مما لاشك فيه بان الخاصية البارزة للشعب الكوردي وعبر تاريخه النضالي هي تمتعه بارادة صلبة في نيل الحرية اسوة بباقي شعوب المنطقة الا ان جميع تلك امحاولات التحررية كانت ولاتزال تبوء بالفشل وقد يعزو معظم السياسين والنخب الكوردية اسباب هذا الفشل الى عوامل خارجية لاعلاقة للكورد انفسهم بذلك الاان الاحداث والوقائع تثبت يوما بعد يوم بان العجز الكوردي يكمن في مجانبة الصواب بالتعاطي مع الاحداث والوقائع والملفات السياسية واليات التعامل مع لعبة المصالح الدولية التي يفترض التعامل معها بمنتهى الواقعية والعقلنة لا بالعاطفة وبيع الاوهام ، انطلاقا من مبدا لاتوجد صداقة او عدواة وانما توجد التوافق اواللاتوافق بلعبة السياسة ، ولهذا فان عفرين هي الاخرى ايضا برهنت في محنتها بان الغالبية العظمى من الكورد السوريين و بمختلف انتمائتهم السياسية لم يرتقوا بعد الى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم ليس في قيادة دفة النضال الكوردي لنيل حقوقه المشروعة فحسب وانما ايضا في ايجاد المناخات المناسبة للحفاظ على ماتبقى من هذا الشعب المكلوم والمغلوب على امره بعد ان اصبح حطبا لمحرقة الاجندات الغير وطنية الى درجة اصبح مهددا بوجوده وبقائه على ارضه التاريخية .
-ان من احدى تداعيات الثورة السورية قيام النظام السوري وبرعاية ايرانية بالتنسيق مع حزب العمال الكردستاتي وبمسمايته وفروعه السورية المختلفة
) pyd و ypg …. ) لتسليمها المناطق الكوردية
بغية تحييد الكورد عن المشاركة بالثورة وقد نجح هذا الحزب نجاحا باهرا فيما اوكل اليه بقوة السلاح والنار ورغم محاولة الكورد السوريين في الوقوف مع ثورة الشعب السوري ضد النظام المجرم عبر انضمام المجلس الوطني الكوردي الى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة الا ان حزب العمال الكردستاني – الرافض المطلق للمختلف معه – لم يترك المجال لهذه القوى بالتحرك على الارض عبر ممارسة سياسة الترهيب بكافة اشكاله بحق المجلس الوطني الكوردي وكافة الوطنيين من جهة وممارسة سياسة الترغيب للقوى المتماهية معه من جهة اخرى كل ذلك ادت بالنتيجة الى استفراده و سيطرته المطلقة على كامل كردستان سوريا ببشرها وحجرها وادارتها بالقبضة الحديدية واللعب بمصير الشعب الكوردي ووضعه على المحك ، ومايجري في عفرين من حرب دموية وتدمير البشر والحجر والشجر ماهو الا امتداد لا اربعون عاما من الصراع الدائر مابين حزب العمال الكردستاني وتركيا والذي كلف كورد تركيا فاتورة باهضة تقدرب الاف الضحايا وتدمير الاف القرى والمدن وتهجير مئات الالاف فضلا عن تصفية وانهاء القوى السياسية الكوردية في تركيا وعلى يد حزب العمال الكردستاني نفسه الذي لايرى في الكوردي الاخر، المختلف ، الا خائنا للقضية ، وانهائه واجب مقدس، مع ملاحظة ان فلسفة الامة الديمقراطية التي يلتزم بها هذا الحزب لايعترف بالحقوق القومية اصلا لان الزمن قد تجاوزه طبعا حسب مايروجون له اصحابيي هذه الفلسفة .
ومنذ سيطرة حزب العمال الكردستاني على المناطق الكوردية في سوريا والتي هي محاذية للحدود التركية ، والدبلوماسية التركية لم تتوقف لحظة بالبحث عن الحلول الممكنة في انهاء وجود هذا الحزب المعادي لها والمصنف دوليا على قائمة الارهاب والتحرك من خلال التواصل مع الدول الواضعة اليد على الملف السوري والذي تم تدويله بامتياز واستطاعت تركيا وعبر هذه السنوات ان تلعب على الكثير من التناقضات الدولية نتيجة صراع المصالح في سوريا بين الدول الرئيسية المتمثلة بالولايات المتحدة الامريكية ومن ورائها فرنسا وبريطانيا وبين روسيا ومن ورائها ايران والنظام السوري
ولهذا فان البحث عن الحلول لامكانية انقاذ عفرين من الدمار والخراب وانقاذ الاف الارواح البريئة يتطلب منا صياغة خطاب عقلاني من خلال البحث بالتوافقات التركية الروسية الامريكية اولا، والمبررات والذرائع التي قدمتها الدبلوماسية التركية للحصول على الترخيص الروسي ومباركة امريكية ثانيا ، واعتقد بان تركيز الجهود بهذا الاتجاه هو ماسيقودنا الى طريق الصواب في مانحن عليه من التيه والضياع وليس بمثل ما هوعليه الحال بالخطابات الرنانة الجوفاء ،ولا بالندب واللطم ، ولا بالتخوين وبيع الوطنيات ، ولا بالبجي والهربحي التي قد تضاعف من الدمار والخراب والمزيد من هدر الدماء بعدما تم سحب الغطاء الروسي الامريكي والتخلي عن قوات حماية الشعب في عفرين امام الترسانة العسكرية التركية التي تعتبر ثاني قوة في حلف الناتو
ان البحث عن الحلول ضمن الواقعية السياسية لكارثة عفرين تكمن في سحب الذرائع والمبررات الاساسية التي قدمتها حكومة تركيا للدول ذات الشان واولهم امريكا وروسيا لتبرير معاركها في عفرين وهي قضية تواجد حزب العمال الكردستاني المعادي لها و المصنف دوليا على قائمة الارهاب على حدودها الجنوبية وبالتالي ان سحب تلك الذريعة هي الورقة الاكثراحراجا لتركيا حتى لو كانت لها مبررات اخرى غيرمبررات الارهاب الكردستاتي في حربها على عفرين وربما في حروبها الاخرى التي قد تشمل شرق الفرات حتى الحدود العراقية .
ومن هنا ااعتقد بانه يمكن للتيارات السياسية و النخب الكوردية الضغط على حزب العمال الكردستاني لاعلان استعدادهم بالخروج من عفرين وتسليم المنطقة لابنائها من مختلف الاحزاب والتيارات الكوردية والشخصيات الوطنية والعمل على انسحاب قوات حماية الشعب من جميع القرى والبلدات العربية وتسليمها لابنائها
وعلى الدبلوماسية الكوردي التحرك السريع بعقد لقاءات مع الدول ذات الشان ، امريكا، روسيا وحتى تركيا لبحث وقف الاعمال الحربية من خلال التمسك بانعدام المبررات والذرائع التي قدمتها الحكومة التركية لدول ذات الشان في حربها على المناطق الكوردية بسوريا والحصول على الضمانات الدولية لحماية المنطقة من اي تدخل عسكري
– وجل مايخشى منه بان مثل هذا الخطاب سيواجهه البعض من الكورد بموجة من التخوين و الاتهام با ضعاف الشعور القومي ووهن عزيمة الامة لا لانه خطاب غير واقعي او غير عقلاني لا بل قد يمكن ان يرى فيه طرحا سليما ومجديا لوقف ويلات الحرب وتدمير البلد لكنه فقط لايتوافق البتة مع اجندات حزب العمال الكردستاني المتمظهر باختزاله الكورد وكردستان ، هذا الحزب الذي رفض سابقا دخول بشمركة روج اوفا واي قوة سوريا اخرى خارج مظلة ال ي ب ك للدفاع عن كوباني في وقت كانت تتداعى قرى كوباني امام الزحف البربري لقوى داعش الارهابي التي وصلت الى وسط المدنية خلال ايام قليلة لاتتجاوز الاسبوع من هجومها وذلك تشابها وتماثلا مع جملة كان ولايزال يرددها انصار النظام السوري المجرم “الاسد او نحرق البلد “