أشار تقرير جديد صادر عن “مركز ناشونال انترست” إلى الكيفية التي استفاد منها الجيش الروسي في سوريا والتي مثلت الحرب بالنسبة له فرصة تعليمية هائلة لتعويض القصور العسكري الذي كان يعاني منه.
وأكد التقرير الصادر تحت عنوان “التدخل الروسي في سوريا” والذي أشرف عليه عدد من الشخصيات العسكرية الأمريكية وأخصائيين في الشرق الأوسط، إلى أن روسيا وإيران لن تتمكنا من إرساء نظام سياسي مستقر في سوريا بدون مساعدة مالية كبيرة لإعادة الإعمار، والتي من غير المرجح أن تقدمها الحكومات الغربية التي تمتنع عن المشاركة في أي مساعدات مالية بدون حدوث تغيير سياسي في سوريا. وعلى هذا الأساس، سيكون للولايات المتحدة تأثير كبير على مستقبل سوريا السياسي أكبر من التوقعات الحالية.
واعتبر التقرير أن روسيا تواجه ثلاثة تحديات في حملتها العسكرية على سوريا: التحدي الأول يتمثل في دعم نظام (الأسد) والثاني بسبب التوتر القائم على الحدود السورية بين الجيش التركي والمليشيات الكردية أما الثالث فهو الأخطر، بسبب الصراع المفتوح بين إيران وإسرائيل، وهو بمثابة صراع وجودي، يسعى فيه كل طرف لإلغاء الآخر، ويضع روسيا في المنتصف على اعتبارها الجهة الوحيدة التي تتمتع بعلاقات جيدة مع الطرفين.
ناقش التقرير التكتيكات العسكرية الروسية والقدرات العملياتية معتبراً أن سوريا وفرت ساحة اختبار للجيش الروسي بعد أن تحولت لمسرح للقوات الروسية تقوم فيه باختبار قدراتها القتالية، مشيراً إلى أن حوالي ثلثي الأصول الجوية التكتيكية الروسية تناوبت للمشاركة في سوريا، بهدف تدريب ضباط الأركان والجنود على الحرب الحديثة بما في ذلك العمل على أفكار جديدة لتطبيقها في النزاعات التي يمكن أن تنشأ في المستقبل.
وأشار التقرير إلى “وجود أسباب عديدة تجعل من الجيش الروسي يحب سوريا ويريد البقاء فيها. حيث لا يمكنه القيام بتطبيق حقيقي للتكنولوجيا الخاصة به ومقارنتها مع التكنولوجيا التي تمتلكها الولايات المتحدة في أي مكان آخر”.
حدود للنزاع مع الولايات المتحدة
الكولونيل المتقاعد (روبرت هاميلتون) والذي أشرف على الوحدة العسكرية المسؤولة عن خط فض النزاع بين القوات الروسية والقوات الأمريكية في سوريا أشار إلى أن روسيا أعطت القوات الأمريكية المتواجدة في “قاعدة التنف” مهلة 48 ساعة في حزيران 2017 بهدف الانسحاب من القاعدة العسكرية الحرجة والتي تقع على الحدود الثلاثية مع الأردن والعراق. وصف (هاميلتون) المكالمة المتوترة التي جرت مع الجانب الروسي، حيث قام جنرال روسي على الخط بتحديد جدول زمني منذراً بضربة وشيكة، رد عليه القائد الأمريكي قائلاً ” إذا كنت تهدد قواتي، فإن هذه المكالمة منتهية، عليّ أن أغلق الخط وأن أذهب لإبلاغ قائدي للاستعداد والدفاع عن نفسه. فهل تفضل استمرار الحديث أو تفضل القتال؟” لحسن الحظ، قال (هاميلتون)، رد الروسي “دعنا نكمل الكلام حول هذه الموضوع إذا”.
وأشار (هاميلتون) إلى أن روسيا استفادت من إدارة التحالف الذي جمعها مع إيران في سوريا حيث لم يكن لديها خبرة كبيرة بتحالفات من هذا النوع من قبل. معتبراً أن “روسيا قد تجاوزت الآن الفترة التي كانت فيها تخبر جميع شركائها بما يريدون سماعه بدون مقابل”.
ونوه إلى أن الأهداف المختلفة والمتضاربة في بعض الأحيان لشركاء روسيا في سوريا تطرح تحديات لا يمكن حلها بسهولة. فمن المشكوك مثلاً أن تتمكن روسيا من دعم الهلال الشيعي الممتد من طهران إلى بيروت دون إثارة صراع مع إسرائيل، وربما حتى مع الولايات المتحدة.
المصدر: أورينت نيوز