القاضي محمد نور حميدي
تصاعد الحديث مؤخراً عن ضرورة إقامة منطقة آمنة متاخمة للحدود التركية وعلى الرغم من شيوع مفهوم المنطقة الآمنة، إلا أنه على صعيد القانون الدولي يعد مفهوماً غير رسمي إذ لم يرد ذكرها في اتفاقيات جنيف الأربعة عام 1949 ولا في برتوكولات الملمة بها عام 1977، بل تضمنت مصطلحات متعددة منها المنطقة الطبية والمنطقة المحايدة والمنطقة المنزوعة السلاح، وتعني جل هذه المصطلحات الجهود التي تطلع المنظمات الأمنية المعنية بحفظ السلام والأمن الدوليين لإنشاء وتسمية مناطق محددة تكون خارج استهداف العسكري والأعمال القتالية لاعتبارات إنسانية تتعلق بحماية المدنيين ممن لا يستطيعون حماية أنفسهم أثناء الحروب والصراعات المسلحة إلا أن العرف الدولي قد استخدم عدداً من المفاهيم عند الحديث عن مثل هذه الترتيبات وفقاً لخبرة حقبة الحرب الباردة منها الممرات الإنسانية والمناطق المحمية والملاذات الآمنة.
هنالك تقارب بين مفهومي المناطق الآمنة والمناطق العازلة من حيث حاجيتها لصدور قرار أممي عن مجلس الأمن الدولي، إلا أن المنطقة العازلة تعني إقامة منطقة محددة تفصل بين طرفي نزاع تسيطر عليها قوى دولية هدفها منع استخدام الأسلحة بين الطرفين المتنازعين من خلال خلق مساحة للفصل بينهما غالباُ ما تكون برية لما يمكن أن تقرن بفرض حظر جوي كما حدث في العراق في حين أن المنطقة الآمنة تهدف إلى توفير ملاذ أمن للمدنيين الفارين من كوارث الحرب، وتقديم العون والحماية اللازمين لهم إنسانياً أثناء فترة الصراع وقد حدد العرف الدولي إجراءات لإقامة المناطق الآمنة يعد صدور قرار بشأنها من مجلس الأمن ابرزها الاتفاق في ما بين الأطراف المتنازعة على إقامتها وإزالة الصفة العسكرية عنها ينزع سلاحها وإخراجها من سياق العمليات العسكرية وإخضاعها لإدارة مدنية ومنع دخول أطراف الصراع في أي ترتيبات دفاعية تتعلق بحفظ الأمن داخلها أو على حدودها المسماة، وتوفير حماية عسكرية لها من قبل الأمم المتحدة أو قوات تحالف دولي مكلف من قبلها وفرض حظر جوي لحمايتها وتوفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين والمكفولة من قبل الأمم المتحدة والتي تتطلع أيضاً لرسم خرائط لنطاق حدود المنطقة الآمنة.وقد أفضت الخبرات التاريخية لإقامة المناطق الآمنة إلى حقيقة مفادها أن المناطق الآمنة نادراً ما تكون آمنة لعدم وجود رغبة حقيقية لدى القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في صراع المنطقة وعدم وجود توافق دولي بشأن الإجراءات اللازمة لحماية اللاجئين والمدنيين الفارين من الصراعات المسلحة وتبقي العقبة في مدى قدرة الأطراف الدولية الإقليمية على ضبط الإيقاع التنظيمات المسلحة المتورطة في تلك الصراعات و إلزامها باحترام الترتيبات الإنسانية والأمنية الملتزمة بهذا الشأن.
وقد أثبتت التجارب أن أي قرارات غير توافقية تؤسس لغرض ملاذات آمنة للمدنيين مع غياب سلطة نافذة معترف بها في منطقة الصراع أفضت إلى نتائج ذات عواقب وخيمة حينما يكون البلد محل نزاع غير آمن في مجمله لذا تقتضي الحاجة إلى وجود عسكري لتحقيق الحماية الازمة للمناطق الآمنة.وقد أفضت الخبرات التاريخية لإقامة المناطق الآمنة إلى حقيقة مفادها أن المناطق الآمنة نادراً ما تكون آمنة لعدم وجود رغبة حقيقية لدى القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في صراع المنطقة وعدم وجود توافق دولي بشأن الإجراءات اللازمة لحماية اللاجئين والمدنيين الفارين من الصراعات المسلحة وتبقي العقبة في مدى قدرة الأطراف الدولية الإقليمية على ضبط الإيقاع التنظيمات المسلحة المتورطة في تلك الصراعات و إلزامها باحترام الترتيبات الإنسانية والأمنية الملتزمة بهذا الشأن.
وقد أثبتت التجارب أن أي قرارات غير توافقية تؤسس لغرض ملاذات آمنة للمدنيين مع غياب سلطة نافذة معترف بها في منطقة الصراع أفضت إلى نتائج ذات عواقب وخيمة حينما يكون البلد محل نزاع غير آمن في مجمله لذا تقتضي الحاجة إلى وجود عسكري لتحقيق الحماية الازمة للمناطق الآمنة.وإن عدم الالتزام بضمانات القانون الدولي الإنساني بما في ذلك موافقة الحكومة والأطراف المتحاربة وكون المنطقة ذات طابع مدني، فإن سلامة المدنيين فيها بشكل حقيقي ستكون مستحيلاً وأن استراتيجية المناطق الآمنة، ربما لا تكون ذات جدوى لا حاضراً ولا مستقبلاً بدون التعاطي مع جذور الحروب والصراعات في المنطقة ولايزال غائباً ولم يأت بعد ربما لم تأتِ على المستوى المنظور طالما بقي إشعال تلك الحروب والنزاعات المسلحة بقوى كاملة والتي تشكل المحفز الرئيس للصراعات الراهنة في المنطقة.
وقد عاد مصطلح المناطق الآمنة إلى واجهة الأخبار إثر إعلان الرئيس الأمريكي دولاند ترامب عام 2017 عزمه إنشاء منطقة آمنة في سوريا للاجئين السوريين الفارين من العنف في بلادهم التي دمرتها الحرب، وأوضح البيان أن ترامب والملك “سلمان” أعربا عن دعمهما إنشاء منطقة آمنة في كل من سوريا واليمن، كما أعلن الرئيس التركي أردوغان عام 2017، عن سعيه لإنشاء منطقة آمنة ومن أبرز الدول التي شهدت مناطق آمنة دولة الكويت عام 1991 شمال العراق، وفي البوسنة والهرسك عام1993 وفي راوندا عام 1994.
وقد أنقذت المناطق الآمنة حياة مدنيين كثيرين، لكن إقامتها ومنع النشاط العسكري داخلها وحمايتها من الهجمات الخارجية أمر في غاية الصعوبة وغاية الضرورة وفي الوقت نفسه المناطق الآمنة نادراً ما شكلت ملاذا آمنا بشكل ثابت ومستمر للهاربين من فظائع الحرب ويشترط في المناطق الآمنة عدم انتهاك المناطق الآمنة.
للحق في حرية التنقل وألا تكون منطلق لانتهاك حقوق الإنسان من خلال قانون ونظام فعال في المنطقة للتأكد من عمل الجهات الفاعلة المختلفة بشكل وثيق مع الوكالات والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية فضلا عن ممثلين للسكان المتضررين بمن فيهم النساء واعتماد التدابير المنصوص عن استخدامها للنازحين لتوفير السلامة والأمن الداخلي للسكان وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق حيث تكون الأطراف المتحاربة على استعداد وموافقة مسبقة لهذا الوصول وإلى مراقبة التأخير الذي لا داعي له وإنشاء آليه لحله بسرعة في حال إنشاء مجلس الأمن الدولي منطقة آمنة دون موافقة الحكومة يتبقى القيام بذلك بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لضمان ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وبتصوري إن إنشاء منطقة آمنة في ظل الظروف الراهنة في سوريا وتضارب المصالح وعدم وجود توافق دولي على حل الصراع الدائر بين السلطة المستبدة وشعب أراد التحرر وبناء دولة يحكمها القانون يتساوى فيها الجميع فإن تحقيق هذا الأمر ما زال بعيد المنال وسيبقى شلال الدم يتدفق إلى أن تتحرك الإنسانية من جديد من أجل إنقاذ ما تبقى من هذا الشعب.