كلّ ما رافق مؤتمر سوتشي للحوار السوري، في المنتجع الروسي الواقع على البحر الأسود، أمس الثلاثاء، كان بمثابة الفضيحة. في الشكل وفي المضمون، كانت الصورة أقرب إلى المهزلة التي يصعب إخفاء معالمها إلا بقطع البث المباشر مثلما حصل بالفعل، لكي لا يرى العالم كيف تحصد روسيا نتائج سلوكها المتبني بالكامل للنظام السوري ورموزه. والفضيحة بدأت بطريقة تعاطي السلطات الروسية مع المعارضين الذي حضروا، وجزء منهم تلبية لطلب تركي، وإهانتهم وتركهم ينتظرون في مطار سوتشي لساعات جلوساً على الأرض، وترحيل عدد منهم بتهمة أنهم ينتمون إلى فصائل مسلحة سورية تصنّفها روسيا بأنها إرهابية. استمرت الفضيحة بشعار المؤتمر مزيّناً بعلم النظام السوري، وبرغبة موسكو في تشكيل ست لجان تنبثق عنه، بالمخالفة لما اتفق عليه مع تركيا لناحية تأسيس لجنة واحدة لصياغة الدستور، مروراً بكلمة الرئيس فلاديمير بوتين التي ألقاها وزير خارجيته سيرغي لافروف عن أن الظروف مؤاتية لطي صفحة مأساوية من تاريخ سورية. ولأن كل ذلك لا يكفي، جاءت الفضيحة الأخلاقية بنوعية الحاضرين من بين الـ1600 شخص، مثل مجرمي حرب من صنف معراج أورال (المعروف بـ علي كيالي)، أو “جزار بانياس” الشهير.
كذلك جعل هذا المشهد التصريحات الروسية، تحديداً تلك الرسالة التي قرأها لافروف بالنيابة عن بوتين أمام من قرروا حضور المؤتمر، تبدو بلا أي صدى أو قيمة، وإن حاول فيها الحديث عن أن موسكو حاولت قدر الإمكان ضمان أوسع تمثيل في المؤتمر والقول إن المؤتمر “يهدف إلى توحيد الشعب السوري بعد نحو 7 سنوات من الأزمة المسلحة التي أودت بأرواح ألوف الأشخاص وأجبرت الملايين الآخرين على مغادرة وطنهم”، متناسياً أن الطيران الروسي قتل آلاف السوريين وشرّد عشرات الآلاف منهم.
كذلك جاءت هذه التصريحات متناقضة بشكل حاد مع العنف الذي يجري على الأرض في سورية، إذ أبلغ نشطاء المعارضة وقوع مزيد من الغارات الجوية على محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة. كما نقل لافروف عن بوتين قوله: “يمكن التأكيد بثقة أن الظروف متوفرة اليوم لطي صفحة مأساوية في تاريخ سورية، وفي ظل المؤشرات الإيجابية المتبلورة نحتاج إلى الحوار السوري السوري الفعال في الواقع بما يخدم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة بدور الأمم المتحدة المتقدم وعلى أساس القرارات الدولية المطروحة في هذا الشأن، وبالدرجة الأولى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254″، وهو ما يتعارض مع النهج الذي يعتمده النظام السوري، بغطاء روسي، في رفض أي تفاوض حقيقي تقوده الأمم المتحدة أو أي حديث عن انتقال سياسي.
المصدر: العربي الجديد