• الخميس , 28 نوفمبر 2024

دلـدار بـدرخـان: الــ (بي كي كي) والـنـظام الـبعـثي قـصة عـشق أبـدي

في بدايات الحراك الثوري السوري قبل سبع سنوات عام ” 2011 ” شكّل النظام السوري مجموعة سُميت ” بخلية إدارة الأزمة ” ترأسها حسن تركماني ، وآصف شوكت نائب وزير الدفاع صهر بشار الأسد ، ومعهما جماعة من الرعيل الأول من قيادات النظام البائت ، هذه الخلية ضمّت شخصيات من ذوي الخبرة والتاريخ الحافل بالأجرام والأرهاب الممنهج ضد الشعب السوري عامةً ، حيث أقتصرت مهمة الخلية على وضع الحلول والطرق والسياسات الكفيلة لمنع انتشار الثورة ، عبر وضع خطط مدروسة وفاعلة لدرء المخاطر والرزية التي كانت تقترب من جيدهم وأعناقهم ، و باتت تهدد وجودهم وكيانهم ، وتهز عرشهم الديكتاتوري .

– أول ما قامت به هذه الخلية إخلاء سبيل كافة السجناء من أهل السوابق الإجرامية من الأرهابين و الأصوليين المتشددين الذين شاركوا في حرب العراق وأفغانستان ممن دونوا أسمائهم على لوائح الأرهاب الدولي ، إضافةً إلى إيجاد بيئة خصبة لهم للتغلغل داخل الثورة لإحداث تغيير فيها عبر تسهيل الأمور وتقديم الأمكانيات وغض الطرف عن تحركاتهم ودعمهم في بعض الأحيان ، لتصبح الثورة من ثورة عِمادها إسقاط النظام ورموزه الباغية إلى ثورة تنشد و تحلم بحكم ” ثيوقراطي ” أسلاموية تنادي بالخلافة وتحكيم شرع الله وإذكاء الحروب الطائفية والمذهبية .

– سرعان ما أنتقلت شرارة الثورة من عاصمة الثورة ” درعا ” إلى المناطق الكُردية التي كانت ترقد على فوهة البركان ، وتنتظر الثورة بفارغ الصبر لأستئصال شأفة النظام الذي جثم على صدرهم عقوداً من الزمن ، وكيف لا فتاريخ الكورد حافل بالمآسي والأضطهاد العرقي واللّكنة العنصرية نتيجة الممارسات التنكيلية و التعسفية والدساتير العنصرية التي مورست بحقه من قبل النظام الشمولي البائت خلال حكم الأسد ونظامه المتزمت و الديكتاتوري ، فكانت أولى هذه الشرر مظاهرة عارمة سميت ” بجمعة آذادي ” خرج فيه الشعب الكُردي بصغيره وكبيره وقفة رجل واحد تصدح حنجرته بـ ” واحد واحد واحد الشعب السوري واحد ” الشعب يريد إسقاط النظام ”
تنبه النظام السوري من خلال ” خلية الأزمة ” واستشعر الخطر القادم من المناطق الكُردية ، الذي كان بمثابة ضربة أرادت أن تقصم ظهره وتجهز على حكمه الذي بات يترنح ويتصدع بانتشار لهيب الثورة كالنار في الهشيم ، وهنا بدأت الحبكة الدرامية بحق الشعب الكُردي من خلال حزب العمال الكُردستاني الذي كان يتسكع في جحور وسراديب وجبال قنديل بدون عمل بسبب تجميدها وحرق ورقتها بعد أتفاقية أضنة المبرمة بين الحكومتان السورية والتركية ، فكانت متكورة على نفسها يقتصر عملها على الرقص والدبك وتجارة الحشيش والمخدرات في الجبال ، إلى أن جائتها الفرصة الذهبية للمشاركة في حلقات الدراما والتراجيديا السورية من خلال تواصل آصف شوكت مع قنديل واجتماعه بقيادات قنديل وعرّابها جلال طلباني لعقد أتفاق تمخضت عنها تسليم المناطق الكُردية لذراع حزب لعمال الكُردستاني الـ PYD ودعمهم بالعدة والعتاد وكامل التسهيلات لقاء مبلغ مالي ضخم إضافةً إلى إعطائهم نوع من إدارة محلية ضمن مناطق كردية يديرها كوادر حزب العمال الكردستاني حتى بعد أنتهاء الثورة السورية ، وكذلك السماح للحزب بمزاولة وإعادة نشاطها بعد الأزمة داخل سوريا كما كان في عهد زعيمهم عبدالله أوجلان ” آبو ”

– قام حزب العمال الكُردستاني بدوره و عمله على أكمل وجه ونزل من الجبال لاستلام المدن الكُردية من النظام في تمثيلية تراجيدية صاخبة وفاضحة سُميت ” بثورة روچ آفا ” لم يُطلق فيها سوى عدة طلقات خلبية خرج منها عناصر النظام بدون أن يمسّهم خدش أو ضرر ، وبقي عناصر الأمن والمخابرات البعثي ضمن المناطق الكُردية على رأس عملهم يعطون التعليمات والأوامر ولكن بشكل سري وبدون أن يراهم أحد ، فبعد أستلام الحزب مقاليد السلطة لم يتوقف الأجتماعات والمؤتمرات الحزبية البعثية في شعبة الحزب ضمن المناطق الكردية ، وكان هناك لقاءات ووفود من قيادة النظام مع قيادات PYD بشكل دوري ، وكذلك بقي تمثال الأسد في مكانه مع حراسة دائمة ، وظلت العلاقات مع مناصري ومؤيدي الأسد و المدن التي وقفت مع النظام على أكمل وجه ومع حماية كاملة من حزب الأتحاد الديمقراطي كمدينتي ” النبل والزهراء ” بالمقابل تم ضرب جميع المعارضين للأسد من الشعب الكُردي والأحزاب الكردية الأخرى واتهام الجميع بالعمالة والخيانة وزجهم في سجونه وتهجيرهم وممارسة التنكيل والقمع بحقهم ، لم يكن هذا فحسب وأنما قام بمعادات العرب المعارضين أيضاً وإذكاء الفتن العرقية وروح العداوة تجاه العرب المعارضين بشكل ممنهج ومدروس ، لإعادة تأهيل الأسد مستقبلاً وتلميع صورته وإرجاع الكرد إلى حضن الأسد ، ومع الأسف حقق النظام مخططه وعرف كيف يستعمل حزب العمال الكردستاني بدهاء وخباثة .

– قد يسأل سائل وماذا عن الأدارة الذاتية و الفيدرالية التي أعلنتها الـ PYD ؟؟
– جاء هذا الأعلان بسبب متطلبات المرحلة التي فرضت نفسها على النظام السوري ، وبناء على طلب النظام عندما كانت المعارضة متقدمة في معاركها على النظام وتستحوذ على مساحة واسعة من جغرافية سوريا فكانت عبارة عن رسالة أراد النظام الديكتاتوري أن يرسلها للمعارضة والشعب السوري الثائر ضد حكمه بشكل خاص ولتركيا والعالم العربي بشكل عام . على أن سوريا ذاهبة نحو التقسيم وأن نظامه هو الضامن الوحيد لوحدة سوريا أرضاً وشعباً .

– فاليوم أضحت اللوحة المتشعبة تتوضح أكثر و باتت جلياً لكل ذي بصر وبصيرة ، فما فعله حزب العمال الكردستاني ضمن المناطق الكردية في سوريا من دمار وقتل وتنكيل وتهجير وتغيير ديمغرافي وضرب القضية الكردية لم تفعله جميع الأنظمة التي حكمت الكُرد خلال التاريخ الكُردي مع تلك الأنظمة ، البارحة كانت كوباني واليوم عفرين و لا نعلم ماذا سيكتب الأيام لقامشلو ، ولكن لا أذيع سراً فأنا متفائل حيال قامشلو ليس لأن الحزب لا يستطيع أن يفعل بها كما فعل بباقي المدن ، فأنا أظن أن مصير قامشلو أفضل من أخواتها كون أمريكا تدير هذه المدينة وخرجت الورقة من بين أيادي PKK المنظومة الأرتزاقية .

مقالات ذات صلة

USA