• الجمعة , 22 نوفمبر 2024

تركيا تستبق “أستانا 19” بطرح خيار العملية العسكرية ضد قسد.. ماذا تريد أنقرة؟

موقع تلفزيون سوريا

عادت تركيا لطرح خيار العملية العسكرية البرية ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، قبيل الجولة الـ 19 من مسار أستانا، المزمع انعقادها في 22 و23 من تشرين الثاني 2022.الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يستبعد أن تتطور عملية “المخلب – السيف” التي نفذتها القوات الجوية التركية في سوريا والعراق بتاريخ 19 من تشرين الثاني 2022، إلى عمليات برية، حيث لم يشر في معرض حوار صحفي أجراه خلال عودته من قطر، إلى خيار العملية البرية، مؤكداً وجود مشاورات لتقدير حجم القوات البرية التي يجب أن تنضم إلى العملية.

تصريحات الرئيس التركي جاءت بعد يوم واحد من حملة قصف جوي مكثف، نفذته الطائرات الحربية التركية، طال مواقع مهمة لـ”قسد” في ريفي حلب والحسكة، بالإضافة إلى أهداف تتبع “حزب العمال الكردستاني – PKK” شمالي العراق.وبحسب ما أكدت مصادر خاصة لموقع “تلفزيون سوريا”، فإن الجيش التركي أعطى يوم الإثنين 21 من تشرين الثاني، أوامرَ لقواعده المنتشرة شمالي سوريا بالتأهب، كما طلب من فصائل الجيش الوطني السوري رفع الجاهزة، وترقب تحركات محتملة خلال الساعات المقبلة.

تحديد جدول أعمال الجولة الـ 19 من مفاوضات أستانا

يشير التصعيد التركي قبل أيام من انعقاد الجولة 19 من مسار أستانا، إلى أن أنقرة تسعى للمبادرة وتحديد جدول أعمال الجولة الجديدة، وتخصيصها لنقاش تنفيذ مذكرات التفاهم الموقعة مع روسيا بخصوص إبعاد “التنظيمات الإرهابية” من على الحدود التركية، إما عن طريق الضامن الروسي، أو عبر إتاحة المجال لتركيا من أجل أن تتولى المهمة بنفسها.الإصرار التركي على نقاش مسألة انتشار “حزب العمال الكردستاني” و”قسد” قرب الحدود خلال جولة أستانا 19، أمراً متوقعاً بعد التفجير الذي ضرب شارع الاستقلال في منطقة بمدينة إسطنبول في 13 من تشرين الثاني 2022، وراح ضحيته عدد من المدنيين، وما أعقبه من معلومات رشحت عن التحقيقات التي أجرتها السلطات التركية مع منفذة الهجوم أحلام البشير، أشارت من خلالها إلى التخطيط للعملية في منبج، تحت إشراف قيادات رفيعة في استخبارات “قسد”.

الهجوم الذي استهدف المواطنين الأتراك في إسطنبول، إضافة إلى غرق روسيا في الصراع الأوكراني، عوامل تعطي أفضلية لأنقرة من أجل ضبط جدول أعمال جولة أستانا المقبلة، وتركيزها على تقويض سيطرة “قسد” في تل رفعت ومنبج وعين العرب (كوباني) بشكل خاص، باعتبارها المناطق الأكثر تهديداً للأمن القومي التركي.

وبناء على المستجدات الأخيرة، فالمرجح أن تتصدر مسألة العملية التركية البرية، والاتهامات التركية لروسيا بعدم الوفاء بتعهداتها ضمن مذكرة سوتشي 2019، أجندة الدول الضامنة لأستانا في الجولة 19، على خلاف الجولات السابقة التي نجحت روسيا بفرض نقاش ملف إدلب على جدول المباحثات كأولوية.ويبدو أن روسيا التقطت الرسائل التركية بشكل جيد، وقامت من طرفها بنقل التصعيد إلى إدلب، حيث نفذت غارات جوية يوم الإثنين 21 من تشرين الثاني على محيط منطقة باب الهوى الملاصقة للحدود التركية، كتمهيد لمقابلة المطالب التركية بنقاش التزامات أنقرة بخصوص تقويض سيطرة “هيئة تحرير الشام” في إدلب.

هشاشة التنسيق الأمني بين تركيا والنظام السوريكشفت الغارات الجوية التركية على شمالي سوريا، هشاشة التنسيق الأمني بين تركيا والنظام السوري، الذي يُفترض أنه مخصص لمنع التصادم بين الطرفين خلال تنفيذ أنقرة لعمليات “مكافحة الإرهاب”.

وزارة الدفاع التابعة للنظام السوري أعلنت في 20 من تشرين الثاني 2022، عن مقتل عدد من الجنود التابعين لها نتيجة الغارات التركية، والتي استهدفت مواقعَ مشتركة بين قوات النظام السوري و”قسد”.انتشار قوات للنظام السوري بشكل مشترك مع “قسد”، يشير بوضوح إلى عدم إحراز أي تقدم في مجال التنسيق بين تركيا والنظام السوري فيما يتعلق بمحاربة “حزب العمال الكردستاني” و”قسد”، على العكس من ذلك، فإن هذا الانتشار يظهر تقارباً ميدانياً بين قوات النظام والحزب.

الأيام القليلة الماضية شهدت مؤشرات سياسية على تراجع وتيرة المباحثات بين أنقرة والنظام السوري، حيث أشارت تصريحات صادرة عن الرئيس التركي في 19 من تشرين الثاني 2022، إلى عدم الرغبة بالتسرع بالمسار، فقد أُرجِئَ تقييم مسألة إعادة العلاقات مع النظام إلى ما بعد نتائج الانتخابات الرئاسية المرتقبة في حزيران 2022، كما تزامن حديث أردوغان مع تصريحات صادرة عن وزير خارجية النظام فيصل المقداد، شدد فيها على عدم قيام تركيا بأي إجراءات على الأرض توحي برغبتها بالتقارب مع النظام، واشترط مجدداً انسحاب القوات التركية، ووقف أنقرة لدعم من وصفهم بـ “الإرهابيين” في إشارة إلى قوات المعارضة السورية.

وأكدت مصادر مطلعة لموقع “تلفزيون سوريا”، أن كلاً من أنقرة والنظام السوري لا يرغبان في الوقت الحالي بتطوير مستوى العلاقات، وأبدى عدم تفاؤله تجاه عقد أي لقاءات دبلوماسية على المستوى القريب بين الطرفين.

رسائل داخلية

يحمل التصعيد التركي الأخير في الشمال السوري ضد “حزب العمال الكردستاني” و”قسد”، رسائل إلى الداخل التركي، تتضمن التأكيد على قدرة الحكومة والجيش الرد على التهديدات التي مصدرها الأراضي السورية، وامتلاك خيارات متنوعة لاستهداف التنظيمات المهددة للأمن القومي التركي، وهذا ما يمكن استنتاجه من تركيز الرئيس التركي أردوغان ضمن مؤتمره الصحفي على متن طائرته العائدة من قطر، على أن بلاده لم تخطر روسيا وأميركا بعملية “المخلب – السيف” التي نفذتها شمالي سوريا والعراق.تحالف الجمهور الحاكم المؤلف من حزب العدالة والتنمية والحركة القومية، رفع شعار “مكافحة الإرهاب” بعد تفجير شارع الاستقلال، بهدف حشد الشارع التركي خلفه مع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية في البلاد، كما أن الأحداث الأخيرة قد تخلق المزيد من الصعوبات لحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، الساعي لاستمالة حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يصفه التحالف الحاكم بأنه الذراع السياسي لـ”حزب العمال الكردستاني”، مما قد يصعب متزعم المعارضة التركية عقد أي تفاهمات مع حزب الشعوب الديمقراطي خلال الانتخابات المرتقبة، خوفاً من استفزاز الشارع التركي الغاضب على “حزب العمال الكردستاني” ومناصريه بسبب تفجير تقسيم.

تثبيت قواعد اشتباك جديد

على الأرجح إن أنقرة تدرك صعوبة تنفيذ عملية برية في سوريا في الوقت الراهن، لما تحمله هذه العملية من آثار سلبية محتملة على الاقتصاد التركي، في توقيت يعمل فيه الحزب الحاكم على تحسين المؤشرات الاقتصادية لزيادة فرصه بالنجاح.أيضاً، فمن الصعوبات التي تحول دون تنفيذ هجوم بري تركي في سوريا، الرفض الروسي والأميركي لمثل هذه العمليات، لكن هذا لا يمنع سعي أنقرة لتثبيت قواعد اشتباك جديدة ضمن جولة أستانا 19 المقبلة، مثل ضمان فتح الأجواء السورية أمام العمليات الجوية التركية وبعمق يصل إلى 40 كيلومتراً، وعدم الاعتراض على العمليات الأمنية التركية ضد قيادات “حزب العمال الكردستاني” و”قسد”، بانتظار تغير الظروف والمعطيات بما يتيح لتركيا لاحقاً توسيع نطاق العمليات البرية داخل الأراضي السورية.

مقالات ذات صلة

USA