ريان محمد
العربي الجديد:26/3/2021
يبدو أن النظام السوري يحاول تكرار مشهد قضمه لمناطق “التسويات” تحت ذرائع أمنية، بهدف تفريغها من المناهضين له، كمقدمة لإعادة سطوته الأمنية عليها. وتشهد كناكر بريف دمشق الغربي توتراً أمنياً، بعد اتهام النظام لعناصر من فصائل “التسوية” في البلدة بمحاولة القيام بأعمال أمنية في دمشق، في حين يحاول الروس الضغط على المجتمع المحلي لعدم التصعيد والذهاب باتجاه عقد “تسوية” جديدة مع النظام، الأمر الذي يثير قلق الأهالي من احتمال عودة سطوته عليهم.
وقال أبو محمد عاشور (52 سنة)، الذي فضل عدم ذكر اسمه صراحة لأسباب أمنية، لـ”العربي الجديد”، إن “الوضع في كناكر ليس جيداً، فكثير من العائلات لديها أفراد مطلوبون من قبل النظام أو معتقلون، وعودة سيطرة النظام على البلدة ستجعلنا جميعاً في خطر”. وأضاف “هناك الكثير من الشبان المستنكفين عن الخدمة العسكرية في البلدة، والنظام والروس يساومون الأهالي على ملف التجنيد. الروس يريدون تشكيل مليشيا تتبع لهم عبر “الفيلق الخامس”، والنظام يريد إجبار الشبان على الخدمة في صفوفه. وكل ذلك لكسر إرادتهم واخضاعهم لسيطرتهما”.
وكان وفد روسي طالب وجهاء كناكر، السبت الماضي، خلال اجتماع عقد في مبنى البلدية، بتهدئة الأوضاع في المنطقة، محذراً من إدخال البلدة في توترات أمنية جديدة، في حين كرر الوجهاء وممثلون عن فصيل “ألوية الفرقان” وأعضاء لجنة “المصالحة” مطالبهم بإطلاق سراح المعتقلين.
وجاء التدخل الروسي عقب تصعيد النظام أمنياً والحصار الجزئي الذي فرضه على البلدة، حيث وضع قائمة مكونة من 100 شخص للاعتقال في فبراير/شباط الماضي، في حين كان فرض في يناير/كانون الثاني الماضي حصاراً على البلدة، وقصفها بالمدفعية والرشاشات الثقيلة، قبل أن يعود الهدوء النسبي ليخيم عليها.وكان عدد من الضباط الروس التابعين إلى “مركز المصالحة الروسي” ومقره في دمشق، ومعهم عدد من ضباط قاعدة حميميم الروسية في الساحل السوري، عقدوا ثلاثة اجتماعات متتالية في كناكر مطلع العام الحالي، اثنان منها مع ممثلي فصائل مسلحة معارضة أجرت “تسويات” مع النظام، والثالث عُقد بحضور أعضاء “لجنة المصالحة” ووجهاء البلدة.
وأهم ما عرضه الوفد الروسي في الاجتماعات هو إعادة طرح تشكيل قوة عسكرية محلية ضمن ما يسمى “الفيلق الخامس”، تتبع للقوات الروسية بشكل مباشر، وتضم المنشقّين عن قوات النظام وعناصر “التسويات” من أبناء البلدة، مقابل فتح ملف المعتقلين والمغيبين قسراً.
كما أعلن النظام، منتصف الشهر الحالي، إحباطه استهداف مدينة دمشق من قبل 6 أشخاص، كانوا يخططون للقيام بعمليات تفجير عبر الأحزمة الناسفة، قتل ثلاثة منهم في حين تم إلقاء القبض على ثلاثة آخرين، هم من أبناء بلدتي زاكي وكناكر.يشار إلى أن النظام فشل في إجراء “مصالحة” حقيقية في مناطق المعارضة التي سيطر عليها، عقب توافق إقليمي وبرعاية روسية، حيث واصل محاصرة هذه المناطق، وأبقى على من أجرى “تسوية” أمنية عرضة للاعتقال، فيما يواصل سكان تلك المناطق رفضهم عودة سطوة النظام، وخاصة الأمنية.
وكان العشرات من أبناء كناكر تظاهروا، الجمعة الماضي، في ذكرى إحياء انطلاق الثورة في العام 2011.كما ينتهج النظام ذات السياسة في مناطق “التسويات” في درعا والقنيطرة، كان آخرها الأحداث التي شهدتها بلدة مزيريب، الأمر الذي تطور إلى الصدام المسلح، ما تسبب بمقتل وجرح نحو 30 عنصراً من القوات النظامية، في وقت تتواصل فيه عمليات اغتيال قيادات وعناصر سابقة من الفصائل المسلحة المعارضة، أو حتى المشاركين في هيئات معارضة، الأمر الذي يعتبره ناشطون محليون في درعا سياسة لتفريغ المنطقة من كوادرها القيادية.
وقد يكون خروج العديد من التظاهرات في مناطق “التسويات” تطالب بإسقاط النظام والإفراج عن المعتقلين، مؤشراً واضحاً على فشل الروس والنظام في بناء مصالحات حقيقية، وإيجاد حلول حقيقية للأزمة السورية، ما يهدد بإعادة انفجار الأوضاع في تلك المناطق بأي وقت.يذكر أن منطقة كناكر كغيرها من مناطق “التسويات” تشهد، منذ إعادة سيطرة النظام عليها، توترات أمنية على خلفية خرق قوات النظام لتعهداته وحتى “التسويات” التي يجريها، في ظل مواصلة قواته الاعتقالات والتجنيد الإجباري والابتزاز والحصار، وكان آخرها في فبراير الماضي، بسبب قتل القوات النظامية شاباً من البلدة رفض الخدمة العسكرية.