• الخميس , 28 مارس 2024

أصفر ونجار.. النهضة الزراعية التي سحقها التأميم (3-3 والأخيرة)

اسامة القاضي

زيارة الرئيس شكري القوتلي لمدينة القامشلي رغم أن المادة ليست حديثة النشر بل تعود إلى شهر نيسان الماضي، إلا أن الصديق الدكتور أسامة القاضي تفضل مشكوراً وذّكرنا بها كونها تتناول تجارب ناجحة ومثمرة في تاريخ الجزيرة والفرات، ونظراً لأهميتها وتسليطها الضوء على تجربة رائعة ورائدة كان لها الفضل الكبير في إدخال المكننة الزراعية واستخدام طرق زراعية حديثة على أسس علمية، ساهمت في أسس التنمية الزراعية في محافظة الحسكة في أربعينيات القرن الماضي …

لهذه الأسباب وغيرها أعدنا نشرها مجدداً …وكل الشكر والتقدير للدكتور أسامة القاضي …في عام 1942 نفذت شركة أصفر ونجار، مشروع العشرين سنة للزراعة المروية، وطورت في عام 1953 مشروعاً لسحب 3 أمتار مكعبة من المياه في الثانية من نهر الخابور، تشمل تركيب ستة محركات ضخ لرفع المياه لعلو 15 متراً عن سطح النهر، وقناة لنقل المياه إلى المحطة الثانية بعرض 15 متراً وعمق مترين وطول 3 كم وكلها مطلية بالأسمنت.

وفي عام 1942، قامت شركة اصفر ونجار ببناء قناة مياه للري وشبكة توزيع مياه بأقنية طولها 20 كم، من أجل إرواء 30 ألف دونم في قرى تل حلف وأم الدبس وتلبلية، أي أن ذلك لم يكن من منجزات الخطط الخمسية البعثية بقيادة أمين الحافظ أو صلاح البيطار أو الزعين وبقية “العباقرة”!.حكومات البعث “دولة الاشتراكية والعدالة!” على مدى نصف قرن، بدل أن تطور وتستثمر في محافظات السلة الغذائية السورية، اعتبروا بكل وقاحة محافظة الحسكة والرقة ودير الزور رسمياً من “المناطق النامية”!.وفي عام 1930 كان لدى المؤسسة مركز بحث علمي، واستوردت بذوراً من مصر والهند واليابان وكاليفورنيا وإيطاليا، وأقامت عليها التجارب للأنواع الملائمة من القمح والشعير، واستوردت من إيطاليا أحدث آلة لانتقاء البذار وتعقيمها بصورة آلية.. نعم في عام 1930 !.

لو كنّا بنينا على هذه المعرفة الزراعية ومكنّاها في سورية، لكنّا نبيع البذار المحسن اليوم لدول العالم الأخرى. كما أنشأت الشركة أول محطة للرصد الجوي في الحسكة، مجهزة بأحدث آلات المسح والرطوبة والضغط الجوي وقياس كمية والأمطار، وكانت وزارة الزراعة تعتمد أرقامها في إحصاءاتها الرسمية.وطبقت الشركة المبادئ التعاونية عام 1942 وطبق بشكل واسع عام 1952، وبلغ عدد المسؤولين خمسين رئيس تعاونية، واستفاد منها أكثر من ألف عامل، حيث يمنح العامل فرصة لينال قسطاً من المحصول يوازي أتعابه ومسؤولياته، وترفع مستواه المادي وتأهيله فنياً وخلقياً وإدارياً، وتؤدي إلى تمليك العامل وسائل الإنتاج.

النائب الياس نجار (الكتلة الوطنية) يصافح رئيس الجمهورية هاشم الأتاسيفي نهاية الدورة الزراعية لعام 1957 (أي قبل قانون الإصلاح الزراعي بعام تفريباً أو أكثر بقليل) تخرج الفوج الثاني من المصالح التعاونية، حيث كانوا عمالاً عاديين، ولكنهم انتهوا من تسديد كامل قيمة الآلات بقيمة 5 مليون دولار (في ذلك الحين)، ونال بعضهم الآلات ربحاً صافياً 35-50 ألف دولار( قيمة المبلغ تحسب بسعر ذاك الزمان ).

أقام الأخوان أصفر ونجار سداً في قرية ملوك سراي على نهر جغجغ، الذي ينبع من تركيا ويخترق مدينة القامشلي، ويصب في الخابور ثم في الفرات، ونقلوا المياه إلى أراضي تل التين وزرعوا الأرز هناك.

يعقوب نجار:

نعم، منذ 88 عاماً، كنّا نزرع الرز في سورية، ولا نستورده من الهند والصين!!! ياترى لو كنّا مكنّا شركة أصفر ونجار منذ ثمانين سنة، ألم نكن من أوائل المصدرين للرز في الشرق الأوسط وفي العالم، وخلقنا فرص عمل خرافية؟!أحد دلالات عبقرية أصفر ونجار وهمتهم ومهنيتهم وإمكانياتهم الخارقة، أنهم عندما قامت تركيا في منتصف شهر تموز 1941 بتحويل مجرى نهر جغجغ، توجهت شركتهم إلى بحيرة الخاتونية (على حدود العراق وجبل سنجار) ونصبوا المضخات ومحركات تعمل على الديزل، لسحب المياه وسقاية الأراضي وزراعة الأرز .وفي عام 1942 وصلوا إلى رأس العين وتعاقدوا مع خليل إبراهيم باشا لتركيب مضخات كبيرة على نبع “عين الزرقاء” لرفع مياه النبع بارتفاع 15 متراً، ونقلها بالسواقي والقنوات إلى الأراضي المجاورة لزراعة الأرز.

مقالات ذات صلة

USA