• الجمعة , 29 نوفمبر 2024

فايننشال تايمز: قوائم الموت تفشل في وضع حد لمعاناة السوريين

أشارت صحيفة “فايننشال تايمز” إلى معاناة أهالي المعتقلين بسبب عدم معرفة مصير أحبابهم في سجون النظام حتى بعد تلقيهم لمعلومات تفيد بوفاتهم تحت التعذيب أثناء الاعتقال.
الصحيفة التقت بـ(رجاء) والتي كانت آخر مرة رأت فيها زوجها كان قد تعرض فيها للتعذيب والتجويع إلى درجة أن ابنه الصغير لم يستطع التعرف على والده. كان ذلك في آب 2012، حين كان (مازن) محتجزاً في سجن صيدنايا سيئ السمعة، ومنذ تلك الزيارة التي قامت بها (رجاء) انقطع الاتصال بينها وبين زوجها، وهي الآن ليست متأكدة فيما إذا كان حي أو ميت.
تغير الوضع بالنسبة لها الشهر الماضي عندما عرفت إنه توفي في كانون الثاني 2013، أي بعد أشهر قليلة فقط من زيارتها الأخيرة له.
وتشير الصحيفة إلى المشكلة التي تعاني منها (رجاء) البالغة من العمر 28 عاماً، فهي لا تثق بالنظام الذي تسبب بسجن زوجها، لذا تشبثت بالأمل عسى أن يكون إشعار الوفاة خاطئ.
“إذا كان ميتا حقا، أريد أن أعرف مكان جثته” قالت (رجاء) للصحيفة التي طلبت عدم استخدام اسمها الحقيقي خوفا من الانتقام من عائلتها وأضافت “يستحق أن يكون له شاهد على قبره، لا أن يلقى في مقبرة جماعية في مكان ما”.
تتصاعد هذه المشاعر بين العوائل السورية في الداخل والخارج على حد سواء، بعد بدء النظام بإطلاق أسماء عشرات الآلاف من الأشخاص الذين تم اعتقالهم وقتلهم خلال الحرب الوحشية التي استمرت سبع سنوات في البلاد.
ويقدر عدد المختفين قسرياً 28,000 شخص، اختفوا خلال الحرب. أما عدد المعتقلين الذين تم تصفيتهم فهو غير معروف إلا أنه يقدر بالآلاف.
وتنوه الصحيفة إلى الطريقة التي لجأ إليها النظام عند إصدار قوائم المعتقلين، فبدلاً من التعليق على الموضوع رسمياً وتناوله بوسائل الإعلام عمد إلى إرسال الأسماء إلى السجلات المدنية، الأمر الذي عقد الموضوع على أهالي المتعلقين الذين يتوجب عليهم مراجعة المكاتب الحكومية لمعرفة مصير أحبائهم، بما في ذلك اللاجئين السوريين الذين يعيشون في الخارج والذين يزيد عددهم عن 6 ملايين شخص.
إغلاق ملف المعتقلين
وتشير الصحيفة إلى اعتقاد معظم السوريين أن قرار النظام بالبدء في إصدار إشعارات الوفاة يرتبط بنجاحه عسكرياً، بالإضافة إلى جهود روسيا، الداعم الرئيسي له، والتي تسعى إلى تحويل التركيز من القتال إلى إعادة الإعمار.
وكجزء من هذه العملية، تم إنشاء “مجموعة عمل” في أواخر العام الماضي للتحقيق في مصير المعتقلين كجزء من محادثات السلام التي توسطت فيها روسيا وتركيا وإيران. حيث يعتقد بعض النشطاء والعاملين في مجال حقوق الإنسان أن إصدار قوائم بالمتفوقين خلال الأشهر الأخيرة هو علامة على ضغوط تمارسها موسكو لمعالجة مسألة المختفين قسرياً.
وقال (مازن درويش)، المحامي السوري، الذي يدافع عن حقوق المعتقلين وعائلاتهم “يريد الروس تطهير سجلات النظام الخاصة بحقوق الإنسان، وتنظيم إجراءات الاحتجاز والسماح لدمشق بفتح صفحة جديدة”.
وكان زوج (رجاء) قد انضم إلى الثورة التي بدأت في  داريا في جنوب غرب سوريا في ربيع عام 2011، بعدما اجتاحت الاضطرابات الشعبية العالم العربي.
“هو لو لم يكن يقود مظاهرة، كان يتجول في المنطقة بسيارته، على استعداد لإخبار الآخرين بأي علامات تشير إلى قدوم قوات الأمن” قالت (رجاء)، حيث تم اعتقال زوجها بعد ذلك بأشهر قليلة واقتيد إلى سجن صيدنايا. وأضافت “النظام السوري يخشى الأفكار أكثر بكثير مما يخاف من الأسلحة”.
موتى أحياء
شخص آخر يدعى (أبو محمود)، نجار يبلغ من العمر 29 عاماً، وهو أيضا من داريا تم احتجازه في المؤسسة العسكرية سيئة السمعة التي وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها “مسلخ بشري”.
أعتقل في أعقاب بداية الثورة في عام 2011 ومن ثم مرة أخرى في العام الماضي، وقال إنه تعرض للتعذيب في سجن صيدنايا قبل أن يحكم عليه بالإعدام إلا أنه تمكن من تأمين إطلاق سراحه بعد أن قامت أسرته برشوة مسؤول في النظام، على حد قوله.
“أمضيت ستة أيام طويلة في غرفة مع آخرين ينتظرون الإعدام” قال (أبو محمود) للصحيفة وأضاف “الجو هناك لا يطاق، أناس أبرياء ينتظرون موتهم المحتوم، غير قادرين على توديع أحبائهم”.
بعد تمكنه من الفرار إلى تركيا، اتصل (أبو محمود) بعائلة أحد زملائه السابقين ليطمئنهم بأن ابنهم على قيد الحياة. صدمتهم الأخبار، كانت لدى العائلة وثيقة رسمية تقول إن ابنهم قد توفي في عام 2015.
فسر الأمر (درويش)، بسبب قيام النظام بإصدار شهادة الوفاة وقت إصدار الحكم، بدلاً من انتظار إعدام المعتقل. هذه يعني بالنسبة لعائلته، استمرارهم بدورة أخرى من الصدمة العاطفية، بسبب عدم تأكدهم من مصير ابنهم.
علقت (رجاء) قائلة “عقلي يخبرني بأنني يجب أن أتقبل حقيقة موته، إلا أن قلبي يرفض تصديق ذلك.. لا أريد أن أكسر قلبه إذا ما عاد يوماً ما ورأى أننا تقبلنا موته”.
المصدر: أورينت نيوز

مقالات ذات صلة

USA