في الثاني من الشهر الجاري قضى 5 مدنيين من عائلة واحدة بينهم أطفال كانوا يستقلون سيارة أجرة (فان) عندما انفجرت عبوة ناسفة وضعت في السيارة، فيما يبدو دون علمهم، في مدينة رأس العين شمال غرب الحسكة والواقعة ضمن منطقة “نبع السلام” الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني والجيش التركي.وسبق الحادثة انفجار سيارة شحن (انتر) في حاجز مشترك للجيشين “الوطني” والتركي عند المدخل الجنوبي لرأس العين المتاخمة لمناطق سيطرة ميليشيا قسد، ما أسفر عن مقتل عدد من العناصر بينهم ضابط تركي برتبة نقيب وآخر برتبة رقيب، وكان من بين القتلى أيضاً سائقها.المثالان السابقان كانا نموذجاً مختلفاً إلى حد ما عن سلسلة لم تنقطع من التفجيرات في المناطق الخارجة عن سيطرة الجيش الوطني عموماً شمال سوريا و”نبع السلام” على وجه الخصوص، حيث كان مستقلو المركبات الضحايا الأوائل أو الوحيدين في التفجير، ما أثار المخاوف بين السكان المضطرين للتنقل بين المنطقتين (قسد والجيش الوطني) بسيارات تتعرض للتفخيخ دون علمهم، وتشير أصابع الاتهام إلى وقوف ميليشيا قسد وراءها، لا سيما أن المثالين كانا لسيارتين قادمتين من مناطقها.
تفخيخ البشر!الرائد وائل الحميد، وهو أحد القادة الميدانيين في الجيش الوطني، كشف لأورينت نت أن حواجز “الأحزاب الانفصالية”، في إشارة لميليشيا قسد، عمدت مؤخراً إلى “تفخيخ البشر” دون علمهم، مستغلةً حاجة المدنيين إلى التنقل بين مناطق السيطرة المختلفة بالدرجة الأولى، والتشديد الأخير لكل ما يدخل إلى المنطقة بعد سلسلة الانفجارات الدموية التي تعرضت لها منطقة نبع السلام.
وبحسب الحميد، فإن عملية التفخيخ تحدث عندما تقف هذه المركبات على حواجز ميليشيا قسد وهي في طريقها إلى “نبع السلام”، حيث يقوم عناصر الميليشيا بالتحقيق مع السائق بحجة سؤاله أين كنت وإلى أين تذهب وإلى ما هنالك من أسئلة روتينية، وفي هذه الأثناء يتم تفخيخها بوضع العبوة الناسفة المعدة للانفجار بمعدل زمني أو بجهاز تحكم عن بعد أو عن طريق ربطها بشريحة اتصال.ويؤكد الحميد أن كل هذه العملية تحدث دون علم أصحاب المركبات أو الركاب العاديين، لافتاً إلى أن الحادثين الأخيرين ليسا الوحيدين، ففي العام السابق أبلغ سائق سيارة حاجز الجيش الوطني المتمركز عند بلدة حمام التركمان جنوب شرق تل أبيض 20 كم بأنه يشك أن عناصر ميليشيا قسد فخخوا سيارته، إثر احتجازه لديهم ومصادرة سيارته، كانت قد ذكرتها وسائل إعلام متعددة، وعمل حينها الجيش الوطني على تفجيرها.الحلقة الأضعفيعتبر المدنيون “الحلقة الأضعف” في هذه المقتلة كما يصفها أحد سائقي سيارات الأجرة، والذي يعمل على نقل الركاب بين المنطقتين،
وقال: “أعمل وأنا أحمل دمي على راحة يدي، فالمواطنون بشكل عام والسائقون بشكل خاص الحلقة الأضعف في المعادلة السورية بين جميع الأطراف، لأنه علينا أن نتعامل مع كل هذه الأطراف بحذر تام، ولذلك لانستطيع التكلم مع أي من الأطراف ولا اتخاذ موقف، وربما يتهمنا البعض بالرمادية إلا أنني أعتبر نفسي مجاهداً لأنني أستطيع أن أقدم خدمات لإخوتي في المحرر لا يستطيع غيري تقديمها رغم أنني أبقى صامتا، وحياتي معرضة للخطر في أي لحظة ولأصغر خطأ ارتكبه”. الرجل الذي رفض الكشف عن هويته، لم يخف حالة الخوف التي يعيشها كلما سلك “طرق الموت” – كما يصفها – بعد كل وقوف له على أحد الحواجز،
وأوضح لأورينت نت أنه إذا تم إنزاله ومن معه واحتجازه من قبل أحد الحواجز، فإنه بعد مسافة قصيرة يتخذ “كل الاحتياطات” من إغلاق الهاتف إلى تفتيش السيارة في أقرب مكان بعد التحرك من الحاجز، خوفاً من تفخيخ السيارة.من المسؤول؟بدوره يوجه يوسف الحمود الناطق باسم “الجيش الوطني” أصابع الاتهام لـ” ميليشيا “قسد” أو “الانفصاليين” كما يسميهم، كما لا يستبعد أن يكون داعش ونظام أسد على صلة ببعض هذه المجازر، ويقول: “نتيجة لتوسع الرقعة الجغرافية التي تسيطر عليها قوات الجيش الوطني وطبيعة الأرض المفتوحة وشبه الصحراوية وطول الحدود والتداخل بين بعض القرى التابعة للمحرر أو للأحزاب الانفصالية أو للنظام كذلك وبسبب وجود الكثير من الطرق الزراعية التي تسلكها الدراجات النارية، كل هذه أسباب تؤدي الى إدخال الآليات المفخخة من خلالها، والتي يتم ركنها في مناطق عشوائية بغض النظر عن كونها مدنية أو عسكرية، وأستطيع التأكيد على أن من يقف وراءها هم الميليشيات الانفصالية pkk والنظام المجرم”.ويعترف الحمود بـ”ضعف” الناحية الأمنية، وإنهم بحاجة إلى تدابير إضافية رغم ما تم إحباطه من عمليات كادت أن تودي بحياة العشرات، فالكل – كما يقول – يعلم أن أي عدو يحاول إختراق عدوه، وهذا يعني أن هناك اختراقات من خلال عملاء يتم زرعهم في صفوف هذا الطرف أو ذاك، وأعتقد أنهم موجودون في المحرر، وكذلك من خلال استغلال بعض ضعاف النفوس بالرشاوى واستغلال تردي الوضع المعيشي لبعض من لايحملون فكر الثورة، وإنما استغلوها لمنافع شخصية ومكاسب مادية وهم موجودون في كل زمان ومكان وتحاول الجهات المختصة كشفهم والخلاص منهم، وقد تم إلقاء القبض على بعضهم وتم تقديمهم للمحاكم”.
وما يزيد الوضع صعوبة – وفقاً للناطق باسم الجيش الوطني – الطبيعة الاجتماعية للمنطقة (عشائرية) وبالتالي يجبر المدنيين على التنقل بين المنطقتين، علاوة عن الحالة الديموغرافية والتنوع الذي يجعل التعامل أصعب خصوصاً مع قلة المختصين في الكشف عن المتفجرات والأدوات اللازمة للكشف المبكر عنها.