بعدما كشف الشعب الكوردي كل أوراق الإدارة الذاتية ومن خلفها دهاقنة قنديل وأسقط عنهم كل أوراق التوت ولم يعد يثق بهم الكثير من الكورد وسقطت كل حججهم وذرائعهم ، كان لابد لهم من إيجاد وجه جديد لينوب عنهم وليدلي عنهم بتصريحات سياسية ويُطلق مبادرات وطنية ويتحدث بإسمهم .
فلم يجدوا أمامهم سوى أحد الصبيان المفضّلين عند أوجلان وهو ( مظلوم عبدي ) ، مع أنه عسكري وليس مدني ، وكما تعلمون أن العسكر يتبعون الساسة ويأخذون آوامرهم منهم وليس العكس ، وليس من شأن العسكر التدخل بالسياسة وإطلاق مبادرات والإدلاء بتصريحات عن مصير المعتقلين وغيرها من الأمور السياسية ، فهذه الأمور تخضع للسلطات القضائية والقانونية والسياسية !
ولعلها إحدى البدع الشاذة ، أن يتفاوض رجل عسكري كمظلوم عبدي مع المجلس الوطني الكوردي ، علمًا أن المجلس الوطني جسم سياسي أو تنظيم سياسي وليس تنظيمًا عسكريًا ، فالعسكر يتفاضون مع العسكر والسياسيون يتفاوضون مع السياسيين .
أما دفع العسكري مظلوم عبدي إلى الواجهة وإقحامه في السياسة ، فلها دلالات عديدة ومنها أن كروت سياسييهم إحترقت كلها كأمثال صالح مسلم وألدار خليل وإلهام أحمد وحسن شاهوز وغيرهم ، ولذلك لم يعد أمامهم سوى مظلوم عبدي كونه الصبي المدلل عند دونالد ترامب ويحظى ببعض التأييد في الشارع الكوردي .
وربما تصدّر رجل عسكري كمظلوم عبدي المشهد السياسي ، يدل على أن الإدارة الذاتية ومن خلفها جهابذة قنديل ، يريدون إرسال رسالة واضحة إلى المجلس الوطني مفادها ، أننا سلطة أمر واقع ، أتينا من خلال البندقية والقوة ، ولا تستطيعون إزاحتنا والضغط علينا كي نقبلكم كشركاء لنا ، ولاحل أمامكم إلا الرضوخ إلينا .
أما إطلاق مظلوم عبدي لمبادرة توحيد الصف الكوردي ، فقد جاءت بعد سلسلة من الهزائم والإنكسارات وفقدان سلطتهم في مناطق كثيرة كعفرين وكرى سبي وسره كانية وغيرها من المناطق ، وذلك لتنفيس الإحتقان الشعبي الكوردي وللتخفيف من نقمة الشارع الكوردي عليهم ، وكانت مجرد فقاعة إعلامية لإسكات الشارع الكوردي وإيهامهم بأنهم سيعملون على تدارك الفشل والأخطاء وإصلاحها ، فكانت مجرد مراوغة سياسية لتحميل المجلس الوطني جانبًا من المسؤولية عن الكوارث التي أحدثوها .
وبمعنى آخر ، وكأن لسان حال الإدارة الذاتية يقول للمجلس ، نحن نقبل أن تتشاركوا معنا في الفشل والكوارث وأن تكون شركائنا فيها ، أما الشراكة من أجل الإدارة وبناء مستقبل واعد للكورد ، فلا تحلموا بهذا ، وهذا منطق القوة وليس قوة المنطق ، وإلا فما معنى أن يرسلوا رجل عسكري ليتفاوض مع جسم سياسي كالمجلس الوطني الكوردي ، مع أن مظلوم عبدي مجرد أراكوز ، يحركه القنديليون كما يشاؤون !
فللسياسة أهلها ولهم ميادينهم ، وللعسكر أهلها ولهم ميادينهم ، فما بالُ العسكر والسياسة ؟
لماذا لم يخرج وزير داخلية الإدارة الذاتية ( كنعان بركات ) أو القائد العام لقوات الآسايش في الإدارة الذاتية ( جوان إبراهيم ) كي يتحدثا بشأن مصير المعتقلين السياسيين الكورد علمًا أن هذه الأمور تقع ضمن صلاحياتهما ، ولماذا تم تجاوز صلاحيات هذين الرجلين وتم تكليف مظلوم عبدي القائد العام لقوات قسد ليتحدث عن مصير المعتقلين الكورد !
أليس هذا دليل على أن كروت جميع هؤلاء إحترقت ولم يبقى عندهم سوى كرت مظلوم عبدي ؟