بعد سبع سنوات من التدخل الإيراني المباشر في سوريا ومساندتها للنظام، وبموافقة جميع الدول المؤثرة بالمنطقة علناً أو سراً، نلحظ تخلّي الجميع عن إيران حتى حلفائها المقربين مما قد يؤدي لانسحابها من سوريا مرغمةً على ذلك.
حيث أعلن الرئيس الروسي عن ضرورة انسحاب كافة الميليشيات الأجنبية بما فيها الإيرانية من سوريا قريباً عدا قواته الروسية كوْنها دخلت سوريا بشكل شرعيّ، حسب كلامه، وسبق إعلانه تهديدات واشنطن واسرائيل المباشرة لإيران وبمنعها من البقاء في سوريا، فكثر استهداف المواقع الإيرانية في سوريا بالآونة الأخيرة.
وعن مصير الميليشيات الإيرانية في سوريا بعد تهديدات ترامب ونتنياهو وإعلان بوتين، يقول المحلل العسكري والاستراتيجي، العميد “أحمد رحال” لأورينت نت، “الوجود الايراني داخل سوريا بات مهدداً بشكل كبير جداً، وخاصة بعد التهديدات التي أطلقها وزير الأمن الاسرائيلي “ليبرمان” وكلاً من وزراء الطاقة والدفاع والاستخبارات الاسرائيلية، والتي تهدف لتدمير الوجود الايراني بالمنطقة واستهداف المطارات والقواعد الايرانية في سوريا، وكذلك وصلوا بدرجة التهديد لقتل “بشار الأسد” بحال تعرضت إسرائيل لهجوم ايراني أو سمح به من الأراضي السورية”.
خلافات روسية إيرانية
ويُضيف “رحال”، “بعد إعلان بوتين عن ضرورة سحب كافة الميليشيات الأجنبية من سوريا وبما فيها الميليشيات الايرانية، وذلك بعد الخلافات الروسية الايرانية التي تجلّت بعدة مواقف آخرها عملية التفاوض في ريف حمص، والخلافات حول السيطرة على دمشق ومحيطها، فإنه يمكننا القول أنه قد بدأ بازار بيع ايران مقابل منافع أخرى تجنيها روسيا من أمريكا واسرائيل، ولبقاء السيطرة للروس فقط”.
بينما المحلل السياسي “محمد أبو الخير العطار” قال لأورينت نت، “بحال صدقت التهديدات الأمريكية والاسرائيلية لإيران وتخلّي الروس عنها، فإن إيران قد تنحسر عسكرياً وذلك بسحب بعض الألوية والفيالق التابعة للحرس الثوري الايراني بشكل علنيّ، والابقاء على بعض الميليشيات التابعة لها ودمجها بالنسيج السوري عبر تجنيسهم كما فعلت مؤخراً، وبالتالي يكونوا عبارة عن خلايا نائمة للمشروع الفارسي الشيعي مستقبلاً بحال سنحت لهم الفرصة”.
انتهاء شهر العسل الإيراني
رغم التدخل الايراني الصريح في سوريا منذ عدة سنوات، إلاّ أنّ أمريكا واسرائيل لم تُهدد هذا التدخل مسبقاً، وكذلك تعاون الروس مع هذا الوجود على أنه حليف استراتيجي، ولكن مع بدء الحل السياسي في سوريا بات شهر العسل الإيراني أقرب للانتهاء.
حيث قال اللواء المنشقّ “محمد حاج علي” لأورينت نت، “إن الوجود الايراني في سوريا شارف على الانتهاء، وذلك بعد تخلّي القريب والبعيد عنه لضرورات ما بعد الحل السياسي، وبذلك تكون ايران قد أنهت دورها بنجاح بعد خلق أذرع لها مشابهة لحزب الله في لبنان والحشد الشعبي بالعراق، وكل ذلك يصبّ بمصالح الدول المؤثرة في سوريا كأمريكا واسرائيل وروسيا، وبالتالي فشهر العسل بين ايران وهذه الدول أوشك على الانتهاء”.
وأما الكاتب والمحلل السياسي “أحمد الهوّاس” صرّح لأورينت نت قائلاً، “إن أمريكا هي من سمحت للحلف الطائفي المتمثل بإيران بالتدخل في سوريا وحمايته كوْنه مَن يُحافظ على أمن اسرائيل، وهي نفسها من سمح لهذا الحلف الطائفيّ بالقضاء على المقاومة العراقية، ولذلك فإن الصراع الأمريكي- الايراني هو صراع مُفتعل للحفاظ على الأنظمة الحامية لإسرائيل، ومع وضع الحرب أوزارها في سوريا بات الدور الايراني على الهامش، فخلقوا الأعذار لأنفسهم من أجل انهاء الوجود الايراني وإلاّ لماذا لم نسمع هذه الأعذار سابقاً مع أنها موجودة من قبل كالاتفاق النووي وتهديد أمن اسرائيل والميليشيات الأجنبية عدا الروسية”.
إيران حققت أغلب أهدافها في سوريا
احتلال الدول ليس من الضروري أن يكون عسكرياً، فربما يكون سياسياً أو اقتصادياً، لذلك الخروج الايراني من سوريا لا يعني انتهاء الوجود الايراني وعدم التدخل لاحقاً بقرارات ومقدّرات الدولة السورية.
وأكّد على ذلك الكاتب “أحمد الهوّاس” بقوله لأورينت نت، ” أنهت إيران المهمة في سورية بامتياز حيث ستخرج منها بعد تجنيس مليوني شيعي، وتهجير سبعة ملايين من أهل السنّة وفرض التشيّع السياسي، وبالتالي حققت أهداف اسرائيل بحمايتهم بحزام شيعي يمتد من لبنان إلى سورية، كما صنعت الكيانات الطائفية على الأرض، وبالتالي العمل على تسليم السلطة للأقليات المرتبطة عضوياً بإيران، مع استمرار الصراع الاعلامي والمعارك التكتيكية الوهمية بين ايران وباقي اللاعبين في المنطقة، حسب كلام “الهوّاس”.
المصدر: أورينت نيوز