تناقش الورقة أبعاد الخلاف الدائر بين طرفي الاتفاق النووي الرئيسين (الولايات المتحدة وإيران)، وتطرح سيناريوهات مصير الاتفاق الذي انسحبت منه واشنطن، وتداعيات ذلك على الحرب الطاحنة، التي تمر بها سوريا منذ أكثر من ثمانية أعوام.
مقدمة:
يتسم الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الستة، بالتعقيد الشديد، وتضارب استراتيجيات أطراف الاتفاق فيما بينهم، مع استراتيجية ايران التي يُفترض، حسب أهدافها المعلنة، أنها الطرف المناوئ للولايات المتحدة بحسب تصريحات مسؤوليها, وفق الشعارات التي طرحها الخميني لتسويق ثورته بدغدغة مشاعر العامّة عزفاً على وتر القضية الفلسطينية, وصرخات أتباعه الجوفاء (الموت لأميركا, الشيطان الأكبر).
تعتبر هذه الاستراتيجيات, الاتفاق النووي, عاملًا مؤثرًا في مسار الصراع الدائر في المنطقة, لكنه يمثل أيضًا مصدرًا للاستقطاب والتنافس، ويظهر ذلك بأجلى صورة، في الاتفاق المثير مع إيران, وعرّابه الآفل باراك أوباما وأصدقائه الأوربيين المتحمسين, إثر التخادم على مدى عقود في أفغانستان والعراق, وقضايا مكافحة “الإرهاب”.
فالاتفاق يفسّر طبيعة التخادم الإيراني-الأميركي, من خلال تسليم واشنطن العراق للميليشيات الإيرانية, وإطلاق يدها في كل من لبنان وسوريا واليمن حتى باتت تسيطر على مجمل المشرق العربي, وما يثير الاستغراب, التغاضي عن برنامج إيران النووي الذي يبنى على مرأى ومسمع الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل, في الوقت الذي دمرت العراق بذريعة برنامجه النووي, وحرصها على إجراء مفاوضات ماراثونية مضنية مع طهران, توصلت بنتيجتها إلى اتفاق معها في هذا الشأن في ظلّ إدارة الرئيس السابق أوباما عام 2015م.
وينبغي الأخذ في الحسبان, خبرة إيران وعلاقاتها الكبيرة, وما تتمتع به من قدرة فائقة على توظيف التناقضات داخل الدول الأوربية وأطراف مؤثرة في القرار السياسي الأميركي بما يخدم أجنداتها الخاصة ومصالحها في المنطقة العربية, وهذا ما سمح لها بتصاعد نفوذها في سوريا قبل التدخل العسكري الروسي أواخر العام 2015م.
واليوم حسم الرئيس الأميركي ترامب المثير للجدل, وفق استراتيجيته المعهودة, موقفه من أحد أهم الملفات الجيوسياسية الكبرى بإعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني, وذلك لعدم التزام إيران ببنود الاتفاق الموقع عام 2015م.
هذا الانسحاب الأميركي المنفرد, يؤسس لمرحلة جديدة من السهل التنبؤ بملامحها وما تنطوي عليه من خلق أوضاع إقليمية ملتهبة بين المتنافسين الإقليميين إسرائيل وإيران, فلا إسرائيل تفوت الفرصة للعمل على إنهاء الوجود الإيراني في سوريا, ولا إيران ستلتزم الصمت كعادتها, فهي تمتلك الآلاف من المرتزقة الشيعة في سوريا ولبنان والمنطقة, وستقدمهم قرابين في صراع ستكون نتائجه العسكرية لصالح إسرائيل, فيما ستكون الساحة السورية مسرحا لحرب قد لا تطول بعد بلوغها نقطة الانفجار, وسيدفع الإقليم العربي برمته ثمنا باهظا في هذا الصراع.
وللاقتراب مما يعصف في المنطقة من تناوش سياسي حول أهم الملفات السياسية المقترن بتهاوش عسكري, ولتفهّم ما يجري من شروخ تعصف بها, وتداعيات كل ذلك على سوريا، سنناقش ذلك من خلال عدّة محاور لاستكمال صورة ما يجري وأفاقه المستقبلية.
الاتفاق يتهاوى
بعد وصول الرئيس الأميركي إلى السلطة في الولايات المتحدة، ظهر الخلاف المتعلق بالاتفاق النووي بين الإدارة الأميركية وإيران على نحو توقع معه الكثيرون، أن الرئيس ترامب سيلغي الاتفاق الذي سيؤول بنتائجه إلى فرض واشنطن عقوبات اقتصادية واسعة على طهران, تزامنا مع قرع تل أبيب طبول الحرب إيذانا بمواجهة مسلحة عنيفة يغذيها إعلام المتصارعين مصحوبة برشقات صاروخية إسرائيلية مؤلمة ومتقطعة, استهدفت القواعد العسكرية الإيرانية في سوريا بموافقة أميركية علنية, وضمنية روسية في محاولة من موسكو احتواء الصراع وفق حدود تلبية المصالح الإسرائيلية.
أبرز الأسباب الراهنة، التي تقف خلف تدهور العلاقة بين الجانبين (الأميركي والإيراني)، انكشاف نوايا طهران تجاه شركاء الاتفاق النووي، وما تحمله تلك النوايا من تهديد لاستقرار المنطقة وللمصالح الأميركية، رغم تعاونهما، عسكريًّا، وسياسيا على إسقاط النظام العراقي 2003م, وتدمير الدولة العراقية, وإطلاق يد إيران في المنطقة العربية وبالأخص في سوريا حتى باتت قوة مؤثرة تنافس إسرائيل على النفوذ, وتضغط عليها بغية تسوية ملفاتها الشائكة مع الغرب.
إلى ذلك، يعترض الرئيس ترامب على جملة من ممارسات طهران، التي يراها شكلًا من أشكال الخلل بالاتفاق النووي, وبابًا اضطره للإعلان عن الانسحاب من الاتفاق، ويتصدر هذه الممارسات بحسب ترامب ما يلي:
– الاتفاق مروع ولم يحقق السلام والهدوء ولن يحققهما أبدا وما كان ينبغي إبرامه, بحسب ما قاله الرئيس ترامب خلال خطابه أمام العالم داخل البيت الأبيض. وطوال فترة توقيع الاتفاق النووي الإيراني منذ عام 2015، لم تلتزم إيران بالحد من برنامجها النووي، فضلاً عن أنها لم تحرز أي تقدم في هذا الملف.
ـ الاتفاق لم يتصدى لبرنامج الصواريخ الباليسيتة الإيرانية وأنشطتها النووية بعد عام 2025. وسبق أن نشرت وكالة الأنباء الفرنسية تقريراً لفتت فيه الأنظار إلى إشارة نظام الملالي إلى تجربة صاروخ جديد يمكن أن يطال إسرائيل وقواعد أمريكية في المنطقة، وهو ما جعل الإدارة الأمريكية ترى أن الإيرانيين ينتهكون “روح” الاتفاق الموقع عام 2015، رغم أن هدفه كان تشجيع الاستقرار والأمن في المنطقة. والانتقاد الأمريكي يستهدف البرنامج الباليستي الإيراني غير المحظور بموجب اتفاق فيينا، رغم أن القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي صادق بموجبه على الاتفاق، يطالب طهران بعدم تطوير صواريخ أعدت لتحمل رؤوسا نووية.
– قيام نظام الملالي بتمويل الفوضى في المنطقة، فلا يخفى دوره المقوض للاستقرار في سوريا واليمن ودعمه اللامحدود للميليشيات الشيعية المتعددة الأجناس, كتمويل ميليشيا “حزب الله” اللبناني, و ميليشيا الحوثي في اليمن, وغيرها من الميليشيات, إذ يستخدمها كأدوات لتنفيذ مخططاته التي لا تعرف سوى لغة التهديد لا حسن الجوار.
– أتاح الاتفاق النووي لإيران تخصيبها لليورانيوم، وزاد من أنشطتها النووية المهددة لاستقرار المنطقة. وكشف ترامب عن أحد أهم أسباب اتخاذه قراره التاريخي، بقوله: “الاتفاق النووي سمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم، واقتربت من الحصول على القنبلة النووية، وإيران لم تفعل شيئا أخطر من السعي للحصول على أسلحة نووية”.
– جعل الاتفاق النظام الإيراني الراعي الأساسي للإرهاب ومصدرا للصواريخ ومشعلا للنزاعات في الشرق الأوسط، وداعما للإرهابيين والوكلاء والمليشيات مثل حزب الله؛ فخلال السنوات الماضية، إيران ووكلاؤها قصفوا وفجروا السفارة الأمريكية والمؤسسات العسكرية وقتلوا المئات من الجنود الأمريكان واختطفوا وسجنوا وعذبوا الجنود الأمريكيين”. ودلل ترامب على حديثه بالقول: “النظام الإيراني قام بتمويل الفوضى والإرهاب من خلال استغلال ثروات شعبه ولا شيء أخطر من سعي النظام الإيراني للحصول على سلاح نووي”. ورأى أن “الاتفاق النووي رفع عقوبات كاسحة عن إيران مقابل قيود ضعيفة جدا على أنشتطها السرية لتخصيب اليورانيوم، ولم تكن هناك قيود على أنشتطها الشريرة في أماكن أخرى مثل سوريا واليمن وأماكن أخرى في جميع أنحاء العالم”.
– ومن الأسباب التي اختارها ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، ما جاء في وصفه بأنه “صفقة كارثية منحت هذا النظام، وهو نظام قائم على الإرهاب مليارات الدولارات البعض منها نقدا، ما يحرجني كمواطن أمريكي ويحرج كل المواطنين الأمريكيين”.
– زاد الاتفاق حجم الميزانية العسكرية لإيران، إذ قال ترامب في معرض حديثه عن سبب قراره إنه “منذ التوقيع على الاتفاقية فإن الميزانية العسكرية الإيرانية نمت بنسبة 40% تقريبا بينما الاقتصاد الإيراني يعاني من صعوبات”. واستطرد: “لدينا اليوم دليل مؤكد أن هذا الوعد الإيراني كان كذبة، وهذه الاتفاقية ما كان يجب أن تتم على الإطلاق”. وأضاف: “استخدمت الديكتاتورية الإيرانية التمويل الجديد بعد رفع العقوبات في بناء صواريخ قادرة على حمل الأسلحة النووية، ودعمت الإرهابيين وسببت فوضى في الشرق الأوسط وخارجه والشرق الأوسط كان على حافة امتلاك سلاح نووي”.
– الاتفاق النووي لا يقيد أنشطة إيران التي تزعزع الاستقرار بما فيها دعم الإرهاب” بحسب ما أكّده ترامب, وزاد على حديثه بالقول إنه “إذا سمح باستمرار اتفاق إيران، فسوف ينشب قريبا سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط”.
توقيت الانسحاب ودلالاته
لم يُخْفِ الأوربيون المتحمسون لنظام الملالي توجسهم من الجلبة الكبيرة، التي رافقت قيام ترامب بالتحضير للانسحاب من الاتفاق النووي، في خطوة أثارت جدلا قبل اتخاذها, ولم تفلح كل المساعي الدولية في محاولة إقناعه بالعدول عن قراره. واستبق ترامب مهلة الأيام الأربعة الممنوحة للأوربيين لتحسين الاتفاق, معلنا طلاق الولايات المتحدة من اتفاق “المتعة” الذي عقده الآفل “أوباما” وتغنى به على أنه من أهم انجازات ولايته الرئاسية في خطوة تعتبر قطيعة كلية مع إرث الإدارة السابقة. خاصة بعد التغييرات التي شهدها فريق الأمن القومي أخيراً, ومجيء جون بولتون إلى البيت الأبيض ومايك بومبيو إلى وزارة الخارجية وبما أدى إلى استكمال المثلث “الحربي”.
هذا وقد ربط الرئيس ترامب توقيت قراره بالانسحاب من الاتفاق, مع اقتراب هبوط طائرة وزير الخارجية مايك بومبيو في مطار بيونغ يانغ لوضع اللمسات الأخيرة على القمة القريبة بين ترامب والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون. فالترتيبات اكتملت والحدث قريب. وكأنه يقول إن التعويض عن الإطاحة بالاتفاق الإيراني قادم وبما هو أكثر أهمية من خلال تفاهم نووي مع كوريا الشمالية.
ويدلل توقيت إعلان الانسحاب, على انتهاء استثمار الولايات المتحدة توظيف صعود إيران من العراق إلى سوريا، لاستنزاف وابتزاز حكومات المنطقة، وهو الدور الذي لعبته إيران، عن جدارة وتصميم، بما في ذلك جهدها في تفكيك بنى المشرق العربي، مقدمة في ذلك تخادم وظيفي مع إسرائيل، لم تحلم به إسرائيل طيلة تاريخ صراعها مع العرب بعد مشاركة إيران الفاعلة في القضاء على الجبهة الشرقية, بيد أن انتفاخ إيران العسكري وتمددها في الساحة السورية واقترابها من حدود “إسرائيل” جاء توقيت الإعلان عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق, وفرض مزيد من العقوبات عليها, ليس خشية من برنامجها النووي ولا من صواريخها البالستية فحسب, إنما لتقليم أظافرها في سوريا، من خلال إقفال الممر الفارسي من إيران إلى لبنان، مروراً بالعراق وسوريا، وإبعاد ميليشياتها الشيعية عن منطقة شرق الفرات والجنوب السوري، وتفعيل الضربات الصاروخية والقصف الجوي الإسرائيلي، وهو الأمر الذي يحصل بكثافة بعد يوم واحد من إعلان الانسحاب.
“سوريا” مسرح لتصفية الحسابات
يتضح لكل متابع لتطورات الموقف الأميركي أن قرار الانسحاب من الاتفاق النووي, مصمم في إطار الغيوم السوداء المتلبدة في سماء المنطقة بما تحمل من عواصف تشير إلى الاقتراب من اندلاع حرب إسرائيلية – إيرانية في سوريا. تأتي مقدماتها فيما حمله بيان الانسحاب الأميركي المعلل: “بأن الاتفاق أتاح لإيران استباحة المنطقة وزعزعة استقرارها”.
واستكمالا للصراع الدولي والإقليمي؛ فإن إسرائيل وإيران دخلتا مرحلة الصراع والتنافس على الأرض السورية, فإسرائيل ترفض الوجود العسكري الإيراني وقواعده في سوريا باعتبارها تمسّ أمنها القومي, وبالمقابل فإيران لن تتخلى عن مكتسباتها في سوريا, ولا يمكنها الخروج منها في ظلّ اختناقها الاقتصادي وأزمتها السياسية المتصاعدة، مما سينتج تداعي أركان نظام الملالي وتفككه, فكلا النظامين الإيراني الخميني, والإسرائيلي الليكودي مارس أبشع أنواع الإبادة ضد الشعب العربي في سوريا وفلسطين, وسلك مسلكا مشتركا في التغيير الديمغرافي, كان أشنعه ما فعله الجانب الإيراني في سوريا من تغيير اجتماعي واسع بدوافع طائفية وقومية, أدى إلى سيطرة الميليشيات الشيعية التابعة للحرس الثوري الإيراني, إضافة إلى عشرات الآلاف من المرتزقة الشيعة سواء من لبنان أو العراق وأفغانستان على غالبية المنطقة الخاضعة لنفوذ الأسد, مما جعل الأخير متأرحجا في التبعية بين المحتلين الروسي الإيراني, لذلك يأتي في هذا الإطار خيار إيران إعلان الحرب ضد إسرائيل انطلاقا من الأرض السورية, انتقام لسقوط عشرات القتلى من حرسها الثوري بغارات إسرائيلية على القواعد العسكرية الإيرانية المنتشرة في المطارات والمناطق الحيوية السورية. ويعزز الاقتراب من الحرب على الساحة السورية, الخلافات العاصفة بين ثلاثي آستانة, فالتنافس الإيراني التركي على زيادة كل طرف مكاسبه في سوريا, وضعت الجانب الروسي في حرج من الطرف الإيراني المفتوح الشهية لابتلاع الحصة الأكبر من سوريا, في ظلّ تعطيل المسار السياسي المتعلق بإيجاد تسوية للقضية السورية التي باتت من القضايا الدولية المزمنة.
في ضوء كل ما أُثير سابقًا، يدلل على أنّ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عجّل في اقتراب الحرب المركبة على الأرض السورية ضد إيران بمباركة عربية خليجية قد تتحمل الثقل الأكبر من فاتورتها, وبموافقة ضمنية روسية لنتف ريش منافستها وحليفتها, ويمكن تصور انعكاس ذلك على الحرب الدائرة في سوريا، في إطار السيناريوهين التاليين:
تحجيم إيران
يفترض هذا السيناريو أن تضغط الدول الأوربية على إيران بقبولها الموافقة على مطالب الرئيس الأميركي ترامب بالتأسيس لاتفاق نووي جديد يضع حدّا للبرنامج النووي الإيراني ولصواريخها البالستية تجنبا لاندلاع حرب, فيما ستقوم موسكو بضبط الصراع على الساحة السورية بين المتحاربين الحليفين (إسرائيل وإيران) انطلاقا من التوصل إلى تسوية شبيهة باتفاقية الخط الأزرق الفاصل بين لبنان والحدود الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل, لذلك قد لا تتعدى الحرب المحتملة إطار الترتيبات السياسية لفضّ النزاع من خلال إبعاد إيران عن الخطوط الحمراء في الجنوب السوري حيث إسرائيل, وفي الشرق السوري بمنعها الاقتراب من مناطق النفوذ الأميركي في منطقة شرق وادي الفرات, وهذا السيناريو يخدم روسيا ويزيد من عناصر قوتها في الاستفراد الكلي بقرار نظام الأسد, ويتضح أن إيران غير قادرة على الاستغناء عن شريكها الروسي ومزاحمتها في الهيمنة على الداخل السوري, وغير قادرة على مواجهة إسرائيل المدعومة أميركيا, وبالتالي فإن احتواء الصراع يؤدي إلى إطالة أمد الحرب السورية في ظلّ إصرار كافة أطرافه على رؤيته الخاصة لحلّ القضية السورية. وما يتبع ذلك من غموض يكتنف ما تخطط له القوى الدولية النافذة في سوريا.
طرد إيران
يفترض هذا السيناريو اندلاع مواجهة شاملة على الأرض السورية بين إسرائيل وإيران, وفق تفاهم أميركي- إسرائيلي مشفوع بموافقة عربية خليجية رحبت بقرار الانسحاب الأميركي نتيجة العبث الإيراني بالمشرق العربي على مدار عقدين من الزمن, وبالمقابل فإن إيران المنتشية بفوز وكلائها في لبنان بالانتخابات النيابية, واحتمال فوز أنصارها في العراق بذات الانتخابات الشبيهة, واستثمار عشرات الآلاف من مرتزقتها الشيعة كوقود للحرب تنفيذا لأجندتها الخاصة بعيدا عن فلسطين والإسلام بعد أن كسرت المشرق العربي وخلخلت بنيته المواجهة لإسرائيل, وقتلت من العرب خلال عقد أضعاف ما قتلته إسرائيل في كل حروبها في المنطقة على مدى عقود. فإنها لن تتوانى في الدخول بمواجهة عسكرية تبيح لإسرائيل تدمير مالم تدمره إيران في سوريا أولا وفي لبنان تاليا.
وقد تكون طريقة طردها من سوريا عنيفة؛ حيث سيلجأ فيها الطرف الإسرائيلي إلى استخدام كافة أشكال القوة, وبالتالي فإن ذلك قد يؤدي لخروجها من سوريا, وانتهاء الحرب تدريجيا بشكلها الراهن، لكنها لن تكون -على الإطلاق- نهاية للصراع بعد أن فتحت إيران كل الدمامل والتقرحات في جسد المشرق العربي.
المصدر: بلدي نيوز