تصعيد عسكري بين أطراف النزاع والقوى المسيطرة في شمال سوريا يتسبب بمقتل عشرات المدنيين، سوريا لا تزال غير آمنة لعودة النازحين واللاجئين
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
باريس- أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في آب 2022، وأشارت إلى أنَّ التصعيد العسكري بين أطراف النزاع والقوى المسيطرة في شمال سوريا يتسبب بمقتل عشرات المدنيين، وأن سوريا لا تزال غير آمنة لعودة النازحين واللاجئين.
استعرَض التَّقرير -الذي جاء في 27 صفحة- حصيلة أبرز الانتهاكات التي وثقها في شهر آب 2022، من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، إضافة إلى حصيلة حالات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، وسلَّط الضوء على عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة، التي تمكن من توثيقها.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافةً إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.سجَّل التقرير في آب مقتل 91 مدنياً، بينهم 28 طفلاً و2 سيدة (أنثى بالغة)، النسبة الأكبر منهم على يد جهات أخرى، من بين الضحايا 1 من الكوادر الإعلامية. كما سجل مقتل 7 أشخاص بسبب التعذيب، وارتكاب 1 مجزرة، وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.
ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 186 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 17 طفلاً، و11 سيدة (أنثى بالغة) قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في آب، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظات دمشق تليها ريف دمشق ثم درعا.وبحسب التقرير فقد شهد آب ما لا يقل عن 3 حوادث اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، جميعها في محافظة حلب. كانت 2 من هذه الهجمات على منشأة تعليمية و1 على سوق.جاء في التقرير أن آب شهد ازدياداً في وتيرة القصف المدفعي الذي نفذته قوات النظام السوري على منطقة إدلب في شمال غرب سوريا.
وقد تركز هذا القصف على القرى والبلدات القريبة من خط التماس مع فصائل في المعارضة المسلحة، كما تعرضت بلدات وقرى ريف إدلب الشمالي والجنوبي والغربي البعيدة عن خطوط التماس لهجمات أرضية من قبل قوات النظام السوري.
رصد التقرير استمرار التصعيد الذي تشهده مناطق في محافظة درعا من قبل قوات النظام السوري، حيث قامت مدفعية هذه القوات بقصف مدينة طفس بريف محافظة درعا الغربي بقذائف الهاون في 10/ آب، متسبباً في إصابة مدنيين عدة. كما رصد استمرار القوات الروسية في تنفيذ طلعات وهجمات جوية على منطقة شمال غرب سوريا، ازدادت وتيرتها في الأسبوع الأخير من آب، واستمرار الهجمات الأرضية التي تشنها قوات سوريا الديمقراطية على مناطق ريف حلب الشمالي الغربي والشرقي وتصاعد في وتيرة القصف الصاروخي الذي مصدره المناطق الخاضعة لسيطرة مشتركة بين قوات النظام السوري وقوات الإدارة الذاتية الكردية شمال حلب، حيث تعرضت مدينة الباب في ريف محافظة حلب الشرقي في 19/ آب لهجوم أسفر عن مجزرة راح ضحيتها 16 مدنياً.
سجل التقرير ازدياداً في وتيرة الاشتباكات بين العشائر في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في آب مقارنةً بأشهر سابقة، أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 13 شخصاً وحرق عشرات المنازل، واستمرت في آب عمليات اغتيال مدنيين على يد مسلحين لم يتمكن التقرير من تحديد هويتهم، معظمهم في محافظة درعا.
واستمرت عمليات الاغتيال في مخيم الهول، حيث رصد التقرير مقتل 3 مدنيين.وبحسب التقرير استمر في آب سقوط ضحايا مدنيين بسبب الألغام ومخلفات الذخائر في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، حيث بلغت حصيلة ضحايا الألغام في آب 11 مدنياً بينهم 5 طفلاً، لتصبح حصيلة ضحايا الألغام منذ بداية عام 2022، 101 مدنياً بينهم 50 طفلاً و9 سيدات.
وفقاً للتقرير فقد استمر تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي والخدمي في عموم مناطق سوريا، حيث لا تزال المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري تعاني من الارتفاع المطرد في أسعار المواد المعيشية، مع استمرار أزمة الكهرباء في تلك المناطق جراء استمرار سياسة التقنين في ساعات وصل الكهرباء وقد قامت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري، في آب، بتخفيض مخصصات الخبز الأسبوعية الموزعة عبر البطاقة الإلكترونية لفئة الشخص الواحد والشخصين.
كما رصد التقرير رفع حكومة النظام السوري سعر ليتر البنزين (أوكتان 90) المدعوم والمستلم على البطاقة الإلكترونية، بنسبة بلغت 230 % عن سعرها السابق، كما رفعت سعر ليتر البنزين (أوكتان 95)، وتسبب ارتفاع أسعار المحروقات وغيابها في الأسواق في أزمة مواصلات زادت من معاناة المواطنين، كما تعاني المشافي والمراكز الطبية الحكومية التابعة للنظام السوري من أزمة فقدان الأدوية والمستلزمات الطبية.
وفي شمال غرب سوريا، قال التقرير إن معاناة المدنيين من غلاء أسعار المواد الغذائية والتموينية والمحروقات ما زالت مستمرة، في ظل شبه نقص كبير في القوة الشرائية بسبب انتشار البطالة وارتفاع نسبة الفقر وخصوصاً في المناطق التي تضم مخيمات النازحين إضافة إلى انخفاض أجرة اليد العاملة، وقد شهدت مدينة منبج في ريف محافظة حلب الشرقي، على مدار شهر آب، حركات احتجاجية ضد ممارسات قوات سوريا الديمقراطية لا سيما اختطاف الأطفال.
وفي شمال شرق سوريا، استمر الوضع في المنطقة بالتدهور في ظل توتر الأوضاع الأمنية وانعدام الأمن وانتشار الفساد الإداري.وفق التقرير، استمرت معاناة النازحين في شمال غرب سوريا على الصعيدين المعيشي والإنساني، وخصوصاً في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وازدياد حجم الاحتياجات ووصولها إلى مستويات قياسية مع تراجع الدعم المطلوب لتغطية تلك الاحتياجات، وانعدام شبه كامل في فرص العمل.
ورصد التقرير اندلاع حريقين في مخيمات شمال شرق سوريا أسفرت عن مقتل 3 أطفال، ومغادرة الدفعة الثالثة والعشرون والمؤلفة من 77 عائلة نازحة من أبناء دير الزور من مخيم الهول باتجاه محافظة دير الزور منذ قرار الإدارة الذاتية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية رقم 146 القاضي بإفراغ المخيم.
كما رصد تفاقم معاناة قاطني مخيم الركبان في شهري تموز وآب، حيث تسبب ارتفاع درجات الحرارة بتفاقم تداعيات تخفيض كمية المياه الصالحة للشرب إلى النصف تقريباً، والتي كانت تدخل عبر الحدود الأردنية بدعم من منظمة اليونيسف، منذ أيار الماضي، وبشكلٍ أصبح يُهدّد حياة سكان المخيم، في 16/ آب توقف الفرن الذي يزود قاطني المخيم بالخبز عن العمل بسبب انقطاع دخول إمدادات الطحين بشكل كامل عن المخيم جراء تشديد قوات النظام السوري حصارها له الذي ما زال مستمراً حتى لحظة إعداد التقرير.
ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.
كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصةً بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل.
ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها.
وأضاف أن على قوات سوريا الديمقراطية التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً.
وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً.
وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…