سوريا بلد غير آمن لعودة اللاجئين وفقا لتقريري لجنة التحقيق الأممية ومنظمة العفو الدولية
بيان صحفي
باريس- أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في أيلول 2021، وأشارت إلى أن سوريا بلد غير آمن لعودة اللاجئين وفقاً لتقريري لجنة التحقيق الأممية ومنظمة العفو الدولية.
استعرَض التَّقرير -الذي جاء في 20 صفحة- حصيلة أبرز الانتهاكات التي وثقها في شهر أيلول 2021، من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، إضافة إلى حصيلة حالات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، ويُسلِّط الضوء على عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة، التي تمكن من توثيقها. اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
سجَّل التقرير في آب مقتل 86 مدنياً، بينهم 23 طفلاً و9 سيدة (أنثى بالغة)، النسبة الأكبر منهم على يد جهات أخرى، كما سجل مقتل 8 أشخاص بسبب التعذيب. وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.
ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 193 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 10 طفلاً و5 سيدة قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في أيلول، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظتي درعا فحلب. وبحسب التقرير فقد شهد أيلول ما لا يقل عن 12 حادثة اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، كانت 9 منها على يد قوات النظام السوري، و1 على يد كل من القوات الروسية، وقوات سوريا الديمقراطية، وجميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني.
جاء في التقرير أن أيلول شهد استمرار العملية العسكرية لقوات الحلف السوري الروسي على منطقة إدلب في شمال غرب سوريا للشهر الرابع على التوالي، والتي تركزت على منطقة جبل الزاوية ومحيطها، ورصد قصفاً مدفعياً لقوات النظام السوري طال وسط مدينة إدلب للمرة الأولى خلال هذه الحملة في 7/ أيلول وتسبب في مقتل ضحايا.
كما استمرت الهجمات الجوية الروسية على منطقة جبل الزاوية.
وأضافَ التقرير أن الأسبوع الأخير من أيلول شهدَ تصعيداً عسكرياً روسياً على ريف مدينة عفرين في محافظة حلب.
وقال أنَّ هذا التصعيد العسكري من طرف قوات الحلف السوري الروسي جوبهَ بردٍّ من فصائل المعارضة المسلحة وهيئة تحرير الشام، إضافة للقوات التركية في منطقة ريف إدلب الجنوبي، عبر هجمات أرضية على مناطق تمركز قوات النظام السوري في جبهات ريف إدلب الجنوبي، وريف حماة الغربي وريف حلب الشمالي.
وبحسب التقرير فقد أعلن عدنان المسالمة، المتحدث الرسمي باسم لجنة التفاوض عن المدنيين في مدينة درعا، في 1/ أيلول، أعلن عن التوصل لاتفاق مع روسيا واللجنة الأمنية التابعة للنظام يضع حداً للتصعيد العسكري في مدينة درعا. لكن سرعان ما انهار هذا الاتفاق بعد يومين.
ثم تم التوصل في 5/ أيلول لاتفاق جديد بين لجنة تفاوض مدينة درعا مع النظام السوري وبرعاية روسية لإنهاء التصعيد في مدينة درعا، ودخل حيز التنفيذ في اليوم التالي. وبين 12 و26/ أيلول تم التوصل إلى خمس اتفاقات في بلدات اليادودة والمزيريب وتل شهاب وقرى منطقة حوض اليرموك، ومدينة طفس، جميعها كانت مشابهة لاتفاق مدينة درعا.
رصد التقرير عدة تفجيرات في أيلول بعبوات ناسفة ودراجات نارية، وقعت في مناطق الباب وجرابلس ومحيط مدينة عفرين في ريف حلب، وخلفت عشرات الضحايا المدنيين والجرحى، وتسببت بأضرار في منشآت مدنية، كما شهدت مدينة رأس العين بريف الحسكة الشمالي الغربي تفجيرات أيضاً. كما شهدَ أيلول استمراراً في وقوع ضحايا مدنيين بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، حيث وثقنا مقتل 10 مدنياً بينهم 8 أطفال لتصبح حصيلة الضحايا الذين قتلوا بسبب الألغام منذ بداية عام 2021، 142 مدنياً بينهم 58 طفلاً، و22 سيدة.
وفقاً للتقرير فقد شهد أيلول تردٍ غير مسبوق على صعيد الأوضاع المعيشية للمواطنين في مناطق سيطرة قوات النظام السوري، في ظلِّ ارتفاع أسعار المواد الأساسية وانخفاض سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية.
وعلى صعيد التيار الكهربائي بلغ عدد ساعات التقنين في بعض المناطق عشرين ساعة يومياً، الأمر الذي انعكس على إمكانية توفير المياه أيضاً. أما في مناطق شمال غرب سوريا فتشهد أسعار المواد الأساسية التموينية والخضروات والوقود ارتفاعاً كبيراً متأثرة بتقلبات سعر صرف الليرة التركية واحتكار التجار، ما يشكل عبئاً كبيراً على المواطنين من أصحاب الدخل المحدود.
وتشهد مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية الأساسية مما يفاقم من تردي الأوضاع المعيشية فيها، وقد خرجت مظاهرات في العديد من المدن والبلدات بريف الحسكة الشمالي في 24/ أيلول؛ احتجاجاً على زيادة أسعار المحروقات والخبز، وفرض الأتاوات على المواطنين.
جاء في التقرير أن اللجان الأمنية التابعة للنظام السوري قد أعلنت في أيلول عن مزادات علنية جديدة في مناطق ريف إدلب ومنطقة قلعة المضيق. وفي المنطقة الشرقية، تحديداً في محافظة دير الزور.على صعيد جائحة كوفيد- 19 سجل التقرير في أيلول ارتفاعاً غير مسبوق في حصيلة الإصابات منذ ظهور الجائحة، في عموم مناطق سوريا. وقد تم الإعلان رسمياً من قبل وزارة الصحة في حكومة النظام السوري عن 6290 حالة إصابة و234 حالة وفاة في أيلول.
وسجلت حالات الإصابات والوفاة بالفيروس في شمال غرب سوريا في أيلول وفق ما أعلنه نظام الإنذار المبكرEWARN 34682 حالة إصابة و438 حالة وفاة، وهي الحصيلة الأعلى شهرياً منذ ظهور الجائحة.
فيما أعلنت هيئة الصحة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أنه تم تسجيل 7356 حالة إصابة و144 حالة وفاة في أيلول. طبقاً للتقرير فقد سمحت قوات سوريا الديمقراطية في 15/ أيلول بخروج الدفعة الثامنة عشر من النازحين من مخيم الهول، التي بلغت قرابة 324 شخصاً من أبناء محافظة الرقة إلى قراهم وبلداتهم، وأشار إلى استمرار عمليات القتل في المخيم، حيث وثق في أيلول مقتل 4 مدنياً، بينهم 2 سيدة على يد مسلحين مجهولين، يعتقد أنهم يتبعون لخلايا تنظيم داعش، وسجل منذ مطلع عام 2021 مقتل 69 مدنياً بينهم 10 طفلاً و22 سيدة في مخيم الهول على يد مسلحين مجهولين.
ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة. كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم. طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها. وأضاف أن على قوات سوريا الديمقراطية التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً. وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية.