العربي الجديد /جلال بكور
يشكو عناصر جيش النظام السوري من سوء الأوضاع التي تصل إلى حدّ حرمانهم من الطعام والشراب في بعض الأحيان عبر سرقته من قبل الضباط، ودفع الرشوة من أجل الحصول على إجازة لمقابلة ذويهم أو لتجنب المعاقبة في أحيان أخرى، في وقت ما زال النظام يخضع آلاف المجندين قسرا لقانون الاحتياط والاحتفاظ.
وبحسب ما قالت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد”، فإن النظام لا يبالي بحال العناصر والضباط غير المدعومين، مشيرة إلى وجود الكثير من النقاط التابعة له تسير على قاعدة “عسكري دبّر راسك”.
وأوضحت المصادر، التي فضلت عدم ذكر أسمائها لدواع أمنية، عن تعرض موقع للنظام ضمن مناطق “قسد” في ناحية تل تمر بريف الحسكة الشمالي الغربي، لقصف تركي أدى إلى تضرر البنية التحتية للموقع وانقطاع الماء، فيما بقي عناصر هذه النقطة محرومين من الماء لمدّة 120 يوما رغم طلب المعونة والمؤازرة من القيادة التي يتبعون لها في الفوج 54 من الفرقة الثالثة.
لم يتوقف الأمر هنا، فبحسب المصادر فإن عساكر تلك النقطة يشترون الطعام والشراب على حسابهم الخاص منذ عدة أيام، لأن ما يرسله النظام من طعام تجري سرقته من قبل ضباط الحواجز، إضافة إلى سرقة جزء كبير من مخصصات المحروقات والمنظفات.
وتضيف المصادر أن عساكر النقطة ليس لديهم صابون، ومنذ خمسة أشهر لم يجر تبديل الجنود، ولم يأخذوا إجازات، مؤكدة أنه “في حال حصل أي هجوم على النقطة فلن تكون قادرة على مقاومته، بسبب غياب الروح وعدم إمداد النقطة”.
وذكرت المصادر أن ضباط الفرقة يسمحون لمن يدفع الرشوة، سواء من المال أو الدخان أو معسل النرجيلة، بالحصول على إجازة.مخصصات الطعام.. حبتا زيتون في اليوم وحبة ليمون في الشهر
وبحسب المصادر، تختلف مخصصات الطعام من موقع لآخر في قوات النظام بحسب نفوذ ضباطها، حيث إن مخصصات قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والفرقة الرابعة ليست مثل مخصصات الفرقة الثالثة مثلا، والأخيرة هي أكثر من يعاني عناصرها.
وتؤكد المصادر أن مخصصات العسكري في الفرقة الثالثة في الشهر من الزيتون 600 غرام، أي 20 غراما في اليوم، وهو ما يعادل 3 حبات أو حبتين.
وتضيف المصادر أن مخصصات العسكري من الليمون للشهر كاملا هي 130 غراما فقط، أي ليمونة واحدة، بينما مخصصاته من لحم الدجاج هي ربع كيلو غرام فقط.ويضطر معظم العساكر في تشكيلات هذه الفرقة إلى شراء الطعام من حسابهم الخاص، والكثير منهم يضطر للسرقة من المدنيين في المناطق المجاورة لمقراتهم أو للحواجز التابعة لهم.”
التفييش”
بحسب المصادر، فإن “التفتيش” هو مصطلح يطلق على حالة هروب العسكري المجند الذي تجري التغطية عليه من قبل ضباط متنفذين، مقابل المال أو الرشوة العينية، أي أن العسكري يهرب لمدة معينة ويعود بعدها وفق الاتفاق مع الضابط المشرف عليه، وفي هذه الحالة لا يكون هناك إجازة رسمية موقع عليها، لأنه لا توجد إجازة في قوات النظام السوري تمتد إلى شهرين كاملين أحيانا.
وتضيف المصادر لـ”العربي الجديد”، أنه في حال حصول تفتيش على المقر من قبل قيادة عليا، يتكفل الضابط بوضع عذر للمجند الغائب، أو يقوم بالاتصال به للقدوم فورا إلى المكان الذي يؤدي فيه مدة تجنيده. وتؤكد المصادر أن حالة “التفييش” هذه تقتصر على الأشخاص الذين لديهم قدرة مالية وغيابهم عن الأماكن التي يجب أن يكونوا فيها يزيد من معاناة العناصر الفقراء، الذين توكل إليهم المهمات الصعبة، ويتركون دون معونة.
أما الرشوة، فيدفعها الفقير أحيانا لكي يتلافى التعرض لعقوبة من ضابطه، مثل عقوبة العمل في الأشغال الشاقة كالحفر، أو حرمانه من الحصول على إجازة ليومين يرى فيهما أهله، وهناك مجندون متزوجون ولديهم أولاد.
ومن المفارقات، بحسب المصادر، أن الكثير من هؤلاء العساكر يخشون الهروب والفرار، لأن ذويهم قابعون في مناطق سيطرة النظام ويخافون تسلط أمن النظام عليهم.يذكر أن الآلاف من عناصر قوات النظام أصيبوا بجروح خطيرة أو لقوا حتفهم جراء المعارك ضد المعارضة المسلحة، أو تنظيم “داعش”.