• الأربعاء , 27 نوفمبر 2024

حسين قاسم :الحقائق والوقائع المرّة في شرق الفرات

الكرد في شرق الفرات وبغض النظر عن التعبيرات السياسية التي تمارس التقيّة خطاباً وسلوكاً يفضّلون البقاء تحت المظلة الأمريكية والأوربية، هذا مع الأخذ بعين الأعتبار أن معارضي هذا الخيار لا يعارضونها من حيث المبدأ لكنهم يخافون وفقط لا يرون فرصة لنجاح هذا الخيار، لكي لا ننساق نحو رغباتنا في تحليل الأحداث في شرق الفرات علينا الإقرار بثلاث وقائع، دونها أوهام وافتراضات، أولها السيطرة الفعلية للكرد على مفاصل الأمور الرئيسية في الإدارة الذاتية( العسكرية:قوات سوريا الديمقراطية والذي تشكل وحدات حماية الشعب العمود الفقري فيها، الإقتصادية :وتشمل مصادر دخل الإدارة من نفط وغاز ومعابر وثروة زراعية وحيوانية، العلاقات الخارجية: التي تتمحور حول العلاقة مع أمريكا وروسيا ونظام الأسد).ثانيها: وجود عسكري وإداري لنظام الأسد في شرق الفرات تحت أنظار الأمريكان والروس والترك على حد سواء، ووجود علاقة واضحة وصريحة مع الإدارة الذاتية بدأت بين حزب السلطة PYDوالنظام على مستوى عقود حماية وإستلام وتسليم لمواقع حكومية ومؤسسات عامة مطلع عام 2012 ومرت بطور تشكيل مؤسسات موازية تابعة للإدارة الذاتية مطلع عام 2014 والتي بدأت تنوب عن مؤسسات الحكومة المركزية لتسيير أمور المواطنيين لتزيل الأخيرة وتحل محلها لاحقاً ولتنتهي العلاقة إلى خصومة حادة تحت رعاية وحماية وتوجيه امريكي اواخر عام 2017.ثالثها: وجود دولي متداخل يغلب عليه الحضور العسكري الأمريكي، كما يبدو أنه حضور مستدام توّج باتفاق نفطي لمدة 25 عاماً لتمويل \قسد \ حليفه العسكري على الأرض والإدارة التابعة لها والتي تستند إلى أولوية محاربة الإرهاب ومزاحمة النفوذ الروسي، وممانعة إقليمية بقيادة تركية تعنون حضورها بالسيادة الوطنية السورية كما تراها تركيا في سياق الوهم الإردوغاني لقيادة العالم الإسلامي السنّي الذي لم يدخر جهداً في الوصول إليها بما فيها استعمال الورقة الجهادية في سوريا وليبيا.لهذه الوقائع دعائم وحوامل رئيسية ثلاثة تتبادل الأدوار والتحالفات بدلالة التاريخ والنزعات القومية أولاً وبدلالة الموقف الخارجي ثانياً وتحت ضغط حاملها الإجتماعي ثالثاً.-الكرد في شرق الفرات وبغض النظر عن التعبيرات السياسية التي تمارس التقيّة خطاباً وسلوكاً يفضّلون البقاء تحت المظلة الأمريكية والأوربية، هذا مع الأخذ بعين الأعتبار أن معارضي هذا الخيار لا يعارضونها من حيث المبدأ لكنهم يخافون وفقط لا يرون فرصة لنجاح هذا الخيار، ويستدلون على ذلك من تصريحات الرئيس الأمريكي عن نيته أنسحاب قواته كما فعل ورفع الغطاء عن رأس العين وتل أبيض، وإذا ما تم إنتفاء هذا الخيار ستفضّل الغالبية العظمى من الكرد العودة إلى نظام الأسد على أن تقع تحت سيطرة الفصائل الإسلامية المدعومة تركياً.-الأقلية السريانية، وهي في حقيقة الأمر تقع تحت هيمنة مرجعية دينية بالرغم من تأرجح تمثيلاتها السياسية بين ضفتين متعاديتين، فالمنظمة الأثورية الديمقراطية متواجدة في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة تحت المظلة التركية، والأتحاد السرياني متواجد إلى جانب PYD في الإدارة الذاتية، وهما في العمق تشتغلان على قضيتين إشكاليتن تشكلان سردية تاريخية موحدة، أولها مجازر سيفو التي ارتكبتها السلطنة العثمانية عام 1915 والتي راح ضحيتها أكثر من 250 الف سرياني-آشوري والتي شارك فيها فرق حميدية، قيل أنها كردية حيث تحمّل بعض التعبيرات السياسية السريانية الكرد مسؤولية هذه المجازر، وثانيها الفوبيا السريانية من الإسلام السياسي وإقتصار تسليط الضوء على الزوايا الدينية في كل مشروع حتى بلغ الأمر عند بعض النخب القول بتفضيل مستبد علماني على ديمقراطي إسلامي، و يمكن الأستدلال على خياراتها المحقّة من ترتيب القوى الأكثر خطورة على وجودها في ظل نزيف بشري خطير قد يؤدي إلى غيابهم خلال جيل او جيلين على الاكثر، تأتي القوى الإسلامية في مقدمة القوى الأكثر خطورة والتي تمارس ظلماً مزدوجاً، دينيا وقومياً، ومن ثم القوى الكردية التي تشكل بشعاراتها عن كردستان الكبرى مادةً تنهل منها ذاكرة السريان مخاوف شبيهة بمجازر سيفو لتغذي أوهام المشاركة الكردية بوصفها قوة مستقلة أختارت المشاركة في هذه المجازر المروّعة، بعيداً عن التوصيف الحقيقي وهي أن السلطنة العثمانية التي أمرت فرقها الحميدية تحت عنوان ديني محض، ويأتي نظام الاسد في أسفل القائمة حيث حظي السريان بمعظم الأمتيازات و المناصب الإدارية في المناطق الكردية في عهد الأسديين وانتسبوا إلى صفوف حزب البعث وشغلوا مناصب محلية هذا دون ان نغفل تمايز دور المنظمة الآثورية الديمقراطية في الدفاع عن وجودهم القومي.-السنّة في شرق الفرات وهم في معظمهم يرجّحون انتمائهم العشائري على انتمائهم السياسي، ويكاد يغيب وجود تمثيل سياسي حقيقي مع وجود قشرة سياسية واعية لا تشكل حضوراً شعبياً وازناً، معظم العشائر يفضلون العلاقة مع تركيا ونفوذ الفصائل الإسلامية التابعة لها على نفوذ الكرد كما يفّضل قطاع واسع عودة نظام الأسد إلى تلك المناطق على بقاء السيطرة الكردية.قد تكون هناك مؤشرات متفائلة تستند إلى حماية الكرد لبعض العوائل السريانية والأرمنية، الأمر الذي يفسّر وقوف السريان والأرمن في العالم أجمع خلف دعم حزب العمال الكردستاني PKK ضد تركيا وهي أيضاً قطبة مخفية في سرّ دعم الجماهير السريانية لمشروع الإدارة الذاتية بقيادة PYD حليفة PKK ليس حباً في مشروع الكرد بل كرهاً في تركيا، وهذا كله صحيح، لكن هذه المؤشرات المتفائلة لا تستطيع اجتثاث مكمن الخطر في رعاية خطاب التقيّة من قبل بعض التعبيرات السياسية واجترار خطاب الكراهية، خطاب الغرف المغلقة والمناخات السرية التي آن الأوان لتطليقها.ويحاجج آخر أن الإدارة الذاتية التي تضم السادة عبدالمهباش وحسين عزام وكبرئيل كينو…..الخ هي إدارة تشاركية تضم كل المواطنين في شرق الفرات، وهذه المشاركة أيضاً صحيحية ولكنها شكلية، إلى هذه اللحظة معظم المؤسسات تأخذ قراراتها من كوادر حزب العمال الكردستاني PKK وقد آن الأوان أن يأخذ الكرد السوريون أمكنتهم في مراكز القرار قبل الحديث عن العرب والسريان وبعيداً عن التشاطر والتذاكي من قبل شبكة الكوادر التابعة لقنديل، وأن الاستمرار في السير بهذه الآلية سيرفع الغطاء الأمريكي عنهم ويدفعهم إلى خيارين لا ثالث لهما ،وأحلاهما مرٌّ، تكرار تجربة عفرين وإطلاق يد الفصائل الجهادية ضد المدنيين، برعاية تركية أو العودة إلى حضن الأسد.

مقالات ذات صلة

USA