زين الحلبي وعدنان أحمد
العربي الجديد:29/7/2022تسود أجواء التوتر محافظتي درعا والسويداء في الجنوب السوري، مع سعي قوات النظام لإحكام قبضتها في درعا، وانتفاضة أهالي السويداء لتطهير محافظتهم من العصابات المسلحة التابعة لأجهزة النظام الأمنية. من جهتهم، يعتقد مراقبون أن للنظام نيّات مبيتة تجاه المحافظتين، قد تتكشف خلال الفترة القريبة المقبلة.
مدينة طفس… هدف النظام السوري في ريف درعا
ومنذ صباح أمس الخميس، قصفت قوات النظام بالدبابات وقذائف الهاون السهول الجنوبية لمدينة طفس، في ريف درعا الغربي، بالتزامن مع تحليق لطيران الاستطلاع التابع للنظام، فيما تدور مفاوضات بين لجنة التفاوض في مدينة طفس وضباط النظام.
ونقل موقع “تجمع أحرار حوران”، عن حسين الزعبي، المتحدث باسم لجنة التفاوض، قوله إنه جرى التوصل إلى اتفاق بين الجانبين يقضي بوقف فوري لإطلاق النار في المدينة، وإخراج بعض الشخصيات المطلوبة للنظام من مدينة طفس، شرط انسحاب قوات النظام من محيط طفس خلال الساعات المقبلة.
من جهته، أوضح الناشط أبو محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، أن اشتباكات دارت بين قوات النظام ومسلحين محليين على أطراف مدينة طفس. وأضاف أن قوات النظام رفعت سواتر ترابية شرقي بلدة اليادودة، واستهدفت المنطقة برشاشات ثقيلة، وسط حالة من الترقب والخوف من تنفيذ النظام عملية اقتحام للبلدة.
وأَعرب الحوراني عن اعتقاده بأن قوات النظام ربما تحاول في الفترة المقبلة استعمال الشدة في محافظة حوران، بسبب شعورها بأن الأمور قد تنفلت من يدها في المحافظة، مع تزايد عمليات الاغتيال التي تستهدف عملاءها وعملاء إيران، وخصوصاً من تجار المخدرات. وبرأيه، فإن قوات النظام ترى أن الفرصة مواتية الآن، بسبب انشغال روسيا بحرب أوكرانيا، وانسحابها تقريباً من الجنوب السوري.
وكانت قوات النظام قد أغلقت طريق درعا – طفس، ودفعت بتعزيزات عسكرية إلى المناطق المحيطة بمدينة طفس في ريف درعا الغربي، حيث تمّ التنسيق مع وجهاء من مدينة طفس لتفتيش منازل المطلوبين من قبل قوات النظام بمشاركة مجموعات محلية من أبناء المنطقة.
وجاء ذلك بعد أيام من اجتماع اللجنة الأمنية التابعة للنظام مع وجهاء درعا والتهديد بشن عملية عسكرية في حال استمرار عمليات الاغتيال التي تطاول عناصر ومتعاونين مع النظام، إضافة إلى مطالب النظام بتسليم مطلوبين اثنين على الأقل، وهما إياد جعارة وعبيدة الديري، واللذين يؤكد ناشطون أنهما خرجا من المدينة قبل 3 أيام حقناً للدماء.وكانت قوات النظام حاصرت مدينة طفس مطلع العام الماضي، وطالبت بترحيل ستة أشخاص إلى الشمال السوري، بينهم جعارة. لكن بعد مفاوضات مع ممثلي الأهالي، تخلت قوات النظام عن الترحيل، مقابل كفالة المطلوبين من قبل وجهاء المنطقة، واكتفت بدخول شكلي للمدينة وتفتيش بعض المزارع في ريفها الجنوبي.
وكان قتل رجل وأُصيب ثلاثة آخرون، أول من أمس الأربعاء، إثر استهداف قوات النظام مناطق زراعية بين مدينة طفس وبلدة اليادودة في ريف درعا الغربي، بالأسلحة الثقيلة. وجاء ذلك بعدما أغلقت تلك القوات في وقت سابق طريق درعا – طفس بست دبابات وعشرات العناصر، وتقدمت إلى أطراف البلدة، ما أثار مخاوف لدى الأهالي بحصول عملية اقتحام من جانب قوات النظام لبلدتهم.
السويداء تشيّع قتلاها
وفي محافظة السويداء المجاورة، شارك آلاف المواطنين والعديد من الزعماء الروحيين في تشييع قتلى مدينة شهبا، الذين سقطوا خلال اليومين الماضيين، وخصوصاً أثناء اقتحام مقر مجموعة راجي فلحوط في بلدة سليم، شمالي غرب المحافظة. وشيّعت مدينة شهبا 4 من أبنائها، بينما شيع قتيل خامس في مدينة السويداء نفسها.
ونفى بيان مساء الأربعاء، أصدرته حركة “رجال الكرامة” التي قادت الهجوم ضد المجموعة، المعلومات التي تتحدث عن إلقاء القبض على متزعم المجموعة، راجي فلحوط، وقالت إن مقاتلي الحركة لم يعثروا عليه في جميع المقرات التي داهموها، لكنهم تمكنوا من قتل وأسر “جميع العناصر الإرهابية المتواجدة في المنزل من قبل شباب الحركة والمؤازرين من شباب الجبل”.
وأنذرت الحركة “من ينتمون إلى هذه العصابات الإرهابية بتسليم أنفسهم لعناصر الحركة تحت طائلة الملاحقة من قبلنا إضافة لمن يأويهم أو يخفي أيا منهم حيث يعتبر شريكاً لهم”.
من جهتها، ذكرت صحيفة “الوطن” المقربة من النظام السوري، إن الحصيلة النهائية للاشتباكات في مدينة السويداء بلغت 17 قتيلًا و35 مصاباً، بحسب مصادر في مديرية صحة السويداء، مشيرة إلى أنه تم تخريج معظم الإصابات الخفيفة، وبقيت حالة متوسطة في مستشفى شهبا وثلاث حالات متوسطة في المستشفى الوطني.
وتعتبر مجموعة راجي فلحوط واحدة من مجموعات محلية عديدة في السويداء تتبع لـ”الأمن العسكري” وتواجه اتهامات بضلوعها بعمليات القتل والخطف وتجارة المخدرات لمصلحة النظام السوري في الجنوب.من جهة أخرى، نفت صفحة مزعومة على موقع “فيسبوك” تحمل اسم المستشارة الإعلامية لرئيس النظام السوري، لونا الشبل، دعم النظام لراجي فلحوط.
وقالت الصفحة، إن فلحوط “أحد أخطر المطلوبين للقضاء السوري بقضايا الخطف”.ورافقت هذه التطورات في السويداء اتهامات للجهات التي داهمت مقرات مجموعة فلحوط بأنها ربما تكون ساعدت في تهريبه وعدم القبض عليه، وهو ما نفاه بيان “رجال الكرامة” والعديد من الناشطين.
وجاءت الاتهامات نتيجة الأنباء الأولية التي أفادت بالقبض على فلحوط حيّاً، ثم جاء نفي ذلك في ساعات المساء.وانتقد ناشطون موقف مشيخة العقل، التي اكتفت بإصدار بيان ينفي وجود راجي فلحوط في مقام عين الزمان، ويلمح إلى تواطؤ “الجهة التي هاجمته” في تهريبه. السيناريوهات المحتملة واعتبر الناشط ربيع الطويل، في حديث مع “العربي الجديد”، أن المجتمع المحلي في السويداء غير قادر على اتخاذ آليات فعالة ومستدامة لتحسين الحالة الأمنية، وإن كان يستطيع القيام بردود فعل، “انتفاضات” محددة، كما حصل في اليومين الماضيين، أو قبل عام، وهي استجابة سرعان ما تهدأ بعدما تحقق هدفها المباشر، ولا يكون لها ما بعدها، أو تؤسس لحالة جديدة.
وحذّر الطويل من أن النظام السوري لديه أدوات كثيرة في المحافظة ويمكنه دائماً استخدامها من أجل التحكم بالأمور على الأرض، وتجيير التطورات لصالحه.من جهته، قال رجل الأعمال السوري فراس طلاس، نجل وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس، إن لديه معلومات عن أن نظام الأسد يريد السيطرة الكاملة على السويداء وبشكل مباشر.
وأضاف طلاس على صفحته في “فيسبوك” أنه “وكما تم رفع الحماية الأمنية عن عصابة فلحوط، سيتم الأمر نفسه مع بقية العصابات في الأيام المقبلة، ما يؤدي إلى أن الناس ستقوم بمهاجمتهم والسيطرة على مقراتهم، ليأتي بعدها الأمن والجيش لتهدئة روع الأهالي”.وأضاف طلاس أن “تحجيم عصابات التشبيح سيؤدي إلى تحجيم بقايا مجموعات الدفاع عن العزة والكرامة التي نشأت في السنوات العشر الماضية”، معتبراً أن “نسبة كبيرة من الأهالي تؤيد هذا الحل، فقد تعبت من الأوهام”.
ومعلّقاً على كلام طلاس، قال الناشط الطويل إنه “غير واقعي، ولا يمكن أن يحدث هذا السيناريو في محافظة السويداء”.