بقلم د. محمد حاج بكري /سوريا الامل
بداية يتفق الجميع بمن فيهم الأسد ومجرمو نظامه ان بلدنا يتدحرج من ضعف إلى ضعف، حتى وصل إلى ما نحن عليه الآن، ويرجع هذا الأمر إلى عدة عوامل منها خطأ النظام الاستراتيجي ممثلا بالاسد باختيار الحل العسكري لمواجهة مطالب الشعب المحقة في الحرية والكرامه وبدأ من الخطاب الأول لبشار الأسد وتحريف مطالب الشعب وصياغتها بطريقة طائفية تخدم كرسي الأسد باستفراده بالحكم مع اضعافه للقوى السياسية، حيث عمل على شق صفوفها عن طريق الترهيب والمال والمنصب، مما جعل العمل السياسي يعد أقرب الطرق وأسهلها للاستغناء، فأصبحت الوظيفة مغنم، ونهب مال الدولة حقٌ مستحق، وكأن الشعار هو طالما استغنى منها عمرو فلماذا لا يستغني بها زيد، فضلا عن المحسوبية وتقديم أصحاب الولاء على أصحاب الكفاءة منذ عهد الأسد الأب الى يومنا هذا، إضافة إلى أخطاء كبرى تتمثل في الفشل في إدارة التنوع والإقتصاد والسياسة والتعليم وغيره ،
فكانت الحرب التي جعلت سورية حجرا فوق حجر، وسياسة خارجية مبنية على اهواء شخصية وهوس سلطوي عكس مدى ضعف العقول التي تدير البلاد الناتج الكلي لسياسات النظام الداخلية والخارجية هو الوهن وضعف الدولة، لأنها قادت لاستشراء الفساد وضعف مؤسسات الدولة وتردي خدماتها وغياب الإنتاج، وحصارها خارجياً مما أدى للإنهيار السياسي والاقتصادي، والانفراط شبه الكامل للأمن، حيث تحول لأمن منتهك لحياة الناس وحرياتهم وحرماتهم من أجل أن يبقى النظام في السلطة، هذا مع عجز كامل للنظام عن الحل، لأن الأزمة الحالية أكبر من قدرات الذين صنعوها ومازالوا يتشبثون بالسلطة لادراتها، مع أن الواقع أكد لهم ذلك، فكل يوم يمر وهم في السلطة ستزداد عمقاً،
وقطعا لا ننتظر منهم حلاً، لأن حلها في ذهابهم، و هل يستطيع الأسد والذين خلفه، حل الأزمة التي تعيشها بلادنا، بل ان لم يكونوا هم الأزمة، فمن يكون الأزمة؟كذلك نتج عن سياسات النظام الخاطئة حصار خارجي مع حالة الضعف والانهيار الكلي لأجهزة الدولة، كل ذلك جعلها مطمعاً لكل صاحب قرار ومالك مال، على مستوى دول الإقليم أو الدول الكبرى، حيث نشطت أجهزة المخابرات الدولية بصورة كبيرة جداً في بلادنا، بل أضحى قادة النظام يعرضون الخدمات ويقدمون التنازلات لكل طامع، شرط أن يبقوا في السلطة، وكلنا يعرف لا يعدم البائع من شاري، ومع تعدد السلع التي تملكها بلادنا تعدد الشاريين،
فهنالك من يريد الأرض والمياه والثروات المعدنية والحيوانية، وهنالك من يريد الكفاءات البشرية، وهنالك من يريد أن ينشر فكرا محددا، بل أصبحت بلادنا مسرحا لصراع أصحاب الأفكار والأفكار المضادة، وكل المطلوب هو تأمين رأس النظام والمقربين منه من النهاية المحتومة ، أوتأمين انسياب الحكم بصورة ناعمة ليخلفه أحد الثقاة، يقابله تنفيذ كل ما يطلبه من يقدم هاتين الخدمتين، فأمانهم وبقائهم في السلطة فوق البلاد وسيادتها ومستقبلها، ولا يهم خرابها بل المهم الجلوس على تلة الخراب، ولذا لا نستغرب من زيارة الوفود المشبوهة علنية كانت أم سرية من وإلى بلادنا
نختم بأننا إن لم نتحد ونضع ايادينا في بعض ، فإننا سنشهد فناء وطننا كما شهدت الكثير من الشعوب على فناء أوطانها، فقادة النظام أمرهم أضحى معلوم للجميع وهو “السلطة والأمن الشخصي”، ولا يهم الثمن إن كان الوطن أو مواطنيه كما اسلفت، أما المعارضة فهي لا تملك أدوات مقاومة النظام لوحدها، لأنها ضعيفة ومخترقة وتفتقر للقواعد والإمكانيات ،
وبالتالي العبء في التغيير يقع علينا جميعاً دون إستثناء، والتغيير المنشود ليس على مستوى النظام وحده بل يجب أن يمتد ليشمل كل القوى والكيانات التي تقف ضد إرادة الشعب والمصلحة العامة للبلاد، وليكن الشعار فليسقط النظام وحلفاؤه والمساندين له والمستثمرين في أزماته داخلياً وخارجياً. وهنا رسالة نوجهها للدول الطامعة في بلادنا أن كل شيء مرصود ومراقب ومعلوم، وعدم التصريح به لا يعني أن هنالك عدم دراية به وغفلة عنه،
وكذلك لا يعني أن الدولة السورية بلا وراثين وأن شعبها سهل الانقياد والتبعية، وعليه على بعض الدول أن تعمل على مراجعة المواقف، وأن تعمل بجد على مساندة الشعب السوري وليس النظام، إن أرادت كرتاً للمرور في العلاقات المستقبلية مع الدولة القادمة، لأن هنالك خطأ في التقديرات لقوة الشعب السوري على الأرض، إذ يغفل الكثيرين عن إرادة الشعب الموجود على الأرض رغم الموت والقمع والانتهاكات فهو لن يتراجع للوراء،
وبالتالي كل من يراهن على بقاء النظام فهو على خطأ بمآلات الراهن السياسي في سورية ، لأن هذا النظام سقط في أعين الشعب السوري ، واستنفد كل أسباب بقاءه الأخلاقية والموضوعية، والآن قابض على السلطة بقوة السلاح فقط، ومع تمدد حالة الغضب الشعبي المتزايدة يومياً بفعل أخطائه سيعجز السلاح وآلة القمع عن حمايتهد محمد حاج بكري