_ اللجنة الدستورية لم تحقق حتى الآن شيئا يُذكر على مستوى تطلعات السوريين وثورتهم.
– النظام وحلفاؤه يعطّلون الحل السياسي على أمل أن ينجح الحل العسكري.
– روسيا لا تزال تحاول حرف المسار السياسي عن المظلة الأممية نحو المظلة الروسية.
– أهداف واشنطن وسياستها الخارجية لا تتغير جوهريا بتغير الإدارة الموجودة في البيت الأبيض.
– تقدمت بمقترح لرفع نسبة التصويت داخل هيئة التفاوض من أجل منع استفراد أي مكون بالقرار.
قال رئيس هيئة التفاوض السورية، أنس العبدة، إن “اللجنة الدستورية التي شكّلتها الأمم المتحدة لم تحقق حتى الآن شيئا يُذكر على مستوى تطلعات السوريين وثورتهم”، لافتا إلى أن “كل جولات المحادثات السابقة كانت غير ناجحة، وغير ثمينة، لأن النظام لا يريد الانخراط في أي عملية سياسية بجدية”.ولفت، في مقابلة خاصة مع “عربي21″، إلى أن “مسار اللجنة الدستورية دون بند ضاغط سيؤدي إلى انهيار هذا المسار والعملية السياسية كاملة”، موضحا أنهم أخبروا الأمم المتحدة ومجلس الأمن بهذا الأمر سابقا أكثر من مرة.
وشدّد العبدة على أن “المسار السياسي – وتحديدا اللجنة الدستورية – لن ينجح في حال استمر وفق المنهجية الحالية”، مطالبا بضرورة وجود جدول زمني، ومنهجية واضحة وعملياتية، وتفعيل بقية بنود القرار (2254).وأشار رئيس هيئة التفاوض السورية إلى أن “روسيا حاولت سابقا حرف المسار السياسي عن المظلة الأممية نحو المظلة الروسية، ويبدو أنه ما زال لديها تصور أنه يمكن إفشال المسار الأممي لصالح المسار الروسي”، مؤكدا أن “النظام وحلفاؤه يحاولون تمييع أي مسار سياسي، ويحاولون دفع السوريين إلى اليأس، ويحاولون إطالة أمد اللقاءات المُفرغة من معناها”.
وتاليا نص المقابلة الخاصة:
كيف تقيم مُجمل عملية المفاوضات السياسية التي انطلقت منذ العام 2014 وحتى الآن؟ ولماذا تصرون على ضرورة الاتفاق على كل شيء؟
إننا في هيئة التفاوض السورية نُصرّ على أنه لا يمكن الاتفاق على شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء من باب ضمان حقنا كشعب سوري، إذ أن النظام وحلفاءه يحاولون تقسيم العملية التفاوضية، وجعل كل كتلة فيها مسارا غير متصل بالآخر. لذلك على سبيل المثال نحنُ نصرّ على أن عمل اللجنة الدستورية وحده ليس الحل، ولا بد من بدء العمل على بقية بنود القرار الأممي (2254)، بما في ذلك أبرز بند فيه، وهو هيئة الحكم الانتقالي. السوريون ملّوا التسويف وضعف الإرادة الدولية، ومحاولات تقسيم المطالب المُحقة التي خرجوا من أجلها، وبذلوا كل غالٍ ونفيس، لذلك من واجبنا أن نسعى ونتصلب عند مبدأ أن الاتفاق على كل شيء هو الأصل، وكل ما يتم التوصل إليه قبله هو غير قابل للتنفيذ قبل ضمان حق السوريين كاملا.
كما أريد التأكيد هنا على أن ملفات عديدة مثل وقف القتل، وإطلاق سراح المعتقلين، وفتح السجون أمام لجان التحقيق، هي ملفات ما فوق تفاوضية، لذلك ينبغي عدم ربطها بأي عملية تفاوض سياسية، هي ملفات ينبغي حلّها فورا دون الوقوف على تعقيدات أو تسويفات المسارات السياسية.
لماذا لم تسفر جميع جولات “اللجنة الدستورية” التي شكلتها الأمم المتحدة عن أية نتائج حتى الآن؟ وما فرص نجاح اللجنة في المستقبل؟
اللجنة الدستورية لم تحقق حتى الآن شيئا يُذكر على مستوى تطلعات السوريين وثورتهم، كانت كل الجولات السابقة غير ناجحة، وغير ثمينة. وسبب ذلك أصبح واضحا وجليا للمتابعين، النظام لا يريد الانخراط في أي عملية سياسية بجدية، قلنا هذا أكثر من مرّة، وأخبرنا الأمم المتحدة ومجلس الأمن أن مسار اللجنة الدستورية دون بند ضاغط سيؤدي إلى انهيار المسار والعملية السياسية كاملة. النظام وحلفاؤه يحاولون تمييع أي مسار سياسي، ويحاولون دفع السوريين إلى اليأس، لذلك كان وفد النظام خلال الجولات الخمس الماضية يأتي دون حقيبة، يُسجل حضوره، ويتحدث عن مواضيع لا علاقة لها بالدستور، أو بمستقبل السوريين، ويحاول إطالة أمد اللقاءات المُفرغة من معناها، دون أن يقبل البدء بالعمل على بقية بنود القرار الأممي (2254).
بالتأكيد كانت الجولة الماضية من اجتماعات اللجنة الدستورية مفصلية، وبتصورنا أنها أوصلت رسالة واضحة للمجتمع الدولي، هي أن النظام لا يريد العمل، وهو الطرف المُعطل. وهذا يمكن لمسه في تصريحات المبعوث الأممي إلى سوريا بعد انتهاء الجولة، وأيضا في إحاطته أمام مجلس الأمن في التاسع من شهر شباط/فبراير الماضي.
لم يكن لدى المبعوث الأممي إلا أن يُقر بتعطيل النظام، وأن يؤكد أن مسار الدستورية في شكله الحالي لن يحقق أي نتيجة، وأنه ينبغي وجود آلية وتكاتف دولي لدفع العملية.التقينا مع بيدرسون في مدينة إسطنبول التركية بعد زيارته إلى دمشق، أكدنا له أن المسار السياسي وتحديدا اللجنة الدستورية لن تنجح في حال استمرت وفق المنهجية الحالية، وأعدنا التأكيد على الطلبات التي أرفقناها في رسالتنا إلى مجلس الأمن، بما فيها ضرورة وجود جدول زمني، ومنهجية واضحة وعملياتية، وتفعيل بقية بنود القرار (2254).
هذه مطالب تدعم العملية السياسية ككل وليس اللجنة الدستورية فحسب.
هل في حال تأزم وفشل الحل السياسي يمكن اللجوء إلى الخيار العسكري؟ وهل الحل العسكري يمكن له النجاح؟
لا يوجد حلّ عسكري في سوريا، النظام وحلفاؤه يعطّلون الحل السياسي على أمل أن ينجح الحل العسكري والاعتداءات العسكرية، وهذا ما لم يستطيعوا تحقيقه، لأن الحل العسكري هو حلّ عقيم في الحالة السورية.
ولذلك لا بديل عن المسار السياسي من أجل الوصول إلى حل يلبي تطلعات الشعب السوري، وهذا المسار ينبغي أن يكون تحت مظلة أممية، وآليات ضغط من قِبل مجلس الأمن، لأنه دون الضغط على النظام وحلفائه سيكون الحل السياسي كمسلسل لا نهاية له.
كيف تقيمون حقيقة الموقف الروسي من المسار السياسي والدستوري؟
روسيا حاولت سابقا حرف المسار السياسي عن المظلة الأممية نحو المظلة الروسية، ويبدو أنه ما زال لديها تصور أنه يمكن إفشال المسار الأممي لصالح المسار الروسي. ومن هنا نرى صمت الروس عن كل تعطيل للنظام، ودعمهم له ولتعطيله رغم وضوح الرؤية للعالم أجمع بأن النظام لا يريد حلّا سياسيا.
البعض يرى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرشح لأن يقود عملية تسوية للأزمة السورية عن طريق تفاهمات مع إسرائيل تهدف لتقليص الدور الإيراني في سوريا.. فهل ستسمح إدارة بايدن بأن يقود بوتين عملية تسوية للأزمة؟من غير المتوقع أن تتخلى واشنطن عن مصالحها في الشرق الأوسط لصالح الجانب الروسي، لواشنطن مصالح في الشرق الأوسط تختلف عن مصالح الجانب الروسي، لذلك فإن القول بأن روسيا يمكن أن تقود العملية السياسية في سوريا بتفويض أو موافقة أمريكية هو أمر مستبعد، أهداف واشنطن في سوريا لا تتناسب مع أهداف موسكو.
هناك مَن يرى أن الملف السوري يشهد حالة من الترقب الحذر بانتظار الخطوات الأولى التي ستتخذها الإدارة الأمريكية الجديدة.. فهل ستتخذ إدارة بايدن استراتيجية مختلفة عن إدارة سابقه دونالد ترامب؟
أهداف واشنطن وسياستها الخارجية لا تتغير جوهريا بتغير الإدارة الموجودة في البيت الأبيض، لكن من الطبيعي أن تختلف مقاربات التنفيذ لهذه السياسة.
قانون قيصر مثلا هو قانون توافقي لا علاقة له بحزب معين، مصالح واشنطن في الشرق الأوسط غير مرتبطة بحزب معين أيضا.
ما أبعاد الخلافات داخل هيئة التفاوض السورية؟ وهل تم احتواؤها تماما أم لا؟
دعني أولا التأكيد مُجددا أن الخلاف داخل هيئة التفاوض السورية هو خلاف تقني، ولا تأثير سلبي منه على عمل الهيئة، سواء في العملية السياسية، أو في نشاط وعملياتية اللجان داخل الهيئة. نحن في طور التفاوض من أجل التوصل إلى حل داخلي للخلاف، وقدّمت في وقت سابق مقترحا يُبعد أي شبهة حول استفراد مكون ما داخل الهيئة بالقرار.
المقترح الذي تقدّمت به لمكونات الهيئة يتضمن رفع نسبة التصويت داخل الهيئة من (50+1) إلى (%60)، ويتضمن إدخال أربع شخصيات من المستقلين الجدد إلى الهيئة، والإبقاء على أربع شخصيات من المستقلين الحاليين. أنا أؤمن أن هذا المقترح يمنع استفراد أي مكون بالقرار، هذا مع التأكيد أن عتبة التصويت على القرارات السياسية داخل الهيئة هي بنسبة (72%)، بمعنى أنه لا يمكن لأي مكون أن يكون صاحب قرار دون موافقة بقية المكونات. نحن نحرز تقدما في الوصول إلى حل.