جسور للدراسات
مؤسسة مستقلة متخصصة في إدارة المعلومات وإعداد الدراسات والأبحاث المتعلقة بالشأن السياسي والاجتماعي والاقتصادي والقانوني في منطقة الشرق الأوسط والشأن السوري بشكل خاص، لمد جسور نحو المسؤولين وصناع القرار في كافة تخصصات الدولة وقطاعات التنمية لمساعدتهم في اتخاذ القرارات المتوازنة المتعلقة بقضايا المنطقة من خلال تزويدهم بالمعطيات والتقارير المهنية الواقعية الدقيقة.
تمهيد :
يعتبر الائتلاف الوطني السوري الذي تأسس نهاية 2013 الممثل السياسي الرئيسي للمعارضة السورية في مفاوضات الحل السياسي، وفي أية تسوية داخل أو خارج الأمم المتحدة، وعليه فمن الواجب أن يكون الائتلاف مناسبا للاستحقاقات السياسية بمختلف سيناريوهات حل القضية وقد عانى الائتلاف من تجاذبات سياسية مختلفة الاتجاهات، داخلية بين كتله وأعضائه، وخارجية مع باقي تيارات وقوى وشخصيات المعارضة السورية، كذلك تأثر أداؤه ودوره بالانطباع السلبي العام الذي طغى على سمعته؛ كأحد آثار التغيرات الإقليمية والدولية خلال السنوات السابقة، والتي شهدت عجزا عن تحقيق أي أثر ملموس للمسار السياسي في القضية السورية.
وكثيرا ما يتحذث ناشطون أو خبـراء عن ضرورة إعادة النظر في بنيـة الائتـلاف؛ بهدف تحقيق التماسك والفاعلية السياسية، وإيجاد التمثيل والشرعية اللازمة في القضية السورية أو تعزيز ذلك. وبعيدا عن المهاجمين للائتلاف والداعين لإيجاد جسم جديد دون مراعاة الحالة الإقليمية والدولية، فإن الائتلاف بالفعل بحاجة إلى خطط إصلاح تبدأ من النظر كثله وأعضائه والنظام الداخلي والرؤية السياسية، وصولا إلى أدائه ودوره في المشهد السياسي العام، لذلـك تفترض هذه الدراسة التحليلية البداية من إعادة إنتـاج الاثتـلاف بشكل صحيـح ومتـوازن بالنظـر لأهداف الاثتلاف وتعريفه لدوره في القضية السورية، ثم بعد إعادة الإنتاج يكون من السهل الاستمرار في عملية الإصلاح كتعديل النظام الداخلي وآليات العمل. السورية المرحلية أو النهائية.
ولا بذ من بناء التقييم وخطوات الإصلاح على معايير ومنهجية صحيحة، مع مراعاة العوامـل الداخلية والخارجية، ومنها العلاقة مع حلفاء المعارضة، وضمان المصالح المشتركة، ومراعاة المخاطر في كل مرحلة.
وتأتي هذه الدراسة التحليلية بعد ورشات عمل ومقابلات مع سياسيين وخبراء من داخل الاثتلاف وخارجه، ثم نقاش الأفكار والتقييم والمقترحات ضمن فريق بحثي، بهدف وضع إجراءات عملية من الممكن أن تساعد المؤثرين وأصحاب القرار في تعزيز قوة المعارضة السورية ودورها في الاستحقاقات السياسية القادمة.
المنهجية
أولا:
لا يمكن في هذا الموضوع الفصل الكامل بين النظر إلى الكتل التي تكون الائتلاف وعددها 17 كتلة ومدى تمثيلها للقوى السياسية السورية، وبين أعضاء الائتلاف ومدى تحقق عوامل التقييم بشكلها الإيجابي؛ حيث جزء من تقييم الكتل الحالية كان يعتمد على حال الأعضاء الذين داخل هذه الكتل، وتخلص بذلك الدراسة إلى النتائج التالية:
01- نتائج خاصة بالكتل في الائتلاف
نتائج تقييم الواقع الحالي بعض كتل الائتلاف الحالية مؤثرة بين القوى السياسية التي تشكل المعارضة السورية، ولديها بممثليها أو بمرجعيتها نوع وحجم التمثيل والتأثير المناسب سياسيا، وهذا في الغالب كان يترافق مع تقييم إيجابي لممثلي هذه الكتل بناء على عوامل التقييم السابقة، في حين ينتج عن عملية التقييم ضرورة التدخل في بعض الكتل الأخرى كما التالي:
1. الروابط والشخصيات الدينية المستقلة:
من الضروري أن تمثل المرجعيات الدينية بتمثيل مؤسساتي صحيح وليس ضمن كتلة المستقلين أو ضمن روابط محددة، خاصة أن من أهم مؤسسات المعارضة السورية الجامعة المجلـس الإسلامي السوري.
لذلك فالمقترح في عملية إعادة الإنتاج أن يكون للمجلس الإسلامي تمثيل رسمي في الاثتلاف، بحيث يكون لمكونات المجلس جميعا ولأعضائه التمثيل الرسمي التي ينظمها المجلس داخليا، ويكون هذا التمثيل بمرجعية مباشرة منه.
2. الكتل المؤسسة من المجلس الوطني:
كانت النواة الرئيسية في تشكل الاثتـلاف هم أعضاء من المجلس الوطني مع مكونات أخرى تمثل المعارضة السورية، وكانت كتلة المجلس الوطني تسمى سابقا الكتلة الأساسية أو المؤسسة، لكن بعد ذلك ذاب المجلس الوطني في بنية الاثتـلاف ليتوزع أعضاؤه في كتلهم التي أصبحت كتلا ضمن الائتلاف بشكل مباشر، أو ضمن كتلة المستقلين بما يمتلكون من الخبرة والعلاقات، وهذا ما تفترض عملية إعادة الإنتاج استقراره، بحيث تعود مرجعية جميع الأعضاء لكتل سياسية تمثل قوى أو مكونات أو ضمن كثلة المستقلين الذي سيأتي ذكرها لاحقا في هذه الدراسة
3. الحراك الثوري:
كان توسيع الائتلاف بممثلين من الحراك الثوري السلمي أمرا بالغ الأهمية، لكن أصبح هذا الحراك مع تغير الظروف الميدانية محدودا ودون حالة تنظيمية، الأمر الذي جعل هذه الكتلة من أكثر الكتل التي يذكرها المنتقدون كمثال على حالة انفصام الاثتـلاف عن الواقع، في حين لأعضاء الكثلة مساهمات كبيرة ودور هام ضمن كتل أخرى أو كيانات سياسية ينتظمون فيها، أو بخبرتهم وعلاقاتهم فهم جزء أساسي من كثلة المستقلين.
4. رابطة الكرد المستقلين:
تم إدخال الرابطة إلى الائتلاف خلال توسعة عام 2020، ورغم تأثير الرابطة الجيد خاصة في عفرين وعلاقاتها السياسية والاجتماعية الجيدة على المستوى الداخلي والخارجي فإن تمثيلها منخفض حيث يقتصر على ممثل واحد فقط، والمقترح هو رفع تمثيل الكتلة إلى ممثلين اثنين، مع الحفاظ على نسبة الكرد في الائتلاف مع نسبة المكون الكردي في سورية.
5. المجالس المحلية:
تتمسك المعارضة السورية بتمثيل المجالس المحلية حثى للمناطق التي سيطر عليها النظام، خاضة المناطق التي يشكل أبناؤها المهجرين تجمعات في مناطق المعارضة، وهذا فالفعل هام وضروري على المستوى السياسي، لكن بعض ممثلي المجالس المحلية في الاثتـلاف منفصلين تماما عن الصلة بالمجالس المحلية الموجودة والمنتخبة في مناطق المعارضة، وبذلك فهم فاقدو التمثيل وبالتالي جزء هام من التأثير رغم تفاوتهم بالفاعلية، لكن من الضروري في عملية إعادة الإنتاج ضبط هذه الكثلة لتكون مرجعيتها متصلة بالمجالس المحلية على الأرض، وأعضاء الكتلة تسميهم أو تنتخبهم المجالس المحلية بآليات تنظيمية تتوافق عليهم جميع المجالس المحلية في مناطق المعارضة، وهذا مؤثر بشكل كبير على شرعية التمثيل للائتلاف.
6. العشائر:
لتمثيل العشائر كمكونات اجتماعية أهمية سياسية وإعلامية في الائتلاف، لكن لا بد من أن يكون ممثلو هذه الكتلة من الفاعلين والمؤثرين، ولهم وزنهم عشائريا على مستوى سورية، لذلك يجب توجيه مجلس القبائل والعشائر لاختيار ممثلين له في الاثتلاف من أصحاب الخبرة السياسية، وأن يكونـوا وجهاء ومؤثرين في العشائر والقبائـل الكبـرى الرئيسية في سورية، لا أن يكونـوا فقط من أعضاء مجلس القبائل والعشائر.
7. كتلة الفصائل العسكرية:
رغم أنها الكتلة الوحيدة التي تم معالجة الجانب التمثيلي فيها أكثر من مرة، إلا أنها كتلة ضعيفة التأثير في الائتلاف وضعيفة التأثير السياسي ضمن الفصائل وفي مناطق المعارضة، لأن جزء من أعضائها لا يتمتعون بالكفاءة والفاعلية والتأثير وهي من عوامل التقييم، وبالتالي أثر وضع الأعضاء في الكتلة على تقييم الكثلة ضمن الاثتلاف. والمقترح أن يعاد اختيار كامل ممثلي هذه الكتلة من القادة الفعليين للفصائل مع مراعاة الكفاءة السياسية والفاعلية.
8. المستقلين:
يبلغ عدد المستقلين في الائتـلاف 18 عضوا، وهي أكبر كتلة من حيث العدد، ولا يوجد معايير واضحة لانتقاء أعضائها. بعضهم تم اختيارهم بناء على وصولهم وتأثيرهم السياسي، وآخرون تم اختيارهم لتصحيح تمثيل الأقليات الدينية والقومية، أو لتثقيل تيار سياسي ما؛ وبذلك فليس جميع أعضاء هذه الكثلة مستقلين بشكل فعلي، وجزء منهم له انتماء سياسي لأحزاب أو تيارات داخل الائتلاف أو خارجه، وهذا ما يثير إشكالا داخليا بين الكتل بحجم التمثيـل، والمقترح هو أن يكون العضو المستقل في هذه الكثلة لا ينتمي لأي تنظيم سياسي، ويتوفر فيه الكفاءة والتأثير والفاعلية بشكل عال، مثل الدبلوماسيين السابقين ورجال الأعمال والباحثين والإعلاميين البارزين.
02-مقترحات خاصة بالأعضاء
الكفاءة والتمثيـل والفاعلية والتأثير والولاء، هي عوامل التقييم التي تم اعتمادها في تقييم أعضاء الائتلاف وفي عملية إعادة الإنتاج، حيث ينبغي أن يكون الأعضاء مؤمنين بأهداف الائتلاف ورؤيته كشرط واجب، بحيث تنسجم تصريحات ومواقف جميع الأعضاء بالتفاعل الإيجابي مع المعارضة السورية ومؤسساتها ومكوناتها، وبشكل أكثر دقة فإن المراحل التالية في إعادة إنتاج الائتلاف لا بذ أن تساهم في صياغة المشروع الوطني الجامع للشعب السوري، والذي يجب أن يكون الولاء له مقدما على أيا ولاء آخر غير معارض ولا مغاير، حيث وجود ولاء آخر معارض أو مغاير يفقد العضو الشرط الواجب لعضوية الاثتلاف.
أما الشرط الثاني الواجب في جميع الأعضاء فهو الفاعلية، بحيث يتم استبعاد كل عضو يتغيب عن الاجتماعات الدورية والطارئة، ومن ذلك استبعاد الأعضاء غير القادرين على المشاركة بحكم العامل الصحي مثلا. يبقى ثلاثة شروط هي: الكفاءة والتمثيل والتأثير، ولا بد من توفر اثنين منها على الأقل في كل عضو في الائتلاف.
03 -مقترحات الكتل والأعضاء في عملية إعادة الإنتاج
يحتاج الائتلاف الوطني في خطة إعادة الإنتاج إلى أن يضم باقي القوى السياسية الفاعلة والمؤثرة، وأن يعيد توليد حيويته من خلال أعضاء جدد غير مستهلكين بالتجارب السابقة (لا فائدة من إعادة المستقيلين والمخرجين من الائتلاف سابقا)، ومن المهم أن تتوفر في الأعضاء الجدد الكفاءة والتأثير وتوسيع التمثيل مع وجوب توفر الـولاء والفاعلية، وتقترح الدراسة إنتاج الكتل من القوى السياسية والمكونات المؤثرة على الشكل التالي:
1. كتلة المجالس المحلية:
كتلة مكونة من 5 إلى 10 أعضاء يثم انتخابهم من جميع أعضاء المجالس المحلية الرسمية في مناطق المعارضة السورية، وتتوفر فيهم عوامل التقييم بشكل إيجابي، ويتغير أعضاء الكتلة بناء على تغير المجالس المحلية الذي ينبغي أله مؤطر زمنيا بشكل موحد بين كافة المجالس، ومضبوط بالانتخابات كشكل معتمد في التغيير والاختيار.
2. كتلة الهيئات السياسية:
كتلة مؤلفة من 5 أعضاء ينتخبهم أعضاء الهيئات السياسية الممثلة للمحافظات في مناطق المعارضة من الهيئات القائمة أو المستحدثة لاحقا، وتؤطر مدة أعضاء الكتلة بإطار زمني حيث يعاد انتخاب أعضاء هذه الكتلة كل عام أو كل عامين بحسب آليات تمثيل موحدة وعامة تقوم عليها الهيئات السياسية في مناطق المعارضة.
3. كتلة النقابات:
كتلة مؤلفة من 5 أعضاء، تضم رئيس نقابة الأطباء ورئيس نقابة المحامين ورئيس نقابة المعلمين ورؤساء نقابات أخرى في مناطق المعارضة، بشرط أن تكون النقابة عامة، وأن يكون الرئيس تم اختياره بانتخاب أعضاء النقابة له، وتتوفر فيه عوامل التقييم بشكل إيجابي، ويرتبـط استمرار أعضاء هذه الكتلة في الائتلاف بنتائج انتخابات النقابات.
4. كتلة المجلس الإسلامي السوري:
كتلة مؤلفة من 3 أعضاء يسميهم المجلس مراعيا عوامل التقييم الإيجابية ومراعيا التنوع الذي يحتويه المجلس كتنوع فكري وتنوع إثني، ومرجعية هذه الكتلة للمجلس وهو من يحدد التمديد لأعضائها أو استبدالهم.
5. كتلة السوريين الأمريكيين:
كتلة مؤلفة من 3 أعضاء من السياسيين السوريين الأمريكيين الفاعلين في الشأن السياسي، والذين تنطبق عليهم عوامل التقييم بشكل إيجابي، ويقوم أعضاء الائتلاف باختيار ممثلي هذه الكتلة والتصويت على عضويتهم بشرط أن يكون العضو في هذه الكتلة مستقلا (غير منضم لتنظيم سياسي أو تنظيم تمثيلي إثني أو اجتماعي)، وأن تنحصر عضوية أعضاء هذه الكثلة في الائتلاف بعام واحد فقط.
6. كتلة السوريين الأوربيين:
كتلة مؤلفة من 3 أعضاء من السياسيين السوريين الفاعلين في أوروبا، وهم من الفاعلين في الشأن السياسي وتنطبق عليهم عوامل التقييم بشكل إيجابي، ويقوم أعضاء الاثتلاف باختيار ممثلي هذه الكتلة والتصويت على عضويتهم بشرط أن يكون العضو في هذه الكتلة مستقلا (غير منضم لتنظيم سياسي أو تنظيم تمثيلي إثني أو اجتماعي)، وأن تنحصر عضوية أعضاء هذه الكتلة في الائتلاف بعام واحد فقط.
7. كتلة المستقلين:
هناك وجهات نظر متباينة حول أن يكون الائتلاف جسما تمثيليا؛ وبالتالي لا مكان للمستقلين فيه، أو أن يكون هناك كتلة حقيقية تضم لخبا من الباحثين المستقلين، والباحثين في مراكز الدراسات السورية، وإعلاميين بارزين في المؤسسات الإعلامية أو خارجها، وكذلك مستثمرين ورجال أعمال. ويراعى تمثيل النساء في كتلة المستقلين، كما على الكثل السياسية الأخرى أن تراعي تمثيل النساء في قرار داخلي ضمن كلن مؤسسة أو كيان سياسي سوري معارض. ويجب في كتلة المستقلين أن تتوفر معايير التقييم مجتمعة بشكلها الإيجابي باستثناء عامل التمثيل؛ حيث يشترط في هذه الكتلة عدم انتظام العضو فيها في أي حزب أو تيار سياسي أو تنظيم تمثيلي لمكؤن إثني، وعلى ألا تزيد نسبة أعضاء هذه الكثلة على 7.10 من مجموع عدد أعضاء الاثتلاف الذي ينبغي ألا يزيد عن 150 ولا ينقص عن IOO عضو هيئة عامة، ويقوم أعضاء الاثتلاف باختيار أعضاء هذه الكثلة على أن تنحصر عضوية أعضائها في الائتلاف بعام واحد فقط، تماما كما الكتلتين السابقتين. وصحيح أن الكتلتيـن السابقتين (السوريين الأمريكييـن والسوريين الأوربييـن) كثلتـان خاضتـان، إلا أنهما بشكل فعلي هما امتداد للمستقلين في الائتـلاف، الذيـن لا يمثلـون قوى سياسية أو كيانات إثنية، وبذلك فهم مصدر إثراء للاثتلاف بحكم علاقاتهم وكفاءاتهم العلمية والسياسية.
8. كتل الأحزاب السياسية:
ينبغي أن يشمل التمثيل جميع الأحزاب والتجمعات السياسية السورية الرسمية الراغبة في الانضمام للائتلاف، على أن تكون متوافقة مع محذدات تشكيل الأحزاب السياسية من حيث التنظيم وعدد المنتظمين والهوية السياسية المكتوبة والمعلنة ورغبة هذه الأحزاب في الانضمام للائتلاف، وعلى أن تنطبق هذه المحددات على الأحزاب الحالية في الائتـلاف وعلى الداخلة في التوسعة، وأن يمثل كن حزب بممثل واحد على الأقل وثلاثة على الأكثر بحسب حجم الحزب (عدد منتسبيه المعلن عن أسمائهم)، ويطلب من الممثلين عوامل التقييم الواجبة بشكل إيجابي.
ثانيا: خطة إعادة الإنتاج وآلياتها
إعادة إنتـاج الائتـلاف لا يمكن تمريره بقرار في الاثتلاف، حيث ستعطل بعض الكتل الحالية وأعضاؤها -لاسيما من سيكون بإعادة الإنتاج خارج الائتلاف- أي قرار من هذا القبيل، وبذلك فلا يوجد آلية لإعادة الإنتاج إلا بمساهمة من كتـل وأعضاء في الاثتـلاف يؤمنون بضرورة هذا التغيير الجذري مع الجهود الإقليمية والدولية المساعدة في تحقيق هذه الخطوة. وربما تكون الحالة مختلفة لكن من باب استحضار آليات التغيير التي حصلت في مؤسسات المعارضة السورية ممكن تذكر طريقة إعادة إنتاج الهيئة العليا للمفاوضات نهاية 2017 حيث نتج جسم جديد بآليات عمل وهيكلة وأداء جديد باسم هيئة التفاوض السورية، وكانت الثانيـة امتدادا طبيعيا للأولى.
وفي نفس الوقت لا يمكن تنفيذ نفس الآلية في إعادة إنتاج الائتلاف لسبب جوهري وهو أن التغيير المطلوب في الائتـلاف يفترض إضافة عدد من الأعضاء ممن هم خارجه ولا آلية دعوتهم لمؤتمر خاص بالائتـلاف، وعليه فإن طريقة إعادة إنتاج الائتلاف تحتاج إلى تعديلات ممكن رسمها في خطوات مرحلية كما التالي:
• تبني الدول الحليفة والداعمة للمعارضة السورية وللائتلاف لخطة إعادة الإنتاج ودعمها.
• لا بذ من تبني الكثل الحقيقية في الائتلاف والأعضاء الذين تنطبق عليهم عوامل التقييم الإيجابية لضرورة إعادة الإنتاج، إيمانا منهم بذلك، وبتواصل ودعم من الدول الداعمة التي تسهم في جمع نواة موسغة موثوقة من الأعضاء المفترض بقاؤهم في الهيكلية الجديدة للائتلاف ليكونوا من داخل الاثتـلاف نواة دعم إعادة إنتاج المؤسسة وتغيير نظامها الداخلي وتطوير أدائها السياسي.
• أن تعمل هذه الكتل الحقيقية والأعضاء الإيجابيين المشار لهم بمجموعة النواة داخل الاثتلاف على إجراء توسيعات مـن الكتـل والأعضاء المقترحين في هذه الدراسة، وتمتد عمليات التوسعة الأولية هذه حثى قبيل الانتخابات الرئاسية القادمة منتصف 2022 وممكن بذلك أن يرتفع عدد أعضاء الائتلاف من 86 إلى 150 عضوا.
• المرحلة الأخيرة من إعادة إنتـاج الاثتـلاف هو أن تقود مجموعة النواة داخل الاثتـلاف مع الأعضاء المضافين بالتوسعة عملية طرح تعديلات جادة وجذرية في النظام الداخلي في الاثتلاف، والمطالبة بمؤتمر عام وإعادة هيكلة الائتلاف بما يتضمن تنظيم وتنفيذ باقي عملية الإصلاح من الاستبدال والإخراج واستكمال التوسعة، وصولا إلى استقرار الائتـلاف وإجرائه للانتخابات الجديدة منتصف 2022. وبذلك فإن عملية إعادة إنتاج الائتلاف لا بد فيها من جهد من داخل الائتلاف ومن خارجه، ودعم وتيسير من الدول الحليفة، إيمانا وقناعة بضرورة أن يكون هؤلاء الأعضاء وهذه القوى والكيانات ضمن مؤسسة فاعلة وجسم متماسك.
كما وتحتاج المعارضة السورية بمبـادرة مـن الاثتـلاف، ومن القوى والشخصيات خارجه، وبدعم من الدول الحليفة، لإعادة تقييم وتنظيم مختلف المؤسسات والهيئات، حيث تتطلب عملية إعادة إنتاج الائتلاف مساهمة جماعية في حل مشكلات تفرق المجالس المحلية وتعدد الهيئات السياسية في مناطق سيطرة المعارضة، كذلك فإن للنخب السياسية دورها في مساعدة الجيش الوطني على تنظيم صفوفه ومساعدة الحكومة المؤقتة للقيـام بدورها التنظيمي لعمل النقابات والمؤسسات في المناطق المحررة.
خلاصة تحليلية
إن تمثيل المعارضة السورية في مؤسسة تتعامل معها الدول وتعترف بها سياسيا هو من مكتسبات الثورة السورية، ومن الحرص على هذا المكتسب التطلع لإعادة إنتاج الائتلاف كممثل رثيسي للمعارضة السورية في الوسط السياسي الإقليمي والدولي، مع تحوله إلى جسم متماسك قادر على صياغة المشروع الوطني الضامن للتأثير الإيجابي في مسار الانتقـال السياسي في الظروف الراهنة والمستقبلية، كما يضمن تخفيف الأزمات الداخلية والاستقطاب الحاد بين مكونات الاثتـلاف، وبيـن الاثتـلاف ومؤسسات المعارضة ونخبها، وينقذ الاثتـلاف من تراكمات باتت تحد بشكل كبير من تأثيره وفاعليته حثى ضمن مجتمعات المعارضة وبين نخبها ومؤسساتها، ويقدم على مستوى الحاضنة الشعبية والنخب السياسية والثقافية والمجتمعية وعلى مستوى الحلفاء الإقليميين والدوليين وجوها جديدة غير مستهلكة بالتجربة السابقة، وتكون هذه الوجوه ذات كفاءة وتأثير إيجابي مع مشروع المعارضة العام المنسجم مع مصالح حلفائها.
التغييرات الجزثية التي كان يجريها الائتلاف لم تكن جوهرية، حيث لم يكن هدفها الرئيسي تحسين الكفاءة كما حصل في تغيير كتلة الفصائل العسكرية سابقا وتغيير كتلة العشائر، ولم تؤثر هذه التعديلات في الشكل العام للائتلاف، بينما تفترض دراسة إعادة إنتاج الائتلاف تغييرا جذريا في شكل وفاعلية الكثل وتشترط عوامل تقييم إيجابية في الأعضاء الباقين والمضافين، وهذا ما يضمن فاعليتها في تغيير حالة عدم أهلية الائتلاف كمؤسسة ممثلة للمعارضة لأي استحقاقات سياسية تتعلق بمستقبل سورية.
لا تفترض هذه الدراسة المرونة والسلاسة المطلقة في إعادة الإنتاج هذه، ومن المؤكد وجود عقبات، بعضها يتعلق بتخؤفات أمنية وسياسية من حجم هذا التغيير الكبير وخاصة لدى القوى الإقليمية والدولية الداعمة للمعارضة السورية، ولذلك راعت هذه الدراسة طريقة تدرج تنفيذ هذا التغيير بحيث يكون التقييم والمراقبة وإمكانية التعديل حاضرة في كل مرحلة، كما اهتمت بالنواة الداخلية والدقة في اختيار الإضافات بحيث تكون مراعاة عوامل التقييم بشكلها الإيجابي إحدى أهم الضمانات أمام هذه التخوفات، كما تفترض الدراسة الممانعة ومقاومة التغيير من الأعضاء والكتل الحاليين، ولذلك عالجت الموضوع بضرورة التبني الخارجي لإعادة الإنتاج ثم الاعتماد على النواة الداخلية وإجراءات التوسعة لمعالجة هذه العقبات.
اخيرا :
لا يعني تنفيذ إعادة إنتـاج الاثتـلاف وجوبا تغيرات في الموازين السياسية حيـال القضية السورية، إذ ألها أصبحت مرتبطة بجملة واسعة من التعقيدات الدولية، لكن الإصلاح يضمن أن يكون لدى حلفاء المعارضة السورية شريك سياسي قادر على أداء مناسب وتأثير واسع في أي استحقاق قادم في القضية السورية.