أكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون خلال إحاطة إلى مجلس الأمن حول سوريا يوم الامس الثلاثاء المصادف 27/2/2024 على ضرورة العمل و اتباع نهج أوسع لحل الصراع بما يتماشى مع القرار 2254.
و أعرب بيدرسون عن قلقه العميق إزاء الوضع على الأرض في سوريا وتبعاته المدمرة على المدنيين. حيث تم خلال هذا الشهر المزيد من الآثار غير المباشرة الناجمة عن الصراع الإقليمي، حيث نُسبت غارات جوية متعددة إلى إسرائيل، بما في ذلك على مناطق سكنية في حمص ودمشق، مما أسفر عن سقوط ضحايا من المدنيين والعسكريين، بما في ذلك مستشارون من الحرس الثوري الإيراني. في بعض الحالات، أكدت إسرائيل أنها نفذت غارات جوية، فيما تقول إنها جاءت رداً على الهجمات الصاروخية المستمرة من جنوب سوريا باتجاه الجولان السوري المحتل.
ومن ناحية أخرى وحول الهجمات الأمريكية على مواقع الميليشيات الإيرانية في سوريا أكد بيدرسون ان الولايات المتحدة نفذت ما وصفته بضرباتٍ انتقامية رداً على هجوم بمسيره على موقع أمريكي في الأردن بالقرب من الحدود مع سوريا مما أدى إلى سقوط ضحايا عسكريين، وزعمت الولايات المتحدة أن الجماعات المدعومة من إيران كانت وراء هذه الهجمة وغيرها من الهجمات على القواعد الأمريكية – وهو ما تنفيه إيران.
وأصابت الضربات الأمريكية ما يقولون إنها عشرات الأهداف المرتبطة بإيران في سوريا والعراق، وقد أفادت وسائل الإعلام الرسمية السورية عن سقوط ضحايا عسكريين ومدنيين.
هذا وأشار بيدرسون ان جميع العوامل الأخرى للصراع السوري تستمر على حالها، وتتسبب في وقوع العدد الأكبر من الضحايا بين المدنيين، وتؤدي إلى موجات جديدة من النزوح. وخلال هذا الشهر، شهد شمال البلاد بأكمله، الذي يضم ملايين المدنيين، مناوشات متعددة عبر خطوط التماس، وتبادلاً للقصف المدفعي والصاروخي ونيران القناصة، إلى جانب ضربات بمسيرات موالية للحكومة وهيئة تحرير الشام وضربات بمسيرات تركية.
وازدادت هجمات داعش من حيث الكم والتأثير، لا سيما في المناطق الوسطى والشمالية الشرقية. ولا يزال جنوب سوريا يعاني من العنف وعدم الاستقرار، مع وقوع المزيد من عمليات القتل والاشتباكات في درعا، فضلاً عن المواجهات الجديدة بين الجيش الأردني ومن تصفهم السلطات الأردنية بالمهربين المسلحين على الحدود السورية الأردنية.
وأضاف بيدرسون قائلا:من الواضح أن التوترات في المنطقة تحتاج إلى تهدئة عاجلة، بدءاً بوقف إطلاق نار إنساني في غزة كما دعا إليه الأمين العام. وبنفس القدر من الوضوح هناك حاجة ماسة إلى وقف التصعيد بشكل عاجل داخل سوريا، بناءً على ترتيبات وقف إطلاق النار القائمة، وصولاً إلى وقف إطلاق نار على المستوى الوطني وفقاً لما نص عليه القرار 2254. كما يجب حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية. ويجب محاربة الجماعات الإرهابية المدرجة على قوائم مجلس الأمن من خلال مقاربة تعاونية تلتزم بشكلٍ صارم بأحكام القانون الدولي وتعطي الأولوية لحماية المدنيين.
حيث أكدت الأطراف الدولية على هذه النقاط في لقاء دعيت لاجتماع لمجموعة العمل المعنية بوقف إطلاق النار التابعة للمجموعة الدولية لدعم سوريا في جنيف في وقت سابق من الشهر الحالي. وقد أكدت جميع الأصوات حول الطاولة على عدم رغبتها في رؤية المزيد من التصعيد، وهو أمر مرحب به وقد سمعته أيضاً في لقاءات عقدتها مع وزراء من دول المنطقة. ومن المهم أن تلتزم كافة الأطراف الرئيسية بذلك.
ومن ناحية أخرى وحول تأثير الزلزال المدمر اشار بيدرسون أنه و بعد مرور عام على الزلازل المدمرة في سوريا وتركيا والتي أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد الملايين، تفاقمت الأزمة الإنسانية في سوريا. فمن ناحية، تلقينا بعض الأخبار الجيدة، منها قيام الحكومة السورية مؤخراً بتمديد تفويضها للأمم المتحدة باستخدام معابر باب الهوى وباب السلام والراعي الحدودية. لكن المؤشرات الإنسانية العامة أصبحت أكثر قتامة من أي وقتٍ مضى
، مطلوب الاتي:
توسيع عمليات إيصال المساعدات الإنسانية بما في ذلك عبر الخطوط، والمزيد من أموال المانحين، والمزيد من جهود التعافي المبكر وسبل العيش، والمزيد من الجهود للتخفيف من الآثار السلبية للعقوبات على السوريين العاديين.
اما من ناحية المعتقلين قسريا أكد بيدرسون اه في هذه الأثنى أي تقدم ملموس في معالجة قضية ما يقدر بنحو مائة ألف من المحتجزين تعسفياً والمختفين قسرياً والمفقودين، وفقاً لما يدعو إليه القرار 2254. وقد التقى مرة أخرى هذا الشهر بعائلات المفقودين والمعتقلين، الذين ينحدرون من جميع مناطق سوريا، والذين ما زالوا يعيشون في عذاب ويأملون في إطلاق سراح أحبائهم المحتجزين أو على الأقل في معرفة أماكن تواجدهم ومصيرهم.و أكرر دعمي لقرار الجمعية العامة بإنشاء المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين.
واضاف أيضا :
وبالتأكيد تقع على عاتقنا مسؤولية جماعية للمساعدة في عملها فأنه منذ أكثر من ثمانية عشر شهراً، وجهت الدعوة لعقد الدورة التاسعة للجنة الدستورية في جنيف. ولم تُعقد تلك الدورة لأن روسيا لم تعد تعتبر سويسرا مكاناً محايداً، ولم تقبل الحكومة السورية بالحضور إلى جنيف نتيجة لذلك.
هذا وقال بيدرسون أيضا :لقد كنت واضحاً منذ البداية فيما يتعلق بعدة نقاط. دعوني أذكركم بأربعة منها: أولاً، ذكّرت الجميع بأن الحكومة السورية وهيئة التفاوض السورية، اتفقتا بموجب وثيقة المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية على جنيف كمقر للجنة، وشددتا على أن العملية ينبغي أن تسير دون تدخل خارجي؛ ثانياً، بوصفي ميسراً، قلت أنني سأبحث عن حلول خلاقة لإيجاد طريقة للمضي قدماً، بما في ذلك من خلال استكشاف جميع البدائل الممكنة؛ ثالثاً، قلت أنه إذا توصلت الحكومة السورية وهيئة التفاوض السورية إلى توافق حول مكان آخر غير جنيف، فسوف أدعم ذلك التوافق. ورابعاً، قلت إنه يجب التغلب على هذه القضية غير السورية لضمان استمرار العملية بقيادة وملكية سورية وبتيسير من الأمم المتحدة
.وأشار بيدرسون أنه واسترشاداً بهذا النهج، وعلى مدى ثمانية عشر شهراً، وبدعم من مختلف الأطراف الخارجية الرئيسية، بما في ذلك الدول الضامنة لعملية أستانا ولجنة الاتصال العربية، تم طرح أماكن مختلفة، ولكن للأسف فإن الواقع هو الآتي: لم يتمتع أي منها حتى الآن بالحد الأدنى من التوافق المطلوب – أي موافقة الطرفين السوريين أو الدولة المضيفة. وكنت قد حذرت من أننا سنصل إلى هذه النقطة عندما تم طرح مسألة تغيير المقر للمرة الأولى منذ 18 شهراً.
وقد اقترحت مؤخراً بديلاً آخر، وهو إمكانية عقد الدورة التاسعة في مكتب الأمم المتحدة في نيروبي، وأعرب عن تقديري لزملائي في نيروبي على ابدائهم الاستعداد للقيام بكل ما هو مطلوب للاستضافة.
وقد أثنيت على هذا المخرج للأطراف السورية. كما قمت بنقل اقتراح آخر من طرف سوري إلى الطرف الثاني بشأن عاصمة إقليمية بديلة. ولكن يؤسفني القول إنه لم يتم التوصل إلى توافق بين الأطراف السورية حول أي من الموضوعين، كما لم يتم التوصل إلى توافق حول الاقتراحات السابقة. وحيث أنني لم أدخر جهداً لإيجاد مكان بديل، أعتقد أن الطريق الوحيد للمضي قدماً في هذا التوقيت هو العودة للاجتماع مرة أخرى في جنيف على الأقل كمقترح توفيقي طالما لم يتم التوافق على مقر بديل – مع إبقاء الباب مفتوحاً أمام بدائل أخرى لمقرات بديلة للدورات القادمة اذا ما تم التوافق عليها. وكنت قد أشرت إلى هذا الأمر منذ بعض الوقت على أنه قد يكون السبيل الوحيد للمضي قدماً إذا لم يتم الوصول إلى بديل. ومن ثم، فقد اتخذت قراراً بإصدار الدعوات الرسمية لعقد الدورة التاسعة في جنيف في نهاية شهر أبريل/نيسان، وسأقوم بتوجيه الدعوات اليوم. وأناشد اليوم الأطراف السورية أن تستجيب بشكل إيجابي، كما أناشد الأطراف الدولية الرئيسية لدعم جهود الأمم المتحدة كميسر والامتناع عن التدخل في مكان اجتماع السوريين.
وأكد بيدرسون أنه من المهم أن تنعقد اللجنة الدستورية في أقرب وقت ممكن وأن تواصل عملها. فتعليق عمل اللجنة إلى أجل غير مسمى لن يؤدي إلا إلى تقويض مصداقيتها وعملها.وأكد بيدرسون إن اللجنة الدستورية لا تستطيع وحدها حل النزاع. فالقرار 2254 يتطرق إلى جملة واسعة من القضايا. واسمحوا لي أن أذكّر هذا المجلس، مرة أخرى، بأن الأفكار الواضحة الخاصة بتدابير بناء الثقة خطوة مقابل خطوة، ومعالجة العناصر الأساسية للقرار 2254، لا زالت مطروحة على الطاولة.
وأنا على استعداد للدخول في مناقشات لبلورة كافة التفاصيل والجوانب العملية للتطبيق مع جميع الأطراف السورية والدول الرئيسية سواء بشأن المقترحات المقدمة، أو لتلقي أفكار بديلة. وبينما نتطلع إلى إيجاد وسائل للتنفيذ الكامل للقرار 2254، فإننا نواصل الاعتماد على رؤى ونصائح مجموعة واسعة من السوريين، بما في ذلك المجلس الاستشاري النسائي وغرفة دعم المجتمع المدني الذين اجتمعوا في جنيف هذا الشهر واجتمعوا مع بعضهم البعض. ولقد كان أمراً مشجعاً أن نرى مجموعة واسعة من النساء والرجال السوريين يناقشون الأرضية المشتركة فيما بينهم والسبل العملية للمضي قدماً – على الرغم من الاختلافات الكبيرة بينهم. وقد تطرقوا في نقاشاتهم إلى قضايا أساسية، مثل الحكم المحلي وإمكانيات تطبيق نظام لا مركزية متماسك في عموم أنحاء سوريا، بما يتماشى مع السيادة الوطنية والحفاظ على السلامة الإقليمية وفقاً للقرار 2254.
وأجرت عضوات المجلس الاستشاري النسائي مشاورات ثاقبة حول التحديات والفرص الأخرى، بما في ذلك حول القواسم المشتركة في مجالات مثل التعليم.
وفي الختام أكد بيدرسون أنه حدد بعض العناصر التي تتطلب اتخاذ إجراءاتٍ فورية: إعادة اللجنة الدستورية إلى المسار الصحيح، والدفع نحو اتخاذ تدابير تدريجية لبناء الثقة خطوة مقابل خطوة، والتهدئة الفورية. ومع ذلك، يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا، فلا يمكن لنقاط الدخول هذه، في حد ذاتها، أن تحل الصراع السوري.
واضاف بيدرسون أن العديد من السوريين يؤكدون على ضرورة مج المبادرات التي طورناها في إطار نهج شامل وحزمة أوسع – نهج يضع جميع احتياجات واهتمامات الأطراف السورية والدولية على الطاولة؛ ويشمل كافة الأطراف المعنية الرئيسية؛ وينطوي على حلول وسط من الجميع. وفي نهاية المطاف، هذه هي الوسيلة التي يمكن بها ضمان حماية المدنيين السوريين والسماح للشعب السوري بتحقيق تطلعاته المشروعة، مع ضمان الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي لسوريا واستعادة سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها.وأكد بيدرسون ام الوضع يزداد سوءاً على كافة الأصعدة تقريباً والوضع القائم غير قابل للاستدامة ولا يمكن التحكم فيه. ويجب أن نمهد الطريق ونعمل على اتباع نهج أوسع لحل الصراع بما يتماشى مع القرار 2254.