أشارت صحيفة “هآرتس” إلى التطور الملحوظ في العلاقة التي تربط تركيا في روسيا، حيث التقى الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) نظيره الروسي ما لا يقل عن ثلاث مرات الشهر الحالي، في الوقت نفسه الذي يسعى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) لإيجاد وقت متاح في جدول أعمال (فلاديمير بوتين) ليتمكن من لقاءه.
وكان آخر لقاء جمع بين (أردوغان) و(بوتين) يوم الاثنين الماضي، بمناسبة الإعلان عن افتتاح أنبوب الغاز الذي يربط روسيا بتركيا ومن شأنه زيادات واردات تركيا من الغاز الروسي بنسبة تزيد عن 50%. مع ذلك، ترى الصحيفة، أن العلاقة بين البلدين لا تقتصر فقط على تصدير الغاز بل على حل الأزمة في سوريا مع توافق الطرفين على الموقف المشترك المناهض للولايات المتحدة حول مستقبل سوريا والانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني ووضع إيران في سوريا.
تأسس هذا الموقف المشترك، بحسب الصحيفة، في آب الماضي عندما دعت موسكو علانية على لسان وزير خارجيتها (سيرغي لافروف) جميع القوات الأجنبية التي لم تدع من قبل نظام (الأسد) للمغادرة بعد إعلان النصر على “تنظيم داعش”. بالنسبة لروسيا، فإن إيران وروسيا دولتان مدعوتان على عكس الولايات المتحدة وتركيا. ولكن في الوقت الذي تطالب فيه روسيا برحيل القوات الأمريكية، تظهر في الوقت نفسه مرونة كبيرة تجاه القوات التركية.
المبعوث الأمريكي إلى سوريا (جيمس جيفري) قال إنه لا توجد لدى الولايات المتحدة استراتيجية بديلة لحل معضلة الحرب في سوريا أو التعامل مع الوجود الإيراني هناك. وأكد على أن الولايات المتحدة “تتفهم المصالح الروسية في سوريا” والتي تشمل إقامة قواعد عسكرية لها مع الحفاظ على حكومة موالية لها في دمشق.
تعقد معضلة القوات الإيرانية
استخدمت إدارة (ترامب) الحرب على الإرهاب كمبرر شرعي لها للتدخل العسكري الأمريكي في سوريا. بينما تتحدث الإدارة حالياً عن الحاجة إلى الاستقرار، والحل السلمي، ورحيل القوات الإيرانية، كشرط مسبق لسحب قواتها. تأتي هذه التطورات على الرغم من عدم خروج الكونغرس بقرار واضح تجاه رغبة إدارة (ترامب) بربط الحرب على الإرهاب بإحلال الاستقرار في سوريا.
هل يمكن للجيش الأمريكي الاشتباك مع القوات الإيرانية بهدف إخراجها من سوريا؟ قال (جيفري) إن إخراج القوات الإيرانية سيتم بالوسائل الدبلوماسية ومن خلال الضغط على إيران، بينما صرح (نتنياهو) هذا الأسبوع بأن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على إجبار إيران على المغادرة.
بحسب الصحيفة، لن تتمكن إسرائيل من اتخاذ إجراءات عسكرية تعجل من عملية خروج القوات الإيرانية بسبب الضغط الروسي على إسرائيل وتعليق التعاون العسكري بين البلدين. كما أن الولايات المتحدة تأمل أن تجبر العقوبات الاقتصادية إيران على خفض النفقات العسكرية وسحب قواتها بدون الحاجة لشن عمل عسكري. أما إيران، فتلتزم على اقل تقدير، بهدف استراتيجي واحد، يتمثل بإبقاء قواتها في سوريا وزياد تأثيرها في لبنان من خلال “حزب الله”.
توسع عسكري مؤلم
ترى الصحيفة، وجود مصدر آخر للضغط على إيران عبر روسيا، الدولة الوحيدة التي لديها النفوذ الكافي على (الأسد) والتي تستطيع الطلب منه إلغاء دعوة الإيرانيين. إلا أنها وفي الوقت نفسه، ليست في عجلة من أمرها للضغط على إيران والتي تمثل ورقة مساومة هامة على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، لا يوجد من يضمن التزام إيران بهذا الطلب.
كما تلعب روسيا دور حيوي، إلى جانب الصين وثمانية دول أخرى، في ملف العقوبات المفروضة على إيران. حيث حصلت هذه الدول على إعفاءات لمدة 180 يوماً من العقوبات إلى أن تجد مصادر بديلة عن النفط الإيراني. هذا يعني، بحسب الصحيفة، زيادة اعتماد طهران على روسيا والصين. تبعية كهذه، لها أهمية استراتيجية، فيما إذا قررت روسيا المطالبة بتنازلات إيرانية في سوريا.
تعتمد إيران حالياً على إظهار القدرة على التحمل في مواجهة العقوبات والضغوط الدبلوماسية بهدف الحفاظ على وضعها في سوريا واليمن حتى لو أدى ذلك إلى إفقار الداخل الإيراني.
وترى الصحيفة، أن إيران، وبهدف تحرير نفسها من هذه الضغوطات، تأمل أن تتمكن روسيا من تسريع “عملية السلام” في سوريا لأن هذا سيمكن إيران من سحب قواتها بعد أن أصبحت في موقع شريك في الحل.
المصدر: أورينت نيوز