• الجمعة , 27 ديسمبر 2024

مطالب محقة” وتخبط اتهامات.. كل ما تريد معرفته عن مواجهات دير الزور

السورية نت

إنها معركة كرامة. مطالبنا مُحقه، ولم نكن نريد الحرب لكنها فُرضت علينا، نحن أبناء عشائر بحتة، لسنا تابعين لأي جهة وضد الفتنة، فليتوجه الجميع لجبهات منطقة البصيرة”.

هذه الكلمات أطلقها شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، إبراهيم الهفل “بلباس الحرب”، يوم السبت، وتلخص آخر مواقف مقاتلي العشائر العربية بخصوص المواجهات التي يخوضونها منذ ستة أيام ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في محافظة دير الزور.

لكن لـ”قسد” موقف آخر كشفت عنه أيضاً صباح السبت، معلنةً فرض “حظر للتجول” في دير الزور ولمدة 48 ساعة، فيما هدد الناطق باسمها فرهاد شامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي بـ”الحزم والحسم”، حسب تعبيره.

ورغم أن الشرارة الأولى للمواجهات اندلعت في أعقاب اعتقال “قسد” لقائد “مجلس دير الزور العسكري” التابع لها، أحمد الخبيل والملقب بــ”أبو خولة”، إلا أن الدوافع الرئيسية للمواجهات التي يقودها مقاتلو العشائر العربية تذهب بمسار مختلف.

وفي أعقاب اعتقال “أبو خولة” وقادة الصف الأول في “المجلس” ارتكبت قوات “قسد” وجهازها الأمني المعروف بـ”أسايش” انتهاكات في دير الزور، ووصلت إلى حد قتل أطفال ونساء، ما دفع مقاتلي عدة عشائر عربية لخوض مواجهات ضدها، بعدما أعلنوا “حالة النفير العام”.وجاءت الانتهاكات ضمن الحملة التي أطلقتها “قسد” تحت عنوان “تعزيز الأمن والسلام” في دير الزور.

وفي حين قالت أولاً إنها تستهدف “خلايا داعش” وسّعت الدائرة شيئاً فشيئاً، لتتحدث عن محاولات تسلل لقوات النظام إلى دير الزور، وضلوع “أصابع خارجية”، تتمثل بتركيا وإيران، حسب زعمها

وعلى مدى الأيام الستة من المواجهات تمكن المقاتلون من السيطرة على عدة قرى وبلدات وحواجز أمنية لـ”قسد” في دير الزور وريفها الشرقي والمحاذي للحدود السورية-العراقية. وجاء ذلك بعدما أعلن أكثر من شيخ عشيرة دعمهم لـ”الانتفاضة العشائرية”، مؤكدين الدخول على خط المواجهات ضد “قسد”.

في غضون ذلك تواصل “قسد” التأكيد على استمرارية حملتها الأمنية في دير الزور، نافية فكرة أن ما يحصل هو “حراك عشائري”، وأن “مجموعات مسلحة تابعة لبعض الأجهزة الأمنية التابعة للنظام وكذلك خلايا داعش وتركيا لإحداث فتنة في المنطقة”.

ورداً على هذا الادعاء خرج الشيخ الهفل بتسجيل صوتي ومصور نشرته شبكات محلية، السبت، مؤكداً أن ما يحصل “مطلب حق”، وأنهم “ضد أي مفتن ولا يتبعون لأي جهة”.

وتابع: “نوجه نداء لأبناء عمومتنا الشعيطات وعشائر البوجمال وإلى عشائر البوشامل والبكير الفزعة إلى جبهة البصيرة. مطلبنا مطلب عشائر عام وهذا يومكم يا شباب”.

ماذا يحصل؟

يوضح الباحث السوري في “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، سامر الأحمد أن ما يحصل في دير الزور “انتفاضة مدنيين، ورغم أن سببها اعتقال أبو خولة تطور مسرح الأحداث، بعدما ارتكبت قسد انتهاكات وقتل بحق مدنيين بينهم أطفال”.

ويقول الأحمد لـ”السورية.نت” إن “القبيلة الرئيسية التي تخوض المواجهات ضد قسد هي العكيدات، والمؤلفة من عدد من تجمع العشائر، مثل الشعيطات والبكير وغيرها..”.“العكيدات هم الذين حرروا المناطق في دير الزور وهاجموا قسد ويخوضون الاشتباكات ضدها حتى اليوم”.

وتؤكد التسجيلات المتداولة للشيخ الهفل أنهم “غير تابعون لأي جهة ويرفضون دعوات النظام للانخراط أو استغلال الموقف”، وهو ما يخالف الاتهامات التي ترددها “قسد”، منذ أيام.

ويضيف الأحمد: “قسد لعبت على عدة خيارات خلال الأيام الماضية، أولا بإرسال أرتال لم تجد نفعا في إطار الحسم، ومن ثم حرب إعلامية، اتهمت من خلالها المقاتلين بخلايا لداعش، وأنهم تابعين للنظام وإيران مخربين، وصولا لإطلاق مزاعم أنهم عملاء للأتراك”.

ويشير الباحث السوري إلى أنها “تدير حرب إعلامية ضد العشائر”، وأن “حظر التجول الذي أعلنته صباح السبت غير فاعل كون قسد غير موجودة على الأرض في ريف دير الزور الشرقي”.“الإعلان عن حظر التجول إعلامي من أجل التخويف، والعشائر حسمت أمرها ولن تتراجع، إلا بفتح طاولة مفاوضات مع التحالف الدولي”، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وفق ذات المتحدث.

ما المتوقع؟

وحتى الآن من غير الواضح النقطة التي ستصل إليها المواجهات بين “قسد” ومقاتلي العشائر في دير الزور، ومع ذلك تتجه الأنظار إلى حد كبير على الموقف الفعلي الذي ستتخذه أمريكا والتحالف الدولي إزاء ما يجري.

وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، الخميس، عن “قلقها العميق إزاء أعمال العنف الأخيرة بما في ذلك الخسائر في الأرواح في دير الزور”، داعية جميع الأطراف إلى وقف التصعيد وحل الوضع سلمياً.

كذلك نشر التحالف الدولي بياناً أكد فيه “الالتزام بدعم قوات سوريا الديمقراطية في مهمة الهزيمة الدائمة لداعش دعماً للأمن والاستقرار الإقليميين”.واعتبر بيان التحالف أن “الانحرافات عن هذا العمل المهم تؤدي إلى عدم الاستقرار، وتزيد من خطر عودة ظهور داعش”.

ومن النقطة المتعلقة بـ”طاولة المفاوضات بين العشائر والتحالف” يرى الباحث السوري الأحمد أنها تتضمن “تسليم المنطقة (دير الزور) لأبناها أي الإدارات المحلية والمدنية”.

أما “الإدارات العسكرية” قد يكون هناك قدرة لتشكيل “مجلس عسكري من أبناء المنطقة لا تتحكم به كوادر حزب العمال الكردستاني، مع ضرورة كف يد قيادات قنديل وفرض إيديولوجيتها وأفكارها في دير الزور”.

ويتابع الباحث الأحمد: “التحالف يجب أن يتدخل لوضع حد، لأن العنف والصراع إذا ما استمر في المرحلة المقبلة سيتطور أكثر، ويمكن أن تدخل قبائل جديدة على الخط بالقرب من دير الزور أو الحسكة أو الرقة”.وفي الوقت الحالي، “لا ينبغي وصف هذا القتال المتصاعد بأنه صراع عربي كردي، ولكن إذا سمح له بالاستمرار لفترة أطول، فإنه يتجه في هذا الاتجاه”، حسب ما يقول الباحث تشارلز ليستر في مقال تحليلي نشر على “معهد الشرق الأوسط” بواشنطن، السبت.

ويقول ليستر: “يمثل العديد من أولئك الذين يقاتلون الآن قوات سوريا الديمقراطية ما تبقى من المعارضة المسلحة في شرق سوريا، والتي كان تصميمها الحفاظ على جبهة ضد النظام منذ فترة طويلة شوكة في خاصرة قسد، وهي تحاول الحفاظ على الحياد تجاه دمشق”.

وربما ليس من قبيل الصدفة أنه في الأشهر الأخيرة، زُعم أن “أبو خولة” استأنف الاتصالات مع المعارضة في شمال سوريا ومع السلطات في تركيا.ويضيف ليستر: “لن يوقف القتال الحالي ويمنعه من الخروج عن نطاق السيطرة إلا بجهد كبير ومتضافر من جانب الولايات المتحدة”.

وقد سعت القوات الأمريكية في قاعدتي كونيكو والعمر إلى إشراك القيادات القبلية، لكن هذا قد لا يكون كافياً، وفي الوقت نفسه، مع استمرار تصاعد الوضع، هناك جهة فاعلة واحدة فقط في وضع جيد للاستفادة من ما يحصل وهي “داعش”، حسب الباحث الأمريكي.

لماذا النظام على الخط؟

ولا تزال “قسد” ترفض ذكر “مجلس دير الزور” أو المقاتلين العشائريين كطرف ثان للاشتباكات.واللافت في المواجهات هو الموقف الخاص بالنظام السوري، إذ اتجهت وسائل إعلامه إلى تغطية التطورات الجارية على الأرض، وأبدت نبرة تضامنية مع مقاتلي العشائر ضد “قسد”.

ويعتبر مسرح الأحداث والاشتباكات بعيد عن مناطق سيطرة النظام السوري وعلى الطرف الشرقي من نهر الفرات.ومع ذلك تحدثت “قسد” وقياديين فيها عن عبور عناصر من قوات تتبع لنجل نواف البشير شيخ عشيرة البكارة الموالي للنظام السوري، من مناطق غربي الفرات إلى شرقيها.ويوضح الباحث الأحمد أن المواجهات يمكن أن يستغلها النظام السوري وإيران، من خلال “إدخال خلايا تستهدف قوات التحالف وتنسب للعشائر”.كما قد “يستغل داعش التوتر، ودول أخرى باعتبار أن حراك العشائر غير مدعوم من أحد وكذلك الأمر بالنسبة للمقاتلين العشائريين، الذين يدافعون عن أرضهم وأهلهم”

.“قسد حتى الآن فشلت في الحسم، واليوم وغدا تكون قد خسرت الكثير. المعارك أظهرت هشاشتها وأنها بالون لا قدرة لها على الأرض إلا بدعم مقدم من طائرات التحالف الدولي”.

ويتابع الباحث السوري في نقطة تتعلق بموقف النظام السوري أنه “يحاول منذ عامين كسر عشائر دير الزور في المنطقة مستغلا حالة الرفض الشعبي لوجود قسد أو تحكم قيادات قنديل وحزب العمال الكردستاني”.

والآن “يحاول استغلال الحراك باعتبار أنه هدد لأكثر من مرة بضرب قوات التحالف وقسد”.لكن الأحمد يرى أن “العشائر ومقاتليها متمسكون ببقاء التحالف الدولي في دير الزور، وأنه يجب أن يتدخل لوقف انتهاكات حزب العمال الكردستاني وقيادات قنديل”.

مقالات ذات صلة

USA