• الخميس , 28 نوفمبر 2024

دراسة بحثية للدكتور محمد حاج بكري بعنوان : الجنوب السوري

  • يحتل السوري موقع المتفرج بينما يرى بلاده وهي تتحول إلى مسرح سياسي تراجيدي تقفزعلى جنباته الدول والدهاة والأوغاد والأعداء من كل نوع وشاكلة وتجري على أرضه بدع السياسة والاستباحة والانتقاص والاستخفاف وتحييد الاوطان وجعلها جغرافيا بلا عنوان أو هوية وتجريده من مضمون ومعنى السيادة والعنفوان الوطني وكل ذلك يحدث لأن الأسد يهوى الحكم والسلطان ويستمرىء الذل والهوان ويقدم النظام على الاوطان ونرى السيادة من أعمال الماضي ومن خرافات الشعوب.

أي فجائعية سياسية نرى وبأي مصير غامض ومقلق ومحير بتنا ألا نرى أنفسنا ونحن نحدق في هذا الضياع والعدم الماحق وهذا المصير المبهم القاتم ألا نتوقف عن هذا التشظي ونستدير لحظة لنستحضر ونرى الصور الأخرى والمصائر والآفاق المفتوحة والممكنة على طرق أخرى مغايرة وإسدال الستار مرة واحدة في هذه اللحظة الصعبة من التاريخ على هذا المسرح التراجيدي الفاجع
تتقاتل الدول على أرضنا وأوطاننا وتتداول وتتنازع على مصالحها ونفوذها بكل اندفاع وصلافة ووحشية، وأصبح الحل والعقد والربط بيد الدول الباغية الهائجة من كل لون وأصبحنا الكعكة المغرية التي تسعى الدول على امتلاكها وابتلاعها وتحوّل دورنا إلى تحضير وخدمة هذه الكعكة والتهوية عليها وتقديم السكين الطويلة الحادة لقطعها واباحة المجال لتبقى مكرسة للاستعمال والالتهام لم نعد أصحاب الكعكة والمكان والزمان وانفرط عقد الهيبة وبقينا نلوذ تحت الطاولة والكل يقطع ويأخذ ويقضم ونحن في غياب كامل عن الساحة والمشهد وتلك من مفارقات هذا الزمن الملطخ بكل السوء وتلك أيضا من أفعال ارتدادنا ونكوصنا وتخلينا عن دورنا وارادتنا وهروبنا إلى الهوامش.

ألا يرد كل ذلك إلى الشعوب ونخبها وفرارها من دورها ومسؤولياتها التاريخية؟ ألا يكون هذا المسرح الفاجع حافزا لنا لكي نسأل ونحتار ونقلق؟ ألا يؤدي التواطؤ إلى جعل المسرح مفتوحا على مصراعيه لفترات طويلة نكون قد قطعنا فيها شوطاً كبيرا على طريق الانقراض والخروج من التاريخ. ألا يحفزنا كل ذلك إلى قراءات ومحاولات جديدة تسعفنا في استنهاض إرادتنا وتقوي فينا الاحساس بضرورة التصدي والمقاومة والانتقال من الندب إلى العمل

  • الإعلان الأميركي:

تعلن الادارة الامريكية تخليها عن عدم مساندة المعارضة السورية في الجنوب السوري تاركة السيطرة للطيران الروسي في دعم ومساندة النظام في اجتياحه للمنطقة، موقعة العشرات من القتلى والجرحى الى جانب الالاف من المهجرين، الذين اغلق الاردن حدوده في وجوههم، نظرا لعدم قدرة الاردن على استيعاب المزيد من المهجرين للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها، والتي ادت لهبة شعبية اسقطت حكومة الملقي وجاءت بحكومة الرزاز، لعل وعسى أن يجتاز الاردن الازمة الاقتصادية الخانقة.

استغل النظام السوري هذا الوضع وقام بهجوم على محافظة درعا، مستهدفا اختراق جبهة المعارضة لعله يقوم على تجزئتها ليسهل عليه السيطرة، ومحدثا دمارا بشعا كما انجز في الغوطة والعديد من المناطق السورية، وقامت روسيا بمساندة قوات النظام من خلال قواعدها في سوريا، وارتكب الطيران الروسي المجازر الدموية، وايقاع المزيد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، فهناك اتفاق امريكي غير معلن على تمكين النظام من السيطرة على الجنوب السوري مع اشتراط كل من امريكا والكيان الصهيوني بعدم وجود للميليشيات الايرانية وعناصر حزب الله، وهناك نشاط روسي في اجبار ايران وميليشياتها وحزب الله من الابتعاد عن المنطقة، تراوحت المسافة التي يجب أن تكون ما بين الخمسين والثمانين كيلو مترا.

مما يثير الاستغراب اعلان الادارة الامريكية تخليها عن المعارضة، وابلاغها أنها ليست معنية بالصراع الدائر ما بينها وبين النظام، وقد اشارت أنها ليست معنية برحيل الاسد وهو ما يجب أن نفهمه، حيث أن رحيل الاسد ليس مطلبا لا امريكيا ولا “اسرائيليا” فالكيان الصهيوني يحبذ بقاء نظام الاسد على وجود قوات المعارضة وميليشيات ايرانية ليست لان هذه الاخيرة ستهدد الامن الصهيوني، بل لأنها ستشكل ورقة ابتزاز ايرانية لتحقيق اهدافها كما فعلت في حرب حزب الله كورقة ضغط في محادثاتها حول برنامجها النووي

الجنوب السوري يسير برغبة الكيان الصهيوني، والامريكان لم ينسحبوا من المنطقة بل فوضوا الامر الى “اسرائيل”، ومن في عينه عمى يتجاهل رحلات نتنياهو الى موسكو واجتماعاته مع بوتن والصفقات التي عقدها معه فيما يتعلق بالأمن الصهيوني، والصهاينة لا يخفون رغبتهم في بقاء نظام بشار في الحكم، حيث أنه يشكل لهم أفضل جار لم يؤذيهم ولو برصاصة واحدة منذ احتلال الجولان، فما الذي يدفعهم للخشية من وجوده على الاراضي السورية.

اقترح نتانياهو على الرئيس فلاديمير بوتين التعاون على إخراج كل القوات الأجنبية، وضبط الحضور الإيراني في سورية في مقابل وعد بمغادرة القوات الأميركية قواعدها في شرق هذا البلد وشمال شرقه، ووقف التصريحات المطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد واستعجال المرحلة الانتقالية
لكن الأهم في هذه «الصفقة» أنه يجدد العقد مع قوات النظام التي ستتولى أمن الحدود في الجولان والمناطق الأخرى، كما كانت تتولاه طوال أربعة عقود منذ حرب ١٩٧٣. وكان واضحاً منذ اندلاع الحرب في سورية أن إسرائيل لا ترغب في التغيير، وظلت تمارس سياستها الخاصة من وراء الستار. حتى أنها لم تكن طرفاً مع الأميركيين والروس والأردنيين عندما توافقوا على إرساء الهدنة في الجبهة الجنوبية. وهي تبدو اليوم تؤدي دوراً كان مقصوراً على الكبار، فهل تقدر تل أبيب على رسم النظام في الإقليم، انطلاقاً من سورية وما بقي من فلسطين، أو على الأقل فرض وجهة نظرها في كل من واشنطن وموسكو على السواء
ما نكاد نتأكد منه أنه الروس والامريكان والصهاينة يقرأون على شيخ واحد وظيفته الامن الصهيوني، فما الذي يدفع الامريكان أن يقوموا به اذا قامت كلا الدولتين الروس و”اسرائيل” بنفس الدور على الارض؟، ففي ظل الصراع الدائر في سوريا فان الكيان الصهيوني يرسم حدود امنه مع الروس وان الامريكان في مقدمة اهدافهم الامن الاسرائيلي، لهذا لا مبرر لوجودهم في حالة تحقق الامن الصهيوني، بمعنى أن الامريكان فوضوا الصهاينة بالدور الذي يمكن أن يقوموا به، وفي الوقت نفسه فان الروس على وعي تام بذلك، لا بل هم لا يختلفون عن الموقف الامريكي باتجاه رغبات “اسرائيل”.
علينا أن نعي منذ بداية الثورة في سوريا أن نظام بشار ليس هدفا امريكيا ولا صهيونيا، وأن الروس على وعي بذلك، لا بل هم ينفذون رغبة صهيونية
تم الاتفاق في اللقاء الروسي الأميركي في 7/7/7017 خلال قمة العشرين في المانيا
أ‌- أولوية الولايات المتحدة الأميركية هي الحرب على الإرهاب
ب‌- تفويض روسيا بإدارة الشأن السوري
بعدها مباشرة نشطت موسكو الى
١- التواصل مع الفصائل العسكرية لتعزيز تخفيض التوتر في نقاط الاشتباك (الغوطتين وريف حمص الشمالي)
٢- لقاءات الاستانة هدفت الى تقسيم مناطق الخلاف من خلال الاتصالات الجانبية
٣- الاتفاق مع الاميركيين بالتعاون مع الأردن لضبط فصائل الجنوب
٤- وقف التمدد الإيراني وحزب الله في الجنوب
ابرزت معركة الجنوب التبدلات في توازنات القوى واحوال وأوضاع سياسية وإقليمية تتخطى القضية السورية لترسم بعض معالم العلاقات الإقليمية والدولية بالإضافة الى اظهار العجز العربي وتراجعه السياسي وعدم وجود سلطة للمؤسسات الدولية بكافة اختصاصاتها
الجبهة الجنوبية تشكلت عام 2014 وتضم أكثر من (50) فصيلا ودعمت من غرفة الموك وهي غرفة استخبارات وتمويل وتسليح بإشراف أميركي أردني بالإضافة الى ممثلين من مختلف الدول وكانت إسرائيل موجودة من خلال اميركا
مهمة الموك من خلال الفصائل السيطرة عليها واخضاعها وضبط الحدود والموافقة على وقف المعارك او شنها واي مخالف للأوامر كانت نتيجته الفصل ووقف المعونات عن فصيله
ودعت المقاومة السورية حضن درعا الدافئ مهد الثورة بعد ان أعاد النظام سيطرته على معظم مناطقها ولاسيما معبر نصيب الحدودي.

أسباب سقوط الجنوب:

١- المعارضة السورية بمختلف مسمياتها وكياناتها ضعيفة هي بعهدة توازن القوى المتبدل بالإضافة الى تراجع الدور العربي عن دعمها وتقييد أرجل المقاتلين من قبل الدول الكبرى والإقليمية والعربية

٢- زيادة الانقسامات بين الفصائل المقاتلة أدى الى زيادة الضعف والوهن وأثبتت الفصائلية فشلها المطلق فهي لا تستطيع توحيد صفوفها ولا اختيار قيادة سياسية وعسكرية ولا تمتلك رؤية وطنية تضبط علاقتها مع العالم وتخدم الثورة والشعب

٣- الالة الإعلامية للنظام وحلفائه صورت الثوار السوريين على انهم تابعون لداعش وبالتالي أدى ذلك الى اضعاف الموقف الدولي

٤- ضعف العلاقة بين القيادات السياسية الممثلة للثورة وقيادات الفصائل العسكرية

٥- جبهة الجنوب مجمدة من وقت طويل وخارج حسابات المعارك التي دارت في سوريا بناء على قرار أميركي روسي أردني بمنع التصعيد في الجنوب

٦- عدم وجود حلفاء حقيقيين للثورة السورية (اميركا ووعودها) فالتغاضي الأميركي ربما ما يكون ثمنه بقاء الأسد او التنازل عن الجولان وإخراج الميليشيات الإيرانية وانه لا خطوط حمراء دولية او إقليمية يمكن التعويل عليها

٧- اثبتت الجماعات المتطرفة قدرتها على اختطاف الثورة وتلوينها بالتطرف الديني

8- السعي الروسي الى تفريغ الثورة السورية من مضمونها وتحويلها الى شأن تقني واداري يرتبط بتفاهمات وتسويات

9- الكثير من القوى السياسية المتصدرة شرهة لمصالحها وقابلة للبيع واسهمت في الوضع الحالي

١٠- سقوط الجنوب لعب به دور أساسي فكرة المصالحات ومناطق خفض التصعيد وايهام الثوار بأن التدخل الدولي والإقليمي ضامن للانتقال السياسي وبذلك تم تقييد العمل المسلح
١١- التوافقات الدولية تتجه نحو الحلول الحاسمة بمختلف المناطق في سوريا

١٢- النظام العالمي أكثر حرصا على إسرائيل وخوفا على امنها من ثورة السوريين واقتراب الحرس السوري الإيراني وميليشياته من الحدود الجنوبية ذريعة مناسبة لإسرائيل لقصفه مع فتح الاجواء من قبل الروس وعدم الرد من ايران وابطال الممانعة هو تهيئة لجو الصفقة الذي يعطي النظام الاسدي فرصة العيش مرة أخرى

١٣- الجبهة الجنوبية لم تحرك ساكنا عندما سبقها ريف حلب الشمالي والقلمون والغوطة واليوم تحصد ثمن سكوتها وركونها وقت الحاجة اليها وتسدد فاتورتها

١٤- الهدف الإسرائيلي هو العودة الى اتفاق فك الاشتباك الذي وقعه المقبور حافظ الأسد عام 1974 والذي استمر قرابة أربع عقود حيث أصبح جيشه حامي للحدود الإسرائيلية وقد صرح وزير الدفاع الإسرائيلي ليبرمان ان قوات النظام هي افضل من يحافظ على امن حدود إسرائيل

١٥- هناك اختراق أمني وسياسي لروسيا ونظام الأسد له القدرة على جذب قسم لا بأس به نحو التسويات والمصالحات

نتائج سقوط الجنوب:

١- سقوط الجنوب يمكن روسيا من التصريح بأنه لم يعد يوجد مناطق خارج سيطرة الأسد سوى مناطق جبهة النصرة وهيئة تحرير الشام والمقصود طبعا ادلب المصنفتين بالإرهاب دوليا
٢- المطالبة برحيل الأسد لم تعد مقبولة لعدم وجود حامل عسكري مقبول دوليا وإقليميا
٣- اكدت روسيا انها قادرة على استعادة كافة المناطق الى حضن النظام وأنها قادرة على ان تحل محل ايران وايصال علاقة النظام مع ايران الى حدودها الدنيا
٤- الأثر النفسي الكبير على الثورة السورية فالمكان الذي رفعت فيه الرايات لأول مرة رفعت فيه الرايات البيضاء بعد صمود قرابة (٨) سنوات
٥- الواضح ان واشنطن تماهت مع موسكو في إبقاء الأسد رئيسا ولو لفترة انتقالية
٦- تهدف موسكو الى ادماج الفصائل في الية مصالحة مع البنية الأمنية والسياسية للأسد
٧- الشعب السوري لم يعد له ثقة بالفصائل وعملها العسكري
٨- روسيا غير قادرة على السيطرة الا بالتوافق مع الجهات الإقليمية والدولية مما يهيئ لمعارك جديدة غير متوقعة
٩- الجبهة الجنوبية اثبتت ان دور إسرائيل في تثبيت الأسد هو الأساس واستمراره يجب ان يكون ممهورا بالختم الإسرائيلي
١٠- من الغوطة الى درعا وما مر بينهما اثبت النظام انه لا يستطيع السيطرة ميدانيا الا بمساعدة القوات الروسية والميليشيات الإيرانية
١١- أكمل نظام الأسد في عمليته جنوبا بين العاصمة دمشق امتدادا الى الحدود مع الجولان والأردن مما يعطيه بعدا ميدانيا للانتشار والمناورة تمكنه من الدفاع عن الوسط في سوريا وعزز من تفاهماته مع إسرائيل
١٢- اقفال جبهة الجنوب يبقي اعلان انتهاء الحرب متعلقا بمصير ادلب
١٣- نظام الأسد سيكون اقوى سياسيا في أي مفاوضات وخاصة بعد السيطرة على معبر نصيب الذي سيعيد العلاقة مع الأردن فلم يعد هناك مصلحة للأردن للعداء مع نظام الأسد
١٤- معبر نصيب سيكون له دور هام في الاقتصاد السوري وإعادة الحياة لجزء منه عر عودة حركة الاستيراد والتصدير
١٥- خسرت المقاومة السورية ثلث المساحة وفقا لانتشارها العسكري مما سيؤثر بشكل كبير على المعارضة السياسية وتقليص خياراتها في أي مفاوضات

الجنوب بعد المصالحة:

1- الاتفاق ينص على تسليم الأسلحة الثقيلة على مراحل واليات لتسليم المطلوبين والترحيل الى ادلب وغيرها من القضايا مما يوفر إمكانية لنظام الأسد للاعتقال والانتقام بالإضافة الى اتهامات الفصائل لبعضها بالخيانة مما يؤسس لردود فعل انتقامية بين الفصائل وبين الأهالي والفصائل وذلك يعزز من الفوضى
2- إصرار أيران على نشر صور ومقاطع فيديو لمشاركة ميليشياتها يبين انها لا تعمل بأوامر روسية بالإضافة الى وضع القنيطرة وارتباطها بإسرائيل حيث حدود هضبة جولان المحتل وتهديدات إسرائيل بفتح معركة خلافا للاتفاق الأميركي الروسي
3- جيش خالد ابن الوليد وجبهة النصرة وهيئة تحرير الشام لم تكن ضمن الاتفاق وبعض الفصائل أعلنت استمرار المقاومة مما يشكل تحديا يجب ان يؤخذ بالحسبان
4- كيف سيتعامل نظام الأسد مع أهالي درعا وهو يعتبرهم شرارة الإرهاب وهل يمكن عودة اللاجئين ومنع الميليشيات الإيرانية من تجاوز الخطوط دون ردود فعل
5- تجربة غرفة الموك يجب ان تدرس جيدا من قبل المعارضة السياسية والفصائل والواقع اثبت ان الاعتماد على الخارج يمكن ان تربح به اقتصاديا لكن في لحظة فارقة تخسر قضيتك وشرفك
6- انتهت المقاومة في درعا وفق القواعد التي رسمتها موسكو بالاعتماد على ضفادع وهو المصطلح المعتمد حاليا للخيانة
التوصيات:
حقيقة انتصارات الأسد هي هزيمة لسوريا ولكل الدول الإقليمية والدولية أخلاقيا وسياسيا وللمنظمات والمواثيق والأعراف وان النظام يستطيع ان يقضي على سوريا لكنه لا يستطيع القضاء على الشعب السوري
1- التركيز على قضية المسائلة القانونية لجرائم الحرب المرتكبة من قبل الأسد ونظامه من خلال ملفات تقنية ومبدأ الحق في مقاومة الاحتلال الأجنبي وإيجاد خطاب سياسي موحد يحافظ على القضية السورية في المحافل الدولية
2- ربما يذهب النظام بعيدا بعد سقوط الجنوب الى مهاجمة ادلب عبر غطاء جوي روسي والهجمات الروسية الحالية على ادلب وريف اللاذقية هي رسالة مباشرة الى انقرة لتسريع وتيرة العمل على انهاء ملف ادلب وذلك يجعل تركيا امام احتمالين هما:
أ‌- محاربة النصرة وجبهة تحرير الشام عبر عملية عسكرية
ب‌- هجوم عسكري روسي كبير على ادلب بمؤازرة الحلفاء
3- هدف روسيا في ادلب السيطرة على جسر الشغور فهي تمثل بوابة الاتصال بين الساحل مع الشمال والوسط بالإضافة الى فتح طريق دمشق حلب الدولي وقوات ايران موجودة في حلب الغربية وجبل عزام وهي تسعى للوصول الى كفرية والفوعة
4- الاتفاق الروسي الأميركي على أطلاق يد روسيا في سوريا من الناحية السياسية والعسكرية سيؤدي الى اضعاف الدور التركي بين القوتين المركزيتين وهذا يشجع موسكو على خرق التفاهمات حول ادلب رغم ان تركيا أرسلت رسائل واضحة ان الهجوم على ادلب سينهي العملية السياسية مما يعني الدخول في حرب
5- يجب تكثيف العمل الأمني في ادلب ومحيطها لقطع الطريق على الضفادع والخلايا النائمة وادلب تمتلك ورقة نقل المعركة الى داخل حاضنة النظام (الساحل – كفرية – الفوعة -نبل والزهراء)
6- قوة روسيا الأساسية هي في انتزاعها التفويض الأميركي وعجز الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية والتركيز على الإرهاب مما يعزز سعيها للانتهاء من كل بحث في التغيير السياسي وهيئة الحكم الانتقالي واقتصار الموضوع على الهدن والمصالحات وإعادة الاعمار
7- حجج الروس قوية في ادلب امام المجتمع الدولي فهي رحلت معظم المقاتلين اليها بالإضافة الى وجود هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) وظهور تنظيمات جديدة إسلامية في ادلب بالإضافة الى كفرية والفوعة
8- ليس هناك انتصار للأسد على مستوى سوريا فهو يسيطر على 60% من أراضيها بينما الباقي تحت سيطرة الولايات المتحدة وتركيا
9- اثبت الأسد ونظامه انه بدون سيادة ولا حتى على قراره السياسي وهو خاضع فقط لتوافقات الدول التي تدعمه
10- قدمت المعارضة السورية النموذج الأسوأ والأكثر تخلفا في إدارة الصراع وتقدير المخاطر والرؤية السياسية والعسكرية وأصبح الشعب السوري في حالة ضياع كامل بين نظام مجرم ومعارضة ضعيفة ومشتتة ومرتهنة وهو بحاجة كثير الى من يقوده الى الاستقرار
11- التركيز الحالي سيكون على الحدود وهي فرصة روسيا والأسد لاظهار القضية السورية قضية دولة تسعى لفرض سيادتها في وجه تنظيمات إرهابية على حدودها بمعنى ان هناك أطراف إقليمية تسعى لزعزعة الامن في سوريا وتستخدم وكلاء محليين مما يساهم في إيجاد مخرج للأسد ونظامه لتبرير جرائمه وإعادة تأهيله
12- تهدف روسيا الى إعادة تأهيل سوريا جديدة غير قابلة للثورة لعقود قادمة طويلة أي هندسة المجتمع السوري بشكل مطيع ومؤدلج
13- روسيا لا زالت بحاجة للقوات الإيرانية بسبب ضعف جيش الأسد وعدم قدرته على بسط سيطرته على كامل سوريا وهي لا تملك القوة الميدانية لتكون بديلا لإيران بالإضافة الى التغلغل الإيراني في كل مفاصل الدولة السورية
14- يدرك الأسد ان الوجود الروسي اهم من الإيراني الا ان الروس لا يعنيهم شخص الأسد لقيادة سوريا على عكس ايران التي لديها مصلحة كبيرة في بقاءه
15- اعلان اميركا وقوفها على الحياد وعدم دعم الفصائل رسالة الى الدول الداعمة لوقف الدعم بالمال او السلاح
16- الحاضنة الشعبية للثورة أصبحت علاقتها سلبية مع الفصائل وخاصة الامراء والقادة وانهم مرتهنين وغير قادرين على إدارة أنفسهم فكيف يديرون دولة
17- خسارة الجنوب ليست خسارة الثورة ومكاسب الأسد لا تعني ان الطريق السياسي أصبح معبدا امامه لأنه سيواجه بمواقف دولية و إقليمية لم تتوصل الى تفاهمات شاملة مع روسيا
18- ان الفكرة المتمثلة في ان الأسد سيخرج القوات الإيرانية من سوريا خاطئة فقوات النظام في الجنوب تعني العكس تماما وهي خطوة تحقق اهداف ايران الطويلة المدى و سيكون وجود قوات الأسد نقطة الوصل لقوات حزب الله و ميليشيات أخرى تعيد انتشارها بطمأنينة في أي وقت تريد
19- تستعد روسيا الى ( ايران غيت ) جديدة من خلال التوفيق بين مصالح إسرائيل و ايران
الخاتمة:
النظام السوري فقد اهليته الوطنية بكل جدارة أمام أي مواطن لا يفهم من السياسة ابجدياتها، رغم جعجعة انصار الممانعة والمقاومة المأجورين، فابجديات السياسة أن اي نظام يوجه السلاح لصدور الشعب لم يعد صالحا، ناهيك عن ضرورة محاكمته على جرائمه الدموية ضد الشعب، والنظام السوري سلوكياته زادت على اي سلوكيات نظام دموي ممن عرفته البشرية، فلا التتار ولا المغول ولا حتى هتلر، وكل عدوانية الدول الامبريالية وحتى الصهيونية فشلت لتكون في مستوى اجرامية هذا النظام، الى جانب عدوانية النظام وعدم اهليته بات فاقد السيادة، فالروس هم أصحاب القرار على الارض، وهم الذين يقررون الحرب والتفاوض والدعوة لاجتماعات المؤتمرات التي تناقش الوضع السوري، والايرانيون اصبحوا يتصيدون فرص توسيع النفوذ على حساب سوريا الوطن والمجتمع.
المشكلة الكبرى أن نظام بشار فقد السيادة الوطنية، بعد أن فقد الوطن، فلا سيادة ولا كرامة في ظل تغييب الوطن ودور ابنائه، فهو ليس بصاحب قرار وبعد أن كان الملالي من يستلم زمام السلطة على الارض، بات الروس هم من ينوب عن النظام في كل ممارساته الداخلية، وفي المحافل الدولية النظام الروسي من يقوم مقام النظام في الاجتماعات السياسية مع قوى المعارضة في جنيف و نيابة عن النظام بالتفاوض، و في البيانات العسكرية تصدر من الجانب الروسي، والمفاوضات مع المعارضة المسلحة ووقف اطلاق النار، وتضع الشروط وتناقش التفاصيل العسكرية والسلمية، فماذا بقي للنظام فهو غائب عن مسرح الاحداث الجارية على الارض، فالروس من باتوا يقررون كل شيء بما فيه التفاوض مع الامريكان على مستقبل النظام وحتى عن حلفائه الايرانيين، فهو من يقرر بقاء وجود مرتزقة الملالي من تنظيمات ارهابية وحتى ترحيلها.
سوريا في ظل بشار دولة فاقدة السيادة، والرئيس وحكومته لا وزن لهم الا بما تقوم به قواتهم بالقتل والتدمير والتشريد، وكل ما يتعلق بصناعة القرارات وخاصة العسكرية بيد الرفيق بوتن وقواته على الارض السورية البرية والبحرية والجوية،
والمعارضة بكل فصائلها والوانها مرتهنة للخارج الذي يقوم على تمويلها، وباتوا العوبة في ايدي هؤلاء الممولين، وقد حصدوا هذا الارتهان في كل مواجهة مع قوات النظام المدعومة بالطيران الروسي، ولم تعي هذا الوضع القاتل لها، منذ بداية رفض الممولين حرمانهم من المقاومات الارضية، لحمايتهم من براميل النظام المتفجرة الى جانب الطيران الروسي، فقاوموا مكشوفي الغطاء الجوي الذي لا ضرورة عنه في أي صراع عسكري بين طرفين على الارض، فكانت النتيجة تدمير كل ما هو على الارض فيما يخص مواقع المعارضة، وباتت المعركة غير متكافئة بين النظام وحلفائه من جهة، والمعارضة والممولين لها من جهة أخرى، بالاضافة الى أن البعض ممن كان يساند المعارضة قد تخلى عن هذا الدور الذي اضطلع به،
طرفا الصراع في سوريا خسرا المعركة، فالمعارضة لم تتمكن من الخلاص من النظام، والنظام وان بدا للبعض أنه قد سيطر على الارض السورية وانتشرت قواته في معظم المناطق السورية فهو واهم في ذلك، لأن المقاومة لا تهزم، وأن من يهزم في الصراعات بين الانظمة السياسية والمقاومة الشعبية لن يكون الا النظام السياسي، وأن الفوز في نهاية المطاف لصالح الشعب بمعنى أن الثورة وان فشلت في معركتها لأسقاط النظام هذه المرة، فلن يحقق النظام امكانية استمرارية بقائه وسيرحل شاء أم أبى، وأن قوى الثورة ستبقى تحت الرماد تنطلق في اللحظة الحاسمة.
واما نتيجة الصراع فقد بات ارتهان سوريا للاعبين الدوليين والاقليميين من روس وامريكان وفرس وصهاينة، وأن لا وجود فعلي للنظام، ولا قدرة له على صناعة القرار في السياسة السورية، فما وجوده الا غطاء لممارسة اللاعبين الحقيقيين على الارض

الثورة ستنتصر وإرادة الشعب في مطالبه بالحرية والعدالة ستتحقق

مقالات ذات صلة

USA