مهند الكاطع
تقتضي المسؤولية الوطنية والأخلاقية والتاريخية، بعدم السماح بتمرير أي محاولات من أي طرف لتسويق منظومة العمال الكردستاني بتسمياتها المختلفة ( قسد، مسد، ب ي د ..الخ) وتقديمها كما لو كانت “طرف سوري وطني”، سواء عن جهل أو قصد، في إطار تسوية استقطابات سياسية محلية سورية أو إقليمية أو دولية، دون الأنتباه لمخاطر تعويم هذه الميليشيات الإرهابية على المستقبل الوطني في سورية.
علينا أن ندرك أننا نتحدث عن منظومة ليست سوريّة، هذا ما يجمعها بالضبط مع داعش والحرس الثوري الايرانية والميليشيات الطائفية العراقية ..الخ ، وبالتالي لا يمكن أن تكون مثل هذه المنظومات والميليشيات “وطنية”. والكل يعلم أن علاقة هذه المنظومة مع النظام تعود لعام 1979 بعد تأسيسها مباشرة، وأنها بقيت تتخذ سورية قاعدة لها حتى عام 1998. أما إعادة تفعيل نشاطها بعد الثورة فقد بدأ بالتحالف العسكري المباشر مع النظام منذ منتصف 2011، وارتكبت هذه الميليشيات مئات الجرائم والمجازر الموثقة من المنظمات الدولية والمحلية بحق الشعب السوري، واستهدفت كذلك بالتنسيق مع داعش و النظام الثوار في حلب وريفها، وسنة 2016 استهدفت حي غويران في الحسكة بالتعاون مع النظام أيضاً، وانتقل تحالفها العسكري مع الأمريكان تحت شماعة الحرب على داعش منذ سنة 2016 دون أن تنقطع علاقتها مع النظام.
هذه المنظومة الإرهابية تسيطر اليوم على ثلث سورية بعقلية الحزب الواحد والقائد الواحد ( والقائد هنا أوجلان/ التركي) ، ومع هذه السيطرة فإن هذه المنظومة تفتقد للشرعية الوطنية، والأنباء عن محاولات إقحامها وإدخالها في جسم المعارضة عبر بعض المنصات، هو مسألة خطيرة جداً، وحتى افتراض نجاح هذه المساعي فالأكيد أنه لن يشرعن هذه المنظومة الإرهابية، بقدر ما سيطعن بمصداقية أي جسم يشكل مظلة سياسية لهذه المجموعات المحاربة للثورة والشعب السوري، وقد يكون لذلك مآلات ومخاطر كبيرة أخرى على مستقبل جزء مهم من الجغرافيا السورية.دعونا نتكلم بصراحة وبشفافية ونضع توضيح لبعض المغالطات:
١ – إدارة قسد و نتيجة التراتبية الصارمة لمنظومة العمال الكردستاني كانت أفضل بكثير من فوضى المناطق التي سيطرت عليها فصائل المعارضة، لكن هذا لا يمنحها الشرعية ولا يجعلها تتحول لطرف سوري، فالوضع الأمني في ظل داعش أيضاً وفي ظل حقبة النظام قبل الثورة أيضاً كان على درجة كبيرة من الانضباط الذي يحكمه الخوف والترهيب والتدمير على المدى البعيد.
٢ – قد يقول قائل: قسد تضم شخصيات سورية تظهر على الإعلام، أقول هذه الشخصيات كلها لا دور حقيقي لها، القرار في هذه المنظومة للقادة العسكريين الغير سوريين القادمين من قنديل حصراً، حتى السوريين القادمين من قنديل يمكن ان يتسلموا إدارات لكن القرار النهائي ليس لهم، مظلوم عبدي قضى حياته في جبال قنديل مقاتلاً في صفوف العمال الكردستاني، ألدار خليل مقاتل في قوات العمال الكردستاني وبات مسؤول بارز في ما يسمى الادارة الذاتية، صالح مسلم رئيس حزب ب ي د واحد ابرز المقربين لأوجلان، فقد أبنه البكر في جبال قنديل في صفوف العمال الكردستاني، فوزة يوسف بالأصل من ريف الدرباسية، غابت لأكثر من عقدين في جبال قنديل وعادت سنة ٢٠١٤ من قنديل وباتت مسؤولة بارزة في مسد ( والنماذج لا تحصى).
٣- استطاعت منظومة العمال الكردستاني تجنيد الكثير من أبناء المنطقة العاديين قسراً، أو استقطابهم في مشروعها عبر وظائف الحراسات أو البلديات او المؤسسات الخدمية، هؤلاء هم أبناء المنطقة ولا ذنب لهم في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وبالتالي هم في منأى إلى حد بعيد عن اتجاه عصابة العمال الكردستاني الذي نحذر منه.
٤- الاستقطابات الدولية والإقليمية كانت أحد الأسباب في تعقيد المشهد في سورية، والأفضل حالياً السعي لبذل كافة الجهود لسحب الذرائع التي تجعل صراع الدول الاجنبية يستمر على الارض السورية وخاصة فيما يتعلق بوجود عناصر إرهابية أجنبية على الارض السورية.