”نداء بوست“ ـ حوارات سياسية – إبراهيم الجبينيطرح المبعوث الدولي للملف السوري غير بيدرسون ومن دون مقدمات، خطة لمسار المفاوضات ما بين النظام السوري وقوى الثورة والمعارضة السورية، خارج قرارات مجلس الأمن، وضع لها اسماً استفز السوريين. وعَبْر إستراتيجية ”خُطوة بخُطوة“ التي يبشّر بها بيدرسون يأمل كما يقول بالحصول على “أخبار إيجابية في المستقبل القريب”، بعد فشل أحدث جلسات الهيئة المصغرة للجنة الدستورية.
بيدرسون خرج بخطته هذه بعد لقائه وزير خارجية الأسد فيصل المقداد، وأضاف قوله: “سافرت كثيراً بين بعض الدول العربية، وعقدت نقاشات عميقة مع الأمريكيين والأوروبيين، وأعتقد أن هناك إمكانية الآن لبدء استكشاف ما أسميه مقاربة (خُطوة بخُطوة)“. وكان الرأي العامّ السوري قد رفض ما اعتبره خزعبلات سياسية يأتي بها بيدرسون للالتفاف على قرارات مجلس الأمن، ولفتح مسارات جانبية، بيدرسون بدوره قال: “رسالتي أن هناك إمكانية أخرى للبدء في استكشاف السبل الممكنة، وللبدء في المضي قدماً في هذه العملية“.
هيئة التفاوض السورية أصدرت بياناً شديد اللهجة، اليوم الأربعاء، طالبت فيه المبعوث الدولي بعدم الخروج عن التفويض الممنوح له من الأمين العام للأمم المتحدة، وطرح أفكار لم تنص عليها القرارات الأممية.
رئيس الهيئة أنس العبدة، يبين لـ”نداء بوست“ الأسباب الموجبة لرفض الهيئة لخطة بيدرسون، والإجراءات التي يمكن أن تقدم عليها الهيئة لاحقاً، علاوة على علاقات الهيئة بدول الإقليم والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى العديد من الملفات التي تطرق إليها الحوار.
نداء بوست: هل وصلكم رد فعل من المبعوث الدولي، وكيف ستتعاملون معه فيما لو رَفَضَ رَفْضكم هذا لسياسته المُعلنة؟
العبدة: في البداية، شكراً لـكم ولـ “نداء بوست” على المبادرة، إن هذا البيان جاء نتيجة عمل مكثف قامت به هيئة التفاوض السورية، خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، حيث تم جمع كل ما له علاقة بهذا المقترح، وتم التواصل مع الدول التي تم التشاور معها من قِبل بيدرسون، وكذلك عُقدت لقاءات مع المبعوث الدولي كالمعتاد، وكان هذا البند دائماً جزءاً أساسياً من النقاش.
بهذا السياق من العمل المكثف لهيئة التفاوض أصبحت لدينا مجموعة حقائق ووثائق درسناها بشكل دقيق، وتم أخذ هذا القرار نهاية الشهر الماضي، وفي الأمس كان لدينا لقاء مع المبعوث الدولي في إسطنبول، وكان البند المتعلق بـ “خُطوة مقابل خُطوة” أساسياً في هذا اللقاء.
أبلغناه قرارنا، وشرحنا له بشكل موضوعي وواضح سبب اتخاذنا لهذا القرار بشكل رسمي.هذا هو موقفنا، وبالنهاية هذا ما نملكه في قوى الثورة والمعارضة في العملية السياسية، ولم نخضع لأية ضغوطات من هنا أو هناك، وكنا واضحين مع أهلنا وشعبنا، ووضحنا موقفنا في مؤتمر صحفي عُقد في 20 من الشهر الماضي، وفي حوار مع “تلفزيون سورية” أعلنا فيه القرار الذي اتخذته هيئة التفاوض، ومن ثَمّ أصدرنا البيان الرسمي، ووضحنا فيه الأسباب الموجبة لهذا القرار، وشاركناها مع أهلنا وشعبنا أولاً، ومن ثَم مع حلفائنا والمجتمع الدولي والأمم المتحدة، وهذا ما يجب أن يتوقعه شعبنا منا تجاه هذا الأمر، لما له من خطورة على العملية السياسية بشكل عامّ والعملية التفاوضية بشكل خاصّ.
إجراءات تصعيدية
نداء بوست: ما هي الإجراءات اللاحقة التي ينتظرها منكم السوريون، والتي أكد بعض أعضاء الهيئة أنكم ستقومون باتخاذها، إضافة إلى إصدار البيان للتعبير عن رفض هذا النهج الذي بدر عن المبعوث الدولي؟
العبدة: عندما التقينا المبعوث الدولي بالأمس وأبلغناه القرار، قدمنا له البدائل في الوقت ذاته، وقلنا له إذا أردنا التقدم في العملية السياسية والقرار 2254، فالمطلوب من المبعوث الدولي أن يعلن عن مشاورات أو يبحث في خيار الإعلان عن مشاورات حول فتح بقية السلال “المسارات التفاوضية”، أو أن يعلن على الأقل عن تشاوُر بخصوص واحد من هذه المسارات، أو حول الطريق الأمثل لتطبيق القرار 2254 والتحديات التي ستواجه هذا التطبيق، وكيف يمكن تخطيها.طرحنا على بيدرسون إمكانية البدء بالمشاورات مع الأطراف السورية وغير السورية حول بعض القضايا المتعلقة بإجراءات بناء الثقة، كموضوع ملف المعتقلين الذي نعتبره الأولوية رقم 1، هذا الملف الموجود بشكل واضح في القرار 2254، ولكن الأمم المتحدة لم تحقق أي إنجاز فيه حتى الآن.أما الموضوع الثاني فهو موضوع وقف إطلاق النار، واستهداف أهلنا في المناطق المحررة، وهذا ما يستحق العمل الأساسي عليه في الواقع، وهو جزء من 2254، وأكدنا على أننا نؤمن بأن تفويض الأمم المتحدة جاء نصاً بالقرار 2254،
وهذا النص يقول: إن الأمين العامّ والمبعوث الخاصّ يجب أن يرعيا مفاوضات من أجل الانتقال السياسي، والذي لن يحدث إلا بالتطبيق الكامل للقرار، والتطبيق الكامل هو بالضرورة فتح جميع المسارات، فلماذا الذهاب باتجاه آليات أخرى، وعدم التركيز على المسار الأساسي للعملية السياسية؟ بالإضافة إلى ذلك سنقوم بالتواصل مع الدول المعنية بالملف السوري، وبالفعل بدأت هذه الدول بالاستفسار منا عن أسباب قرارنا هذا، وهم مدركون للأسباب الموضوعية التي دعتنا إليه، وخاصة الدول التي دخلت في عملية المشاورات مع بيدرسون حول هذه الآلية.
كيف يفكّر بيدرسون؟
نداء بوست: ما تفسيرك شخصياً لما دفع المبعوث الأممي لطرح مثل هذه الخطة، والتي تنم كما عبرتم في بيانكم أنها خروج عن التفويض الممنوح له، من قِبل الأمم المتحدة لتطبيق قرارات مجلس الأمن، ما الذي دفعه لذلك، وهل تلقى ضوءاً أخضر من إحدى الدول المحورية في هذا الشأن، وهل تتوقعون سيناريو ما في ذهنه؟
العبدة: في الحقيقة، إن المبعوث الدولي ومن خلال الإحاطات التي يقدمها منذ أكثر من سنة، كان يذكر هذه الفكرة دوماً، وعندما تسأله الدول ونسأله نحن عن المقصود بهذه الآلية، يجيب بأنها فكرة معروفة بالفن التفاوضي، وربما تكون مهمة للأطراف لكي يفكروا بها، واستمر هذا الشيء فترة من الزمن.
وربما يكون أحد أسباب هذا الطرح هو أن بيدرسون بات يدرك أن مسار اللجنة الدستورية لم يصل إلى نتائج كما هو متوخى أو مطلوب بحسب القواعد الإجرائية، وبحسب ما هو متوقع من اللجنة، فتعنت النظام بأن يشعر المبعوث الدولي بالقلق، وبدل أن يذهب باتجاه فتح مسار إضافي مثل مسار هيئة الحكم الانتقالي، وجدناه بات يفكر أكثر بآلية “خُطوة بخُطوة”.
لا اعتقد أن الأمم المتحدة لديها مانع من فتح باقي المسارات، لكنها محصورة بهذا الإطار من خلال الدول المؤثرة في الملف، من طرف الولايات المتحدة ومن طرف روسيا، والصين تلعب دوراً لقربها من توجهات روسيا في مجلس الأمن، لذلك هو بدأ يفكر بشيء آخر، وهي فكرة ليست مؤطرة أو محددة، وبطرحها أثار مشكلة، فمن جهة أعطى انطباعاً بأن هنالك مجالاً للمناورة، خاصة في ما يتعلق بالضغوط الأساسية على النظام لكي يقبل ويقدم شيئاً بالعملية السياسية، وأيضاً بما يتعلق بالتطبيع، وابتكر هذه الآلية لكي يبحث عن مساحة للتحرك في سياق آخر غير اللجنة الدستورية، ونحن أيدناه في البحث عن مسارات أخرى، ولكننا طلبنا منه فتح بقية المسارات المغلقة في العملية السياسية.
فمسار اللجنة الدستورية بطيء جداً ولا يوجد اتفاق على عبارة في الدستور الجديد. وهو بدلاً من الذهاب باتجاه بقية المسارات، اتجه إلى آلية الـ “خُطوة بخُطوة“، ولعل تجاوُزه للمسارات الأخرى جاء بضغوط من الدول الحليفة للنظام، على الرغم من تأييد الدول القريبة منا كالدول العربية والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لفكرة فتح بقية المسارات لأنها الشيء الطبيعي، ولكن الروس مصرون على عدم فتح بقية المسارات، وأن تتركز المسـالة حول اللجنة الدستورية.
بيدرسون قدم طرحاً غير واضح، ويريد منا توقيع شيك على بياض، وهذا غير ممكن في العملية السياسية، ولست مفوضاً بهذا الموضوع، وينبغي توضيح هذه الآلية وتفسير الخطوات والإجراءات حتى يصبح بإمكاننا تقييم المسألة بشكل جيد، فتقديمه للطرح بهذا الشكل وبدون وضوح أثار لدينا قلقاً وخشيةً بأننا ماضون بطريق مجهول، على الأغلب لن يوصلنا لأي نتيجة، وسينتج عنه تمييع القرار الدولي والخروج عن التفويض وتجاوُز موضوع الانتقال السياسي
الأمر الآخر حول مبادرة بيرسون هو أنه ذكر ستة أمثلة للخطوات، وهذه الأمثلة هي إما قضايا إنسانية أو إجراءات بناء ثقة، ونحن بدورنا نسأل المبعوث الدولي السؤال المنطقي، أنه في حال طلبك من النظام خطوة إنسانية، ماذا تريد أن تقدم له مقابل هذه الخطوة؟ أنت تطلب منه الإفراج عن المعتقلين كإجراء بناء ثقة، ماذا ستعطيه بالمقابل؟نحن كقوى ثورة ومعارضة، لدينا ثلاث نقاط قوى أساسية، النقطة الأولى: هي مسألة التطبيع مع النظام، حيث أن معظم الدول لا تعترف بشرعية هذا النظام، ولا تتعامل معه ولا تعيد فتح السفارات.
والنقطة الثانية، هي العقوبات، فهناك عقوبات أمريكية وأوروبية ضد النظام مثل قانون قيصر، وهذا كله يسهم في الضغط على النظام من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات وتقديم ما من شأنه أن يساهم في الحل السياسي والانتقال السياسي.
النقطة الثالثة هي الأموال المطلوبة لإعادة الإعمار، وهي تأتي من الدول القريبة منا (الدول الخليجية، الأوروبية، كندا، الولايات المتحدة) وهذه النقاط والتي هي نقاط ضغط أساسية، إذا تخلينا عنها مقابل خطوات متعلقة بخطوات إنسانية وخطوات بناء إجراءات الثقة، فلن نجد ما نفاوض عليه سياسياً، وبالتالي يأخذ النظام أكثر ما يحتاجه، دون تقديم أي شيء في الحل الأساسي، وهذه إشكاليتنا الحقيقية مع الموضوع، فالأمم المتحدة بهذه الحالة ستأخذ منا بهذه الإستراتيجية جميع نقاط القوة، مقابل أن يقدم النظام خطوات مفروضة عليه.لدي تخوُّف حقيقي بوجود محاولات لتجاوُز الهدف الأساسي من العملية الانتقالية وهو الانتقال السياسي، وهذا يعني أنه يتم تجاوُز 2254، وأن يكون هناك تطبيق كامل للقرار، وهذه ما تحاوله بعض الدول وتضغط باتجاهه، وهذا من مصلحة النظام وهو ما تسعى إليه روسيا (حل سياسي على مقاس النظام) وهذا مستحيل أن نقبل به.
وأنا قلت لبيدرسون في الدوحة: إذا لم يُفضِ عملنا إلى الانتقال السياسي فلن نستمر بهذه العملية، ومن المستحيل تبرير وجودنا بهذه العملية دون الانتقال السياسي، وهذا هو التفويض الممنوح لنا كهيئة تفاوُض ولا تعمل من دون مرجعية، فبيان الرياض 1 وبيان الرياض 2 والقرار 2254 يحدد لنا حدود التفويض الممنوح لهيئة التفاوض في عملها، والهيئة السياسية حسب تعريفها الرسمي ضِمن النظام الداخلي هي هيئة سياسية تدير العملية التفاوضية من أجل الوصول إلى انتقال سياسي بحسب القرارات الدولية ذات الصلة
وعلى رأسها 2254. التفويض الممنوح لنا واضح ونحن بناء على هذا التفويض نقول: إن أي شيء يخرج عن إطار 2254، غير مفوضين أن نكون جزءاً منه، وسنحارب من أجل الانتقال السياسي, وهذا ما قام السوريون لأجله، والسوريون هم مَن يحق لهم اختيار رئيس الجمهورية ومجلس النواب ومجالسهم المحلية، وهذا حق لهم وبدون انتقال سياسي لا نصل لهذا الحق، والسوريون قدموا لذلك تضحيات غير مسبوقة، وهذه أمانة في أعناقنا، حتى الوصول إلى هذا الحق.
وأود ذكر نقاط العلام الأساسية للوصول إلى هذا البيان: أول نقطة هي أننا بدأنا بجمع المعلومات المتعلقة بآلية “خُطوة مقابل خُطوة” وهي جهد مكثف لمدة أربعة شهور، والنقطة الثانية هي دعوتنا من قِبل المبعوث الدولي ببداية الشهر 12، من أجل المشاورات حول “خُطوة مقابل خُطوة” وأنا أرسلتها بدوري إلى جميع المكونات لدراستها، والنقطة الثالثة، هي التصريحات الروسية في نهاية العام الماضي، وكان واضحاً محاولتها تفريغ القواعد الإجرائية في اللجنة الدستورية والقرار 2254 من محتواه، ونقطة العلام الرابعة هي الاجتماع الذي عقدناه نهاية الشهر الماضي، وجمعنا من خلاله معلومات بناء على لقاءات مكثفة مع الدول التي تتشاور بهذا السياق،
وفي ذلك الاجتماع اتخذنا القرار وتم التواصل مع المكونات لهذا الشأن، وناقشناه من خلال مؤتمر صحفي في 20 من الشهر الماضي، تحدثت فيه بشكل موسع حول لقاء الدوحة مع بيدرسون، وعن كلامه حول التغيير في سورية، وأوضحت القضية بشكل شفاف لشعبنا، ونقطة العلام الخامسة كانت اللقاء مع بيدرسون يوم أمس وإبلاغه بالقرار، وشرحنا له الأسباب. أما نقطة العلام الأخيرة فهي إصدار البيان الذي يختصر سياق العمل خلال الأربعة أشهر الماضية حول موضوع “الخُطوة مقابل خُطوة“، وهذا السياق باعتقادي مهم لكي يعرف الناس أن البيان لم يكن ارتجالياِ إنما نتيجة عمل ممنهج وجمع معلومات والمناقشة مع جميع الأطراف ذات الصلة.
مستقبل الصراعات داخل الهيئة
نداء بوست: يتعلق هذا السؤال بمكونات هيئة التفاوض، وما إذا كانت ”ندوة الدوحة“ التي رعاها رئيس الوزراء المنشق د. رياض حجاب في حلحلة بعض الإشكالات، على اعتبار أن اللقاء تم وجهاً لوجه بينكم وبين تلك المكونات التي أنتم على خلاف معها. هل تم نقاش أي موضوع بشكل جانبي، وهل ترى كونك رئيساً للهيئة أنكم على وجه تجاوُز هذه العقبات؟
العبدة: أود التأكيد على أن التواصل مع كافة مكونات الهيئة لم يتوقف، من اليوم الأول الذي ترأست فيه الهيئة، ولدي علاقات ممتازة مع كل المكونات التي أحترم ممثليها، وأنا على مسافة واحدة منهم، بما فيها مكون الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وعلى الرغم من الإشكالية التنظيمية التي سبقت قدومي للهيئة، والتي عانيت منها شخصياً وعانت منها الهيئة وربما العملية السياسية أيضاً، فقد حاولنا بذل جهدنا كي لا تؤثر على عملنا كهيئة تفاوض، وكذلك على عمل اللجنة الدستورية. وكل المكونات تعاملت بإيجابية مع هذا الموضوع، فكما هو معلوم تضم الهيئة سبعة مكونات؛ الائتلاف الوطني، هيئة التنسيق الوطنية، الفصائل، المستقلين، منصة موسكو، منصة القاهرة، والمجلس الوطني الكردي. ولكل هذه المكونات عدد محدد من الممثلين في الهيئة البالغ عددهم 37 ممثلاً.
وقد حاولنا ونحاول تجنيب عمل الهيئة منعكسات أية مشاكل تنظيمية، وهذا كان واضحاً في عمل اللجنة الدستورية، ولم تحدث أي إشكالية بهذا الموضوع، فطريقة عملنا التي نسعى أن تكون احترافية لم تسمح لأي جهة باستغلال تلك الإشكالات وتوظيفها بشكل سلبي، سواء لدى الأمم المتحدة أو الدول الحليفة للنظام.وبالتوازي مع اللجنة الدستورية، فإن هيئة التفاوض تجتمع بشكل دوري، وهناك حضور دائم لخمسة مكونات، ونأمل حضور المكونين الباقيين لاجتماعاتنا، مع أن عدم حضورهم لا يعني غياب التنسيق معهم، ومثال ذلك التنسيق في القرار الأخير، وإشراك المكونات الأخرى في اتخاذه، فعندما أرسل بيدرسون دعوة للقاء التشاوري حول آلية “الخطوة بخطوة”، قمنا بإحالتها إلى المكونات السبعة وطلبنا دراستها، وأخذت جميعها الوقت اللازم لذلك، وجرت نقاشات حول الموضوع، بيني وبين كل مكون على انفراد، أو من خلال الاجتماعات التي تتم بين أعضاء هيئة التفاوض، وكذلك أسهمت الندوة الأخيرة في الدوحة باللقاء مع زملاء أعزاء لنا، كأعضاء من هيئة التنسيق ومنصة موسكو، وكان لنا من فترة قريبة لقاء مع ممثل هيئة التنسيق الأستاذ أحمد العسراوي في إسطنبول، عندما حضر ورشة للجنة الدستورية، والتقينا قبل ذلك مع وفد لهيئة التنسيق زار الائتلاف برئاسة الأستاذ حسن عبد العظيم.
بشكل عامّ، نحن نسعى إلى أن تستمر الهيئة بأداء عملها دون تعطيل، وبالتنسيق الكامل مع المكونات بالحد الممكن. هذا لا يعني أن المشاكل التنظيمية قد حُلت، وفي الوقت الذي نتمنى نحن من جانبنا أن نتمكن من حلها، لا توجد مؤشرات واضحة على تجاوُزها حالياً.
وهناك أفكار وتواصلات بهذا الشأن، ولكن ما زالت المسألة معقدة، وبالرغم من هذا التعقيد إلا أن الهيئة غير مُعطلة في عملها.
وبخصوص اللجنة الدستورية، لنا لقاءات مع الدول الداعمة لموقفنا السياسي، بالإضافة إلى العديد من الندوات والفعاليات التي نعقدها من خلال مكتبنا في جنيف، ويحضرها ممثلو دول فاعلة في المجتمع الدولي، ونحضّر حالياً لفعالية تحت عنوان “آرايا” بمجلس الأمن بخصوص ملف المعتقلين، وخصوصاً النساء والأطفال، تقوم هيئة التفاوض بعملها المعتاد، وتوجد لجنة خاصة بالمعتقلين ولجنة خاصة بالعدالة الانتقالية والمحاسبة والمساءلة ولجنة انتخابات ولجان أخرى نعمل عليها جميعها، لكن هذا لا يعني أن الوضع طبيعي بالكامل، فهو لن يكون سوياً إلا في حال عودة الإخوة الأعزاء في هيئة التنسيق ومنصة موسكو.
الدور العربي في الملف السوري
العبدة: العلاقة مع الإخوة في المملكة علاقة مهمة وأساسية لنا كقوى ثورة ومعارضة، ونحن دوماً نتذكر أنه لولا المملكة ودورها الرائد في دعم الشعب السوري وتطلعاته منذ بداية الثورة وحتى الآن، لما حصلت الكثير من الأمور على مستوى الجامعة العربية والأمم المتحدة، ولم يكن ممكناً طرد النظام من الجامعة العربية لولا الدور السعودي، ولم يكن ممكناً صدور الكثير من القرارات الأممية لصالح الثورة السورية لولا هذا الضغط السعودي.بالنسبة لنا السعودية هي الحامل الأساسي لبُعدنا العربي في هذه القضية، والشعب السوري عندما ثار على النظام كان ينتظر دعماً حقيقياً من الدول العربية، وهذا ما حدث سواء من السعودية أو قطر أو الإمارات أو مصر أو الأردن، والدعم الذي قُدّم للسوريين منهم كان كبيراً، والفتور الذي شابَ علاقة الهيئة بالمملكة خارج ما نتمناه وخارج ما هو مطلوب، ونحن حريصون أن تعود العلاقة لأفضل ما يمكن، وبذلنا الجهود الممكنة، ونتفهم موقف المملكة بشكل عامّ سواء بالملفات المتعلقة بهيئة التفاوض، أو القضايا الأخرى ذات العلاقة بالملف السوري، حيث إنه وفي فترة من الفترات كان هناك استقطاب إقليمي حادّ، تحديداً بين تركيا والسعودية وبين تركيا والإمارات، وبين قطر والسعودية، وهذا أثر على مسارنا بشكل كبير، وكنا نطالب دائماً أن نكون خارج الاستقطابات، ولكن السياسة الحقيقية على الأرض يبدو أن الاستقطابات تؤثر على القضايا ذات الاهتمام المشترك، ونحن حريصون على بُعدنا العربي، وأن تعود العلاقات مع المملكة على أفضل ما هو ممكن. كذلك الحال مع بقية الدول العربية، فعلاقتنا مع دولة قطر علاقة إيجابية، وقطر تلعب دوراً مهماً في الملف السوري، ولكن لا يوجد بديل لمقام المملكة العربية السعودية، ونحن حريصون عليه كحرصنا على العلاقة مع مصر، فالركنان الأساسيان في العالم العربي هما مصر والسعودية، وقضيتنا لن تشهد أي تقدُّم دون حامل عربي.
أرسلنا رسائل كثيرة للإخوة في المملكة معبرين عن امتناننا وشكرنا لدعمهم بالفترة الأخيرة، وعندما تحدّث السفير السعودي عبد الله المعلمي في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ترك هذا الحديث انطباعاً إيجابياً لشعب سورية الثائر، ورأى السوريون في كلام المعلمي ما يمثلهم على المستوى الدولي، في المحصلة؛ العلاقة مع المملكة لا نقيمها من خلال بعض الإشكاليات، إنما من خلال السياق العامّ، وهو سياق تعاوُن واحترام متبادل وتقدير للموقف ولما قدمته المملكة على كل الأصعدة، في دعم الشعب السوري وتطلعاته، ونأمل أن تعود العلاقة لسابق عهدها، لأن ذلك مهم جداً لنا كسوريين وكقوى ثورة ومعارضة، ونأمل حدوث ذلك قريباً.