رأى الصحفي والمحلل السياسي (زيفي بارئيل) أن إسرائيل تريد بقاء (بشار الأسد) في السلطة.
وأشار (بارئيل) ضمن تحليله الدوري في صحيفة “هآرتس” إلى رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) توصيات وزارة الخارجية بإدانة العنف الذي يمارسه (الأسد) ضد الشعب السوري مع بدايات اندلاع الثورة في 2012. حيث رأى المسؤولون في الخارجية أنه يجب على إسرائيل الانضمام إلى ركب الدول الغربية المنددة بعنف النظام، إلا أن (نتنياهو) حاول المواربة بالموقف الإسرائيلي الرسمي إذ ندد بالقتل بشكل عام، دون ذكر (الأسد) أو المطالبة بإطاحته قائلاً إن “العديد من القادة ليس لديهم أي رادع أخلاقي يمنعهم من قتل جيرانهم وشعبهم أيضاً” بينما أتى أبعد رد إسرائيلي رسمي من سفير إسرائيل في الأمم المتحدة أنداك (رون بروسور) حيث قال في تلك الفترة إن (الأسد) “لا يملك الحق الأخلاقي لقيادة شعبه”.
ويرى (بارئيل) أن إسرائيل “تتصالح” مع دور (الأسد) المستمر في السلطة، خصوصاً بعد الحرب التي يشنها ضد الثوار في الجنوب وسيطرته على معظم الأراضي السورية.
وكانت تقارير إخبارية قد أفادت قبل عدة أسابيع، بتبليغ إسرائيل لروسيا بعدم اعتراضها على استمرار (الأسد)، حيث يبدو الأمر بحسب (بارئيل) على أن قرار استمرار (الأسد) من عدمه بيد إسرائيل، أو كأن لدى إسرائيل نفوذاً على أي سلطة تستلم الحكم في سوريا بعد انتهاء الحرب.
ويذهب (بارئيل) إلى أبعد من ذلك، إذ يرى أن إسرائيل لا “تتصالح” فقط مع بقاء (الأسد) بالسلطة، بل تخشى أيضا من أن ينجح الثوار بالإطاحة به، وذلك خوفاً من نشوء حرب أهلية بين الثوار أنفسهم.
كما أن الآراء التي تسربت عن الجيش الإسرائيلي و وزارة الخارجية خلال العامين الماضيين، كانت تفضل بحسب (بارئيل) استمرار (الأسد) بالحكم، بل حتى رأت بعض هذه الآراء، أن استمرار (الأسد) يعد أمرا حيويا لأمن إسرائيل.
التزام إسرائيلي
ويشير (بارئيل) إلى تعاون إسرائيل الوثيق مع روسيا، التي سمحت لإسرائيل بمهاجمة “حزب الله” والإيرانيين في سوريا، وكذلك انضمام إسرائيل لما أسماه “التحالف غير الرسمي للدول العربية الداعمة لبقاء الأسد في السلطة”، مشيراً إلى الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) الذي التقى بـ “رئيس المخابرات السورية” في عام 2015، وقال في نفس العام إن “مصر وسوريا في نفس القارب”.
ويشير (بارئيل) أيضاً، إلى زيارة وفود مصرية إلى دمشق على الرغم من تجميد عضوية سوريا في “جامعة الدول العربية” كما أن (السيسي) قال في لقاء معه عام 2017 إن “مصر تدعم جيوش دول مثل العراق وليبيا وسوريا”.
واعتبرت إسرائيل التدخل الروسي في سوريا، والذي بدأ عام 2015، بأنه غير فعال ومحكوم بالفشل، إلا انه أدى بحسب (بارئيل) إلى تعزيز وضع (الأسد) محلياً، خصوصاً أن روسيا أنشأت ما أسماه “تحالفاً مع إيران وتركيا” وقامت بتحييد الدول العربية.
ومع انسحاب الولايات المتحدة من الساحة السورية، تبقى روسيا هي القوة الوحيدة القادرة على الحد من العمليات الإيرانية هناك، وربما حتى إنهائها. حيث يعتمد (الأسد) بحسب (بارئيل)، على روسيا أكثر من اعتماده على إيران، مما يجعل الأمر ملائما أكثر لإسرائيل، لأن ذلك يعني أن السياسة الخارجية لسوريا، بما في ذلك سياستها المستقبلية تجاه إسرائيل، سيتم فحصها من قبل الكرملين، مما يضمن التنسيق مع إسرائيل وتقليل التهديدات التي يمكن أن تصدر من سوريا، في مقابل ذلك، تلتزم إسرائيل، بعدم تقويض حكم (الأسد).
ضمان أمن الحدود
ويؤكد (بارئيل) على أن نظام (الأسد) هو الضامن لاستمرار هدوء الخط الفاصل بين سوريا وإسرائيل. فعلى الرغم من إصرار إسرائيل على تنفيذ اتفاقية فصل القوات التي تم توقيعها في 1974، والتي ترفض إسرائيل بموجبها تواجد القوات السورية في أجزاء من المنطقة المنزوعة السلاح، والتي تخضع رسمياً لمراقبة الأمم المتحدة المشرفة على الاتفاق، إلا أن الضامن الحقيقي هو نظام (الأسد) الذي أبقى على الاتفاق وحافظ على هدوء الحدود منذ عقود. كما إن إسرائيل، استخدمت بدورها “الردع العسكري” لإقناع (الأسد) بأن التمسك بالاتفاق يخدم مصالحه.
وعلاوة على ذلك، انضمت روسيا للقوة العسكرية المشرفة على هذا الاتفاق، وروسيا بالطبع تتفق مع إسرائيل كلياً على إبقاء الحدود هادئة، لذا يرى (بارئيل) أنه يجب على إسرائيل أن تتمنى “نجاحاً كاسحاً وحياة طويلة للأسد”.
أخيراً، نوه (بارئيل) إلى أن تهديد الوزراء الإسرائيليين باستمرار حكم (الأسد)، في حال سمح للقوات الإيرانية بإقامة قواعد لها بالقرب من الحدود مع إسرائيل، يعني تهديداً لروسيا، شريك إسرائيل الاستراتيجي الجديد في القصر الرئاسي في دمشق.
المصدر: أورينت نيوز