• الجمعة , 19 أبريل 2024

جان بيير فيليو يرصد المسار الواقعي لعدم تقدم العرب في أوليات التحرر والديمقراطية (4/5)

كان النظام السوري حذرا ومتخوفا من التواجد الأمريكي في العراق، خاصة وأن وزير خارجية أمريكا هدد النظام باستعدادهم لاحتلال دمشق، وحسب طريقة النظام السوري: رجل الإطفاء مشعل الحرائق فقد سهّل دخول الجهاديين إلى العراق من سورية ومن جميع أنحاء العالم.الكاتب: جان بيير فيليو.قراءة: أحمد العربي.ترجمة: سامي عوني.الناشر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة/ط ١، ورقية، ٢٠١٨.سابعا: الاستخدام الجيد للإرهاب ١٩٩١- ٢٠١١ميتحدث الكاتب عن هذه الحقبة بصفتها ذروة الممارسات العنفية من الأنظمة الاستبدادية العربية عموما، وكذلك من الجماعات الراديكالية على تنوعها.وقد طرح مقولة تعتبر نموذج لتصرف بعض الأنظمة وخاصة نظام حافظ الأسد: عصر رجال الإطفاء مشعلي الحرائق. فقد انتقل العمل العسكري لبعض مجموعات الفدائيين الفلسطينيين إلى طور خطف الطائرات، كما حصل في الأردن حيث خُطفت طائرتين عام ١٩٧٠م، وعمليات تفجير واحتجاز رهائن في ميونخ ١٩٧٦م، بعضهم يساريين وبعضهم إسلاميين، فهذا حزب الله اللبناني وبتوجيهات من الأسد وإيران يصفي كل المختلفين معه في لبنان ويصبح القوة الوحيدة هناك. يحتكر العمليات التفجيرية الكبيرة.هذا وكانت إسرائيل قد طردت بعض الفلسطينيين عام ١٩٩٢إلى لبنان، وهم من حماس والجهاد الإسلامي، تلقفهم حزب الله والنظام السوري، تم تدريبهم على العمليات التفجيرية وأصبح لحماس والجهاد أجنحة عسكرية تفجر في إسرائيل وخارجها. وهكذا أصبح الإرهاب هو العدو الأول لأمريكا وحلفائها في العالم.أما على الصعيد الشعبي العربي فلم يعد يحتمل الناس ما يعيشون من قهر وذل ونقص في الإمكانات وانعدام العمل والأمل، خرجت الانتفاضات، انتفاضة الخبز في مصر عام ١٩٧٧م. والانتفاضة الفلسطينية في فلسطين المحتلة، وفي المغرب عام ١٩٨١م. وفي تونس انتفاضة الخبز أيضا عام ١٩٨٤م.أما على صعيد الأنظمة وتعاملها القمعي مع شعبها وتحركه لمطالبه المشروعة؛ الجزائر ترفض نتائج الانتخابات الديمقراطية ولا تعطي الإسلاميين دورهم السياسي، وتلغي نتائج الانتخابات وتبدأ باعتقال قياداتهم وناشطيهم تحت دعوى محاربة الإرهاب.وكانت حصلت تطورات داخل البنية العسكرية الحاكمة في الجزائر، حيث أطاح خالد نزار المسؤول العسكري، بالديمقراطية الوليدة، وأجبر الرئيس بن جديد على الاستقالة، وتم استدعاء بوضياف أحد قادة جبهة التحرير من المغرب ليعيّن رئيسا شكليا لسلطة العسكر. لكنه راح ضحية اغتيال من حارسه الشخصي، وكأنه انقلاب داخل البيت، تم تصفية جبهة الخلاص الإسلامية وسجن رموزها عباسي مدني وعلي بلحاج.وتم الرد من الاسلاميين بولادة الجماعة الإسلامية المسلحة الأكثر تشددا مستهدفة السلطة والعسكر والأمن، وعين الأمين زروال خلفا لخالد نزار في قيادة الجيش عام ١٩٩٥م، وشهدت الجزائر وفرنسا عمليات إرهابية نسبتها الجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية لنفسها، ومن ثم تبدأ حربا بين النظام والجماعة الإسلامية راح ضحيتها الناس المدنيين العزل وبالآلاف.انقسمت الجماعات الإسلامية المسلحة على نفسها، عجز النظام عن قهرها، لذلك عاد إلى محاولة التوافق معها، عُيّن بوتفليقة ليكون رئيسا للجزائر بدء من عام ١٩٩١م ولتبدأ مرحلة هدوء نسبي، كانت حصيلة هذه الحرب العبثية مئة وخمسين ألف قتيل من الشعب الجزائري.وفي سياق آخر كانت أمريكا قد وعدت الدول العربية أنها ستحرك عجلة السلام بين العرب وإسرائيل كثمن لمشاركتهم في حرب تحرير الكويت. ووصول حال الشعب العراقي إلى ما وصل إليه من حياة مأساوية تحت حكم صدام حسين القمعي والدموي.دعت لمؤتمر مدريد للسلام عام ١٩٩١م. ضمن مسار جماعي وفردي. سورية الأسد لم تستجب لهذا المسار. أما الأردن فقد صنع مع إسرائيل سلاما دائما. والفلسطينيين كانوا قد أخذوا مسارا سريّا في أوسلوا (١) أدت لحصول اتفاق بين عرفات ورابين رئيس وزراء إسرائيل أعطي الفلسطينيين غزة وأريحا عام ١٩٩٤م، ومن ثم في أوسلو (٢) توسع نفوذ عرفات ليمتد إلى الضفة في المناطق ذات الكثافة السكانية العربية بعد أن قسّمت إلى قطاعات ا ب ج. لكن اغتيال رابين عام ١٩٩٤ومجيء نتنياهو، وتزامن ذلك مع دعوة كلنتون الرئيس الأمريكي لمؤتمر سلام في شرم الشيخ عام ١٩٩٦م.وفي مواجهة صعود حماس في غزة حاول نتنياهو تسميم خالد مشعل زعيم حماس، وانقذته الاردن وأفرج عن أحمد ياسين مؤسس حماس والأب الروحي لها. وجاء إيهود باراك إلى رئاسة الوزراء في إسرائيل، وقرر الانسحاب الكامل من الشريط الحدودي المحتل من لبنان، اعتبر ذلك نصرا لحزب الله. وفي مؤتمر بين باراك وعرفات في عام ٢٠٠٠م، اختلفوا على القدس، مقسمة وعاصمة لفلسطين وإسرائيل كما يريدها عرفات، وموحدة وتحت سلطة إسرائيل فقط كما يريدها باراك. وبقي الملف معلقا.في خطوة تصعيدية زار شارون المسجد الاقصى واندلعت انتفاضة جديدة، انتجت عمليات تفجيرية داخل إسرائيل مجددا، كان نتيجتها انتخاب شارون رئيسا للوزراء في إسرائيل. استفاد شارون من الحرب على الإرهاب بعد تفجيرات نيويورك عام ٢٠٠١م، وحاصر أبو عمار في رام الله ويقال أنه سمّمه، ورحّل إلى باريس للعلاج ومات هناك عام ٢٠٠٤.طويت صفحة أبو عمار، أنه لم يقبل ان يتنازل عن الحد الأدنى الفلسطيني: دولة على أرض فلسطين ما قبل حزيران ١٩٦٧م والقدس العربية عاصمة للدولة. وجاء محمود عباس بعد أبو عمار ليكون مجرد كومبارس يأخذ المتاح من إسرائيل وأمريكا، وينتظر دورا يوكل إليه في وقت ما قادم، وواقع الفلسطينيين يزداد سوءاً، حياة اقتصادية مؤسفة وقضم إسرائيلي للأراضي وبناء مستوطنات واعتقالات دائمة، وغياب أفق مع انعدام الأمل، إضافة لتحويل غزة إلى معزل مكتظ بالسكان تحكمه حماس والصراع بينها وبين إسرائيل مستمر ومصر وسيط التفاهم بينهم، وكل خلاف يكون ضحيته الناس في غزة مزيد من الحصار والجوع والتدمير والقتل بفعل القصف الإسرائيلي الذي لا ينقطع أبدا. غزة تعني الحياة في الجحيم.يعود الكاتب متتبعا مسار القاعدة وتطوراتها، اختلف بن لادن مع السعودية حول دعم أمريكا لضرب العراق وتحرير الكويت عام ١٩٩٠م، طرد إلى باكستان، ومن هناك عاد إلى السودان وجعلها قاعدة له في نشاطه العالمي الجهادي، كان قد حصل تطورا بنيويا عنده، فقد التحق به أيمن الظواهري الجهادي المصري وأصبح نائبه في تنظيم صنعوه وأسموه: قاعدة الجهاد الإسلامي العالمي. كما حولت بوصلة القاعدة عدائها لتوجه إلى أمريكا والأنظمة التابعة لها مثل السعودية ومصر وغيرها.

مقالات ذات صلة

USA