قالت صحيفة هآرتس، إن مسؤولين من لبنان وإسرائيل يعملون بهدوء على منع نشوء حرب جديدة في الشمال، حيث نجح المبعوث الأمريكي ديفيد ساترفيلد، بعد مرور عقد من الجهود الأمريكية، بإقناع البلدين بترسيم الحدود البحرية بإشراف من الولايات المتحدة.
وتسمح المباحثات الجديدة للبنانيين بالبدء في التنقيب عن الغاز الطبيعي في المتوسط، حيث يأمل لبنان بأن تشكل عائدات الطاقة دفعة في تنشيط اقتصاده على غرار ما قامت به إسرائيل قبل بضعة سنوات.
ومن المقرر أن تبدأ هذه المحادثات نهاية هذا الشهر في قاعدة لليونيفيل في بلدة الناقورة اللبنانية، إذ ستتطرق إلى حقول الغاز المتنازع عليها بين البلدين، مع أنه لم يتم تحديد موعد لمناقشة ترسيم الحدود البرية المختلف عليها في 13 موقعاً.
ويذهب لبنان إلى المباحثات مدفوعاً باعتبارات اقتصادية. مع العلم أن محادثات كهذه لا يمكن أن تحدث بدون ضوء أخضر من حزب الله، مما يؤكد أن الهدف الحالي لحزب الله، الشريك في الحكومة اللبنانية، تحصيل مكاسب مالية من حقول الغاز.
وبحسب تقييم الاستخبارات الإسرائيلية، انخفض الدعم المالي الإيراني المقدم لحزب الله من مليار دولار سنوياً إلى 600 مليون دولار، نتيجة للعقوبات الأمريكية.
دلالات المباحثات بين الطرفين
تتناقض المحادثات المقبلة مع مزاعم حزب الله، الذي قال متزعمه حسن نصر الله في خطاب ألقاه هذا الشهر، إن المنطقة ستشتعل بأكملها وستدفع إسرائيل الثمن في حال ما اندلعت حرب بين الولايات المتحدة وإيران.
واعتبر أمير بارام، القائد الجديد للقيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، إن “تحريض وصراخ” نصر الله سببه “الضغوط الهائلة التي يتعرض لها” وذلك خلال حفل تذكاري للجنود الإسرائيليين الذين قتلوا في حرب لبنان الثانية.
وقال قبل ذلك، تامير هايمان، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، خلال كلمة ألقاها في معرض للأسلحة في تل أبيب “لسنا بحاجة لنصر الله ليخبرنا عن وضع مشروعه الخاص بالصواريخ عالية الدقة. نعلم وضع هذه الصواريخ أكثر منه”.
وتشير التقديرات إلى أن حزب الله أرسل ثلثي قواته إلى سوريا، بموجب أوامر إيرانية، لإنقاذ نظام بشار الأسد. قتل منهم 2,000 شخص. كانت حينها تحاول إيران الابتعاد عن نزاع عسكري مع إسرائيل؛ إلا أن الأمور تغيرت بعد أن سيطر النظام على الحرب.
ولذلك، تعتقد إسرائيل أن جولة المحادثات، تمنع حدوث مواجهة عسكرية، خصوصاً مع انهيار الاقتصاد اللبناني. وترى إسرائيل وجود نقاط توتر ولكن في جبهات أخرى، منها الخليج الذي يشهد تصعيد بين الولايات المتحدة وإيران. وكذلك الحملة الإسرائيلية التي تستهدف الوجود الإيراني في سوريا.
تغيير في عقيدة حزب الله
قال ضابط كبير في القيادة الشمالية، في حديث خاص للصحفية، إن حملة هدم الأنفاق “حرمت حزب الله من أهم الوسائل التي يمتلكها في الخطة التي وضعها للهجوم، والتي من المفترض أن تفاجئنا. ولكن العملية، لم تمنعه من التخطيط لهجوم آخر أو توقف حوافزه بوضع أسس لخطة جديدة”.
وكان حزب الله يخطط للتوغل برياً بدلاً من الاعتماد على إطلاق الصواريخ وهذا تغير عقائدي في أسلوبه المعتاد. وكانت وحدة الرضوان، التي اكتسبت خبرة من الحرب في سوريا، هي التي من المفترض أن تقوم بهذه المهمة، بعد أن تدربت على استخدام أنظمة الاستخبارات والطائرات المسيرة والنيران الموجهة بدقة.
وتهدف خطة حزب الله إلى إحداث نصر معنوي في المنطقة في حال ما تمكن من التوغل برياً قبل أن تفشل إسرائيل خططه. وردت القيادة الشمالية، بتجديد خططها العسكرية، حيث وضعت أهدافاً شملت قوات الرضوان التي ستتعرض مواقعها لضربات جوية وبرية وبحرية، بهدف تدمير قوات النخبة بأكبر قدر ممكن.
وترى إسرائيل أن عليها هذه المرة، الدخول في عمق الأراضي اللبنانية، وذلك في الحرب المقبلة للفوز على حزب الله. وسيستمر التوغل لفترات طويلة، حيث أثبتت حرب لبنان الثانية، إن مدة 34 يوماً غير كافية. واستنتجت إسرائيل الأمر نفسه من حرب غزة عام 2014، حيث لم يكفيها التوغل لمدة 50 يوماً.
شكل الحرب المقبلة
وتقدر إسرائيل مقتل مئات الجنود في الحرب المقبلة، بالإضافة لاستهداف مواقع إسرائيلية بالصواريخ والقذائف بشكل لم تشهده من قبل، كما ستؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي، والذي على الرغم من تقدمه مقارنة مع اللبناني، إلا أنه أكثر هشاشة. وستعني الحرب الطويلة أضرارا جسيمة للبنية التحتية في إسرائيل.
مع ذلك، ترى القيادة في الجيش الإسرائيلي إن حزب الله سيهزم في حال ما توغل الجيش الإسرائيلي داخل لبنان. وأن على إسرائيل التماسك داخلياً للفوز بالمعركة المقبلة.
وزاد الجيش الإسرائيلي، خلال السنوات الأخيرة، من حجم “بنك الأهداف” لحزب الله، حيث من المفترض أن تؤدي المعركة إلى أضرار كبيرة في هذه الأهداف.
وتركز الخطة الأمنية الإسرائيلية “الأمن في عام 2030″، والتي قدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى الجيش قبل الانتخابات على القوات الجوية وقدرات إطلاق النار بدقة والاستخبارات والحرب الإلكترونية ولا تضع ثقلها على القوات البرية وهذا ما يناقض خطط رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد، أفيف كوتشافي الذي أكد التزامه بتحديث القوات البرية.
المصدر: أورينت نيوز