رغم أن عمليات قتل مسؤولي نظام الأسد ليست وليدة الثورة السورية؛ إلا أنها زادت وتيرتها في الأعوام السبعة الماضية، خاصة عمليات الاغتيال التي طالت المتهمين بجرائم حرب وانتهاكات ضد حقوق الإنسان، والمُلاحقين من قبل محكمة الجنايات الدولية، كان آخرها عملية اغتيال “عزيز إسبر” الدكتور ومدير مركز البحوث العلمية التابع للنظام في مدينة مصياف التابعة لحماة.
ووضعت بعض عمليات القتل تحت بند “الانتحار”، كما أعلن النظام سابقاً عن مقتل رئيس الوزراء الأسبق “محمود الزعبي” ووزير الداخلية “غازي كنعان”، وغيرها “جرت لطمس حقائق تثبت تورط النظام بجرائم” وفقاً لمراقبين، فتمّت تحت بند “تأدية مهمّته القتالية”، ومن خلالها تمت تصفية العديد من مجرمي الحرب والمطلوبين للعدالة الدولية كاللواء “جامع جامع” والعميد “عصام زهر الدين” ومدير سجن صيدنايا العميد “محمود أحمد معتوق”، بينما طفت في الفترة الأخيرة العمليات التي باتت تُصنّف تحت بند “الاغتيال” كاغتيال “عزيز إسبر” وغيره من الضباط في ميليشيا أسد الطائفية، إذ بدأت هذه العمليات تُثير التساؤل عن مصداقية رواية نظام الأسد حولها، والدوافع الحقيقية للجاني من ورائها.
طمس معالم الجريمة
يرى المُحلل والخبير العسكري، العميد (أحمد رحال) أنّ نظام الأسد هو مَن يقف وراء عمليات الاغتيال هذه، قائلاً “نظام الأسد يغتال مسؤوليه وضباطه، لإخفاء الشهود عليه وعلى جرائمه التي ارتكبها بحقّ السوريين خلال الأعوام الماضية، كيّ لا يُحاسب عليها جنائياً، وربما تزداد وتيرتها بعد استشعاره بقُرب نهايته”.
وكذلك يتّهم مدير “وكالة حقّ” الإخبارية “عبد الرزاق سلطان” النظامَ بالوقوف وراء عمليات الاغتيال التي طالت مسؤوليه، فيقول (سلطان) لأورينت نت “بعد أن انتهى نظام الأسد من استثمار مسؤوليه وضبّاطه بعمليات قتل السوريين والعمل على إخماد ثورتهم بكافة الطرق الإجراميّة، بدأ بالتخلّص منهم بكافة الأساليب الممكنة لطمس معالم جرائمه، خاصة تلك الجرائم التي ترقى لجرائم حرب ومنها استهداف المدنيين بالأسلحة الكيماوية و إسبر يعتبر أحد أهم مسؤولي تصنيع الأسلحة الكيماوية في سوريا”.
أما الناشط في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي، المحامي (مصطفى العلي) فيؤكد أن “عدة منظمات وهيئات حقوقية تعمل على توثيق جرائم نظام الأسد بحق المدنيين، ولدينا قوائم بأسماء ضباط ومسؤولي النظام المتّهمين بهذه الجرائم، ومن بين الأسماء مَن يتم اغتياله أو الزجّ به في معارك تقضي عليه غالباً بعد تواطؤ النظام، وهذا ما حصل مع مدير سجن صيدنايا العميد محمود معتوق، وقائد القوات الخاصة اللواء محمود حسن، واللواء جامع جامع وعشرات الضباط والمسؤولين الذين اغتالهم النظام ونشر الأخبار الكاذبة عن طريقة موتهم”.
“قصقصة جوانح”
خلال الأعوام السابقة ضخّم نظام الأسد وعوم الكثير من الضباط والمسؤولين؛ لكنه استشعر بخطورتهم عليه وربما ارتمائهم بأحضان غيره، فعمل على التخلّص منهم قبل أن ينقلبوا عليه.
وبهذا السياق يقول العقيد (خالد حمادي) لأورينت نت: “منذ بداية الثورة صنع نظام الأسد من بعض مسؤوليه نموذجاً للرجل الذي لا يُقهر وسلّمه كل مقاليد السلطة للبطش بكل قوته من أجل إنهاء الثورة السورية، فكان رستم غزالة وكذلك عصام زهر الدين وبعدها العميد سهيل الحسن واللواء محمد خضور”.
ويُضيف (حمادي) “ولكن النظام استشعر بخطورة بعض هؤلاء المتسلّطين وبأنهم باتوا يشكلون خطراً على كيان النظام القمعي ورأسه الديكتاتوري، فعمل على قصقصة جوانحهم إما بالقتل والاغتيال أو بخلق المشاكل بينهم وبين آخرين جدد فتنتهي حياتهم بمشفى الشامي إثر مرض خطير لم تُعرف حيثياته كما حدث بين اللواء رفيق شحادة واللواء رستم غزالة، حيث قتل الأخير على يد شحادة، ولكن النظام نعاه على أنه توفي بمرض عضال في مشفى الشامي والذي بات مقبرة لكل من رفع رأسه فوق رأس النظام، ولا يُستبعد أن نرى سهيل الحسن وغيره بعداد القتلى تحت أيّ ظرف”.
علاقات دولية قاتلة
بدوره أرجع المعارض والمهندس (يحيى نعناع) أسباب هذه الاغتيالات لعلاقة بعض المسؤولين والضباط بدول لها مصالحها في سوريا، لتقوم دول أخرى عبر أذرعها في الداخل السوري باغتيالهم، إذ يؤكد (نعناع) حول مقتل الدكتور عزيز إسبر بالقول: “باعتبار أن النظام لا يستند على أرضية وطنية، فقد أصبحت أدواته مرتعاً بيد اسرائيل وروسيا وايران، ولذلك أعتقد أن روسيا قامت باغتيال إسبر، بسبب علاقاته القوية بإيران ومساهمته بتطوير الأسلحة الكيماوية والصواريخ المتوسطة المدى”.
بينما العميد (رحال) ربط في حديثه لأورينت بين مصلحة نظام الأسد ومصالح إسرائيل، رغم أن ظاهر العلاقة عكس ذلك، وشبّه عملية اغتيال “عزيز إسبر” بعملية اغتيال القيادي في ميليشيا “حزب الله” اللبناني “عماد مغنية” على يد إسرائيل ولكن بمساعدة مخابرات النظام.
المصدر: أورينت نيوز