درعا 24
مما لاشكَّ فيه أن مشكلة المخدرات وتعاطيها والترويج لها هي من أكبر المشاكل التي تُهدد المجتمع، فكيف إذا وصلت هذه الآفة الاجتماعية إلى المنظومة التعليمية وإلى المدارس والأطفال على وجه الخصوص، وهذا ما يحدث في محافظة درعا وريفها، حيث وجد تُجّار المخدرات والمُروجون لها طريقاً سهلاً للوصول إلى المدارس، وذلك عبر استغلال الأوضاع الاقتصادية المتردية، والفوضى الأمنية التي تعيشُها المحافظة، وغياب رقابة الأهل.المخدرات وترويجها يصل إلى المدارس في درعا
ترويج المخدرات في المدارس
معلّمة في مدينة نوى قالت لمراسلة درعا 24 بأنها لاحظت أن بعض الطالبات في إحدى المدارس بدا عليهن الخمول بشكل غريب، فشكّت في أمرهن وأخبرت مدير المدرسة الذي استدعى أهلهن، وقد تبين بأن أحد الطالبات وزّعت عليهن حبوباً، وقالت بأن هذه الحبوب تساعدهن على الدراسة، ويستطعن السهر دون أن يشعرن بالنعاس.
أظهرت التحقيقات بأن هذه الحبوب هي حبوب مخدرة ويسمونها محلياً (يا مسهرني)، حيث يشعر المتعاطي بالنشاط في بداية الأمر ثم يظهر لاحقاً تأثيرها السلبي على كامل أعضاء الجسم، ويدمن الانسان عليها.
وقد تبين بأن أخو الطالبة (وهو متعاط ومروّج للمخدرات) يقوم بإعطاء أخته الحبوب لتوزيعها على زميلاتها، وبعد إدمانهن عليها يتم استغلالهن وأخذ النقود منهن
. لا روادع للتعاطي والترويج في المدراس ولا جهة لتقديم الشكاوى
(أ.س) مرشدة اجتماعية في إحدى المدراس الثانوية للبنات في ريف درعا في حديثها مع مراسلة درعا 24 تقول: “اشتكت طالبة إلى مدير المدرسة بأن إحدى زميلاتها في المدرسة توزّع “سكاكر” على الطالبات وهذه ليست المرة الأولى، وعند السؤال عن السبب لم تجب بل اكتفت بالقول “إذا عجبك بجيب لك أكثر”.
وتابعت المرشدة «تبين لاحقاً بأنها تحوي مواد مخدرة! وما دفعنا للشك في تصرف الفتاة هو عدم وجود سبب يبرر فعلها، والوضع المادي السيئ الذي تعاني منه عائلتها».
وعند سؤال مراسلتنا للمرشدة عن الإجراءات التي تم اتخاذها تجاه الفتاة قالت: “أن المدير لم يتخذ أي إجراء بل اكتفى بمراقبة تصرفات الفتاة، وإغلاق باب المدرسة خلال فترة الدوام لتقييد حركة الطالبات، وعدم خروج أي طالبة من المدرسة دونَ إذن منه”.
وأضافت أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم التعامل مع مثل هذه المشاكل بنفس الطريقة “إذ أنَّ أحد المعلمين في المدرسة الثانوية للبنين وجد مع الطلاب كميات من الحبوب المخدرة يتداولونها بينهم لتجريبها على حد قولهم، دون إدراك خطورة ما يفعلونه، وأخبرهم أنه سيبلّغ ذويهم فقط”.
(أم عمار) من إحدى بلدات الريف الغربي قالت لمراسلة درعا 24: «أن ابن جيرانهم وعمره 19 ترك دراسته، ويعاني من خلافات دائمة مع أهله، وساءت حالته النفسية والصحيّة، ولم يعرف أهله السبب ليتبين لاحقاً بأنه يتردد على أحد الصّالات الرياضية في المدينة، حيث ورّطه بعض الأشخاص في تعاطي المخدرات وترويجها
وأضافت بأن أهل الشاب حاولوا تخليص ابنهم مما هو عليه لكن دون جدوى “لأن الولد تورط وما بقدر يترك هذا السم ” حسب تعبيرها
.حالة الفوضى جعلت المنطقة مرتعا للمخدرات
أصبحت محافظة درعا في السنوات الأخيرة مرتعاً لتجارة المخدرات، وتهريبها من وإلى سوريا، بسبب غياب الامن وحالة الفوضى الموجودة فيها، وكونها حدودية مع الأردن، ودائماً ما يعلن الجانب الأردني إحباط عمليات تهريب من الجانب السوري، وقد شهدت المحافظة الكثير من الاغتيالات لأشخاص متهمين بتجارة المخدرات.
ونشط تهريب المخدرات في المحافظة وفي الجنوب السوري بشكل عام بعد توقيع اتفاقية التسوية والمصالحة في منتصف العام 2018، حيث جعلت حالة الفوضى التي سادت بعدها مليشيات تتبع لحزب الله اللبناني وإيران، تنشط بشكل كبير، في مجال تصنيع المخدرات وبيعها وترويجها في المنطقة، وتهريبها باتجاه الأردن، وقد اتهم الجانب الأردني أكثر من مرة الجيش السوري ومليشيات تابعة له بتسهيل تهريب المخدرات باتجاه أراضيه
. في حين اتهم المندوب السوري في مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في فيينا “حسن خضور” أطرافاً دولية بنشر المخدرات وتهريبها وترويجها بهدف “دعم وتمويل تنظيمات إرهابية”. وزعم خضور في بيان ألقاه أمام اللجنة الخاصة بمنع الجريمة والعدالة الجنائية في الأمم المتحدة بدورتها الـ 31 في العاصمة النمساوية، أن “مشكلة المخدرات تنامت في السنوات الأخيرة بفعل سيطرة التنظيمات الإرهابية المدعومة من عدة دول على بعض المناطق الحدودية ونشاط الجماعات الإجرامية العابرة للحدود”، وفق ما نقلت وكالة (سانا) الرسمية. فيما كانت أعلنت السلطات السورية سيطرتها بشكل كامل على الجنوب السوري في منتصف العام 2018.
قانون أمريكي حول تجارة المخدرات في سوريا
تأتي تصريحات المندوب السوري بالتزامن مع إعلان مجلس النواب الأميركي الموافقة على قرار قانون ميزانية وزارة الدفاع الأميركية للسنة المالية القادمة 2023 بمبلغ 858 مليار دولار، يتضمن مشروعاً لتفكيك إنتاج النظام السوري لمخدر الكبتاجون (قانون الكبتاجون). وينصّ القانون على أن تجارة المخدرات المرتبطة بالنظام في سوريا تعتبر “تهديداً أمنياً عابراً”، ويطالب الوكالات الأميركية بوضع استراتيجية مكتوبة خلال مدة أقصاها 180 يوماً، لتعطيل وتفكيك إنتاج المخدرات والاتجار بها، والشبكات المرتبطة بنظام الأسد في سوريا والدول المجاورة.
حيث سيطلب من وزارة الدفاع والخارجية والخزانة، وكلّ من إدارة مكافحة المخدرات، ومكتب المخابرات الوطنية، والوكالات الفيدرالية الأخرى، تقديم استراتيجية للكونغرس لتفكيك شبكات إنتاج وتهريب المخدرات وفق استراتيجية من ستة بنود رئيسية هي:
1- استراتيجية لاستهداف وتعطيل وإضعاف الشبكات التابعة للنظام السوري التي تدعم بشكل مباشر أو غير مباشر عملية تصنيع المخدرات، ولا سيما من خلال الدعم الدبلوماسي والاستخباراتي للتحقيقات لإنفاذ القانون، وبناء القدرة على مكافحة المخدرات للدول الشريكة من خلال المساعدة والتدريب لأجهزة إنفاذ القانون في الدول التي تتلقى أو تعتبر نقطة عبور لكميات كبيرة من “الكبتاجون”
.2- المعلومات المتعلقة باستخدام السلطات القانونية، بما في ذلك قانون “قيصر” لحماية المدنيين، وقانون “تعيين الشبكات الأجنبية للمخدرات” ، وقانون المساعدة الخارجية، والإجراءات المرتبطة باستهداف الأفراد والكيانات المرتبطة ارتباطًا مباشرًا أو غير مباشر بالهيكلية الأساسية لشبكات المخدرات التابعة للنظام السوري.
3- المعلومات المتعلقة باستخدام العلاقات الدبلوماسية العالمية المرتبطة بحملة الضغط الاقتصادي على النظام، لاستهداف بنيته التحتية المتعلقة بالمخدرات.
4- استراتيجية للاستفادة من المؤسسات المتعددة الأطراف، والتعاون مع الشركاء الدوليين لتعطيل البنية التحتية للمخدرات للنظام.
5- استراتيجية لتنظيم حملة إعلامية عامة لزيادة الوعي لعلاقة ومدى ارتباط النظام في سورية بتجارة المخدرات غير المشروعة.
6- وصف للبلدان التي تتلقى شحنات كبيرة من “الكبتاجون” أو تعبرها، وتقييم قدرة مكافحة المخدرات في هذه الدول على اعتراض أو تعطيل تهريب “الكبتاجون” ، بما في ذلك تقييم للمساعدة الأمريكية الحالية، وبرامج التدريب والمساعدة لبناء هذه القدرات في هذه الدول. حيث يقدم مشروع القانون الدعم للدول الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة، التي تواجه تهريب المخدرات إلى أراضيها، وبشكل خاص الأردن ودول الخليج العربي.