أسقطت الدفاعات الجوية لنظام الأسد، طائرة إسرائيلية من نوع “إف 16” في أول رد على القصف الإسرائيلي الذي استهدف أكثر من مئة مرة مواقع تابعة للنظام وإيران في سوريا خلال السنوات القليلة الماضية.
الحادثة بدأت حين تجاوزت طائرة مسيرة إيرانية أجواء فلسطين المحتلة وأسقطتها إسرائيل، واستهدفت المنطقة التي انطلقت منها الطائرة حسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي. لكن دفاعات النظام أسقطت الطائرة الإسرائيلية فردت الأخيرة بشن نحو 20 غارة على مواقع للنظام وإيران في سوريا، وطالبت بتدخل روسي لاحتواء الأزمة والتدخل المطلوب يذهب في اتجاه المطالبة بإبعاد إيران عن منطقة خفض التصعيد جنوب سوريا.
روسيا بدورها قالت عبر قاعدة حميميم في سوريا، إن “مجموعة القوات الروسية في سوريا تؤكد أن المضادات الأرضية الروسية لم تشارك في عملية التصدي للهجمات الإسرائيلية، والتي نتج عنها إسقاط طائرة من طراز F16 كانت تشارك في العمليات ضد القوات الحكومية السورية”. وعللت القاعدة عبر صفحتها على موقع فيسبوك إسقاط الطائرة إن “وسائط الدفاع الجوي السوري نفذت المهمة بقدراتها الخاصة، التي تم تطويرها في وقتٍ سابق”.
بالمقابل، شدد مسؤول إيراني في تصريحات على أن “زمن الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا ولى، وسيواجه أي هجوم برد حازم”، مضيفا أن “محور المقاومة لن يسمح لإسرائيل بعد الآن بمواصلة اعتداءاتها دون رد”، كما نفى صحة الرواية “الإسرائيلية عن الطائرة المسيرة.
يرى الخبير العسكري العقيد فايز الأسمر، أن رد النظام جاء بأمر من روسيا وليس من النظام ذاته، باعتباره أنه فاقد لقراره السياسي والعسكري بشكل كامل، مضيفا أن الهدف الروسي من ذلك هو خلق الذرائع لإسرائيل لمهاجمة إيران وإبعادها عن الساحة السورية باعتبار أن طهران تطرح نفسها منافسا لموسكو في سوريا.
وأوضح الأسمر في حديثه لبلدي نيوز، إن العملية العسكرية الإسرائيلية كرد أولي سوف تستمر إلى 48 ساعة حسب نتائج اجتماع رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتياهو مع المجلس العسكري المصغر، ومن المحتمل أن تمتد وتتوسع وقد تشمل مهاجمة الميليشيات الإيرانية في سوريا ولبنان في حال تطور الأمر إلى مواجهة شاملة.
ولفت إلى أن “إسرائيل” بدأت بقصف الدفاع الجوية لقوات النظام والمراكز المهمة كرد مبدئي في التحضير لعملية ربما تكون أكبر في حال أرادت الاستمرار، مشيرا إلى الطيران الإسرائيلي قصف ( مطار المزة، ومطار التيفور، ومطار خللة، واللواء 150، واللواء 104 حرس جمهوري، ومنطقة الدريج وفيها معسكرات قوات الخاصة، ومواقع بجبل قاسيون، ومنطقة بريقة بمحافظة القنيطرة، وبيت جن بريف دمشق، وعسولة على طريق مطار دمشق الدولي).
بدوره، أشار الباحث والصحفي السوري عبدالوهاب العاصي، إلى أن الحادثة هي الأولى من نوعها منذ ثلاثة عقود تقريباً، ويعتقد أن هذه الضربة تأتي في ظل تداخل أكبر في أدوار الفاعلين بالملف السوري الحلفاء وغير الحلفاء، منوها على أن الرد العسكري الإسرائيلي الذي نفذه سلاحها الجوي منذ الصباح على عدة مواقع تابعة لإيران في سوريا، يعني أن إيران هي التي نفذت عملية إسقاط الطائرة”، حسب قوله.
ولفت العاصي في حديثه لبلدي نيوز، أن رد إسرائيل السياسي تم توجيهه إلى روسيا فقد اختارت سفيرها في موسكو ليُقدّم الرؤية الإسرائيلية الأولية للموقف، مع أن الأصل أن يأتي هذا الموقف من رئيس الوزراء أو وزير الدفاع، في رسالة واضحة مفادها أن موسكو تتحمل مسؤولية هذا التصعيد الإيراني، وأنه لا يمكنه النأي بالنفس عما يقوم به شريكها الإيراني.
وأشار الباحث السوري إلى أن موسكو في الغالب ترى فرصة سياسية كبيرة في تصعيد الموقف العسكري بين إيران وإسرائيل، إذ يمنحها هذا الأمر فرصة للضغط على طهران من جهة، ويعطيها ورقة تفاوض مهمة مع واشنطن وتل أبيب، حيث ستقرّ كل هذه الأطراف بروسيا وحدها كصمام أمان يمنع اصصدام كل الفاعلين في هذا الجزء من العالم!
وأضاف بالقول “بالأصل تضع احتمال إبعاد الميليشيات المدعومة من إيران عن حدودها، وهذا الأمر ليس جديداً”، مشيرا إلى أن الفارق الذي قد يحصل هو دفع الكيان المحتل لهذا السيناريو بالتوقيت الذي لا تريده تل أبيب ولا بالطريقة الأكثر ملاءمة.
وأنهى قائلا “حتى لو لم تندلع حرب واسعة -وهو الأرجح- ودخلت إسرائيل في معركة محدودة، فحتماً نحن أمام تعقيد أكبر في المشهد والصراع السوري.. إنه تداخل واضح ما بين حرب الوكالة والأصالة بين القوى الإقليمية والدولية”.
المصدر: بلدي نيوز