عندما تشعر الأكثرية بالخطرعنوان ملفت لتصوير واقع مؤلم قد يشكل خطراً حقيقياً في حال شعرت الأكثرية بخطر يهدد وجودها ويفقدها أبسط حقوقها.*عنوان يتناوله الأستاذ خالد حربا* من منطلق وطني ورؤية فلسفية وبعيداً عن التعصب والتخندق والإقصاء.*مقدمة*إن ردود الفعل السلبية تجاه الآخرين تتولد من شعور المرء عند فقدانه أبسط حقوقه والاستقواء عليه من المحيط الذي يعيش فيه مما يجعل ردود الفعل الآنية السلبية تتكرر عند كل موقف، وعند تكرار تلك المواقف تتحول تلك الردود لنمط سلوكي عام يصعب الخروج عنه.وهنا موقع الخطورة لأنه يتحول لشخص عدائي بتصرفاته جميعاً إن كان بجانب الحق أو بجانب الباطل.*كيف يتولد شعور الأكثرية بالخطر*يتولد شعور الأكثرية بالخطر الذي تمثله الأقلية من حوله نتيجة الاعتداء الدائم على حقوقها الطبيعية والشعور بأن الأقلية تحرمها من أبسط حقوقها.ولتبسيط هذه الحالة الشعورية نتناول بعض الحالات المجتمعية ابتداءً من الخلية المجتمعية الصغيرة وصولاً للخلية المجتمعية الوطنية.* ففي داخل الأسرة الواحدة عندما يكون الأب متزوج من أكثر من زوجة أو توفيت زوجته فتزوج من أخرى وانجب منها.ومارست زوجة الأب الاضطهاد النفسي وحرمان أبناء زوجها من حقوقهم وإعطاء أبنائها كل ما يريدون دون ضوابط ومعايير ودون أن يقوم الأب بأي إجراء ينصفهم ويضمن حقوقهم. ينتاب أبناء الزوج شعورا بخطر أبناء الزوجة الثانية عليهم رغم أنهم أخوة من أب واحد.ويتعاظم هذا الشعور عندما يدركون أن الأب يعلم بما يحصل وراض عنه بل ويعززه.عندها سيتعزز ذلك الشعور وتزيد حالة العدائية تجاه أخوتهم وتتحول لمنهج سلوكي عدائي.ولو توسعنا بالخلية المجتمعية لنأخذ مثالاً.وجود عائلة كثيرة العدد في قرية تشكل غالبية سكانها ومن حولهم العديد من العوائل ذات الأعداد القليلة.وتتحكم نتيجة ظروف معينة الأقلية بمصير القرية وتأخذ من الميزات ما لا يتناسب مع حقوقها.يظهر شعور الأكثرية بالخطر المتمثل بالعائلات الصغيرة.ويزداد الأمر خطورة عندما تفشل كل الطرق السلمية لإعادة الأمور لمسارها الطبيعي.مما يدفع بالأكثرية للجوء للعنف للوصول لحقوقهم ويزداد الأمر خطورة بتكرار الاعتداء على حقوق الأكثرية لأن الحالة العدائية لدى الأكثرية ستتحول لنمط سلوكي يصعب الخروج منه لأجيال.* الأمر ذاته والحالة ذاتها تتجسد بتوسعنا بالخلية المجتمعية عندما نصل لنوازن بين مدينة وريف وبين محافظة وأخرى وبين مركز الدولة كعاصمة وأطرافها كمدن موزعة بأنحاء الدولة كافة.*وهنا يطرح نفسه سؤالاً بالغ الأهمية*ماذا لو عكس الواقع الصورة الحقيقية للخلية المجتمعية ابتداءً من الأسرة وصولاً للوطن بشكل عام؟.؟ولم يتم هضم حقوق الأكثرية والانتقاص منها._ هل كان سيتولد ذلك الشعور؟! _ وهل سيتحول ذلك الشعور لردود فعل سلبية؟!_ وهل ستتحول ردود الفعل السلبية لنمط سلوكي عدائي؟!*بالتأكيد وبكلام قطعي فإن الجواب سيكون لا لن يحدث كل ما ذكرناه*وهذا ما تؤكده بحوث ودراسات ونظريات علم النفس وعلم الاجتماع.*قد نجد من يقول أن الأكثرية تطغى وتتغول بعض الأحيان*والجواب نعم قد يحصل هذا.لكن من المؤكد أن ذلك يحدث عندما تفسد القيم والأخلاق وتنعدم الضوابط والقوانين والشرائع.لكن هل نتخوف من طغيان الأكثرية في مجتمعنا العربي والإسلامي عندما تأخذ الأكثرية المجتمعية دورها الحقيقي وتشارك ببناء المجتمع ووضع قوانينه وتشريعاته؟؟* بالتأكيد لا فلا يوجد أي مبرر لهذا التخوف وذلك الشعور.وتاريخ المنطقة خير شاهد ودليل على ذلك.فلم يشعر الأقليات بأي نوع من الممارسات التي تنتقص من حقوقهم بمراحل التاريخ كافة والتي كانت الأكثرية هي المتحكمة بالقرار وهي الضامن للمجتمع.ولو عدنا بالتاريخ للحالات التي انتهكت فيها حقوق الأقليات لوجودنا أن الأكثرية لم تكن تتحكم بالقرار وكانت منظومة حكمها ضعيفة وتسيطر فئة من داخلها أو من الأقليات على القرار وتعبث أياد ظلامية بمفاصل الدولة.*خلاصة القول*لا يمكن للأكثرية أن تضمن حقوق الأقلية وتحافظ عليها وتمنع الانتقاص منها.إلا عندما تحصل الأكثرية على حقوقهاوبوجود القيم الأخلاقية العربية الأصلية ووجود العقيدة الإسلامية وتشريعاتها السماوية التي تتنزه عن كل نقص. فلا يوجود أي مبرر لتخوف الأقلية من ضياع حقوقها. وعندها وبهذه الحالة فقط.لن تضطر الأقلية للاعتماد على الآخر والاستقواء به والخضوع له للوقوف معها تجاه الأكثرية من أبناء وطنها. وستشكل الأكثرية الضامن الوحيد لحقوق الأقليات ولن تتخوف الأقليات من طغيان الأكثرية على حقوقها.وسنجد المجتمع يعيش متماسكا منسجماً ويأخذ كل مواطن دوره بحسب كفاءته ومقدار إخلاصه وتضحياته وستفتخر الأكثرية بالالتفاف حول كل ما يثبت جدارته لتولي موقع ريادي وستكون خير نصير له إن كان من الأكثرية أو من الأقليات.*فصلاح الدين الأيوبي* لم يكن من الأكثرية.*والظاهر بيبرس*معروفة أصوله وكيف نشأ وكيف تقلد مواقع السلطة وكيف قاد الأكثرية بوجه القوى الخارجية.ولن نغوص بالتاريخ كثيراً ولن نكثر من الأمثلة.*فسلطان باشا الأطرش* ليس عنا ببعيد ولم يكن الموحدون يشكلون الأكثرية في سوريا عندما قلدوه قيادة الثورة السورية.ولم يكن *فارس الخوري*الوطني بامتياز من الأكثرية حينما ترأس مجلس الوزراء في سوريا.*خاتمة**إن فاقد الشيء لا يعطيه*فهل نعي نحن السوريون تلك الحقيقة.وهل نستطيع الخروج من شرنقة الدوافع الشخصية والميول الفكرية المتطرفة والخندقة الحزبية والتعصب القومي والديني.وندرك أن الوطن للجميع يتسع الجميع وبحمي الجميع وينصف الجميع.فليعطي الجميع لهذا الوطن ما يجعله قوياً متماسكاً كي نحيا فيه حياة حرة كريمة.*أيها الأخوة السوريون الشرفاء*في خضم هذه النزاعات والصدامات والتموضعات التي ساهم فيها وبكل خبث وبمنهج إجرامي طائفي عصبوي بعيض.ومنذ خمسين سنة العصابة الأسدية المجرمة فأجرم بحق الأكثرية قبل الأقلية وطال إجرامه الجميع حتى طال الشجر والحجر.*فهل نعزز الطائفية التي حاول زرعها؟! فينا وهل نعمق الخنادق ونعلي الجدران بيننا؟!**وهل يقبل بأي حال من الأحوال تحميل الأكثرية وزر الممارسات الإجرامية التي طالت الجميع وأن يحاكم مظلوم ظلم كما ظلمت من عدو واحد لنا جميعاً؟!**فنسمح له ولأعدائنا من خلفه أن* *يتحكموا بمصيرنا ويتعاملوا معنا* *كقاصرين لا نستطيع بناء وطن يضمنا جميعاً.*.*أيها السوريون الأحرار الشرفاء بأطيافهم كافة*نحن بأمس الحاجة لما نجتمع عليه ويكون أساساً ومرتكزاً.لكل مبادرة وخطوة وعمل تحت عنوان الوطنية ووحدة الكلمة وبهدف إقامة دولة سوريا التي نريد..*إن ما نحتاجه اليوم قبل كل شيء هو الاجتماع حول وثيقة عهد وطني ترسم الخطوط العريضة للدولة التي نريد وتضمن حقوق الأكثرية دون تجاهل حقوق الأقلية. يطمئن لها الجميع ويلتف حولها الجميع وتتحول لميثاق وطني توضع له آلية لتنفيذ مضمونه ونجعل منها خارطة طريق للوصول لدولة حرة موحدة مدنية ديمقراطية يسودها الدستور وتديرها مؤسسات شرعية تعمل بشفافية ويخضع القائمون عليها للرقابة والمحاسبة والقانون**عاشت سوريا دولة مدنية حرة موحدة والنصر والتمكين لثورتنا المباركة المظفرة*
ابن البلد الأستاذ خالد حرباالجمعة ٢٦_ ٦_ ٢٠٢٠