• الخميس , 28 نوفمبر 2024

المحامي مصطفى مستو: ” المظلومية الكوردية ما بين البعث العربي و؛المبعوث ؛ الكوردي “

اعتقدت الحكومات المتعاقبة في سوريا بأن إلحاق الكورد السوريين بالدولة السورية من قبل الدول المنتصرة بالحرب العالمية الأولى هو حقاً عربياً مكتسباً يستوجب العمل على صهرهم في بوتقة الأمة العربية وبدلاً من أن تقوم هذه الحكومات على قبول الكرد كشريك في الوطن والاستفادة من التنوع المجتمعي السوري الذي هو مصدر ثراء وغنى للوطن ، عملت العكس تماماً وتعاملت مع جميع المكونات السورية ومن ضمنهم الشعب الكوردي وفق ماتقتضيه مصلحة “الصهر في بوتقة الأمة ” وخير من لعب هذا الدور القذر من الحكومات والأنظمة المتعاقبة على سوريا هو نظام الأسد الديكتاتوري
ففي المادة الاولى من الدستور 1970 نصت
على :
1- القطر العربي السوري جزء من الوطن العربي.
الشعب في القطر العربي السوري جزء من الأمة العربية …..
و الدستور 2012 نصت المادة الاولى منه على ان :
2 -الشعب في سورية جزء من الأمة العربية.
وبذلك أقصى جميع المكونات السورية غير العربية من ممارسة حقوقه الطبيعية والشعور بالانتماء الوطني السوري حيث مكوناته تشكل فسيفساء جميلة تزيده قوة وصلابة.
وللإنصاف نقول بأن النظام السوري لم يكن عادلاً في شيء تجاه السوريين إلا في توزيع الظلم بحق أبناءه إلا أن الكورد عانوا الأمرين منه ، سورياً وكردياً ، ففضلاً عن القمع والإقصاء والاضطهاد وممارسة الاستبداد تجاه السوريين عامة مورس بحقه كل أشكال التمييز العنصري عبر ممارسة سياسة التعريب والإقصاء والإنكار إلى حد أصبح الغناء باللغة الكردية خطراً على أمن الدولة والأمن القومي .
ولعب النظام على الكثير من التناقضات الموجودة في المجتمع السوري ، إذ شرعن الكثير من الممارسات الاستبدادية والإقصائية بحق الشعب الكردي وإبرازهم للمكونات السورية الأخرى على أن خطورتهم لا تقل خطورة عن خطر اسرائيل على الأمة العربية ، وباشر بإصدار المئات من المراسيم والقرارات الجائرة التي من شأنها اضطهاد الكرد والتمييز بينهم وبين بقية المواطنين.

وشملت هذه الإجراءات المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكان الاحصاء الاستثنائي الجائر : الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 93 تاريخ 1962 هو أحد المؤيدات القانونية في تعامله مع الكورد ،وطبّقه بحرفيته ، وكانت نتيجة إجراء هذا الإحصاء السكاني في محافظة الحسكة هي تجريد أكثر من 120 ألف مواطن كردي سوري من حق الجنسية السورية.

و شكل هذا كارثة إنسانية حقيقية إذ حُرم فيها المواطن الكردي من حق التجنس والمواطنة و التعلم والعمل والتملك والسفر والزواج والانتخاب والترشح وحتى النوم في الفنادق.
فضلاً عن اعتماده كرأس الملازم أول محمد طلب هلال رئيس الشعبة السياسية في محافظة الحسكة عام 1962 والمقترحات التي دعا إلى تطبيقها للقضاء على الكورد السوريين مرجعاً أساسياً له و سنورد هذه المقترحات كما جاءت في الكراس بشكل مختصر نظراً لأهميته لأن النظام السوري عمل جاهداً على تنفيذ هذه المقترحات بحذافيرها واعتبرها جزءاً من خطته تجاه المكون الكوردي وهي:
– أن تعمد الدولة إلى تهجير الكرد إلى الداخل وتوزيعهم ، والعمل على سياسة التجهيل و عدم إنشاء مدارس أو معاهد ، وسحب الجنسية السورية منهم ،والعمل عل اغلاق باب العمل.
– القيام بحملات من الدعاية الواسعة بين العناصر العربية مركزة على الكورد وخطورتهم.
– نزع الصفة الدينية عن مشايخ الدين لدى الكورد.
– ضرب الأكراد في بعضهم وإسكان عناصر عربية وقومية في المناطق الكردية وعدم السماح لمن لا يتكلم العربية بأن يمارس الانتخاب والترشيح في المناطق المذكورة ومنع إعطاء الجنسية مطلقاً لمن يريد السكن في تلك المناطق مهما كانت جنسيته الأصلية عدا الجنسية العربية وقد وتم تطبيق معظم هذه المقترحات من خلال منح النظام الأسدي الصلاحيات المطلقة للسلطة التنفيذية والأمنية بهذا المجال إذ عملت السلطات التنفيذية على تغيير أسماء القرى والمعالم الكردية واستبدالها بأسماء عربية ومنع تسمية المواليد الجدد بالاسماء الكردية وإغلاق محلات الأشرطة والكاسيتات التي تحتوي على الأغاني الكوردية وحظر الغناء باللغة الكوردية في الأعراس والحفلات وحظر الاحتفالات بالمناسبات والاعياد القومية تحت طائلة الاتهام “بجناية اقتطاع جزء من الاراضي السورية وضمها لدولة أجنبية ” ، ومنع التكلم باللغة الكردية في دوائر الدولة وفصل الطلاب من المدارس والمعاهد والجامعات ووضع الكثير من العراقيل لتوظيف الكورد.
– وتنفيذا لمشروع الحزام العربي 1974 منع الكورد من تملك العقارات في المناطق الحدودية وكذلك الإيعاز للسلطات القضائية العقارية بتسجيل العقارات الواقعة في المناطق الكوردية بإسم أملاك الدولة وحرمان مالكه من ملكية أرض الآباء والأجداد.
– ومنذ انطلاقة شرارة الثورة السورية التي نادت بالحرية والكرامة انطلق الشعب الكردي مثله مثل بقية المكونات السورية في المشاركة الفعالة بالثورة ومثله مثل بقية المكونات السورية انقسم الشارع الكردي إلى قسمين “موالاة ومعارضة” واختارت الحركة السياسية الكردية الانضمام إلى صف الثورة بحكم أنها جزءاً من الحركة الوطنية التقدمية الديموقراطية تهدف إلى حل قضيته القومية العادلة وفق العهود والمواثيق الدولية وإقامة نظام ديمقراطي يضمن حقوق جميع السوريين في الحرية والكرامة.
إلا أن النظام السوري بطبيعته الإجرامية وعقليته الأمنية استقدم حزب العمال الكردستاني (الحليف القديم له ) ومن خلال مسرحيات هزلية سلمه المناطق الكوردية برسم الأمانة وتكليفه بمهمة تحييد الشعب الكوردي عن المشاركة بالثورة السورية مع تقديم كافة أنواع الدعم المادي والعسكري واللوجستي كل ذلك حتى يتسنى للنظام الاستفراد بالثوار من المكون العربي و إنقاذ عرشه المتهاوي أمام الشعب الثائر .
عمل حزب العمال الكردستاني من خلال واجهة سياسية شكلية متمثلة بحزب الاتحاد الديمقراطي pyd بتشكيل قوات حماية الشعب ypg أسوة ( بشبيحة النظام التي كانت تسمى لجان الحماية الشعبية ) ليس من باب التماثل فقط وإنما من باب الإنتماء للهيكلية نفسها ، ومن أجل توطيد سلطته وبسط نفوذه على الشارع الكوردي عملت هذه القيادات المستقدمة من جبال قنديل بداية على دغدغة الشعور القومي الكوردي وايهامهم بأن نضالهم يهدف إلى اقامة دولة كوردية مع ممارسة كل أشكال القمع والتنكيل بنشطاء الكورد في تنسيقيات الثورة والقيام بحملات إعلامية ودعائية لتشويه الثورة والثوار.
– بسطت هذه المنظمة سلطتها كأمر واقع في المناطق الكوردية و مارست كافة أشكال الإرهاب و القمع والتنكيل بحق معارضه بدءاً من ارتكاب المجازر بحق الكورد ونشطائه (مجزرة عفرين ومجزرة تل غزال بكوباني ومجزرة عامودا ) وانتهاءاً باعتقال ونفي كوادر الأحزاب السياسية المتمثلة بالمجلس الوطني الكوردي في سوريا فضلاً عن زج معظم الشباب الكورد السوريين في معارك خارج مناطقهم حتى أصبحت مساحة المقابر في المناطق الكوردية أكبر من مساحة مدنها وبلداتها تحت شعار وهمي وهو “الأمة الديمقراطية ” وأخوة الشعوب وما كان هذا الشعار الهلامي إلاّ تغطية لتنفيذ ما وكل به خدمة لأجندات النظام السوري المجرم والاجندات الدولية التي لاتخدم السوريين بشىء بل بالعكس أدى إلى خلق عداوة و شرخ كبير بين الكورد وباقي المكونات السورية تحتاج إلى سنين لردم الهوة في وقت نحن بأمس الحاجة إلى بناء جسور الثقة وتمتين أواصر الأخوة والروابط المشتركة من وحدة الأرض والمصير المشترك
ولم يعد خافياً على أحد بأن سياسة الإرهاب التي مارسها هذا الحزب أدت إلى إفراغ المناطق الكوردية من السكان ويمكن القول أن جرائم حزب العمال الكردستاني بحق الكورد فاقت جرائم داعش لا بل فاقت جرائم النظام بكثير ،وما لم يستطيع أن يفعله النظام بحق الكورد السوريين خلال أربعين عاماً من ظلمه ، فعله هذا الحزب خلال أربع سنوات.
ولا أعتقد بوجود حليف أكثر وفاءاً وإخلاصاً للنظام الأسدي من حزب العمال الكردستاني وجناحه السياسي في سوريا حزب الاتحاد الديمقراطي pyd الذي لم يجلب للكورد السوريين سوى الدمار والخراب

24/4/2018 المحامي مصطفى مستو

مقالات ذات صلة

USA