• الأحد , 22 ديسمبر 2024

حي غويران في الحسكة المكتظ بالنازحين يُراد وصمه بالإرهاب

موقع تلفزيون سوريا /إسطنبول – تيم الحاج

الساعة السابعة من مساء يوم الخميس الواقع في 20 من كانون الثاني 2022، كانت موعداً كي يصبح به اسم حي غويران يذكر على ألسنة معظم وسائل الإعلام العالمية والعربية والمحلية، وقتذاك، هز الحي انفجارات ضخمة وساد الرصاص المكان. أحيت هذه الأجواء مجددا ذكرى المعارك الصاخبة التي شهدتها محافظة الحسكة خلال السنوات الماضية، وهكذا صار الوضع بالفعل على مدار أسبوع كامل بعد هذا التاريخ.

حي غويران.. من يسكنه وما جغرافيته بالنسبة للحسكة؟

يُعد حي غويران من أقدم أحياء مدينة الحسكة، وفيه أقدم جالية -إن صح التعبير- من أبناء محافظة دير الزور، سكنوا الحي قبل عشرات السنين وقد زاد عددهم بعد عمليات النزوح بسبب المعارك التي شهدتها محافظتا دير الزور والحسكة خلال السنوات الماضية.يقع الحي بالجهة الجنوبية الشرقية من مدينة الحسكة يقطنه بالكامل سكان من المكون العربي السني، يضم عدة شوارع صغيرة مثل (جوهرة، الأسفنج، المقابر)، تسيطر عليه “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) منذ بداية عام 2017، والحي يقع بالقرب من مناطق نفوذ النظام السوري بمدينة الحسكة وتحديدا من جهته الشمالية عند ما تسمى “الحارة العسكرية”.

ويتموضع حي غويران على الطريق المؤدية إلى مدنية الشدادي، ومن أبرز معالمه الثانوية الصناعية التي حولتها “قسد” إلى سجن بات يعرف فيما بعد بسجن الصناعة.

كما يوجد فيه مركز للحبوب، ومع بداية العام 2000 اهتم النظام بالمنطقة بين حوش الباعر وحي غويران وسماها حي الزهور وأنشأ بها عدة معاهد فنية وكليات والمصرف التجاري.

قسد” تستخدم شماعة الإرهاب لتبرير واقع فاشل

حبس الكثير من متابعي هجوم تنظيم “الدولة” على سجن الصناعة في حي غويران بمحافظة الحسكة أنفاسهم على مدار أيام طويلة، انتظاراً إلى ما ستؤول إليه الأمور هناك، فالسجن يضم نحو 3500 مقاتل من التنظيم تحتجزهم “قسد”، وتعتبرهم الأخطر في العالم، وعلى الرغم من خطورتهم وفق تعبيرها، فإنها كانت تضعهم في منتصف حي غويران المكتظ بالسكان، ما فتح الباب سابقا أمام التساؤلات عن الغاية من ذلك.

وبعد نحو 10 أيام متواصلة من القتال، داخل السجن وفي أطراف حي غويران وفي شارع الستين، تعلن “قسد” أمس الإثنين في 31 من كانون الثاني، نتائج ماحصل، مشيرة إلى مقتل أكثر من 100 من مقاتليها، على يد التنظيم، لكنها قالت أيضا إنها قتلت أكثر من 300 عنصر من التنظيم.

كما انتشرت لـ “قسد” صور وهي تجر قسما من هذه الجثث بشاحنة مكشوفة في شوارع حي غويران ما وجده البعض انتهاكا للقانون الدولي.لكن أكثر ما كان لافتا في بيان “قسد” هو حديثها عن وجود أنفاق حُفرت داخل بعض المنازل في أحياء غويران والزهور لتقديم الدعم للهجوم، وتتماشى هذه الرواية بشكل أو بآخر مع السردية التي ساقتها قناة “العربية” على وجه الخصوص وبعض الإعلاميين المقربين من “قسد” والتي تقول إن التنظيم كان متحصنا في الحي قبل الهجوم وإن سكانه يشكلون حاضنة لخلايا التنظيم.

هذا الاتهام الذي يأتي مع معلومات متواترة عن هدم وتجريف عشرات المنازل في حي غويران، وفق ما نقلته شبكات محلية بينها شبكة “الخابور”.

وكانت صور أيضا انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر ما وصفها مراقبون بإساءة عناصر “قسد” لسكان حي غويران بحجة البحث عن خلايا تنظيم “الدولة”، الصور أظهرت تجميع سكان الحي الذكور من كبار السن والأطفال والشباب في إحدى حدائق الحي،

ووفق مصادر مطلعة على ما جرى في سجن الصناعة وما تبعه وسيتبعه من أحداث، فإن هناك حالة من الصراع الداخلي تجري حاليا بين قيادات من “وحدات حماية الشعب” و”قسد” إذ يتقاذف هؤلاء المسؤولية وراء ما جرى، وقد رشحت معلومات من هذه الخلافات تشير إلى وجود تعاون على الأقل بين عناصر من حراسة السجن قاموا بإدخال قسم من عناصر التنظيم بسيارة الإطعام عندما اقتحموا السجن عقب التفجيرات التي جرت في الحي.

ووفق المصادر ذاتها فإن هذه المشكلات بين الطرفين باتت تنعكس على طريقة تعامل “قسد” مع أهالي غويران أو حتى مع ما تبقى من خلايا للتنظيم في الحي، حيث تحاول “قسد” الهروب للأمام بعد فشلها في ملف سجن “الصناعة”.

سجن الصناعة: تموضعه سهّل الدخول إليه

ما تزال حتى ساعة إعداد هذا التقرير الاشتباكات المتقطعة تجري في بعض من مناطق حي غويران، وتعكس بيانات التنظيم التي باتت تنشر تباعا أن هناك حربا ستطول بينه وبين “قسد” في هذه المنطقة من الحسكة، وقد تطور الأمر عند التنظيم إلى تبنيه استهداف جنود من الجيش الأميركي، هذا الأخير الذي أكد، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي، في أحدث تصريحاته أن التهديد الصادر عن تنظيم “الدولة” ما زال قائماً في سوريا والعراق، كما أكد ذلك مستشار الأمن الوطني الأميركي، جاك سوليفان، وقال في بيان إن التنظيم لا يزال يشكل تهديدا عالميا.

أما بالنسبة لسجن الصناعة فهو يوجد جنوب شرقي حي غويران على طريق الشدادي، ويطل السجن على منطقة الجسر الجنوبي (منطقة غير مؤهولة) ومفتوحة على البادية السورية وتصل إلى منطقة الهول التي تضم مخيم “الهول” ومنها إلى الحدود العراقية- السورية.وبالحديث عن الحدود لا بد من الإشارة إلى ما أفاد به أحد سكان الحي لموقع تلفزيون سوريا مساء اليوم الذي شهد الهجوم على السجن، إذ قال إن نحو 100 عنصر من التنظيم انتشروا في الحي مع بدء التفجيرات التي استهدفت السجن، مشيرا إلى أنه تحدث مع أحد العناصر وأخبره أنهم دخلوا من العراق عن طريق البادية، وأضاف المصدر أن عناصر التنظيم قاموا على عجل بتفتيش معظم منازل حي غويران القريبة من السجن، مع بدء الأهالي بالنزوح، كما أعدم التنظيم أحد سكان الحي بحجة أنه يعمل مع “قسد”.

وبالعودة إلى سردية “غويران حاضنة للتنظيم”، تحدث موقع تلفزيون سوريا مع عدة مصادر من سكان الحي، وقاطعنا ما تنشره وسائل إعلام مقربة من “قسد” مع حديث المصادر، حول علاقة سكان الحي بالهجوم الذي نفذه تنظيم “الدولة” على سجن الصناعة.

ووفق معلومات المصادر فإن السردية التي ساقتها قناة “العربية” على وجه الخصوص والتي تقول فيها إن التنظيم كان متحصناً في الحي قبل الهجوم وإن سكانه يشكلون حاضنة لخلايا التنظيم هي سردية غير صحيحة، لسبب وحيد وفق من تحدث لموقع تلفزيون سوريا، وهو أن هناك عيونا لـ “قسد” في كل منطقة تسيطر عليها شمال شرقي سوريا ومن بينها حي غويران ولو كانت الرواية هذه صحيحة لكانت “قسد” على دراية مسبقة بترتيبات التنظيم وتجهيزاته وأنفاقه، وبذلك تكون مشتركة بالهدف مع التنظيم مما حصل.

حي غويران.. تاريخ ثوري يرفض صبغة الإرهاب

يدافع ناشطون من محافظة الحسكة ضد الحملة التي يتم تسويقها عن أن الحي حاضنة للإرهاب، رافضين تلك الروايات ويقف في هذه الحملة ناشطون أكراد وعرب بينهم نائب رئيس رابطة المستقلين الكرد السوريين رديف مصطفى، والباحث في التاريخ الاجتماعي والسياسي السوري، والمهتم بالشأن الكردي مهند الكاطع.

كما صدر بيان إدانه عن “الهيئة السياسيّة لمحافظة الحسكة” حول مانشرته قناة “العربيّة” بحق سكان حيّي غويران والزهور.ويرى الكاطع أن حي غويران من الأحياء الثورية بامتياز وأن النظام السوري وتنظيم “الدولة” فشلوا في اقتحامه، وأنه لم يرفع إلا أعلام الثورة، وأنه قدّم ولا يزال التضحيات، وتساءل “لماذ الآن يتم دعشنته”، متهما “قسد” بتجريف منازل مدنيين من الحي.

وكتب في حسابه على فيس بوك “سبق أن قامت هذه الميليشيات منذ عام 2014 بعمليات تجريف مشابهة لمنازل عوائل تم اتهام أحد أفرادها بالانتماء للجيش الحر أو المعارضة أو الجماعات المسلحة أو الإرهاب، حدث ذلك في رأس العين وفي قرية الاغيبش وفي ناحية تل براك وفي قرية الحسينية في ريف تل حميس وفي قرى من ناحية جزعة وفي قرية لزاقة وقرى أخرى في ناحية القحطانية”.

ووفق إحدى النازحات من الحي والتي عادت إليه أمس بعد أن سمحت “قسد” بذلك فإن عمليات سرقة واسعة جرت في الحي من قبل عناصر “قسد” أثناء عمليات التمشيط التي تقوم بها، وأكدت لموقع تلفزيون سوريا أن أجزاء واسعة من الحي دمرتها المعارك التي جرت فيه خلال الأسبوع الماضي.

ولفتت النازحة التي فضلت عدم ذكر اسمها إلى وجود تخوف من المرحلة القادمة، لجهة السياسة التي ستتبعها “قسد” مع قاطني الحي في حال سمحت لهم بالعودة، مشيرة إلى احتمالية فرض سياسة الكفيل التي تنتهجها “قسد” شمال شرقي سوريا، ما سيشكل عائقا أمام آلاف النازحين من محافظة دير الزور القاطنين منذ سنوات في الحي.

مقالات ذات صلة

USA