• الجمعة , 27 ديسمبر 2024

تصحيحا لتوصيفات خاطئة : الكرد السورييون ليسوا بارزانيين ولا أوجلانيين

صلاح بدر الدين

تصحيحا لتوصيفات خاطئة : الكرد السورييون ليسوا بارزانيين ولا أوجلانيين

في خضم التراشقات الإعلامية الحزبوية الضيقة الأفق والاتهامات الكيدية المتبادلة يتم الخروج عن اطار النقاش الهادئ والتفكير النظري العقلاني والاستقامة في نقل الوقائع والقرائن حيث تستبدل قراءة وتقييم التاريخ بموضوعية وحيادية الى تحايل وتزييف وانتقام من هذا التيار وذاك الشخص وكما أرى فان الحركة الكردية السورية وروافعها التنظيمية وتراثها الفكري ووقائعها وبناتها ومناضلوها من اكثر الحركات التي تعرض تاريخهم الى التزوير والاخفاء والتلفيق ان كان من جانب اعلام وأجهزة الأنظمة والحكومات المتعاقبة أو من جانب الدخلاء والوافدين الجدد قسرا الذين من مصلحتهم امحاء كل صفحة ناصعة في ذلك التاريخ حتى يتسنى لهم الظهور كبديل وهم أساسا لايخفون الزعم المفرط بالمبالغة الدعائية بان تاريخ الكرد بكل مكان بدأ بظهورهم .بداية اعترف ومع احترامي لكرامة وقيمة أي كائن بشري صديقا كان ام خصما كرديا كان أو من قوميات أخرى ومن منطلق لقاءاتي ومعرفتي الشخصية بهما بانه لامجال للمقارنة من حيث المضامين النضالية والمنابع التاريخية والمسار السياسي وقيم – الكردايتي – بين شخصيتي الزعيم القومي الراحل ملا مصطفى بارزاني وقائد حزب العمال الكردستاني – التركي عبد الله اوجلان ولولا الضرورة العلمية لتفنيد الادعاءات وتصحيح بعض المفاهيم لما وضعت لمقالتي ذلك العنوان .

عودة الى الوراءنشأ الحزب المنظم الأول – الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا قبل نحو سبعة عقود كحاجة موضوعية للتعبير عن طموحات الكرد السياسية والمستقبيلية والدفاع عن وجودهم وحقوقهم وقد جاءت التسمية متوافقة مع متطلبات تلك الظروف خلال الصراع بين الغرب الاستعماري والشرق الاشتراكي المؤيد لحق الشعوب في تقرير المصير وفي تلك المرحلة كان الغرب الداعم الأساسي للأنظمة الشوفينية التي تضطهد الشعب الكردي وهو المسؤول عن تقسيم كردستان أساسا وواضع اتفاقية سايكس – بيكو لذلك كانت بدايات ظهور الحركة الكردية تتميز بالتوجه اليساري مقتدية ببرامج وتسميات وأحزاب كان الاتحاد السوفييتي قد ساهم بقيامها تحت عنوان حركات التحرر الوطني الديموقراطي وظهرت في سائر أجزاء كردستان أحزاب ديموقراطية مثل : الحزب الديمقراطي الكردستاني – ايران والحزب الديمقراطي الكردستاني – العراق والحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا والحزب الديمقراطي الكردستاني – تركيا .خضع ظهور الحزب في سوريا كتعبير عن إرادة الكرد ومستوى وعيهم آنذاك وتحت تأثير موازين القوى الدولية كما ذكرنا من دون اغفال التأثيرات المباشرة لحركات البارزانيين في نشر الوعي القومي وإعادة الامل وكاريزمية شخصية مصطفى بارزاني الذي ذاعت صيتها ثم مساهمة بعض اعضاء حزبه الذين تواجدوا بدمشق في التمهيد لنقل تجربتهم واستفادة الناشطين الكرد السوريين منها في إقامة حزبهم ومنذ الأيام الأولى كانت القيادة المؤسسة ل ( ح د ك – س ) على تماس وعلاقات مع اشقائهم بكردستان العراق وكانت شخصية بارزاني موضع احترام وتقدير لديهم جميعا دون استثناء وتوجه معظم أعضاء القيادة ان لم نقل الكل الى العراق وكردستان للقاء بارزاني بل ان العديد مكثوا هناك وعملوا بمؤسسات الحزب والثورة والبيشمةركة وبعد حدوث انشقاق ١٩٦٦ بالحزب والثورة بكردستان العراق وقفت الغالبية مع قيادة بارزاني الشرعية وخصوصا سكرتير حزبنا الاتحاد الشعبي السابق اوصمان صبري .علاقات كرد سوريا السياسية مع البارزانيين قديمة تبدأ تحديدا من خلال حركة – خويبون – في عشرينات القرن الماضي وجمعتهم الاقدار لدى قيام جمهورية مهاباد وتجدد التواصل خلال ثورتي أيلول وكولان وبعد اعلان الفدرالية وحتى الان لذلك يمكن القول ان تلك العلاقات كانت في نطاق العمل القومي والوطني والنضالي والاخوي مع انها مرت احيانا بمنعطفات غير مستحبة ولكنها لم تكن قاعدة بل استثناء .مصطفى بارزاني الذي اعتبرته المؤسسات العلمية التاريخية العالمية مع صلاح الدين الايوبي كشخصيتين كرديتين مرموقتين مع مجموعة أخرى في الالفية الثالثة والذي انخرط في صفوف الحركة التحررية الكردية وهو مازال يافعا وقاد انتفاضات وثورات ضد الاستعمار البريطاني وحكومات بغداد الشوفينية وشارك بإقامة جمهورية مهاباد ثم اضطر الى التوجه نحو الاتحاد السوفييتي باطول مسيرة وعانى الامرين من ظلم الدكتاتور ستالين الى ان عاد الى العراق مارا بمصر للقاء جمال عبد الناصر ثم قاد ثورة أيلول التي حققت الحكم الذاتي عام ١٩٧٠ والذي شكل نواة لقيام الفدرالية وسلطة الإقليم الفدرالية فيما بعد .نهج بارزاني أو – البارزانيزم – يستحق هذا القائد في مسيرته النضالية الطويلة التي تربو على الستين عاما والذي عاصر الملكية والاستعمار وجمهورية مهاباد والاشتراكية والحرب الباردة وسقوط المنظومة السوفيتية وسقوط الملكية وقيام الثورة واداؤه بين الجماهير وحكمته ونجاحاته واخفاقاته أن يجري الاهتمام بتاريخه وما حققه وما مرت عليه من اهوال فتاريخه عبارة عن تاريخ الحركة الكردية في جزء متقدم من أجزاء كردستان الذي ينعم الان بفضل دوره بالفدرالية المتقدمة .عندما أقمت بإقليم كردستان العراق منذ قبل خمسة وعشرين عاما كان هاجسي أن اتابع تاريخ هذالرجل وآثاره وتركته حتى امكنة اقاماته خلال الحرب والسلم فقمت بزيارات ميدانية حتى الى الكهف الذي استقر فيه واطلق الطلقة الأولى منها عندما بدأت ثورة أيلول وبدأت بجمع الوثائق المتعلقة به وكلماته في مؤتمر باكو وكونفرانس – كاني سماق – السياسي العسكري واستخلصت بعد دراسة استمرت نحو عامين ملامح أساسية لفكره ومسيرته وتوجهاته والدروس التي يمكن الاستفادة منها في قادم الأيام وعندما أقيم مؤتمران علميان بمناسبة ميلاده المائة والمائة وواحد في بلدة صلاح الدين ساهمت بمداخلتين مطولتين أشرت فيهما الى نهجه وبدلا من استعمال تعبير نهج البارزاني او ريبازا بارزاني باللهجة السورانية استخدمت المصطلح الكرمانجي – بارزانيزم – ومن حيث اللغة لافرق بين التسميات الثلاثة .لقد استخدمت – بارزانيزم – إشارة الى نهج بارزاني وعرفته كتجربة ثمينة غنية بالدروس تخص أساسا كردستان العراق ويمكن للأطراف الكردية الأخرى الاستفادة من دروسها ولم أذكر ولو مرة واحدة ان ذلك النهج ابدي ويصلح لكل زمان ومكان ولو كنت كذلك لطالبت بان يذوب حزبي ( آنذاك ) بالحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق أو يتحول الى فرع له وان يصبح بارزاني رئيس حزبي طبعا كان مجال فخر لنا ولكن الرجل لم يزعم يوما انه سيحرر الاجزآء الأربعة من كردستان ولم يطرح نفسه – سةروكي نةتةوةيي – الرئيس القومي كما فعلها اغيره واعتبر ما قمت به من اهم الإنجازات في حياتي السياسية وستبقى موضع اعتزازي .تعامل الراحل الكبير مصطفى بارزاني مع كرد سوريا لم يخرج من نطاق التعاون وعدم التدخل بشؤون البعض واحترام خصوصيات البعض الآخر عندما تعاملنا معه منذ الستينات كان يقود الثورة التي كانت بامس الحاجة الى دعم الاشقاء حيث كانت المحاولة الثورية الأولى على الصعيد الكردي بالمنطقة بالعصر الحديث وكان محاصرا من كافة الجهات خصوصا من سوريا التي أرسلت جيشها لمحاربة الثورة .

في تلك المرحلة وماتلاها كان التعامل مع بارزاني بمثابة الجرم الذي يحاكم عليه باقسى العقوبات بنظر النظام الحاكم خاصة وان الذين انشقوا عنه اعتبارا من عام ١٩٦٦ احتضنهم نظام الأسد اعتبارا من بداية السبعينات بل انهم عقدوا مؤتمر حزبهم التأسيسي بدمشق الذي نشأ بهدف مواجهة الثورة الكردية وقائدها بارزاني كما قدم هؤلاء بالمقابل خدمات الى نظام الأسد في تركيا وفي سوريا عندما ساهموا بشق الحركة الكردية بتركيا ومحاولة إيجاد بديل لحزب الاتحاد الشعبي بسوريا عبر شراء الضمائر حيث قاموا وباشراف اللواء علي دوبا رئيس المخابرات العسكرية بتجهيز قائمة من خمسين شخصا كرديا مواليا للنظام لاعلان حزب جديد ولكن لم يلاقوا اية حاضنة كردية لذلك فقد كان التعاون مع بارزاني وحزبه في تلك المرحلة عملا نضاليا في مواجهة النظام المعادي لنا واعوانه .بارزاني لم يطمع باحتلال المناطق الكردية السورية ولم يرسل البيشمةركة من اجل ذلك ولم يطرح حزبه بديلا للحركة الكردية السورية ولم يتعاون مع الأنظمة السورية ضد كرد سوريا وفي مرحلة مابعد الثورة السورية لم يقدم ورثة بارزاني وقادة حزبه في استغلال الفرصة للسيطرة على أجزاء من المنطقة الكردية السورية وكانوا الأقرب والاقوى وبامكانهم فعل ذلك لو أرادوا بل استقبلوا مئات آلاف اللاجئين والنازحين الكرد السوريين برحابة صدر .نجد بين الكرد السوريين عموما وصفوف سياسييه منذ عقود وحتى الان من يحترم بارزاني ويعتبره القدوة الحسنة ومن يرى في نهجه نعمة لحاضر شعب كردستان العراق وإمكانية الاستفادة منه في النضال الكردي السوري ومن له مصلحة بالمبالغة وادعاء تبني نهجه وتطبيقه على الحالة الكردية السورية وقلة تعاديه أيضا لاسباب متعددة منها الانتماءات الحزبية والمصالح الشخصية وهو بالحقيقة نشأ وتدرج بالمسؤولية في اطار حركة التحرر الكردستانية من خلال ماقدمه لشعبه .عبدالله اوجلان طلع علينا من خلال عائلة الدكتاتور حافظ الأسد من منشأ راديكالي خلال الفورة – الثورية – بتركيا ومن وسط كان هدفه الوحيد سلب البنوك وتنفيذ الاغتيالات وقدم نفسه للوهلة الأولى كرديا علويا ثم قدم الخدمات لنظام الأسد حسب معادلة العلاقات غير المتكافئة ومن بينها تنازله عن حقيقة وجود جزء من كردستان في سوريا وان الكرد لاجؤؤن كما قفز من مطلب بناء دولة كردستان مستقلة الى مطلب الامة الديموقراطية ومازال قيد التدرج التنازلي حتى الان .

كرد سوريا شعب يقيم في ارضه ووطنه وحركته القومية امتداد لخويبون خرجت من رحم شعبها ولها تجربة طويلة يعتد بها تنطلق من مصلحة الكرد السوريين وليست امتدادا لا للحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ولا ل – ب ك ك – وقد سبق ظهورها الأخير عشرات العقود ولاشك وكأية حركة سياسية لها توجهات سياسية تقترب من الأطراف الأخرى او تبتعد عنها بحسب الظروف الموضوعية والأفكار والسياسات وكفى الحاقدين هراء في إهانة شعبنا وحركتنا ووصمها بالتبع

مقالات ذات صلة

USA