• الأربعاء , 27 نوفمبر 2024

هل يدرك قادة الأكراد حتمية العودة إلى حضن الشعب السوري؟

يرى مراقبون أنه عقب قرار الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” سحب القوات الأمريكية من سوريا، وعقب رفع الغطاء العسكري عن القوات الكردية المتواجدة شرق سوريا، بات لزاماً عليهم العودة إلى جادة الصواب وإلى صلب الثورة السورية وأهدافها، وعدم التورط وعقد أي تحالفات تطعن بخاصرة الثورة من جديد.

وطرح السياسي السوري “ماهر سليمان العيسى” تساؤلاً مفاده: أنه وبعد قرار ترامب برفع الغطاء العسكري عنهم هل سيستمر قياديو الأكراد في الانتهازية والبحث عمن يستقوون به على باقي السوريين؟ أم سيفهمون أن الضمانة الوحيدة لوجود الأكراد أو غيرهم من الأقليات العرقية أو غير العرقية في سورية هي “الشعب السوري” وحده دون أي طرف آخر؟

وتابع: هل سيفهمون أن سورية هذه كانت دوماً ولن تكون إلا أرضاً تاريخيةً لكل أبنائها، وأن المشروع الوحيد القابل للحياة فيها هي دولة المواطنة والحقوق العصرية الحديثة التي لا تميز بأي شكل بين أبنائها على أساس العرق أو الدين أو الجنس، أو أي نوع من أنواع الانتماء؟ وأن غير هذا سيعني حتماً إقصاءات وتهجير بل ومذابح لن تتوقف إلى ما شاء الله وسيكونون أول ضحاياها؟

المطلوب توافق جميع أطياف المجتمع السوري

واعتبر “العيسى” في حديثه لحرية برس، أنه في سورية المعاصرة شعب واحد فقط اسمه “الشعب السوري” بعيداً عن أي ادعاءات تاريخية لأي طرف، وهذا الشعب هو مزيج مؤلف من خلطة أعراق وأصول وملل ونحل متعددة، ينتجون بمجموعهم الحالة الوطنية السورية المعترف به دولياً والذي تشكل الغطاء القانوني لكل مواطنيها.

وأضاف بالقول: نعم، نحن نحتاج لإعادة إنتاج الكيان الوطني السوري على أسس عقد اجتماعي جديد أكثر عدالة وعصرية، ولكن هذا لا يمكن أن يتم إلا بتوافق جميع أطياف المجتمع السوري، وعلى أساس نموذج دولة المواطنة والديموقراطية المعاصرة والمحايدة تجاه انتماءات مواطنيها وأصولهم المختلفة، وليس بالاستقواء بالأمريكان أو غيرهم، لليّ ذراع باقي السورين وفرض أمر واقع وبالقوة عليهم، هذا لن يكون مسموحاً به، ولن يسمح السويون بإنتاج “إسرائيل” جديدة في المنطقة وعلى أرضهم مهما كان الثمن.

“الشوفينية” حالة اتصفت بها القيادات الكردية

ورأى “العيسى” أن الواقع والتجربة يقولان إن القيادات الكردية لن تفهم أيّاً من هذا، بسبب طموحاتهم الخاصة مرفقة بامتلائهم حتى التخمة بالخطاب القومي “الشوفيني” الذي في أهم معانيه الإيمان والمغالاة في التعصب، وتمجيد المجموعة التي ينتمي إليها الفرد ورموزها التي يختار مهما كانت أحوالها وسلوكها تجاه المجموعات البشرية الأخرى.

وأشار، إلى أن “الشوفيني” يعتبر وطنه أو حلمه الوطني أهم وأفضل الأوطان وأكثرها شرعية واستحقاقاً للحياة، ويرى أن ما يعتقده من حقوق لهذا الوطن فوق أية حقوق، ولهذا فمن حقه استخدام أية أدوات لتنفيذ أو تخليق هذا الحلم، فتصل هذه المغالاة إلى حد كرهه للأمم الأخرى وتجريمها والحط من شأنها مهما كانت.

وتابع: ولكن الأهم هنا أن “الشوفينية” حالة غالباً ما تكون عبارةً عن ردة فعل موتورة ومتشنجة على حال الأمم المهزومة أو المهمشة، أو التي ينخفض الخط البياني لصعودها ومساهماتها الإنسانية، فتعبر عن هذه الحالة بعدوانية غير مبررة ومفاجئة غالباً، لهذا ليس أمام السوريين إلا هزيمة هؤلاء، ما يعني زيادة الاحتقان والعداوات ودخولنا في دوامة الأحقاد والكره المتبادل إلى ما شاء الله.

“الميليشيات الكردية” لا تمثل الكرد السوريين

وفي ردّ منه على تلك التساؤلات، قال “عبد العزيز تمو” رئيس “رابطة المستقلين الكرد السوريين”: في البداية يجب تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية، فإطلاق اسم الأكراد والشمولية والتعميم لمليشيات “حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني” الإرهابية، وجعل الكرد السوريين كلهم في هذه الخانة أكبر خطأ يقع فيه المحللين والصحفيين، لذا يجب التميز بين ميليشيات إرهابية ومرتزقة وبين السوريين الكرد.

وأضاف في حديثه لحرية برس: إن هذه الميليشيات لم تكن يوماً من الأيام ممثلة عن الكرد السوريين، فهي سيطرت على المنطقة الكردية في سوريا بقوة السلاح الذي قدمها لها النظام السوري، وهي ميليشيات قَدِمت من “جبال قنديل” وعملت مع النظام السوري لقمع الثوار الكرد المنضوين ضمن الثورة السورية، ومن ثم أصبحت هذه الميليشيات بندقية تحت الطلب لمن يدفع لها، وهذا ما كان يبحث عنه التحالف الدولي لمحاربة داعش، وللأسف استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية منظمة إرهابية لمحاربة منظمة إرهابية أخرى وفشلت أمريكا في فك ارتباط حزب الاتحاد الديمقراطي عن والده حزب العمال الكردستاني.

وأشار، إلى أن الكرد السوريين لم يكونوا في يوم من الأيام يقولون إن أمريكا سوف تمنحهم حقوقهم أو تنشأ لهم دويلة في سوريا، فهذه كلها كانت “بروبوغاندا” حزب العمال الكردستاني لاستقطاب مزيد من الشباب الكرد السوريين والمتاجرة في دماؤهم في حروبه العبثية.

وأكد “تمو” في سياق حديثه، على أن الكرد السوريين هم مكون أساسي من مكونات الشعب السوري، وقضيتهم هي قضية وطنية سورية بامتياز وتُحَلُ في دمشق مع قضية جميع السوريين الذين يحلمون بدولة المواطنة الكاملة وتضمن حقوق الإنسان السوري مهما كان لونه ودينه وعرقه.

ولفت، إلى أنه من الخطأ جداً القول بأن الأكراد جميعهم “pkk” و”ypg”، وإذا كان الأمر كذلك فهل ينطوي تسمية الدواعش الإرهابيين على كل السوريين؟ لذلك دائما يجب التمييز بين الكرد السوريين وهذه المنظمة الإرهابية التي مارست إرهابها على الكرد السوريين قبل المكونات السورية الأخرى.

استقلال القرار السياسي الكردي في سوريا فقط

بدوره، أكد السياسي الكردي “حسن شندي”، على أن القضية الكردية في سوريا قضية وطنية سورية، وقال لحرية برس: لقد أكدت على ذلك دائمًا من خلال مقابلاتي عل الفضائيات المتنوعة، وأكدت عام 2014 على برنامج “الاتجاه المعاكس” بأن الأحزاب الكردية بتبعيتها للخارج سوف تدمر المناطق الكردية، وتعمل على إثارة الأحقاد مع إخوتنا وجيراننا في سوريا وخارجها، وتوقعت ما يحدث الآن من ذلك الوقت.

وأضاف، كنت ولا زلت أؤكد على أهمية استقلال القرار السياسي الكردي في سوريا ضمن المساحة السورية، وأن مشاكلنا تحل في دمشق الحرة مع باقي المكونات، ومصيرنا مشترك مع أهلنا في سوريا، فلا يمكن أن نكون بخير إن لم يكن الأخ السوري بخير، وتبعيتنا ومرجعيتنا الوحيدة يجب أن تكون لشعبنا الكردي في سوريا فقط ورؤيته التي أكدها من خلال “جمعة آزادي” المباركة، والدماء التي قدمها منذ أن أتى هذا النظام البعثي المجرم بانقلاب واستلم السلطة في سوريا.

سوريا وطن يتسع لكل المكونات والقوميات

أمّا “علي تمي” عضو مكتب العلاقات في “تيار المستقبل الكوردي في سوريا”، فأعرب عن اعتقاده بأن الكثيرين من الشعب الكردي في سوريا الذين تم استغلال ظروفهم وحتى لو كان تحت الضغط، ستلتحق بالفئة التي وقفت الى جانب الثورة السورية وتضامنت مع أهالي “حمص ودرعا” بعد قرار ترامب برفع يده عن منطقة شرق الفرات ولو جزئيًا في هذه المرحلة.

وأضاف، أن كل من التحق بالثورة السورية منذ يومها الأول كان مقتنعًا بأن سوريا وطن يتسع لجميع مكوناتها وقومياتها، ولكن نتيجة التدخلات الدولية تم التلاعب ببوصلة الكثيرين الذي تم خداعهم ليكونوا أداة لمحاربة تنظيم ﺩﺍﻋﺶ.

وختم “تمي” بالقول: باعتقادي أن المنطقة الكردية في سوريا تمر بأسوأ مرحلة وخاصة أن الانسحاب الامريكي سيخلف الانتقامات القومية والدينية وسيدخل المنطقة في دوامة حرب جديدة، على حد تعبيره.

المصدر: حرية برس

مقالات ذات صلة

USA