل السعي إلى تسهيل التوافق للتغلب على القضايا التى حالت دون انعقاد اللجنة الدستورية في جنيف، وضمان استئناف أعمالها وإحراز تقدم ذي مصداقة.
واكد بيدرسون أنه تحدث اليوم مع وزير الخارجية السوري وكذلك مع رئيس هيئة التفاوض السورية، وأتطلع إلى مزيد من المناقشات. كما أنه أتطلع ايضا إلى إطلاع المشاركين في المجتمع المدني في الثلث الأوسط على أي توافق في الآراء قد يظهر.
وقد أكد بيدرسون أنه لا يزال يرحب بالاهتمام المتزايد من المنطقة بشأن سوريا. حيث تحدث في الأيام الماضية مع وزراء خارجية كل من الأردن ومصر والمملكة العربية السعودية كما أجرى اتصالات مع كبار المسؤولين الأتراك. وسيواصل العمل مع الأطراف العريية، وأطراف مسار أستانا، والاطراف الغرييين أيضا – وجميعهم لديهم مساهمات يمكنهم تقديمها لدعم العملية السياسية التي يملكها ويقودها السوريون. واضاف بيدرسون إن الشعب السوري يدرك أنه لا يمكن لأي جهة فاعلة أو مجموعة من الجهات الفاعلة تحديد نتيجة الصراع أو اتخاذ الخطوات اللازمة للتوصل إلى حل سياسي. ولن يكون الحل السياسي ممكنا إلا من خلال خطوات واسعة لمجموعة من الأطراف المختلفة والتحقق من تنفيذها.
واكد بيدرسون إن العملية السياسنة يجب أن تكون أكثر من مجرد اللجنة الدستورية، كما تعلمون جيدا.وسعى منذ فترة طويلة إلى المضي قدما بشكل تدريجي نحو بيئة أمنة وهادئة ومحايدة في سوريا – الأمر الذي يتداخل بشكل كبير مع مسألة اللاجئين والنازحين داخليا.
وقد أثيرت هذه القضية أيضا عندما اجتمعت مجموعة الاتصال العربية في الأسبوع الماضي ولم يتبق إلا مشاهدة استعداد السورية لبذل المزيد من الجهود لمعالجة المخاوف الحقيقية والمستمرة المتعلقة بالحماية. كما يمكن للجهات المانحة أن تفعل المزيد لمعالجة مخاوف جميع السوريين بشأن الخدمات الأساسية وسبل العيش. ومن الممكن أن تبدأ ديناميكية خطوة مقابل خطوة في تغيير الحقائق على الأرض لجميع السوريين – بما في ذلك النازحين – وكذلك بناء الثقة وإيجاد مساحة سياسية أوسع للقضايا المتعلقة بالقرار 2254 والتنسيق الوثيق بين السلطات السورية مع الأمم المتحدة الذي سيكون حجر الأساس .
كما أضاف بيدرسون أنه أجرى هذا الشهر حوارا متعمقا مع ممثلي ميثاق الحقيقة والعدالة، الذين كانوا من بين الدوافع الرئيسية وراء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء المؤسسة المستقلة المعننة بالأشخاص المفقودين في سوريا. ويعد هذا القرار بمثابة علامة فارقة حلوة ومريرة بالنسبة لهذه العائلات والضحايا. وهو يسلط الضوء على الحجم الخطير للمشكلة: فهناك عشرات الآلاف من الرجالوالنساء والأطفال معتقلون أو مفقودون، مع استمرار عمليات الاختطاف والاعتقالات التعسفية في أنحاء البلاد. ولقد أبلغوه ان العائلات مازالت لا تعرف بوفاة أحبائهم في الحجز سوى عندما يتم تحديث سجلات السجل المدنى، بعد انتظار سنوات على أمل رؤية أحبائهم يعودون. وفي مناسبات سابقة، تحدثوا أيضا عن مخاطر الاضطهاد والمضايقة والابتزاز التي يواجهونها في كفاحهم للحصول على معلومات حول أحبائهم. للسوريين الحق في الحصول على معلومات كاملة وشفافة حول مصير ومكان وجود المعتقلين والمفقودين.
وأشار بيدرسون أنه سيواصل التشاور على نطاق واسع حول هذه القضية وغيرها مع المجتمع المدني السوري والنساء السوريات، وأيضا من خلال غرفة دعم المجتمع المدني والمجلس الاستشاري النسائى، لضمان تلبيه تطلعاتهم المشروعة في نهاية المطاف.
واكد بيدرسون أن عملية البحث عن أعضاء جدد للمجلس الاستشاري النسائى من خلال عملية التناوب قد بدأت، وعم يتطلعون إلى اختتام هذه العملية في الأشهر المقبلة. ولقد قدم الأعضاء الحاليون في المجلس المشورة السليمة،
واضاف بيدرسون أنه من المثير للقلق العميق أن العملية السياسية السورية الداخلية ظلت في حالة تجميد عميق لأكثر من عام، فالعملية السياسية هي حق للشعب السوري، حقه في تقرير مصيره. والعملية السياسية ضرورة. لإن سوريا كدولة وشعب لا تزال منقسمة ولا يوجد نصر عسكري في الأفق لأي جهة فاعلة. وستستمر الآثار الرهيية للصراع في الانتشار في جميع أنحاء المنطقة.
والجميع وفي مقدمتهم الشعب السوري،يدفعون ثمنا باهظا حيث فقد معظمه كل شيء تقرييا في العقد الماضي، ولكن أيضا المنطقة والمجتمع الدولي ككل وسوف يصبح الوضع غير قابل للاستمرار مع تضاؤل الاهتمام الدولي والتمويل لسوريا و إن المسار الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو عملية سياسية تشارك فيها الأطراف السورية نفسها، وفقا للقرار 2254.