ريان محمدالعربي الجديد:7/10/2021
يشكو سكان شمال شرق سورية، الخاضعة للإدارة الذاتية الكردية، عمليات تجنيد اليافعين واليافعات ضمن صفوف الفصائل العسكرية المتواجدة في المنطقة، عبر جذبهم إلى التطوع مستغلين فقرهم وعدم استقرارهم الأمني والاجتماعي، وإجبارهم أو إجبار ذويهم على القبول بالالتحاق بتلك الفصائل عبر عمليات الخطف.
ويقول أبو يزن يوسف (48 عاماً)، لـ”العربي الجديد”، إنّ “التسرّب المدرسي والفقر وعدم وجود استقرار أمني ومجتمعي يدفع باليافعين دون الـ18 عاماً، للتطوع ضمن صفوف الفصائل العسكرية في المنطقة، الأمر الذي لا يقتصر على قوات سورية الديمقراطية (قسد)، في وقت جندت العديد من الفصائل العسكرية في سورية اليافعين خلال السنوات السابقة، مستغلة ميول اليافعين لامتلاك القوة والسلطة والمال”. ويلفت يوسف إلى أن “قسد وقعت مع الأمم المتحدة على عدم تجنيد الأطفال، وأنشأ مكتب حماية الطفل ليستقبل الشكاوى في حال وجود حالات لتجنيد أطفال.
إلا أن بعض المنظمات العسكرية في المنطقة لا تتبع قسد بشكل مباشر، وإن كانت متحالفة معها. وتحاول الأخيرة وقف هذه الظاهرة التي أصبحت تشكل هاجساً ومصدر قلق لسكان شمال شرق سورية”. من جهته، يقول الناشط أبو عبدالله الحسكاوي، لـ”العربي الجديد”: “فرض حزب الاتحاد الديمقراطي منذ سيطر على شمال شرق سورية، وخصوصاً المناطق ذات الغالبية الكردية، ثقافة حمل السلاح ووحدة الدماء بين الشباب (18 و30 عاماً) بذريعة تحرير وتوحيد كردستان. لكن تم تجاهله مؤخراً ورفع شعار وحدة الشعوب والأمة الديمقراطية بدلاً عنه.
واستغل الحزب المناطق الفقيرة من بلدات أو أحياء فقيرة، حيث يتم خطف اليافعين واليافعات وزجهم في التشكيلات العسكرية، ومنها منظومة تدعى شبيبة الثورة، التي سمت نفسها في مؤتمرها الأخير شبيبة الثورة السورية، وقد خطفت سابقاً العديد من اليافعين واليافعات، منهم من عرف وأثار ضجة مثل روان عليكو، ومنهم من لم يسمع بهم أحد، ونقلوا إلى معسكرات خاصة تابعة لها ثم إلى معسكرات حزب العمال الكردستاني في قنديل”.
يضيف: “سعى حزب الاتحاد عبر المناهج المؤدلجة إلى تكريس مفاهيم الدم والسلاح والعسكرة بين اليافعين واليافعات، لدفعهم إلى قبول التجنيد، كحال العديد من النشاطات الفنية والثقافية والرياضية لاستهدافهم وخطفهم لصالح معسكراتهم، بهدف استغلالهم ليكونوا وقوداً للحرب”. ويرى الحسكاوي أن “انعكاسات تجنيد اليافعين مدمرة لأجيال المنطقة، إذ يؤدي إلى حرمانهم من حق التعلم واختيار مستقبلهم، وبالتالي مستقبل البلد الذي يحدده ويبنيه أبناء البلد، الذين يتم وضعهم لخدمة أجندات خارجية لا تخدم المجتمع أو البلد”.
وكان مكتب حماية حقوق الطفل بمقاطعة الجزيرة استبعد 54 طفلاً من القوات العسكرية التابعة لقوات قسد، بعد التأكد بأنهم دون السن القانونية وسيجري تسليمهم إلى ذويهم أصولاً، بحسب ما أعلن في مؤتمر صحافي عقد في مكتب حماية الطفل في مدينة عامودا يوم الأحد الماضي، حول استبعاد أطفال كانوا قد انضموا للقوات العسكرية التابعة لقسد.
من جهته، يقول رئيس مكتب حماية الطفل بمقاطعة الجزيرة خالد جبر، خلال المؤتمر: “في إقليم الجزيرة سواء مقاطعة الحسكة أو مقاطعة قامشلو، استبعد 150 طفلاً من القوات العسكرية بشكل متكامل”. ويلفت إلى أنه “اليوم، تم استبعاد 54 قاصراً من القوات العسكرية التابعة لقسد، وفقاً للعهود والمواثيق الدولية، ومع ما تم توقيعه مع الأمم المتحدة بشكل مباشر لعدم ضم القصر للقوات العسكرية”.
ويلفت جبر إلى أن قوات قسد كانت متعاونة بشكل وثيق مع المكتب بهذا المجال، وأصدرت العديد من التعاميم بخصوص استبعاد القصّر. ويقول لـ “العربي الجديد”: “بموجب الاتفاقية الدولية التي وقعت من قبل قسد، يسعى مكتب حماية الطفل، وبتعاون تام مع قسد، لاستبعاد القصر من القوات العسكرية، علماً أن ما تم اليوم هو نتاج عمل دام لأشهر”.
وعن آلية وإجراءات مطالبة العائلات بأطفالهم، يوضح أنه “يتوجب تقديم شكوى إلى مكتب حماية الطفل”، لافتاً إلى أن “أكثر ما نعانيه يتمثل في الأوراق الثبوتية. أحياناً، يتم تغيير أعوام ولادة القصر من 2005 إلى 2003”. يشار إلى أن التقرير الثالث للأمم المتحدة حول حالة الأطفال والنزاع المسلح في سورية، الصادر منتصف العام الجاري، والذي يغطي الفترة الواقعة بين الأول من يوليو/تموز 2018 و30 يونيو/حزيران 2020، يشير إلى تجنيد أو استخدام أكثر من 1400 طفل من قبل 25 طرفاً على الأقل من أطراف النزاع.