كشف رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى عن وعود قطرية بتمويل مشاريع في مناطق سيطرة الجيش الوطني، بعد توقيع اتفاقية تثبيت خطوط التماس في شمال غرب سوريا بين قوات المعارضة والنظام، لكنه نفى وجود خطة لتوحيد العمل مع حكومة الإنقاذ في إدلب.
وقال مصطفى الذي زار قطر مؤخراً، في لقاء مع “المدن”، إن الجانب القطري طلب تقديم دراسات مفصلة عن المشاريع من أجل تمويلها، مشيراً إلى أن هذه هي الزيارة الثانية إلى قطر بعد الزيارة الأولى في آذار/مارس 2020.
وقال: “عقدنا لقاءً مع وزير الخارجية القطرية وكان لدينا قائمة مشاريع في مجالات مختلفة، خاصة في قطاعات الصحة والتعليم والتنمية، قدمناها للجهات القطرية وعلى رأسها صندوق قطر للتنمية”.
وأضاف “حالياً لا يوجد أي دعم للمناطق المحررة من أي جهة دولية، لذلك طلبنا من الأخوة القطريين تمويل هذه المشاريع، وأهم ما ركزنا عليه في المشاريع المقدمة هي تنمية المخيمات العشوائية التي لم تُدرج في قوائم الأمم المتحدة، وخطتنا في الحكومة بناء مساكن من البلوك لسكانها وتحويل المخيمات إلى قرى سكنية”. وقال: “أبدى القطريون استعدادهم وطلبوا دراسة هذا المشروع تحديداً من أجل تمويله، من جملة المشاريع الأخرى التي هي ضمن خطتنا الحالية”.
وحول ما إذا كان إطلاق هذه المشاريع مرتبط باتفاقية توسيع الهدنة وتثبيت خطوط التماس الذي تم التوصل إليه في لقاء مؤتمر أستانة الأخير، قال مصطفى: “قبل هذا الاتفاق، ومنذ البداية، فإن الجانب القطري يدعم الكثير من هذه المشاريع التنموية والانسانية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ولا شك أن الاستقرار الأمني والعسكري يُعتبر أساس نجاح واستمرار المشاريع الخدمية، لكن سابقاً كان هناك العديد من اتفاقيات وقف النار التي لم يلتزم بها النظام وحلفاؤه، وبالتالي نتوقع كل الاحتمالات”.
وتعليقاً على الطرح الذي تقدم به رئيس الإئتلاف الوطني نصر الحريري وطالب فيه بالعمل على تطوير إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، أشار مصطفى إلى أنه “منذ تشكيل الحكومة المؤقتة كان أساس عملها تخديم وإدارة المناطق المحررة بغض النظر عن المتغيرات والتطورات، لكن ما أعاقها باستمرار هو ضعف الإمكانات والموارد،
ومع ذلك هي تقوم بواجبها ولا تربط الأمر بالعملية السياسية وتطوراتها”.
الملف الأمني
وحول الانتقادات الحادة التي تُوجّه لتعامل مؤسسات المعارضة مع الحالة الأمنية في مناطق سيطرة الجيش الوطني، مع استمرار عمليات الاغتيال والتفجير، أشار مصطفى إلى أن “هذا الملف أساسي بالنسبة للحكومة المؤقتة التي تعتبر أن كل شيء مرتبط به، لكن من المهم الإشارة إلى وجود مجموعة من الأعداء الذين يستهدفون ضرب استقرار هذه المناطق، مثل النظام وداعش وحزب العمال الكردستاني وأدواته”.
وقال: “نحن نعترف بالضعف في الجانب الأمني لكن ليس بالصورة التي يتم إظهارها، فمثلاً مقابل نجاح الأطراف المعادية بتنفيذ بعض العمليات فإن الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لنا تُفشل الكثير من هذه العمليات أيضاً”.وعن الانتقادات حول وجود فساد وتقصير وتضارب الصلاحيات في عمل قوى الحكومة العسكرية والأمنية،
قال مصطفى: “أكرر أن منع الخروق الأمنية هي مسؤوليتنا طبعاً وهدفنا أن لا يتعرض مواطن واحد لأي ضرر، ولذلك نقول يجب أن تكون هناك سلطة مركزية قوية تحكم هذه المناطق، وإذا تمكنت الحكومة المؤقتة من إدارة المنطقة بمركزية وعمل مؤسساتي سليم فإن هذا الخلل سيخفّ بشكل كبير”.
كما كشف عن وضع خطة في الاجتماع الأخير الذي ضم المسؤولين عن مختلف المؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية في الحكومة المؤقتة، وقال أن قرارات حاسمة اتخذت لمواجهة الفساد وتقوية الأجهزة الأمنية وضبط الحدود وتحصينها، مع تكثيف الدوريات الثابتة والمتحركة، وقد بدأت قبل أيام الحملة الأمنية التي تستهدف تنفيذ هذه القرارات والتي ستكون مفتوحة من دون مدة زمنية محددة.
الخلاف مع الائتلاف
وتطرق مصطفى في حديثه مع “المدن”، إلى الخلاف الذي نشب خلال الفترة الماضية بين الحكومة المؤقتة والائتلاف قائلاً إن
لكن مصطفى نوّه إلى أن “الخلاف ليس بين الحكومة والائتلاف كمؤسسة، بل بين الحكومة وبعض الشخصيات في الإئتلاف الذين لم يرق لهم أن هذه الحكومة لم يتم تشكيلها بناء على محصصات الكتل، لكن نحن على تواصل دائم لحل أي إشكاليات بهذا الخصوص وفق الأسس والمعايير المؤسساتية المتبعة”.
وحول إشكالية التضارب في الصلاحيات بين الحكومة والمجالس المحلية التي تحصل على التمويل من الجانب التركي مباشرة ومن دون المرور بالحكومة المؤقتة، قال: “إذا لم نتفق على مركزية السلطة فإن الخلل سيستمر وسيضعف جميع المؤسسات.. أنا كنت في فترة رئيساً للائتلاف واليوم أنا رئيس للحكومة، لكن في كل المواقع كنت أقول وأكرر أنه يجب عدم التداخل في الصلاحيات وأنه يجب تقوية الحكومة، أما أن تستمر العلاقة تنافسية فإن الجميع سيخسر وفي مقدمتهم المواطنون”.
الاندماج مع حكومة الإنقاذ
وعن المعلومات التي تمّ تداولها مؤخراً حول وجود مفاوضات لدمج الحكومة المؤقتة مع حكومة الإنقاذ التي تدير مناطق إدلب، قال مصطفى: “نتمنى أن تكون جميع المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تحت إدارة واحدة، لكن للآسف، الأجندات الخارجية التي تدعم سلطة الأمر الواقع في شرق الفرات والمشاريع الإيدويولوجية في المناطق الأخرى هي ما تعيق ذلك”.
وأضاف أنه على الرغم من كل الضغوط فقد “حافظنا على وجود مديريتي التعليم والصحة في إدلب المستمرتين بتقديم خدماتهما هناك، لكن الكلام عن مشاريع توحد أو اندماج غير صحيح، وليس هناك أي تواصل بهذا الصدد مع أي جهة”.