• السبت , 23 نوفمبر 2024

منبج تترقب مصير 17 مطلبًا.. سقف مرتفع ومفاوضات عسيرة

عنب بلدي

استطاع الأهالي المدنيون عبر احتجاجات سلمية ومطالبات شعبية في مناطق شمال شرقي سوريا، في وقت سابق التأثير وإلغاء قرارات كانت قد اتخذتها “الإدارة الذاتية” المسيطرة على المنطقة.

دفع ذلك عددًا من وجهاء وشيوخ العشائر في مدينة منبج شرقي حلب، في 7 من حزيران الحالي، إلى التقدم بـ17 مطلبًا مختلفًا منها مطالب معيشية واقتصادية وعسكرية إلى ”الإدارة الذاتية”، بعد التوترات التي شهدتها المدينة.

وشهدت منبج شرقي حلب، منذ 31 من أيار الماضي، مظاهرات وإضرابًا رفضًا لعمليات التجنيد الإجباري من قبل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في المناطق الخاضعة لسيطرتها، قُتل إثرها ثمانية أشخاص بالرصاص الحي وأُصيب آخرون بجروح.

سقف مطالب مرتفع.. مفاوضات عسيرة

بحسب بيانٍ صادر عن وجهاء وشيوخ العشائر في المنطقة، في 7 من حزيران الحالي، طالب الوجهاء بإلغاء التجنيد الإلزامي في مدينة منبج وريفها، وعدم تجنيد أبنائها إلزاميًا في جميع مناطق شمالي وشرقي سوريا، وتعويض ذوي الجرحى والشهداء ماديًا و معنويًا، ومحاكمة العسكريين الذين اعتدوا على المتظاهرين السلميين محاكمة علنية عادلة.كما طالب شيوخ العشائر بإيقاف الاعتقال العشوائي وحصره بقرار من المحكمة، وإنهاء عمل “البوليس السياسي” وظاهرة “الملثمين العسكريين”، ومنع العسكريين من التجول بسلاحهم بين التجمعات السكنية.

وتضمن البيان مطالب بتثبيت جميع المدرسين الوكلاء وتأمين المستلزمات للمدارس، وإلغاء القيمة الجمركية على المستلزمات الطبية والدوائية، وتفعيل دور هيئة الصحة في متابعة أسعار المستشفيات والأدوية، وتأمين الدواء المجاني لذوي الأمراض المزمنة، وعودة أهالي بلدة الشيوخ إلى منازلهم، وإعادة الوثائق المصادَرة من قبل “الدفاع الذاتي” لأصحابها، واعتبار الكفالة صالحة من دون مدة زمنية محددة، وإلغاء كل القوانين التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية كتعدد الزوجات والميراث.

وحول الجانب الاقتصادي في المنطقة، دعا وجهاء العشائر إلى ضرورة تأمين المحروقات والغاز المنزلي بكميات ونوعيات جيدة، وتحسين مادة الخبز وزيادة كميتها، وتسهيل عمل المنظمات الإنسانية، وتعويض أصحاب المنازل التي هُدمت عمدًا في أثناء الأعمال الحربية، وإعادة الأملاك والعقارات المصادَرة الى أصحابها.

يعتقد المحلل السياسي حسن النيفي، في حديث إلى عنب بلدي، أن “الإدارة الذاتية” لن تقبل بعض مطالب الوجهاء بسهولة، لأن بعضًا منها يمس ببساطة “الجانب السيادي للإدارة”.

وتوقع النيفي أن تشهد المنطقة نوعًا من “المفاوضات الساخنة” العسيرة نوعًا ما، نتيجة لسقف مطالب وجهاء العشائر المرتفع، موضحًا أن “الإدارة” من الممكن أن تُفاوض وتُعيد النظر في مسألة التجنيد الإجباري والمطالب المعيشية الأخرى، لكنها لن تتنازل بسهولة في أن تقبل بتقاسم القيادة أو القرارات في المنطقة مع أهالي المنطقة.

المطالب من حق الأهالي ويجب على “الإدارة” تنفيذها

بينما يرى المتحدث الرسمي باسم “مجلس القبائل والعشائر السورية”، الشيخ مضر حماد الأسعد، في حديثه إلى عنب بلدي، أن جميع المطالب من “حق الأهالي الطبيعي”، ومن واجب “الإدارة” عليهم تنفيذها كاملةً.

وأضاف الأسعد أن أغلبية سكان منطقة الجزيرة والفرات ومنبج من العرب، لذا اعتبر أنه يجب أن يكون لهم الحق إدارة المفاصل العسكرية والأمنية والاقتصادية والدينية.

وأشار الأسعد إلى أن عشائر معنية بالمطالب لم توافق على إجراء مفاوضات مع “الإدارة” وانسحبت في أثناء الاجتماع العشائر الذي سبق بيان المطالبات، إذ كان مطلبها الأول والوحيد هو خروج “القوات” من المنطقة دون إجراء أي مفاوضات او اتفاقات.

وبحسب الأسعد، فإن الأهالي لن يتنازلوا عن مطالبهم التي أعلنتها شيوخ العشائر في المنطقة، لأنها خرجت باتفاق يهدف إلى تحسين الواقع بشكل كامل ومن مختلف جوانبه الأمنية والعسكرية والاقتصادية، وسط اتهامات لـ “الإدارة” بهيمنتها على الدوائر الحكومية المفلية ذات القرارات الهامة في المنطقة.

تأثير إيجابي للأحداث الأخيرة

ستولد الأحداث الأخيرة وما آلت إليه الأمور من قرارات “الإدارة الذاتية” دافعًا كبيرًا لبقية المناطق الخاضعة لسيطرة “الإدارة”، كي تطالب بحقوقها أكثر ويكون لها جدوى، وسترفع سقف توقعاتها للاستجابة، حسبما توقع الباحث في مركز “جسور للدراسات” أنس شواخ، فب حديث سابق إلى عنب بلدي، خلال الأسبوع الماضي، تزامنًا مع مظاهرات شهدتها منبج.واعتبر الباحث شواخ أن تراجع “الإدارة” عن قرار التجنيد “فرصة ذهبية لجميع أبناء المناطق”، وستُستثمر عن طريق إضرابات واحتجاجات سلمية، رغم معرفة الناس أن ضريبتها قد تكون عالية.

بينما يتعيّن على المدنيين لتقوية موقفهم، حسب الباحث مهند الكاطع، المنحدر من المنطقة، أن يستمروا بفعاليات الحراك السلمي، و”رفض كل سياسات سلطات الأمر الواقع من أدلجة التعليم والمجتمع، وفرض مسميات وفعاليات لا تتناسب مع قيم المجتمع ولا مع الحالة الوطنية، ورفض كل رموز وشخصيات وأعلام أجنبية، تسعى جماعة حزب (العمال الكردستاني) لفرضها”.

وأكد مهند الكاطع وجوب أن يكون الحراك جماعيًا، ويحرص فيه المحتجون على توثيق نشاطهم أو ما يتعرضون له بالتصوير الحي والمباشر، لأن نقل صورة المظاهرات والحراك يشكّل أكبر وسيلة ضغط على إدارة الأمر الواقع.

وأشار مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”،بسام الأحمد، إلى أن من الأساليب التي يمكن للأهالي تعزيز مواقفهم بها للضغط على “الإدارة الذاتية” لتحقيق مطالبهم، تنظيم أنفسهم والضغط للمشاركة في المؤسسات الحقيقية والحوكمة، وطرح متطلباتهم ومصالحهم، ونسيان مصالح الدول الأخرى.

وسبق لـ “الإدارة الذاتية”، أن تراجعت عن قراري رفع أسعار المحروقات، والتجنيد في مدينة منبج شرقي حلب، منذ منتصف أيار الماضي، ثم أجّلت الخدمة الإلزامية العسكرية للشباب المنحدرين من مناطق يسيطر عليها “الجيش الوطني” ويقيمون تحت سيطرتها.

وأُسست “الإدارة الذاتية في إقليم الجزيرة” في 21 من كانون الثاني عام 2014، لتتبعها “إدارات ذاتية ومدنية”، توحدت في 6 من أيلول عام 2018، تحت اسم “الإدارة الذاتية لشمالي وشرقي سوريا”، حسبما أعلن “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، الذارع السياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

وتمتد مناطق سيطرة “الإدارة ” من مدينة منبج وعين العرب بريف حلب، مرورًا بمحافظة الرقة والحسكة وجزء من ريف دير الزور، باستثناء سيطرة النظام على جزء من مدينة القامشلي متمثل بمطار المدينة والمربع الأمني وجزء من الأحياء السكنية، كما أن مدينتي رأس العين وتل أبيض على الحدود التركية خارج مناطق سيطرتها.

مقالات ذات صلة

USA