• السبت , 23 نوفمبر 2024

قصف أمريكي إسرائيلي للقوات الإيرانية في منطقة شرق سوريا

منهل باريش

القدس العربي:17/1/2021

لم تعلن طهران عن خسارتها أي من قادتها العسكريين رغم استهداف ما يعرف بمركز نصر أو كلية التربية التي اتخذتها إيران مقرا عسكريا لها، وهو واحد من أهم مقراتها العسكرية شرق سوريا.شنت أمريكا مئات الغارات على مواقع الميليشيات الإيرانية جنوب دير الزور خلال عام 2020 ولكن قصف الأربعاء، يعتبر الأشد على الميليشيات الإيرانية، وتأتي أهميته من كون العملية مشتركة بين إسرائيل وأمريكا، وحجم بنك الأهداف الكبير الذي لم يقتصر على المقرات الإيرانية بل تعداها ليستهدف فرع الأمن العسكري في مدينة دير الزور (الفرع 243) ويقتل أحد مسؤوليه وهو رئيس قسم الدراسات، المساعد أول أحمد العفارة ويصاب قائد الفرع العميد أحمد الخليل المنحدر من مدينة طيبة الإمام في ريف حماة الشمالي، وعين الخليل رئيسا للفرع منتصف شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ويعتبر من المقربين من القيادة العسكرية الروسية في سوريا وقلده مركز المصالحة الروسية وساما في العام 2017.على صعيد الميليشيات الإيرانية، تعرضت إيران إلى ضربة كبيرة لا شك، دمرت قسما كبيرا من مستودعاتها الرئيسية في شرق سوريا، أما على مستوى استهداف القادة الإيرانيين، فالقصف لم يستهدف أحد القادة المعروفين للحرس الثوري أو للميليشيات الإيرانية هناك.

حيث لم تعلن طهران عن خسارتها أي من قادتها العسكريين رغم استهداف ما يعرف بمركز نصر أو كلية التربية التي اتخذتها إيران مقرا عسكريا لها، الواقعة على طريق بورسعيد (طريق الميادين) جنوب المدينة، وهو واحد من أهم المقرات العسكرية الإيرانية في شرق سوريا.في حين قتل القيادي العراقي في الحشد الشعبي، صالح عبد الأمير القطراني، وقيادي في الحرس الثوري من بلدة نبل في ريف حلب الشمالي، والحاج مهدي القيادي في لواء فاطميون الافغاني، في غارات متفرقة في عدة مناطق في ريف دير الزور.في السياق، قال شهود عيان في دير الزور أن “القصف وأصوات الانفجارات استمرت ساعات دون توقف” ونقلت الميليشيات وقوات النظام الجرحى والقتلى إلى مشافي المدينة وقامت بإخلاء المرضى من أصحاب الحالات الباردة أو مرضى فيروس كورونا.

وأضاف شهود العيان انه لم يصل العميد الخليل إلى المستشفى العسكري في دير الزور، في حين تناقلت مصادر أخرى خبر وفاته يوم الجمعة، متأثرا بجروحه.

وتناقلت صفحات النظام خبر إصابة العميد الخليل يوم الأربعاء إلا أنها لم تشر إلى موته.وقصفت إسرائيل وأمريكا المنشآت العسكرية الإيرانية مئات المرات خلال السنوات الماضية ووصل التوتر إلى حدود الجولان السوري المحتل في شباط 2018 عندما أسقطت الدفاعات الجوية للنظام طائرة إسرائيلية هجومية نوع اف- 16. وكذلك استهدفت قاعدة التطوير العسكري الإيراني لطائرات الدرون في مطار التياس T-4وقتلت 14 خبيرا وعنصرا إيرانيا بينهم العقيد مهدي دهقان يزدلي المسؤول عن برنامج الطائرات بلا طيار في سوريا ولبنان، ويتبع لسلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني أو ما يعرف بالقوة “الجو- فضائية” في الحرس الثوري.

وربما يكون يزدلي هو واحد من أكبر العقول العلمية التي خسرتها إيران في سوريا ناهيك عن القادة العسكريين الذين قتلوا في المعارك مع المعارضة السورية أو في القصف الأمريكي أو الإسرائيلي في منطقة القنيطرة.ودمرت إسرائيل مصنعا على الحدود السورية اللبنانية يتبع لحزب الله اللبناني قرب القصير، كان يؤسس ليكون معملا لإنتاج الصواريخ متوسطة المدى. وأشار خبراء غربيون إلى أن التحصين العالي للبناء وإشادته في منطقة جبل يرجح ان يكون استخدامه لعدة أغراض حربية أخرى.

وقتلت إسرائيل قائد الجناح العسكري لحزب الله مصطفى بدر الدين، واتهمت إسرائيل الحزب يومها بتصفيته.وفي إطار إيقاف نشاط حزب الله وإيران في الجولان السوري استهدفت عدة من قادة الحزب مطلع عام 2015 أهمهم القائد العسكري البارز محمد عيسى، أحد مسؤولي ملفي العراق وسوريا، وجهاد عماد مغنية، بالقرب من حدود الجولان السوري المحتل، حيث قامت طائرة إسرائيلية باستهدافهم خلال اشرافهم على التحصينات الهندسية الإيرانية هناك.كل تلك العمليات لم تحد من نشاط إيران أو تمنعها على العكس، حافظت إيران على سياسة هادئة في بناء شبكاتها العسكرية والأمنية والثقافية والدينية على الأرض.

وأصبحت بعد اتفاق التسوية في جنوب سوريا أكثر حضورا بعكس ما كانت تأمل وتسعى إسرائيل. وتحافظ إيران على مناطق ذات أهمية جيو سياسية كبيرة بالنسبة لها، كمناطق ريف حلب الجنوبي وحمص والقنيطرة وغربي درعا. وتنتشر في نحو تسعين نقطة وحاجز على طول الشريط الحدودي بين إسرائيل وسوريا في منطقة الجولان. وتعمل القوات الإيرانية تحت مظلة واسم الفرقة الرابعة التي يقودها اللواء ماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري.والحال، ان قائد فيلق القدس، قاسم سليماني من خلال معرفته العميقة والميدانية بالواقع السوري تمكن من رسم خريطة انتشار متماسكة وقوية للغاية، وتحتاج لهزيمتها إلى تغيير منطق القوة الذي تمارسه تل أبيب وواشنطن، وإلى مقاربة على الأرض لا في السماء فشعار إخراج إيران، أصبح محكوما بالفشل بعد ست سنوات من مواجهتها من السماء.

في شهري نيسان/ابريل وايار/مايو 2018 قامت إسرائيل بأكبر عملية قصف جوي في تاريخ الحرب السورية على الإطلاق، وقصفت نحو 100هدف بتواتر مدهش للغاية، تعرضت فيه المصالح الإيرانية إلى ضربة كبيرة للغاية وخصوصا على مستوى مستودعات الصواريخ المنقولة لحزب الله، وطائرات التجسس الإيرانية. لكن بعد تلك الحملة القاسية عليها، استعادت إيران نشاطها مجددا ولم تتوقف برامجها في سوريا، وتوجهت للعمل على السيطرة على شرق سوريا.

وبالفعل أصبحت، اليوم، مدن مثل البوكمال والميادين وأغلب دير الزور مناطق إيرانية بكثير من الأوجه. حيث ينشط المركز الثقافي الإيراني وتتعاظم حملات التشيع وتقدم المؤسسات الخيرية الإيرانية دعما إنسانيا لمواليها.

وتستوعب الميليشيات شبان تلك المناطق وتضمهم إليها، وتجعلهم يخدمون في مناطق قريبة على بيوتهم. وتسعى إيران إلى حملات تزاوج بين المقاتلين الأجانب والمواطنات السوريات في عدة مناطق والعكس صحيح. كما تفرض على النظام بعض عمليات التجنيس.من المفيد القول، ان شعار عزل إيران وتدميرها من الداخل الذي تبناه مستشار الأمن القومي جون بولتون فشل مع عزله وتخبطت الإدارة الأمريكية في بناء استراتيجية واضحة وحازمة ضد أنشطة إيران في المنطقة كاملة.

وتعرض “عزل إيران ” إلى أول فشل مع عدم مقدرة أمريكا إغلاق الحدود السورية العراقية في وجه “فيلق القدس” والميليشيات الشيعية الأجنبية التي يستقدمها الجنرال قاسم سليماني من شرق سوريا عبر الطريق البري. وبدل ان تسعى لدعم فصائل المعارضة السورية المدعومة من البنتاغون لشن عمل عسكري ضد “داعش” والتقدم شمالا إلى البوكمال بهدف بناء جدار يقطع طهران عن دمشق بشكل كامل ترك المسافة الممتدة بين منطقة 55 كم شمال التنف ونهر الفرات فارغة ليتقدم سليماني ويملأها بهدوء وثقة .وما زالت مقاربة هزيمة إيران قاصرة للغاية واعتماد أمريكا على الضربات الجوية من أجل هزيمة ايران في سوريا وإخراجها هو مجرد وهم، من دون بناء شراكة محلية.

مقالات ذات صلة

USA