تناول تقرير لمجلة “الأتلانتيك” الإرث الذي خلفه وراءه (ستافان دي ميستورا) مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا بعد أن أعلن تنحيه عن الدور الذي فشل من خلاله بإيقاف المذبحة في سوريا.
وأشار التقرير إلى تمكن (الأسد) باستخدام القوة الغاشمة وبمساعدة حلفاءه في روسيا وإيران من إيقاف تحركات أغلبية السكان، كما وصل عدد السوريين الفارين من العنف إلى حوالي النصف، بينما وصلت معدلات القتل إلى درجة توقفت فيها الأمم المتحدة نفسها عن عد الأرواح التي أزهقتها الحرب. وعلى الرغم من كل التصريحات التي خرجت عن (دي ميستورا) إلا أنه لا توجد أي خطة للسلام وبالطبع لن يتنازل (الأسد) عن المكاسب التي حققها بشق الأنفس في ساحة المعركة ليقدمها بطبق من فضة على طاولة المفاوضات.
يصف التقرير (دي ميستورا) بدبلوماسي الدبلوماسيين، يتحدث سبع لغات، وعمل في الأمم المتحدة على مدى أربعة عقود، تضمنت كوسوفو والسودان والعراق وأفغانستان. بعد مغادرته منصبه في كانون الأول، سيكون قد قضى أكثر من 1,600 يوم كواجهة دبلوماسية للأمم المتحدة في سوريا.
تجنب الرجل بحسب التقرير، ما فعله سلفه (الأخضر الإبراهيمي)، عندما نصح (الأسد) خلال لقاءه الأول معه بتبني بيان دولي عصري، وأن يعلن استعداده للاستقالة إذا كان ذلك يصب في مصلحة البلاد، بحسب ما قال (مختار لاماني) مدير مكتب (الإبراهيمي) في دمشق. قام (دي ميستورا) بعكس ذلك، حيث تعهد بإنشاء روابط أفضل مع النظام.
قال (وائل الزيات) المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية “ما أراد فعله هو بناء الثقة مع الروس والنظام” وأضاف (الزيات) الذي عمل في سوريا مع (دي ميستورا) “لم يكن نهجه يعتمد على المواجهة. لم يشر إلى انتهاكات النظام والروس”.
كانت النتيجة، تلقي (دي ميستورا) درساً مباشراً، على حد وصف التقرير، بعد أن حمل النظام مسؤولية الهجوم بالبراميل المتفجرة على سوق في بلدة يسيطر عليها الثوار في أيار – 2015، أسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 70 شخصاً. رد (الأسد)، بحسب عدة مسؤولين شاركوا بالمفاوضات، بقطع الاتصال، ومن حينها لم يجتمع معه إلا مسؤولي النظام من المستوى الأدنى.
تحول إلى غطاء دبلوماسي
تحول عمل (دي ميستورا)، بعد سقوط حلب، إلى الإبقاء على مسيرته الدبلوماسية على قيد الحياة. وتحولت أولويته إلى الإبقاء على “عملية السلام” على قيد الحياة حتى مع اعتقاد الجميع أنها لن تأتي بنتيجة. قال (معين رباني) الزميل في “معهد الدراسات الفلسطينية” والذي عمل سابقاً كمساعد لـ (دي ميستورا) “تحولت المهمة إلى تمديد للبعثة”.
أدى ذلك إلى السماح للقوى العالمية بالإبقاء على (دي ميستورا) كواجهة دبلوماسية، فيما كانت تعتمد على قواتها العسكرية لتحقيق تقدم على الأرض. ومع استمرار النظام وحلفاءه باكتساب القوة على الأرض، بدأت روسيا بمبادرة دبلوماسية دفعت (دي ميستورا) أكثر نحو الهوامش السياسية. وصلت الأمور إلى ذروتها في 2017، في أستانا، عندما توصلت تركيا وروسيا وإيران لإنشاء أربع “مناطق لخفض التصعيد” في المناطق التي يسيطر عليها الثوار في جميع أنحاء البلاد. رد (دي ميستورا) بدعمه للمحادثات قائلاً “ينبغي النظر إليها على أنها تشكل أساساً لعملية جنيف المتجددة”.
قال (رباني) “من وجهة نظر رعاة أستانا، لعب دي مستورا دوراً في إضفاء الشرعية الدولية” وأضاف “لا أعتقد أنه أدرك بأنه كان يبارك بشكل أساسي إلى تحييده عن الموضوع”.
نهاية المبادرة الدولية
كانت مبادرة (دي ميستورا) الدبلوماسية الأخيرة هي إنشاء لجنة لصياغة دستور سوري جديد. سعى، خلال العام الماضي إلى إطلاق مبادرة يشارك فيها وفد من المعارضة وآخر من النظام. وفي حين أنه من الممكن تشكيل لجنة كهذه، إلا أن هدفها بإجراء انتخابات حرة ونزيه وتحقيق انتقال سياسي ما زال يعتبر بعيد المنال. حتى أن صحيفة “الثورة” التابعة للنظام أتهمته بالتآمر مع “الإرهابيين” وقالت “لقد وصلت إلى العنوان الخطأ، وطرقت الباب الخطأ ودخلت في التوقيت الخطأ”.
أدى اليأس من الجهود الدبلوماسية، إلى نداءات وجهت إلى المبعوث الجديد (جير بيدرسون) بإلغاء العملية التي ترعاها الأمم المتحدة برمتها. يجادل البعض، بأن خطوة كهذه لن تفعل شيئاً على أرض الواقع، وأن الاعتراف بالهزيمة لن ينقذ حياة واحدة.
قال (دي مستورا) عندما كان يشرح سبب بقاءه في منصبه، وفي الذروة الهجوم على حلب، خلال كلمه له بمجلس الأمن “أي علامة على استقالتي ستكون إشارة إلى أن المجتمع الدولي يتخلى عن السوريين”. بعد مرور عامين، عدد قليل من الدبلوماسيين من الممكن أن يقولوا بصدق إن لديهم خطة لتغيير هذه الحقيقة.
المصدر: أورينت نيوز