أنطاكيا- «القدس العربي»: أثار اعتذار «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، عن مجزرة كانت قد ارتكبتها في مدينة عامودا بريف الحسكة في العام 2013، أودت بحياة 6 قتلى وعشرات الجرحى، ردود فعل متباينة في الأوساط الكردية السورية. واعتبرت مجموعة عائلات القتلى أن الاعتراف والاعتذار لا يكفي، واشترطت في بيان وصل لـ»القدس العربي»، قبل الموافقة على المصالحة، محاكمة القيادات السياسية لحزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي آنذاك الذين اتخذوا القرار ومعاقبتهم، ومحاكمة القيادات العسكرية للوحدات آنذاك الذين اتخذوا القرار ومعاقبتهم، وأخيراً الاعتذار الرسمي والعلني في وسائل الإعلام لأهالي عامودا عامة وذوي القتلى خاصة.في المقابل، أعربت أوساط كردية عن تقديرها للخطوة التي أقدمت عليها «وحدات الحماية»، واصفة إياها بـ»الخطوة الشجاعة»، مطالبة كل الأطراف السورية بالتحلي بثقافة الاعتذار عن المآسي التي تعرض لها الشعب السوري.وشكك رئيس «رابطة المستقلين الكرد السوريين»، عبد العزيز التمّو، بنوايا «الوحدات» و«قسد»، واصفاً الاعتذار بـ «التضليل» الهادف إلى تحسين صورة قائد «قسد» مظلوم عبدي، في الشارع الكردي في سوريا. واتهم فيتصريح لـ «القدس العربي»، عبدي بصفته قائد «قسد» بإعطاء الأوامر المباشرة لقتل المعتصمين والمتظاهرين في حينها، متسائلاً: «هل يكفينا اليوم إن قدم رئيس النظام السوري بشار الأسد الاعتذار للشعب السوري، وما جدوى الاعتذار إن بقي المجرم طليقاً، بل وعلى رأس منصبه أيضاً». وفي موقف متطابق مع عائلات الشهداء، طالب التمّو، بمحاكمة قيادة «الوحدات»، عن مجزرة عامودا، والمجازر الأخرى التي ارتكبت على مدار الأعوام الماضية، وقال: «الوحدات ارتكبت مجازر أخرى باعتراف منظمة العفو الدولية (أمنستي)».أما الصحافي الكردي شيرزان علو، فاعتبر أن الاعتذار المتأخر كثيراً عن مجزرة عامواد، إنما يؤكد حدوث انشقاقات وصراعات غير ظاهرة بين التيارات داخل «الوحدات» و«قسد».وأوضح في حديثه لـ «القدس العربي»، أن «عبدي يريد أن يكون هناك فصل تام بين «وحدات الحماية» باعتبارها تشكيلاً كردياً سورياً، وبين «حزب العمال الكردستاني»، بهدف ترتيب المنطقة والصف الكردي والعربي لإدارة المنطقة، بتنسيق أمريكي وأوروبي». وأضاف علو أن مقابل ما يريده عبدي ، تصر بعض القيادات من حزب «الاتحاد الديمقراطي» وعلى رأسهم آلدار خليل البقاء مع «العمال الكردستاني» ومن خلفه قنديل، وتابع «هذا الاعتذار يعطينا إشارة أن مظلوم عبدي يحاول إصلاح ما أفسدته قيادات قنديل، لتقوية نفوذه من جهة، ولطرح نفسه كزعيم وقائد من جهة أخرى».كذلك أشار الصحافي، إلى تزامن الاعتذار مع المحادثات الكردية- الكردية، وقال: « معلوم أن مظلوم عبدي هو صاحب مبادرة التفاوض مع «المجلس الوطني الكردي»، بأوامر أمريكية، حيث تعمل واشنطن على توحيد الصف الكردي لدعم شرعية عبدي من جهة، وفتح محادثات بين الكرد والمعارضة لتشكيل كتلة قوية تكون هذه الكتلة قادرة على التفاوض ولها أوراقها القوية في تشكيل النظام المستقبلي لسوريا».ورفض المتحدث باسم «وحدات الحماية» نوري محمود، التعليق على سبب تأخر اعتذار تشكيله عن المجزرة التي مضى عليها نحو7 سنوات، وقال لـ «القدس العربي»: أصدرنا بياناً أوضحنا فيه كل ما لدينا، وليس لدينا إضافات جديدة. وفي العام 2013، قام عناصر من وحدات الحماية بقتل وجرح مدنيين، عبر إطلاق الرصاص عليهم في مدينة عامودا في ريف الحسكة، في وقت كانت تشهد فيه المنطقة احتجاجات على خلفية اعتقال الوحدات لثلاثة ناشطين ضمن الثورة السورية، ودخل حينها عدد آخر من الناشطين في إضراب مفتوح عن الطعام إلى أن يتم إطلاق سراح الناشطين الثلاثة.وقامت وحدات الحماية بإطلاق الرصاص الحي لتفريق مظاهرة في المدينة، طالبت بالإفراج عن المعتقلين، ما أوقع ستة قتلى من المدنيين، بينهم أطفال، إضافة إلى إصابة العشرات بجروح. والجمعة أعلن عبدي، جاهزيته للاعتذار والتعويض المعنوي والمادي للمتضررين وذوي ضحايا «مجزرة عامودا»، وقال خلال اجتماع لجنة كلفت بعقد الصلح مع أهالي المدينة شمالي الحسكة، إنهم وافقوا على كل البنود التي توصلت إليها «اللجنة المكلفة بإقامة الصلح مع عوائل شهداء فاجعة عامودا في 2013». وأضاف: «نتطلع لحل كافة القضايا وإزالة العقبات والعثرات أمام الوحدة الكردية»، في إشارة إلى الاتفاق الأخير مع «المجلس الوطني الكردي» المنضوي في «الائتلاف السوري» المعارض.